الدول الأوروبية في مواجهة
الإفلات من العقاب
تقرير عن الولاية القضائية العالمية في آوروبا
أبريل/ نيسان 2010
فهرس
3.2 مبدأ الولاية القضائية العالمية في القانون الدولي
4.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات الفرنسية
4.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
5.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات البلجيكية
5.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
6.1 الولاية القضائية العالمية في تشريعات المملكة المتحدة
6.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
7.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات الألمانية
7.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
8.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات الأسبانية
8.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
9.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات السويسرية
9.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
1 موجز
إنّ مصطلح الإفلات من العقاب يُستخدم للإشارة إلى الحالات التي لا يُحاكم فيها الجناة ولا يلقون العقاب أو لا يتم ملاحقتهم قضائياً. صحيح أن المحاكم الوطنية في الدولة التي ارتكبت فيها مثل هذه الجرائم هي صاحبة الأولوية في ملاحقة ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، ولكن هذه الملاحقات ليست دائما فعّالة ولا تحقق العدالة للضحايا وذلك بسبب عدم وجود الإرادة السياسية اللازمة لمعاقبة مرتكبي مثل هذه الجرائم بالإضافة إلى غيرها من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المُشتكون، الخ.
وقد برز مفهوم الاختصاص الدولي، أو ما يُسمى بالولاية القضائية العالمية، من أجل مكافحة الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية التي تمثل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مثل التعذيب، بعض حالات الاختفاء القسري، جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الانسانية. لقد ظهر مفهوم "الاختصاص العالمي" بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه لم يُمارس خلال العقدين الماضيين في أغلب الدول الأوروبية. ومع ذلك فقد شهدت الأعوام الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد الشكاوى المقدّمة والأحكام الصادرة عن المحاكم الآوروبية بمقتضى مبدأ الاختصاص العالمي. وقد نتج عن ذلك تقنين هذا المبدأ أي إتخاذ العديد من التدابير التشريعية في الكثير من البلدان من أجل تنظيم ممارسة الولاية القضائية العالمية أمام محاكمها الوطنية، هذه التشريعات أسفرت إما عن المزيد من التقييدات في ممارسة الاختصاص الدولي أو على العكس على الكثير من المرونة.
لدى منظمة الكرامة خبرة واسعة في العمل مع ضحايا التعذيب وغيرهم من ضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في العالم العربي، وقد اخترنا التعامل مع نظام الاجراءات في الأمم المتحدة وذلك برفع قضايا هؤلاء الضحايا إلى الآليات المختلفة للأمم المتحدة، بسبب فشل أو عدم رغبة المحاكم الوطنية في البلدان العربية بملاحقة الجناة بشكل فعّال. كما تُتيح الولاية القضائية العالمية للضحايا أوممثليهم تجاوز عجز النظام القضائي الوطني، عن طريق تقديم شكاوى إلى محاكم الدول الأوروبية التي يُمكن أن تحقق العدالة لضحايا هذه الانتهاكات. حيث يمكن أن تؤدي هذه الشكاوى إلى محاكمة الجلادين ومرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان بغض النظر عن جنسية الضحايا والجناة أو المكان الذي وقعت فيه هذه الانتهاكات. ويمكن استخدام هذه الولاية القضائية من قِبل الضحايا الذين عالجت الكرامة قضاياهم في المنطقة العربية، وكذا ضحايا الانتهاكات الخطيرة في جميع أنحاء العالم.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم المعلومات الضرورية وآخر التعديلات القانونية المتعلقة بممارسة الولاية القضائية العالمية في أوروبا، وذلك لكل من المهتمين بهذه المسألة من محامين وأكاديميين ومنظمات حقوقية وضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وممثليهم. حيث سيسلّط هذا التقرير الضوء على كيفية تحريك الدعاوى في إطار الاختصاص الدولي في كل بلد من البلدان الأوروبية وخاصة في ما يتعلق بقبول الدعوى، الإجراءات المتبعة والشروط المطلوبة في القوانين، مع إلقاء نظرة على السوابق القضائية والمصاعب، الخ.
2 عن الكرامة
الكرامة لحقوق الانسان هي منظمة حقوقية غير حكومية تهدف إلى المساهمة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، خاصة في العالم العربي. تتخذ الكرامة من جنيف مقرا رئيسيا لها كما يوجد لديها مكاتب وممثلين في كل من مصر ولبنان وقطر واليمن. تشارك الكرامة في كافة آليات الأمم المتحدة لحقوق الانسان بما في ذلك تقديم البلاغات والتقارير إلى الإجراءات الخاصة والهيئات المنشأة بموجب معاهدات، فضلا عن تقديم المعلومات في إطار الاستعراض الدوري الشامل الذي أُنشئ حديثا. وتعمل الكرامة على بناء حوار مع جميع الأطراف الفاعلة - بما في ذلك الدول، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وجميع أعضاء المجتمع المدني. ونحن نرّكز على أربع مجالات ذات أولوية في عملنا وهي : الاحتجاز التعسفي، التعذيب، الاختفاء القسري، الإعدام خارج نطاق القضاء.
3 مقدمة
3.1 تعريف وتوضيح
من حيث المبدأ، تقبل المحاكم الوطنية في أي دولة البت فقط في القضايا الداخلة في اختصاصاتها، وهذا يكون عندما تُرتكب الجريمة على أراضي الدولة المعنية، وهو ما يُسمى الاختصاص المكاني ، أوعندما يكون المشتبه به أو الضحية من مواطني هذه الدولة، وهو ما يُسمى بالاختصاص الشخصي. ومع ذلك، فقد بدأ نوع آخر من اختصاصات المحاكم بالتطور في العقود الأخيرة وهو ما يسمح للمحاكم الوطنية بالنظر في بعض الدعاوى التي يمكن أن تتجاوز حدود اختصاصاتها المُعتادة، وهو ما يُطلق عليه اسم الاختصاص الدولي الذي يُعطي للمحاكم الوطنية صلاحية النظر في قضايا خارج حدود ترابها الوطني. حيث أن هذا الاختصاص الدولي يُتيح لمحكمة وطنية بمحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية، حتى ولو كانت هذه الجرائم قد ارتكبت خارج أراضي الدولة التي تتبع لها المحكمة، وحتى لو كان الجاني أو المجني عليه من غير رعايا هذه الدولة.
إن الغاية من الاختصاص الدولي، أو ما يُسمى بالولاية القضائية العالمية، هو مكافحة الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم الدولية التي تمثل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مثل التعذيب وبعض حالات الاختفاء القسري وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية.
وفي الواقع فإن مصطلح الإفلات من العقاب يُستخدم للإشارة إلى الحالات التي لا يُحاكم فيها الجناة ولا يلقون العقاب أو لا يتم ملاحقتهم قضائياً. صحيح أن المحاكم الوطنية في الدولة التي ارتكبت فيها مثل هذه الجرائم هي صاحبة الأولوية في ملاحقة ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، ولكن هذه الملاحقات ليست دائما فعّالة ولا تحقق العدالة للضحايا وذلك بسبب عدم وجود الإرادة السياسية اللازمة لمعاقبة مرتكبي مثل هذه الجرائم بالإضافة إلى غيرها من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المُشتكون، الخ.
إن تفعيل ممارسة هذه الولاية القضائية العالمية وبالتالي مكافحة الإفلات من العقاب يواجه الكثير من المصاعب. ومع هذا، فإن الاهتمام المتزايد بهذه المسألة من جانب المجتمع الدولي يعدّ خطوة هامة وإيجابية للغاية. كما أنّ حشد جهود المجتمع الدولي لوضع نظام فعّال لمعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية هو خطوة ضرورية وذلك لأن مكافحة الإفلات من العقاب أمر ضروري لمنع تكرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسانوالمتمثلة في هذه الجرائم الدولية. هذا ضروري أيضا لتحقيق العدالة الاجتماعية والسلم الدوليين حيث تُشير منظمة العفو الدولية في هذا الصدد إلى أن النضال ضد الإفلات من العقاب يتغير بشكل إيجابي في كل مرة يمثل فيها أحد الجلادين (المعذِبين) أمام المحكمة"[1].
3.2 مبدأ الولاية القضائية العالمية في القانون الدولي
القانون الدولي يُتيح الفرصة للضحايا وممثليهم بتحريك الدعاوى على أساس مبدأ الولاية القضائية العالمية. كما يفرض القانون الدولي على جميع الدول ملاحقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية.
وبالتالي، فإن الاتفاقات الدولية تعكس وجود مثل هذا الالتزام وذلك من خلال نصوص قانونية صريحة من أجل احترام تطبيق هذه المعاهدات في القانون الداخلي. فعلى سبيل المثال، تُلزم اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، في المادة الخامسة منها، أن تتخذ الدول الأعضاء كافة التدابير اللازمة من أجل السماح لمحاكمها الوطنية بممارسة الاختصاص الدولي بشكل يُتيح لها ملاحقة منتهكي بنود هذه الاتفاقية. وتنص هذه المادة الخامسة في فقرتها الثانية على أن ( تتخذ كل دولة طرف بالمثل ما يلزم من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية على هذه الجرائم في الحالات التي يكون فيها مرتكب الجريمة المزعوم موجودا في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية...).
هذا بالإضافة إلى أن الدول الأوروبية مُلتزمة في ظل معاهدة روما[2]، واتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية[3] ، بممارسة الولاية القضائية العالمية بشكل يؤدي إلى ملاحقة من يشتبه في ارتكابهم انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
3.3 مبدأ سمو القانون الدولي
يستخلص مما سبق بأن مبدأ ممارسة الولاية القضائية العالمية هو من الأمور المنصوص عليها صراحةً في القانون الدولي. هذا ومن المؤكد بأن القانون الدولي يعلو على القانون الوطني الداخلي، حيث أن القانون الدولي ينص على أنه لا يجوز لأية دولة عضو في أية معاهدة دولية أن تتذرع بأحكام قانونها الداخلي لتبرير عدم تطبيق أحكام تلك المعاهدة[4].
وبالنتيجة، إن الاتفاقيات الدولية لها الأولوية على القوانين الوطنية[5] وهذا ما أكدّته صراحة اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات حيث تنص المادة 26 على أنّ (كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية) وتُشير المادة 27 إلى أنه (لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة). هذا وبالإضافة إلى مبدأ سمو القانون الدولي على القانون الوطني، يوجد مبدأ آخر يعزز من فعّالية الولاية القضائية العالمية، ألا وهو الالتزام المفروض على الدول بإدماج أحكام المعاهدات الدولية في قوانينها الداخلية. وهذا يعني إدراج أحكام الاتفاقيات الدولية في التشريعات الداخلية للدول الأعضاء.
في هذا السياق، يتوجب على الدول الأوروبية وغيرها أن تسنّ تشريعات جديدة أو أن تعدّل تشريعاتها القائمة بشكل يؤدي إلى إعمال بعض الأحكام المتعلقة بالولاية القضائية العالمية والمنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، وتطبيقها بشكل تام من طرف المحاكم الوطنية. وأخيرا، إنّ (واجب ملاحقة ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم قد اُعتبر بأنه واجب عام "إرغا أومنس" ، وهذا يعني بأن احترام تطبيقه يشكّل مصلحة قانونية مشتركة لجميع الدول، وهذا الواجب يُستخلص من المعاهدات الدولية ومن مبادئ القانون الدولي العرفي)[6]. في الواقع، إن مكافحة هذه الجرائم الدولية يصبّ في مصلحة الإنسانية بشكل عام ولذلك يترتب على عاتق جميع الدول التحقيق في الجرائم الدولية ومقاضاة مرتكبيها أمام العدالة.
3.4 التحديات والآفاق
إنّ هذه الولاية القضائية العالمية ليست مطلقة، وغالبا ما تخضع لقيود أو عقبات عديدة منها تقادم الجرائم، ضرورة وجود مرتكبيها على أراضي الدول المعنية، قبول الشكاوى، الحصانة الممنوحة لمرتكبي هذه الجرائم أو العفو الممنوح لهم من قِبل دولتهم الأصلية. وهذه المصاعب في قوانين بعض الدول تدلّ على أهمية إجراء التعديلات الضرورية في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك فإن انعدام الإرادة السياسية للدول أو حتى الضغوط السياسية التي تُمارسها بعض الدول ضد غيرها ممن يطبقون الاختصاص الدولي يُشكل عائقاً، كما حدث عند إجهاض القانون البلجيكي لعام 1993.
في الواقع، إنّ إلغاء هذا القانون البلجيكي المتعلق بتطبيق الاختصاص الدولي قد برهن على هشاشة مبدأ الولاية القضائية العالمية[7]. ومع ذلك، فلا يزال الأمل موجودا كما يتضح من الملاحقات القضائية العديدة التي أجرتها محاكم وطنية في دول أوروبية على أساس مبدأ الولاية القضائية العالمية. ومن أبرز هذه الملاحقات القضائية ما حدث من توقيف لمرتكبي جرائم الإبادة في يوغوسلافيا و رواندا وغيرها من ملاحقات بعض من قاموا بممارسات تعذيب. والأكثر شهرة في العالم، كانت قضية الدكتاتور الشيلي المعروف أوغستو بينوشيه الذي تمّ توقيفه في لندن في شهر تشرين الأول/أكتوبر 1998.
3.5 الدول المختارة
البلدان التي سيتم معالجتها في هذا الدليل هي دول أوروبية نظراً للأهمية المتزايدة لهذه المسألة في أوروبا، وخاصة الإصلاحات القانونية الحالية في هذا المجال.[8] كما أنّ عددا كبيرا من مرتكبي الجرائم الدولية يجدون ملجأ لهم أو يسافرون إلى أوروبا. وهذا ما أثار حفيظة العديد من المنظمات غير الحكومية المعنية بمسألة حقوق الإنسان وغيرهم من الضحايا وذويهم.[9] وسيكون من المفارقة بأن تجعل هده الدول الأوروبية، وهي دول القانون، من أراضيها "ملاذا آمنا" لمرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان.
منهجية البحث وأهمية العمل
إن ممارسة وتطبيق مبدأ الاختصاص العالمي يختلف من دولة إلى أخرى وفقا للظروف التاريخية والسياسية والقانونية[10]. ولذلك فإن تباين التشريعات والقرارات القضائية يتطلب دراسة قضية تطبيق مبدأ الاختصاص العالمي في كل دولة أوروبية على حدى[11].
يهدف هذا التقرير إلى تقديم المعلومات الضرورية وآخر التعديلات القانونية المتعلقة بممارسة الولاية القضائية العالمية في أوروبا، وذلك لكل من المهتمين بهذه المسألة من محامين وأكاديميين ومنظمات حقوقية وضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وممثليهم. حيث سيسلّط الضوء هذا التقرير على كيفية تحريك هؤلاء الدعاوى في إطار الاختصاص الدولي في كل بلد من البلدان الأوروبية وخاصة في ما يتعلق بقبول الدعوى، الإجراءات المتبعة والشروط المطلوبة في القوانين، مع إلقاء نظرة على السوابق القضائية والمصاعب، الخ.
ولذلك سنحاول إلقاء نظرة على كيفية تحريك الشكاوى في إطار مبدأ الاختصاص العالمي وذلك من خلال تسليط الضوء على السوابق القضائية والتشريعات القانونية في هذا المجال. كما يسّهل هذا الدليل على الضحايا وممثليهم، وكذا على المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان والمحامين، الحصول على المعلومات اللازمة لممارسة الولاية القضائية العالمية في البلدان الأوروبية، وذلك بهدف اتخاذ الإجراءات القانونية من أجل تعويض الضحايا ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية. إن محاكمة المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية يُساهم في مكافحة ثقافة الإفلات من العقاب وهو ما يُعتبر شرطا لا غنىً عنه لتعزيز السلام والأمن الدوليين ولذلك يجب على جميع الدول أو على الأقل الدول التي يُحترم فيها مبدأ سيادة القانون أن تسعى لتحقيق ذلك.
في الواقع، إن مكافحة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي لا يمكن أن تكون فعاّلة بدون البدء بحملة حقيقية ضد الإفلات من العقاب الذي "يخلق مناخاً ملائماً للفاعلين للاستمرار في ارتكاب انتهاكات خطيرة دون خوف من القبض عليهم ومحاكمتهم أو معاقبتهم" [12]. كما تساهم الجهود المبذولة من أجل مكافحة الإفلات من العقاب في المساعدة على تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلدان العربية أو حتى الحد من الانتهاكات الخطيرة لأهم الحقوق للمواطنين، مثل الحق في الحياة أو الحق في عدم التعرض للتعذيب.
إن البدء بإجراءات قضائية كهذه سيكون له أكبر الأثر على تقليص هذه الانتهاكات، كما يمكن أن يؤدي إلى التعويض المادي والمعنوي للضحايا. هذا الدليل يركّز على آخر التحديثات المتعلقة بممارسة الولاية القضائية العالمية، بما في ذلك التقدم المحرز في هذا المجال، ولكن أيضا التحديات الكبيرة التي تُواجه تفعيل ممارسة الاختصاص الدولي أو الولاية القضائية العالمية.
4 فرنسا
نبذة عامة
لقد أصدرت فرنسا العديد من التشريعات منذ عام 1995 من أجل تمكين محاكمها من ممارسة الاختصاص الدولي و ذلك من أجل محاكمة مرتكبي جريمة التعذيب وغيره من الجرائم الدولية. في الوقت الراهن، لابدّ أن يتوفر شرط "الاقامة الاعتيادية" للمشتبه به حتى نستطيع تحريك الدعوى القضائية وفي حال اعتماد مشروع القانون الجديد فإنه سيصبح من الممكن ملاحقة المشتبه به حتى من دون تحقق هذا الشرط.
4.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات الفرنسية
النظام القانوني الفرنسي ينصّ صراحة على ممارسة المحاكم الوطنية الفرنسية للولاية القضائية العالمية. هذا وينظم قانون الإجراءات الجنائية هذا الأمر حيث يُخول المحاكم الوطنية البتّ في جرائم دولية وذلك بموجب الاتفاقيات الدولية التي تلتزم بها فرنسا. في الواقع إن المادة 689-1 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : "في ظل الاتفاقيات الدولية المشار إليها أدناه، يجوز أن يُلاحق ويُحاكم أمام المحاكم الوطنية الفرنسية، من كان موجودا في فرنسا، أي شخص متورط بارتكابه بعض الجرائم الدولية المذكورة في هذه المادة، وذلك حتى في حال ارتكاب هذه الجرائم خارج أراضي الجمهورية الفرنسية"[13].
ويُستخلص من التدقيق في نص هذه المادة بأن ممارسة الولاية القضائية العالمية في فرنسا يخضع لشرطين: الأول يتطلب وجود المشتبه به على الأراضي الفرنسية والثاني يقتضي بأن تكون فرنسا مُلتزمة، بموجب اتفاقية دولية، بملاحقة مرتكبي بعض الجرائم المذكورة في هذه المادة.
الفقرة التالية من هذه المادة 689 تُشير صراحة إلى بعض الاتفاقيات التي تستلزم إعمال الولاية القضائية العالمية، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984[14]، ولذلك فإنه يمكن ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب في فرنسا. ولكن معاهدات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين لعام 1977 لم يتم إدراجهم من ضمن قائمة هذه الاتفاقيات. وبالتالي فإن المحاكم الفرنسية غير قادرة على تحريك الدعوى وملاحقة الأشخاص المشتبه بارتكابهم بعض الجرائم الدولية الخطيرة المذكورة في هذه الاتفاقيات والبروتوكولات، أي جرائم الحرب والإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية.
هذا العجز القانوني قد تمّ معالجته بشكل جزئي وذلك باعتماد قانونين بشأن تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية في حال ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية. القانون الأول قد تمّ اعتماده بتاريخ 2 كانون الثاني/يناير1995 وذلك لتعديل التشريعات الفرنسية بشكل يتطابق مع قرار مجلس الأمن رقم 827 والذي أُنشئت بموجبه محكمة دولية لملاحقة مرتكبي الجرائم في يوغوسلافيا السابقة.
و قد صدر القانون الثاني في 22 مايو/أيار 1996 وذلك لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 955 المتعلق بإنشاء محكمة دولية للجرائم المرتكبة في رواندا. هذان القانونان يتعلقان فقط بالجرائم الدولية التي ارتكبت في يوغوسلافيا السابقة ورواندا، كما يشترطان أن يتواجد المشتبه بهم على الأراضي الفرنسية حتى يتم تحريك الدعاوى القضائية وتوقيف المشتبه بهم. إن هذا التضييق في ممارسة مبدأ الاختصاص الدولي في التشريع الفرنسي قد أثار بعض الاحتجاجات التي أدّت إلى طرح مشروع قانون جديد في حزيران/يونيو 2008. ومع ذلك لم يُرضِِ مشروع هذا القانون مناصري الولاية القضائية العالمية نظرا للحفاظ على بعض الشروط اللازمة لممارسة هذا الاختصاص الدولي وخاصة شرط "الإقامة الاعتيادية" في فرنسا للمشتبه به[15]. وهذا الشرط يعني عدم جواز توقيف المشتبه بهم في حال وجودهم لفترات قصيرة في فرنسا كسائحين مثلاً، وهذه هي الحالة الشائعة. هذا المشروع يتطلب أيضا شروطاً أخرى لممارسة الولاية القضائية العالمية، ومنها عدم وجود طلب لتسليم المشتبه به وضرورة تحريك الدعوى من قَبل النيابة العامة[16].
وقد انتُقد نصّ هذا المشروع لوجود بعض التعارضات مع أحكام نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي من المفروض أن يُلزم فرنسا بتطبيقه. ولذلك إن هذه الاحتجاجات على نصّ هذا المشروع قد أسفرت، في يوليو/تموز2009 ، على اعتماد بعض التحسينات من قِبل لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان. وبهذا فإن النسخة الجديدة المعدّلة والتي تمكّن من تحريك الدعاوى ضد مرتكبي الجرائم الدولية بيسر أكبر و سيتم عرضها قريبا على البرلمان للتصديق عليها بشكل نهائي[17].
4.2 حالات عملية
وجدنا أن القانون الفرنسي يسمح بممارسة الولاية القضائية العالمية في ما يتعلق بجرائم التعذيب حتى من دون مشروع الإصلاح الجديد لعام 2009-2010. ولذلك فإن السلطة القضائية في فرنسا قد تدخلت في مناسبات عدّة لملاحقة المشتبه بتورطهم في قضايا تعذيب والموجودين في فرنسا. وفي هذا الصدد، حكمت محكمة الجنايات في مدينة نيم، في الأول من يوليو/تموز 2005، على الضابط الموريتاني علي ولد داه. ويُذكر بأن الحكم قد صدر بحق هذا الضابط على الرغم من فراره إلى موريتانيا بعد بدء المحاكمة. هذا الحكم في غياب المتهم يدّل بأن شرط وجوده يجب تحققه فقط عند البدء في التحقيق. ويمكن متابعة الإجراءات حتى في حال هروب المشتبه بهم أثناء التحقيق والمحاكمة. كما كان القضاء الفرنسي قد برهن عن استقلاله عندما رفض الأخذ بالعفو الذي استفاد منه ولد داه بموجب قانون موريتاني. وفي هذا الصدد، كانت محكمة النقض قد أشارت إلى أنه " يحق للمحاكم الفرنسية مباشرة دعاوى بموجب الاختصاص الدولي حتى في حال وجود قانون عفو أجنبي"[18]. وقد جاء قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليؤكد ما قررته محكمة النقض هذه، وذلك عندما رفضت طعنا قدّمه علي ولد داه أمامها للاستفادة من قانون العفو الموريتاني[19].
في عام 2008، مارست محكمة الجنايات الراين-السفلى ولاية قضائية عالمية للحكم بثماني سنوات سجن على النائب السابق لقنصل تونس في ستراسبورغ خالد بن سعيد وذلك بتهمة التورط بقضايا تعذيب وأعمال بربرية. وذكرت المحكمة فيما يتعلق بوجود بن سعيد على الأراضي الفرنسية بأن هذا الشرط يتحقق بمجرد وجود المشتبه به في فرنسا عند افتتاح التحقيق الأولي[20].
في 21 كانون الثاني/يناير 2009، وافقت محكمة النقض على ممارسة الولاية القضائية الدولية وذلك لملاحقة مرتكبي ممارسات تعذيب في كمبوديا. وقد جاء هذا القرار بعد أن رفضت محكمة الاستئناف في باريس بتاريخ 24 تشرين الأول/أكتوبر 2007 ملاحقة المشتبه بهم[21]. وهنا من المهم أن نذكر قضية "مختفي شاطئ البحر" التي مارس بها القضاء الفرنسي اختصاصا دوليا. وقد تمّ اختفاء المئات من المواطنين الكونغوليين في الميناء النهري في مدينة براز وهذا ما دفع العديد من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان[22] لتحريك الدعوى أمام المحاكم الفرنسية في هذه القضية. إلا أن غرفة التحقيق في محكمة الاستئناف في باريس كانت قد قررت في 22 تشرين الثاني/نوفمبر2004، إلغاء كافة الإجراءات المتخذة في هذه القضية. ومع ذلك، فقد ألغت محكمة النقض قرار محكمة الاستئناف هذه في 9 نيسان/أبريل 2008 للسماح بمباشرة الولاية القضائية العالمية ومحاكمة المتهمين في هذه القضية[23]. وأخيرا، فإنه يجري حاليا في فرنسا دعوى قضائية ضد زعماء خمسة عشر من المسؤولين عن الديكتاتورية التشيلية[24].
ومع ذلك فإن ممارسة المحاكم الفرنسية للاختصاص الدولي في قضايا التعذيب قد واجه بعض المصاعب حيث أظهرت التجربة بأن الحصانة قد تُشكل عائقا في هذا المجال كما حصل خلال الزيارة التي قام بها رئيس زيمبابوى روبرت موغابى الى باريس لحضور القمة الفرنسية الافريقية في عام 2003. إن مذكرة التوقيف التي أصدرها قاضي في باريس بتاريخ 17 شباط/فبراير 2003 لم تُسفر عن توقيفه بسبب قرار المحكمة بأن موغابي، بصفته رئيس دولة، يتمتع بحصانة ضد الملاحقة القضائية[25]. كما كان لإعمال مبدأ الحصانة دورا كبيرا في عدم القبض على وزيري الدفاع الأسبقين، الجزائري خالد نزار والأمريكي رونالد رامسفيلد، وكلاهما متورطين بأعمال تعذيب.
إن حضور هذين المشتبه بهما على الأراضي الفرنسية لم يُسفر عن إلقاء القبض عليهما نظرا لتدخل وزارة الخارجية الفرنسية ومنحهم الحصانة اللازمة للحيلولة دون التوقيف. وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن القانون الدولي لا ينصّ على أي حصانة لمرتكبي الجرائم الدولية بما في ذلك التعذيب. أما بالنسبة للجرائم الدولية الأخرى أي جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية فقد أكدت محكمة النقض فى آذار/مارس 1996 بأنّه لايجوز ممارسة الولاية القضائية العالمية في مثل هذه الجرائم نظرا لغياب النص القانوني. إلا أنّه يمكن فقط محاكمة المشتبه بتورطهم بمثل هذه الجرائم إذا اُرتكبت في يوغوسلافيا السابقة و رواندا وذلك بمقتضى القانونين المذكورين أعلاه.
في هذا الصدد، تمّت ملاحقة العديد من مجرمي الحرب الروانديين واليوغوسلافيين، كما في قضية الرواندي باسكال سيمبغانوا الذي تمّ توقيفه في جزيرة مايوت في عام 2009 قبل أن يتم نقله إلى فرنسا[26].
يبدو أن فرنسا تسعى إلى تعزيز قدرة محاكمها على ممارسة الولاية القضائية العالمية حيث شهدت الأعوام الماضية ارتفاعا لعدد الحالات التي مورست بموجبها الولاية القضائية العالمية أمام المحاكم الفرنسية، كما أن الإصلاحات القانونية لعام 2009-2010 الجديدة سيكون لها أكبر الأثر في هذا المجال. ويبقى التحدي المطروح لمعرفة ما إذا كان هذا الإصلاح القانوني والتشريعي سيترافق مع رغبة حقيقية واستعداد كافي لمقاومة الضغوط السياسية وممارسة الاختصاص الدولي بحسن نية، هذا ما سيتضح بالفعل في عام 2010.
4.3 ملخص- فرنسا
- يجوز ملاحقة المتورطين بقضايا تعذيب أمام القضاء الفرنسي
- فرنسا بصدد إعداد مشروع قانون جديد، من الممكن أن يدخل حيز التنفيذ ويصبح قانونا نافذاً خلال الأشهر القليلة المقبلة. وهذا ما سيسمح للضحايا أو لممثليهم بتحريك الدعاوى أمام القضاء الفرنسي وملاحقة المشتبه بهم حال وجودهم على الأراضي الفرنسية.
- أمّا الوضع السابق لصدور مشروع هذا القانون فإنه لابدّ أن يتوفر شرط "الاقامة الاعتيادية" للمشتبه به حتى نستطيع تحريك الدعوى القضائية إلا أنّ تحقق هذا الشرط مطلوب حاليا فقط لافتتاح التحقيق الأولي ولا يؤثر فرار المشتبه بهم على سير إجراءات الدعوى.
- في ظل مشروع القانون الجديد سيكون من الممكن توقيف المتورطين في الجرائم الدولية حتى لمجرد وجودهم فوق الأراضي الفرنسية كسائحين أو زائرين. كما يستلزم القانون الجديد ضرورة تحريك الدعوى من قِبل النيابة العامة من ناحية وضرورة عدم وجود طلب رسمي لتسليم المجرم من ناحية ثانية وذلك للتمكن من ممارسة الاختصاص الدولي وتوقيف المتهم.
4.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
· يوجد قسم للاستشارات القانونية المجانية في مباني المحافظات :
http://vosdroits.service-public.fr/F1435.xhtml#formulaire-contact
- للاتصال بوزارة العدل
Ministère de la Justice
13, place Vendôme
75042 PARIS CEDEX 01
Tél. +33 1 44 77 60 60
http://www.annuaires.justice.gouv.fr/inc_alias/contact.php?contact=annuaires
- قسم لمساعدة الضحايا
L'aide aux victimes par le Conseil départemental de l'accès au droit de Paris
4, bd du Palais
75001 Paris
http://www.cdad-paris.justice.fr/aide_victime/index.html
- النيابة العامة للجمهورية
Parquet du Procureur de la République
6 Rue Pablo Neruda, 92000 Nanterre, France
Tel. +33 1 40 97 10 10
https://pastel.diplomatie.gouv.fr/editorial/francais/familles/enlevements/adresse0103.html
5 بلجيكا
نبذة عامة
لقد أصدرت بلجيكا قانونا عام 1993، يسمح لمحاكمها الوطنية بممارسة الولاية القضائية العالمية بمرونة لا سابق لها. إلا أن الضغوطات المُمارسة على الحكومة البلجيكية، وكذلك العدد الهائل من الشكاوى المطروحة قد أدّى إلى اعتماد بعض التعديلات التي أُدخلت في عام 2003 للحدّ من ممارسة الولاية القضائية العالمية. حيث لابدّ من توفر ثلاث شروط أساسية لتوقيف المشتبه به :
إن وجود المتهم في بلجيكا شرط ضروري لإمكانية رفع الدعوى، كما أن التشريعات الجديدة تستلزم وجود صلة بين المتهم وبلجيكا، مما يعني أن عدم وجود مرتكب الجريمة على الأراضي البلجيكية سيشكل عائقا أمام تحريك الدعوى وقبول الشكوى. كما لا يمكن المباشرة بالملاحقة القضائية أو حتى التحقيق بدون طلب النائب العام الذي من شأنه أن يقيّم ضرورة أو عدم ضرورة تحريك الدعوى. وأخيرا لا يمكن توقيف المشتبه به اذا كان ضيفا رسميا للحكومة أو عاملاً في إحدى المنظمات الدولية الموجودة على الأراضي البلجيكية.
5.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات البلجيكية
تُعرف بلجيكا بممارسة محاكمها الوطنية لولاية قضائية عالمية والتي كان قد تمّ العمل بها بفعّالية بموجب قانون عام 1993. وقد أتاح هذا القانون ممارسة الولاية القضائية العالمية من أجل ملاحقة مرتكبي انتهاكات اتفاقية جنيف والبروتوكولين الملحقين بهما. بالإضافة إلى ذلك، اعتمد قانون عام 1999 ليوسع إطار ممارسة الولاية القضائية العالمية. هذا وقد اعتبر التعذيب من ضمن الجرائم ضد الإنسانية ولذلك كان من الممكن ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب في ظل هذا القانون.
إن هذه التشريعات البلجيكية تختلف عن غيرها من التشريعات الأوروبية من حيث اليسر في ممارسة الولاية القضائية العالمية. حيث أنه من الناحية الأولى يمكن مباشرة الملاحقة القضائية لمرتكبي الجرائم الدولية أيا كان المكان الذي يوجد فيه المشتبه به، حتى في حال عدم وجوده فوق الأراضي البلجيكية، ومن الناحية الثانية فإن هذه التشريعات تنصّ صراحة على أنّ الحصانة لايمكن أن تشكّل عائقا أمام الملاحقة القضائية وتوقيف المشتبه بهم. إن قانوني عام 1993 و 1999 كانا يهدفان إلى إدخال التعديلات اللازمة على التشريعات البلجيكية لكي تتوافق مع التزامات الدولة البلجيكية بموجب نظام روما الأساسي واتفاقية جنيف الرابعة، بالإضافة إلى تسهيل مقاضاة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في رواندا. كما أن الحماس في بلجيكا قد دفع محاكمها إلى التأكيد على أن ممارسة الولاية القضائية العالمية للجرائم المذكورة في القانون الدولي العرفي هو أمر ممكن حتى لو لم ينص قانون 1999 صراحة على ذلك[27]. إن المرونة في ممارسة الاختصاص الدولي في ظل هذه التشريعات البلجيكية قد أدى إلى زيادة كبيرة جدا في عدد القضايا المطروحة أمام المحاكم في هذا المجال.
وبالتالي، فقد طُلب من المحاكم البلجيكية ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك فإن الشكاوى التي قُدمت ضد رعايا الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك رامسفيلد وشارون، لم تُسفر عن نتيجة. هذا وقد أدّت الضغوطات المُمارسة على الحكومة البلجيكية، وكذلك العدد الهائل من الشكاوى المطروحة، إلى اعتماد بعض التعديلات التي أدخلت في عام 2003 للحد من ممارسة الولاية القضائية العالمية. ومع ذلك، يبقى المجال مفتوحا لممارسة الاختصاص الدولي وذلك بمقتضى المادة 12a من الفصل التمهيدي في قانون الإجراءات الجنائية والذي اُعتمد في 5 آب/أغسطس 2003. هذه المادة تنص على ( أنه لا يمكن المباشرة بالملاحقة القضائية أو حتى التحقيق إلا بطلب من النائب العام الذي من شأنه أن يقيّم ضرورة أو عدم ضرورة تحريك الدعوى). وعلى العكس من ذلك، فإن التشريعات السابقة الملغاة كانت تُتيح حتى للضحية أو ممثلها أي الطرف المدني المباشرة بتحريك الدعوى دون انتظار موافقة النائب العام . هذا وقد عدّل البرلمان البلجيكي في وقت لاحق وبشكل جزئي هذه المادة وذلك من خلال اعتماد تعديل في 11 أيار/مايو 2006، لتعزيز استقلال القضاء البلجيكي أمام المدعي العام في ما يتعلق بمسألة اتخاذ القرار اللازم أو عدم اتخاذه في قضايا الاختصاص الدولي[28].
بالإضافة إلى تقييد ممارسة الاختصاص الدولي بموافقة وتدخل النائب العام فإن التشريعات الجديدة تستلزم وجود صلة بين المتهم وبلجيكا، مما يعني أن عدم وجود مرتكب الجريمة على الأراضي البلجيكية سيشكل عائقا أمام تحريك الدعوى وقبول الشكوى. وفيما يتعلق بمسألة الحصانة، فإن القانون الجديد لعام 2003 يحظر اللجوء إلى أي شكل من أشكال الإكراه ضد الضيوف الرسميين للحكومة أو ضد العاملين في المنظمات الدولية في بلجيكا، وقد جاء هذا تلبية لرغبة رامسفيلد[29] الذي تعددت زياراته إلى مقر الناتو في بروكسل[30]. صحيح أن التعديلات القانونية التي أُجريت عام 2003 قد كان لها أثر كبير على ممارسة الاختصاص الدولي في بلجيكا، ومع ذلك فإن الأمور لم تصل بعد إلى حالة جمود كلّي. بالتأكيد إن أعداء ممارسة الولاية القضائية العالمية لا يُستهان بهم ولكن مع ذلك فإن صلاحية المحاكم البلجيكية لاتزال قائمة كما يتضح من الاستمرار في محاكمة بعض مرتكبي الجرائم الدولية بعد عام 2003.
في الوقت الحالي، إن ممارسة الولاية القضائية العالمية يبقى جائزا في بلجيكا ولكن دون تطبيقه بالمرونة التي كان عليها قبل تعديلات 2003. وفي هذا الصدد، قد أشارت لجنة مناهضة التعذيب في عام 2009 بأن بلجيكا تُتيح لمحاكمها بممارسة ولاية قضائية عالمية[31] .
5.2 حالات عملية
من الطبيعي أن يكون عدد دعاوى الجرائم الدولية قد ازداد بشكل ملحوظ حتى تاريخ إدخال تعديلات عام 2003 المذكورة أعلاه. وهكذا تمّ خلال هذه الفترة تقديم عدد هائل من الشكاوى ضد مرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والموجودين خارج الأراضي البلجيكية. وقد تحرك القضاء البلجيكي لملاحقة ومحاكمة العديد من مرتكبي الجرائم الدولية كالروانديين والكمبوديين والشيليين والمغاربة والتشاديين والأميركيين والإسرائيليين. وفي هذا الصدد قد تمّت محاكمة أربعة روانديين في عام 2001 لتورطهم في عمليات الإبادة الجماعية المرتكبة في عام 1994.
فقد تناقص بشكل ملحوظ عدد دعاوى الاختصاص الدولي منذ تعديلات عام 2003. كما أن ملاحقة الرئيس الموريتاني السابق علي ولد فال، والذي ارتكب العديد من جرائم التعذيب، لم تُسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن[32]. في الحقيقة إن عدم وجود المشتبه به على الأراضي البلجيكية يشكّل عقبة في البدء بعملية الملاحقة القضائية.
ومع ذلك، لا يزال نظام الولاية العالمية ذا أهمية ومعمول به في ظل النظام القضائي البلجيكي. هذا وقد شهد العام2009 عددا كبيرا من الدعاوى بمقتضى الاختصاص الدولي. كما أن تعديل عام 2003 لم يؤثر على استمرار محاكمة حسين هبري، الرئيس السابق لتشاد، حيث تمّ مباشرة إجراءات الدعوى ضده بعد أن اشتكى بعض ضحاياه من أصحاب الجنسية البلجيكية[33]. ولابدّ من الإشارة إلى أن الحكومة البلجيكية تبذل جهودا مكثّفة لتسليمها حسين هبري الموجود حاليا في السنغال حيث رفعت بلجيكا هذه القضية ضد السنغال أمام محكمة العدل الدولية في 19 شباط/فبراير 2009.
هذا وما تزال إجراءات هذه القضية قيد النظر أمام محكمة العدل الدولية[34]. وخلال العام نفسه في الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2009، أصدرت محكمة الجنايات في بروكسل حكما، على الرواندي أفرم نكزابرا، بالسجن لمدة ثلاثين عاما. ويُذكر بأن أفرم نكزابرا المعروف "بممول الإبادة الجماعية" قد اُعتقل عام 2004 في بروكسل في أعقاب إصدار مذكرة اعتقال بحقه من قِبل المحكمة الجنائية الدولية لرواندا.
5.3 ملخص- بلجيكا
- في الوقت الحالي، إن ممارسة الولاية القضائية العالمية يبقى جائزا في بلجيكا ولكن دون تطبيقه بالمرونة التي كان عليها قبل تعديلات 2003.
- إن وجود المتهم في بلجيكا شرط ضروري لإمكانية رفع الدعوى. كما أن التشريعات الجديدة تستلزم وجود صلة بين المتهم وبلجيكا، ما يعني أن عدم وجود مرتكب الجريمة على الأراضي البلجيكية سيشكل عائقا أمام تحريك الدعوى وقبول الشكوى.
- لا يمكن المباشرة بالملاحقة القضائية أو حتى التحقيق بدون طلب النائب العام الذي من شأنه أن يقيّم ضرورة أو عدم ضرورة تحريك الدعوى.
- لا يمكن توقيف المشتبه به اذا كان ضيفا رسميا للحكومة أو عاملاً في إحدى المنظمات الدولية الموجودة على الأراضي البلجيكية.
5.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
- قسم لمساعدة الضحايا :
Services d'aide aux victimes :
http://www.belgium.be/fr/justice/victime/aide_aux_victimes/services_d_aide_aux_victimes/
- وزارة العدل :
Le Ministre de la Justice : 115 boulevard de Waterloo - 1000 Bruxelles
Tél. +32 2 542 80 11
- استعلامات - القسم الفدرالي القضائي:
Service public fédéral Justice - Service Information
Boulevard de Waterloo 115, 1000 Bruxelles
E-mail: info@just.fgov.be
http://www.just.fgov.be/index_fr.htm
- النيابة العامة
Parquet Fédéral - Rue aux Laines 66, bte 1 - 1000 Bruxelles
Tél.: +32 2 557 77 11 - Fax: +32 2 577 77 97
6 المملكة المتحدة
نبذة عامة
أصدرت المملكة المتحدة بعض التشريعات منذ عام 1957 لتسمح لمحاكمها الوطنية بممارسة الولاية القضائية العالمية. إنّ وجود المشتبه به في المملكة المتحدة أو توقع وجوده فيها هو أمر ضروري لاستصدار أمر قضائي بالقبض عليه أو ملاحقته قضائيا وهذا الأمر يعود تقديره للقاضي. في الوقت الراهن لا تشكّل الحصانة عائقاً أمام ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية ولكن لابدّ من الإشارة إلى أن المملكة المتحدة بصدد تعديل تشريعاتها من أجل تأمين حماية لبعض مرتكبي الجرائم الدولية وذلك استجابة لضغوط من الحكومة الإسرائيلية.
6.1 الولاية القضائية العالمية في تشريعات المملكة المتحدة
تلتزم المملكة المتحدة بإعمال مبدأ الاختصاص الدولي ضد مرتكبي الجرائم الدولية وذلك بموجب الاتفاقيات الدولية الملتزمة بها. كما يوجد في المملكة المتحدة منذ عام 1957 قانون بشأن تطبيق اتفاقيات جنيف. وقد طرأ على هذا القانون بعض التعديلات في عام 2001 لتتلاءم أحكامه المتعلقة بملاحقة منتهكي اتفاقيات جنيف مع الأحكام المماثلة لذلك في إطار المحكمة الجنائية الدولية[35].
أما بالنسبة لاتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، فإن المملكة المتحدة تُوافق على ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب في دول أجنبية أمام محاكمها الوطنية، وذلك وفقا لقانون عام 1988 (قانون العدالة الجنائية، مادة 134.[36]( ومع ذلك، فلابدّ من الإشارة إلى أن مبدأ الحصانة أو الحماية الدبلوماسية والمنصوص عليها في المادة 14 (1) من قانون الحصانة لعام 1978[37]، قد شكّل عقبة ولفترات طويلة في وجه ممارسة الولاية القضائية العالمية وبالتالي توقيف المجرمين الدوليين.
إلا أن هذا الوضع لم يرضِ منظمات حقوق الإنسان، وكذلك لجنة مناهضة التعذيب التي لفتت انتباه المملكة المتحدة إلى أن المادتين 1 و 14 من قانون الحصانة المذكور أعلاه واللتان تكفلان حماية رؤساء الدول من الملاحقة تتعارضان تماماً مع التزامات الدولة الطرف بموجب المادتين 4 و 5 و 6 و 7 من اتفاقية مناهضة التعذيب.[38] وقد أسفر هذا الضغط عن مزيد من المرونة في إصدار مذكرات إلقاء القبض على مرتكبي الجرائم الدولية، حيث أصبح من السهولة إصدار مثل هذه المذكرة، عند وجود أدلة كافية، حتى من قِبل أي قاض بريطاني، ومن دون انتظار موافقة النائب العام. تستند المحاكم الوطنية عند إصدارها لمذكرات التوقيف بشكل خاص على نظام روما الأساسي الذي يفرض على جميع محاكم الدول الموقعة، بما فيها محاكم المملكة المتحدة، ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية وذلك عندما يكون المشتبه به مواطنا بريطانيا أو مقيما في بريطانيا ( أنظر المادة 51 (2) (ب) من نظام روما الأساسي)[39].
كما استندت العديد من الملاحقات التي تمت مؤخرا في المملكة المتحدة على المادة 25 فقرة 2 من قانون ملاحقة الانتهاكات لعام 1985. صحيح أن نصّ هذه المادة يتطلب موافقة النائب العام من أجل ممارسة الولاية القضائية العالمية إلا أنه لا يوجد ما يمنع الاعتقال دون موافقة النائب العام أو حتى إصدار أو تنفيذ أمر بالقبض ضد من يشتبه في ارتكابهم جرائم دولية. أمّا عن موافقة النائب العام، فهي مطلوبة في وقت لاحق لمتابعة الإجراءات[40]. وهكذا فإن التشريعات البريطانية الحالية تُتيح للضحايا وممثليهم بتحريك الدعاوى أمام المحاكم البريطانية والتي تمّكن من توقيف المشتبه بهم في حالة وجود أدلة كافية.
6.2 حالات عملية
إن الحديث عن مسألة الولاية القضائية العالمية في المملكة المتحدة يقودنا حتما إلى ذكر قضية الدكتاتور التشيلي السابق أوغوستو بينوشيه الذي أُلقي القبض عليه في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1998 وذلك لمسؤوليته عن أعمال التعذيب ومن ثم سُمح له بمغادرة تشيلي في آذار/مارس 2000 وذلك لأسباب طبية. ومع ذلك، فإن أهمية هذه القضية قد برزت على المستوى القانوني حيث جاء قرار مجلس اللوردات الصادر في 24 آذار/مارس 1999 ليعتبر أن " التعذيب هو جريمة ضد المجتمع الدولي الذي يتمتع أطرافه الأعضاء باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بالحق في ممارسة ولاية قضائية عالمية، وإن أي رئيس سابق لأية دولة لا يمكن أن يتمتع بحصانة في حال ارتكابه لمثل هذه الجرائم [41]".
ويُستنتج من ذلك بأن رؤساء الدول الذين لا يزالون يشغلون مناصبهم، وكذلك وزراء الخارجية، يتمتعون بالحصانة التي شكّلت عائقا أمام المحاكم من أجل إلقاء القبض على العديد من المشتبه بارتكابهم جرائم دولية مثل الرئيس الأمريكي جورج بوش والرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي[42]. هذا وقد حالت هذه الحصانة دون توقيف بعض وزراء الدول ونذكر على سبيل المثال رفض المحاكم البريطانية، في شباط/فبراير 2004, لتنفيذ أمر القبض على وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز.
في السنوات الأخيرة، يمكننا أن نلاحظ تقدماً ملحوظاً في ممارسة الولاية القضائية العالمية في المملكة المتحدة. هذا وشهد عام 2009 إصدار أمر توقيف بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني[43] بسبب مسؤوليتها عن ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة[44]. في السياق نفسه، ألغى مجموعة من الضباط الإسرائيليين زيارتهم المرتقبة إلى المملكة المتحدة في يناير/كانون الثاني عام 2010، وذلك خوفا من الملاحقة القضائية[45]. وهنا لابدّ من الإشارة بأن المملكة المتحدة بصدد تعديل تشريعاتها من أجل تأمين حماية لبعض مرتكبي الجرائم الدولية وذلك استجابةً لضغوط من الحكومة الإسرائيلية[46]. وفي المقابل، فإن أنصار الولاية القضائية العالمية يكثّفون جهودهم من أجل زيادة المرونة في تطبيق هذه الولاية في بريطانيا وخاصة توسيعها لتشمل ليس فقط المقيمين في بريطانيا إنما أيضا كل مشتبه به تطأ قدمه الأراضي البريطانية حتى لو كان ذلك على سبيل السياحة أو الزيارة. توجد بعض التعديلات التي سيتم إقرارها قريبا والمتعلقة بتعزيز ممارسة الولاية القضائية العالمية في بريطانيا. أمام هذه التناقضات ننتظر عام 2010 ليبين مدى نزاهة واستقلالية القضاء البريطاني من ناحية ومدى رغبة المملكة المتحدة وإرادتها السياسية لمكافحة الإفلات من العقاب.
6.3 ملخص- المملكة المتحدة
- المملكة المتحدة بصدد تعديل تشريعاتها في ما يتعلق بملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية. ومع ذلك فإنّ هذه الدولة تلتزم في الوقت الراهن بملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب وذلك في بعض الحالات.
- في الوقت الراهن لا تشكّل الحصانة عائقاً أمام ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية ولكن لابدّ من الإشارة إلى أن المملكة المتحدة بصدد تعديل تشريعاتها من أجل تأمين حماية لبعض مرتكبي الجرائم الدولية وذلك استجابة لضغوط من الحكومة الإسرائيلية.
- هناك الكثير من المرونة في إصدار مذكرات لإلقاء القبض على مرتكبي الجرائم الدولية، حيث أصبح من السهولة إصدار مثل هذه المذكرات، عند وجود أدلة كافية، حتى من قِبل أي قاض بريطاني ومن دون انتظار موافقة النائب العام. حيث أنه لا يوجد ما يمنع الاعتقال دون موافقة النائب العام أو حتى إصدار أو تنفيذ أمر بالقبض ضد من يشتبه في ارتكابهم جرائم دولية. أمّا عن النائب العام، فهي مطلوبة في وقت لاحق لمتابعة الإجراءات[47]. وهكذا فإن التشريعات البريطانية الحالية تُتيح للضحايا وممثليهم بتحريك الدعاوى أمام المحاكم البريطانية والتي تمّكن من توقيف المشتبه بهم في حالة وجود أدلة كافية.
- فعلى سبيل المثال، اُعتبر تقرير غولدستون المُصدق من الأمم المتحدة والذي يتهم إسرائيل بارتكابها جرائم حرب خلال العدوان الأخير على غزة، كدليل مقبول أمام المحاكم البريطانية. كما يمكن أن تشكّل التقارير الطبية الصادرة إثر حالات التعذيب كدليل كافي أمام القضاء البريطاني.
- إنّ وجود المشتبه به في المملكة المتحدة أو توقع وجوده فيها هو أمر ضروري لاستصدار أمر قضائي بالقبض عليه أو ملاحقته قضائيا وهذا الأمر يعود تقديره للقاضي.
6.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
- قسم لمساعدة الضحايا :
Services d'aide aux victimes :
Sara Payne, c/o
Victims' Champion Team
Ministry of Justice
102 Petty France
London SW1H 9AT
victimschampion@cjs.gsi.gov.uk
- وزارة العدل :
Ministère de la justice : Tel. +44 (0)20 3334 3555 -
Mail : general.queries@justice.gsi.gov.uk
Parquet Général : http://www.cps.gov.uk/contact/index.html
7 ألمانيا
نبذة عامة
تمّ تعزيز ممارسة الولاية القضائية العالمية في ألمانيا بعد اعتماد قانون عام 2002 لمكافحة جرائم القانون الدولي العام. ويُعتبر التعذيب جريمة ضد الإنسانية، وبالتالي يمكن ملاحقة وتوقيف المتورطين في جرائم التعذيب في ألمانيا. لم يعد مطلوبا وجود المتهم على الأراضي الألمانية ولكن هناك قيود أخرى من أجل تحريك الدعوى كما سنرى.
7.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات الألمانية
إن إدخال بعض التشريعات الألمانية التي تُتيح مكافحة الجرائم الدولية تعود بالدرجة الأولى إلى الأعمال الهمجية التي ارتكبها النازيون خلال الحرب العالمية الثانية. ولهذا جاء قانون رقم 10 لعام 1945 الذي اعتمده مجلس مراقبة الحلفاء والذي أتاح إجراء العديد من المحاكمات القضائية ضد مجرمي النازية.[48] على الصعيد الدولي، وحتى عام 2002، أتاحت المادة السادسة ( فقرة 1 و 6) من قانون العقوبات ممارسة الولاية القضائية العالمية، حيث تسمح هذه المادة للمحاكم الألمانية بمحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية وذلك في حال وجود أي اتفاقية دولية تُلزم ألمانيا بذلك.
وقد تمّ تعزيز ممارسة الولاية القضائية العالمية بعد 30 يونيو/حزيران 2002 وذلك بعد اعتماد قانون مكافحة الجرائم في القانون الدولي العام. وقد أدّى هذا القانون الجديد إلى تعديل التشريعات الألمانية بما يتوافق مع نظام روما الأساسي ولا سيما إدخال كل من جرائم الحرب، جريمة ضد الإنسانية و جريمة الإبادة الجماعية في التشريع الألماني. وبهذا يمكن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم بغض النظر عن جنسية الفاعلين أو مكان وتاريخ وقوع الجرائم. صحيح أن جريمة التعذيب لم تُذكرعلى وجه التحديد في القانون الجديد إلا أنّ القانون رقم 10 المذكور أعلاه يعتبر التعذيب كجريمة ضد الإنسانية ولذلك يمكن ملاحقة الجلادين أمام المحاكم الألمانية.
كما أعطت المادة 153fمن قانون أصول المحاكمات الجزائية، المزيد من الصلاحية للنائب العام الاتحادي في هذا الخصوص، كما يلتزم هذا النائب بتوجيه اتهامات جنائية ضد المشتبه بهم وفقا للقانون[49]. بالنسبة لوجود المشتبه به في ألمانيا، فلم يعد ضرورياً منذ بدء العمل بقانون عام 2002 المذكور أعلاه. ومع ذلك فإنّ كلاً من قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون عام 2002 ينصّان على أن النائب العام الفدرالي يجب أن يمتنع عن فتح التحقيق في حال عدم انتظار أو عدم توقع حضورالمشتبه به[50]. وهذا يعني بأنّ القضاء الألماني قد يقرر عدم التدخل في بعض الحالات التي يتعذر فيها إجراء تحقيق. وأخيرا، يتطلب القانون الألماني، لممارسة الولاية القضائية العالمية، بأن لا تكون القضية المعنية قيد البحث والتحقيق من قِبل أية محكمة أو هيئة قانونية أخرى، وهذا ما يُعرف بمبدأ التبعية. كما أنه لا يجوز ممارسة الولاية القضائية العالمية ضد الأشخاص الموجودين في ألمانيا بناء على دعوة من الحكومة أي أن الحصانة الممنوحة لهم تؤدي إلى عدم توقيفهم.
7.2 حالات عملية
شهدت محكمة نورمبرغ العديد من المحاكمات التي جرت ضد مرتكبي الجرائم الدولية من النازيين، وذلك استنادا إلى القانون رقم 10 لعام 1945. وكانت محاكمة جون دميانيوك، الأميركي من اصل أوكراني، آخر هذه القضايا المتعلقة بالنازيين السابقين، حيث تمكّنت ألمانيا من تسلمه من الولايات المتحدة في مايو/إيار 2009 وذلك بعد أن أصدرت مذكرة بتوقيفه. ويُحاكم ديميانيوك من قِبل المدعي العام في مدينة ميونيخ الذي يتهمه بارتكاب جريمة إبادة جماعية ضد اليهود. ويُذكر بأنّ ديميانيوك قد تمّ ملاحقته قضائيا في إسرائيل عام 1988. كما شهد عام 2009 حكما بالسجن مدى الحياة على أحد النازيين السابقين، جوزيف شنغرابر، وذلك من قِبل محكمة الجنايات في ميونيخ[51]. بالنسبة لمحاكمة غير النازيين ، فقد كان هناك العديد من الملاحقات القضائية ضد العديد من مرتكبي الجرائم الدولية، ونذكر على سبيل المثال قضية نوفيزلاف دجاجيكبور المتورط في عمليات الإبادة الجماعية التي اُرتكبت في البوسنة[52] وكذلك قضية نيكولاي جورجيك المحكوم عليه بالمؤبد لنفس السبب. كما تمّ ملاحقة العديد من الروانديين في ألمانيا حيث تمّ توقيف زعيم االمتمردين ومساعدا له في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2009.[53] وفي الآونة الأخيرة، 25 يناير/كانون الثاني 2010، صدر أمر بالقبض على الدكتاتور الأرجنتيني السابق فيديلا والمسؤول عن قتل آلاف الأشخاص من بينهم الألماني رولف ستاويك[54].
ونستنتج بأنّ هناك العديد من القيود التي تحول دون ممارسة الولاية القضائية العالمية في ألمانيا، ولذلك تمّ إغلاق العديد من القضايا بحجة عدم إمكانية إجراء التحقيق[55] أو بحجة مبدأ التبعية المذكور أعلاه، والذي أدى إلى عدم قبول النائب العام الفدرالي لملاحقة وزير الدفاع الأميركي السابق رامسفيلد. كما أعلنت المحكمة الإقليمية العليا رفض الاستئناف ضد قرار عدم النظر في قضية رامسفيلد المتهم بمسؤوليته عن أعمال تعذيب اُرتكبت بالعراق، وذلك بحجة أنّ السلطات الأمريكية قد فتحت تحقيقا بهذا الشأن ولذلك فإن مبدأ التبعية يحول دون الملاحقة القضائية لهذا الشخص[56]. إنّ قضية رامسفيلد قد أظهرت، سواء تعلق الأمر بألمانيا أو في غيرها من الدول الأوروبية، مدى هشاشة الولاية القضائية العالمية وخاصة عندما يتعلق الأمر بملاحقة بعض مواطني الدول التي لها وزن سياسي مهم.
هذا وقد رفض أيضاً المدعي العام الفدرالي فتح تحقيق في ما يتعلق بقضية الرئيس الصينى جيانغ تسه مين ووزير الداخلية الأوزبكستاني زوكيرون الماتوف[57]. هذا الأخير، المُتهم بارتكابه أعمال تعذيب، كان قد هرب بعد البدء ببعض الإجراءات لمحاولة توقيفه في ألمانيا وذلك بعد تلكأ النائب العام الاتحادي الذي رفض إصدار مذكرة توقيف بحجة أنّ النجاح في هذه القضية غير واقعي نظرا إلى أن أوزبكستان لن تكون على استعداد في التعاون وإجراء تحقيق على أراضيها وهذا ما سيكون ضروريا.[58] وقد أظهرت هذه القضية مرة أخرى القيود التي يفرضها قانون الإجراءات الجنائية الألماني من أجل قبول ممارسة الولاية القضائية العالمية.
7.3 ملخص- ألمانيا
- يُعتبر التعذيب كجريمة ضد الإنسانية و لذلك يمكن ملاحقة الجلادين أمام المحاكم الألمانية.
- يلتزم النائب العام الاتحادي بتوقيف المشتبه به فيما اذا كان موجودا في ألمانيا.
- بالنسبة لوجود المشتبه به في ألمانيا، فلم يعد ضرورياً منذ عام 2002، ومع ذلك فإنّ كل من: قانون أصول المحاكمات الجزائية، وقانون عام 2002 ينصّان على أن النائب العام الفدرالي يجب أن يمتنع عن فتح التحقيق في حال عدم انتظار أو عدم توقع حضورالمشتبه به. وهذا يعني بأنّ القضاء الألماني قد يقرر عدم التدخل في بعض الحالات التي يتعذر فيها إجراء تحقيق. وأخيرا، يتطلب القانون الألماني، لممارسة الولاية القضائية العالمية، بأن لا تكون القضية المعنية قيد البحث والتحقيق من قِبل أية محكمة أو هيئة قانونية أخرى، وهذا ما يُعرف بمبدأ التبعية. كما أنه لا يجوز ممارسة الولاية القضائية العالمية ضد الأشخاص الموجودين في ألمانيا بناء على دعوة من الحكومة أي أن الحصانة الممنوحة لهم تؤدي إلى عدم توقيفهم.
7.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
- وزارة العدل :
Federal Ministry of Justice
Mohrenstrasse 37
10117 Berlin, Germany
Telephone: +49 (030) 18 580-0
Telefax: +49 (030) 18 580-952
- النائب العام :
Le Procureur General:
Brauerstraße 30 - 76135 Karlsruhe
Telefon: (0721) 81 91 0
Telefax: (0721) 81 91 59 0
eMail: poststelle@generalbundesanwalt.de
www.generalbundesanwalt.de
- قسم لمساعدة الضحايا :
- Aide aux victimes
http://ec.europa.eu/civiljustice/legal_aid/legal_aid_ger_en.htm
8 أسبانيا
الوضع في أسبانيا مشابه لما كان الحال عليه في بلجيكا قبل عام 2003 أي أن القوانين الأسبانية تُتيح بيسر ممارسة الولاية القضائية العالمية، إلا أنه سيتم تعديل هذه التشريعات للحد من ممارسة مبدأ الاختصاص الدولي.
8.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات الأسبانية
ومن المعروف بأن أسبانيا تُعتبر من الدول الرائدة في ملاحقة المجرمين الدوليين وذلك من خلال ممارسة الولاية القضائية العالمية، كما أنّ التشريعات الأسبانية في هذا المجال قديمة جدا حيث نصّت المادة 23 فقرة 4 من القانون الأساسي 6/1985 على إمكانية المحاكم الوطنية بملاحقة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية وغيرها من الجرائم المنصوص عليها في الإتفاقيات الدولية التي تُلزم أسبانيا بملاحقة كل من جرائم الإرهاب وجرائم الحرب والتعذيب. مع الإشارة إلى أنّ قانون العقوبات الاسباني منذ عام 1978 قد أدرج في مواده جريمة التعذيب.
هذا وتلتزم اسبانيا بمقاضاة مرتكبي أعمال التعذيب خارج حدودها منذ التصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب في عام 1987. كما أن هذا الالتزام بمحاكمة مرتكبي جرائم التعذيب قد تمّ تأكيده صراحة في أحد اجتهادات المحكمة الاسبانية العليا[59]. أمّا بالنسبة للجرائم ضد الإنسانية فيجرمها القانون الجنائي الأسباني منذ عام 2004.[60]
وقد تمّ تعزيز التشريعات التي تحدّ من الإفلات من العقاب بشكل ملحوظ منذ عام 2005، وذلك عندما منح المشرع للمحاكم الاسبانية صلاحيات واسعة في ممارسة الولاية القضائية العالمية[61]. وبهذا أصبح القانون الأسباني، وبخاصة بعد إلغاء القانون البلجيكي لعام 2003، من أكثر قوانين العالم مرونة في ممارسة الاختصاص العالمي، حيث أنّ حضور المشتبه به على الأراضي الأسبانية لم يعد ضروريا لمباشرة الدعوى[62] أمام المحكمة التي يمكن أن تقرر الملاحقة القضائية بصرف النظر عن مكان إقامة مرتكبي الجرائم الدولية وأيا كانت جنسيتهم أو جنسية الضحايا.
هذا بالإضافة إلى تأكيد المحاكم الأسبانية في اجتهاداتها المختلفة على أن العفو الممنوح للمشتبه بهم لا يؤدي إلى منع توقيفهم بمقتضى ممارسة الولاية القضائية العالمية.[63] أما بالنسبة للحصانة، فقد أكّدت المحاكم بأنها لا تحمي مرتكبي الجرائم الدولية إلا في إطار ضيق جدا ووفقا للقانون الدولي. هذا الأخير لا يمنح أية حصانة لمرتكبي الجرائم الدولية. إنّ هذه المرونة التي منحها القانون الاسباني في ممارسة الولاية القضائية العالمية قد أسفرت عن عدد هائل من الدعاوى القضائية ضد مشتبه بهم مغاربة، روانديين، سلفادوريين، صينيين، إسرائيليين وأمريكيين. إلا أنّ هذه التشريعات التي تُساهم في مكافحة الإفلات من العقاب قد تعرضت، عام 2009، لمصاعب مماثلة كبيرة لتلك التي واجهت القانون البلجيكي. في الحقيقة، إنّ ملاحقة بعض مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم التعذيب الصينيين والأمريكان والإسرائيليين قد أسفر عن ضغوط شديدة ضد الحكومة الأسبانية للحد من ممارسة الولاية القضائية العالمية. وفي هذا السياق، تدخّل مجلس الشيوخ الاسباني في عام 2009 لاعتماد قانون رقم 1/2009 في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، هذا القانون يُلزم الجهاز القضائي بشروط معينة من أجل إمكانية ممارسة الولاية القضائية العالمية، ومنها ضرورة وجود المشتبه به في أسبانيا أو ضرورة أن يكون الضحايا من الرعايا الأسبانيين. إنّ هذا التقييد قد دفع لجنة مناهضة التعذيب إلى لفت انتباه اسبانيا بأن لا يؤدي هذا التعديل إلى عدم ممارسة الاختصاص الدولي فيما يتعلق بجرائم التعذيب، كما تفرض كل من المادتين 5 و 7 من الاتفاقية[64]. لقد أدّت ممارسة الولاية القضائية العالمية على نطاق واسع في اسبانيا إلى أعداد كبيرة من الدعاوى والملاحقات القضائية وهذا ما دفع لجنة مناهضة التعذيب، في عام 2009، إلى الإشادة بهذه الجهود واعتبار المحاكم الأسبانية من الرواد في تطبيق الولاية القضائية العالمية على الجرائم الدولية في ما يخصّ جريمة التعذيب[65].
8.2 حالات عملية
القضية الأقدم والأكثر شهرة في العالم هي قضية الدكتاتور بينوشيه الذي كان قد اُعتقل في لندن في أعقاب إصدار مذكرة توقيف بحقه من قَبل القاضي الاسباني بالتازارغارثون. صحيح أنه لم يتم تسليم بينوشيه إلى اسبانيا ولكن اعتقاله في لندن قد اُعتبر خطوة إيجابية جدا في مكافحة الإفلات من العقاب. كما كان لقرار الغرفة الجنائية في المحكمة الأسبانية التي نظرت في قضية بينوشيه أثرا مهما على الصعيد الدولي . وجاء هذا القرار ليعتبر أن "عدم وجود نص صريح في اتفاقية جنيف لا يستبعد إمكانية ممارسة الولاية القضائية العالمية من جانب الدولة الطرف ".وأضاف القرار أن "ذلك سيكون مخالفا لروح اتفاقية الإبادة الجماعية في حال اعتبار المادة 6 منها على أنها تُقيد حرية المحاكم الوطنية في ملاحقة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية في الخارج[66]. وقد التزم القضاء الاسباني في العقد الماضي بشكل فعّال في ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية، هذا وما تزال العديد من القضايا قيد النظر أمام المحاكم الأسبانية. وقدا قضت إحدى المحاكم الأسبانية في، أبريل/نيسان 2005، بالسجن ستمائة وأربعين عاما على الكابتن الأرجنتيني السابق ادولفو سيلينغو وذلك لتورطه في عمليات تعذيب وجرائم ضد الإنسانية.
في الوقت الراهن، وحتى بعد التعديلات الجديدة في عام 2009، فإن قاضي التحقيق بالتازار غارثون ما زال يُواصل كفاحه ضد الإفلات من العقاب بالنسبة للجرائم الدولية. ويُعتبر القاضي غارثون من أبرز المدافعين عن مبدأ الولاية القضائية العالمية على الساحة الدولية. هذا وقد فتح السيد غارثون عام 2010 تحقيقا عن مزاعم لتورط السلطات المغربية بارتكاب جريمة "إبادة جماعية" في الصحراء الغربية[67]. كما باشر بعض الإجراءات في أعمال تعذيب كانت قد اُرتكبت في غوانتانامو[68] وغيرها من جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في غزة. وأخيرا فتح القضاء الاسباني أيضا تحقيقا في الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبت في العراق ضد سكان مخيم أشرف في عام 2009.
صحيح أن شجاعة أسبانيا في مكافحة الإفلات من العقاب أدّت إلى تقييد صلاحيتها في ممارسة الولاية القضائية العالمية في تشريعاتها الداخلية. إلا أن المحاكم الاسبانية ما زالت نشطة في هذا المجال كما يتضح من التجربة، وهنا نذكر ما أدلى به القاضي غارثون بأنّ "تعديل قانون الولاية القضائية العالمية في بلجيكا ، وإلى حد ما في إسبانيا ، لايمكن أن يُعتبر تقييدا لهذه الممارسة بقدر ما هو إعادة صياغة المسار الذي من المُفترض أنّ يؤدي إلى مرونة أكثر في ممارسة هذه الولاية. كما أنّ الأحكام الصادرة في مدريد كانت سابقة إيجابية في إسبانيا حيث لم تعهد أبدا ملاحقات مماثلة في ما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والتعذيب. في الحقيقة إن هذا المبدأ كان موجودا في النصوص القانونية ولكن دون تطبيقه على أرض الواقع. إن تطور أي تشريع يترافق مع تقدمات وتراجعات [69]« .
8.3 ملخص - أسبانيا
- تلتزم اسبانيا بمقاضاة مرتكبي أعمال التعذيب خارج حدودها منذ التصديق على اتفاقية مناهضة التعذيب في عام 1987. كما أن هذا الالتزام بمحاكمة مرتكبي جرائم التعذيب قد تمّ تأكيده صراحة في أحد اجتهادات المحكمة الاسبانية العليا.
- بالإضافة إلى تأكيد المحاكم الأسبانية في اجتهاداتها المختلفة على أن العفو الممنوح للمشتبه بهم لا يؤدي إلى منع توقيفهم بمقتضى ممارسة الولاية القضائية العالمية. أما بالنسبة للحصانة، فقد أكّدت المحاكم بأنها لا تحمي مرتكبي الجرائم الدولية إلا في إطار ضيق جدا ووفقا للقانون الدولي. هذا الأخير لا يمنح أية حصانة لمرتكبي الجرائم الدولية.
- إن وجود المتهم في أسبانيا أصبح شرطا ضروريا لإمكانية توقيفه.
8.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
- المحكمة القضائية العليا في مدريد :
Tribunal Superior de Justice de Madrid
General Castaños nº 1
28071 Madrid
Tel. 091 3971755
9 سويسرا
نبذة عامة
لقد أتاح قانون العقوبات السويسري لعام 2007 ممارسة الولاية القضائية العالمية ولكن مع بعض القيود. يوجد مشروع قانون أصدره المجلس الوطني السويسري في آذار/مارس 2009 ويهدف إلى تعزيز ممارسة الولاية القضائية العالمية في سويسرا بحيث سيكون فتح التحقيق أكثر مرونة لأنّه لن يكون من المطلوب وجود "ارتباط وثيق" بين المشتبه به وسويسرا، فسيصبح من الممكن توقيف المشتبه به حتى بمجرد وجوده في سويسرا وبدون حاجة بأن يكون لديه إقامة دائمة أو منزل في سويسرا.
9.1 الولاية القضائية العالمية في التشريعات السويسرية
لقد استندت ممارسةالولاية القضائية العالمية حتى وقت قريب جدا على قانون العقوبات العسكري السويسري[70] الذي ينصّ في مادته الثانية على ملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية، وخاصة انتهاكات اتفاقيات جنيف[71]. إلا أنّ ضرورة تعزيز مكافحة الإفلات من العقاب في سويسرا أدّى إلى إدراج أحكام جديدة في قانون العقوبات السويسري. هذا ونصّ قانون العقوبات الجديد الصادر بتأريخ 1 يناير/كانون الثاني 2007 على ملاحقة مرتكبي الاعتداءات الجنسية ضد القاصرين حتى لو وقعت هذه الجرائم خارج سويسرا ( مادة 5). كما تُدرج المادة 6 نصا مماثلا لما هو عليه في القانون الفرنسي[72] بحيث تُلزم المحاكم بممارسة الولاية القضائية العالمية بمقتضى الاتفاقيات الدولية التي صدّقتها فرنسا.
في الواقع إنّ القوانين السويسرية والفرنسية متماثلة في ما يتعلق بالشروط المطلوبة لممارسة الولاية القضائية العالمية، حيث أنّ المادة 5 أعلاه لا يمكن تطبيقها إلا في حالة وجود "ارتباط وثيق" بين المشتبه به وبين سويسرا كأن يكون لديه مكان سكن أو إقامة معتادة في سويسرا. وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن المحاكم السويسرية لا تتدخل إلاّ في حالة عدم قبول تسليم مرتكب أحد الجرائم الدولية. وأخيرا يتطلب القانون الجنائي السويسري، للسماح للمحاكم السويسرية بالتدخل، بأنّ يكون العمل المُرتكب مجرّم في كل من سويسرا والدولة التي وقع فيها (مبدأ التجريم المزدوج). وأخيرا أصدرت سويسرا العديد من القوانين لتعزيز التعاون مع المحاكم الجنائية الدولية، وخاصة قانون 22 يونيو/حزيران 2001[73] ومرسوم آخر بشأن الموضوع نفسه والذي دخل حيز التنفيذ في 1 كانون الثاني/يناير 2009.[74] كما أصدر المجلس الوطني السويسري في آذار/مارس 2009 مشروع قانون يهدف إلى تعزيز ممارسة الولاية القضائية العالمية في سويسرا وذلك بجعل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بمثابة قانون وطني. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز مكافحة الإفلات من العقاب لكل من مرتكبي جرائم الحرب[75] والإبادة الجماعية[76] والجرائم ضد الإنسانية[77]. كما أنّ فتح التحقيق في إطار الولاية القضائية العالمية سيكون أكثر مرونة لأنّ الشرط المذكور أعلاه والمتعلق "بالصلة الوثيقة" لم يعد مطلوبا بحسب هذا المشروع بحيث سيصبح من الممكن توقيف المشتبه به حتى بمجرد وجوده في سويسرا وبدون حاجة لأن يكون لديه إقامة دائمة أو منزل في سويسرا[78].
إلا أنّ الشرط المتعلق بعدم إمكانية تسليم المجرم حتى تتم محاكمته في سويسرا لا يزال قائما في ظل المشروع الجديد[79]. كما يلغي المشروع الجديد اختصاص المحاكم العسكرية لصالح المحكمة الجنائية الاتحادية، باستثناء الحالات التي تكون فيها القضية متعلقة بأحد العسكريين السويسريين. كما يُعطي نصّ هذا المشروع تفسيرا واسعا لجريمة ضد الإنسانية والتي تشمل كل من القتل والإبادة والاسترقاق والاختطاف والاختفاء والتعذيب وانتهاك الحق في تقرير المصير الجنسي والترحيل أو النقل القسري للسكان والاضطهاد والتجريد من الجنسية وغيرها من الأفعال اللاإنسانية الأخرى. مع الإشارة إلى أنّ هذه الأفعال لا تُعتبر جرائم ضد الإنسانية إلاّ إذا ارتكبت " في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين"[80]. بالنسبة للتعذيب فيشمل كل "عمل من شأنه أن يعرض أي شخص موجود تحت قبضة الجاني أو تحت مراقبته لآلام شديدة أو أضرار خطيرة على سلامته الجسدية أو صحته العقلية أو البدنية". وسيدخل هذا المشروع حيز التنفيذ فور اعتماده من قبل مجلس الولايات.
9.2 حالات عملية
لقد تبين أنّ مقاضاة مرتكبي الجرائم الدولية يدخل في نطاق اختصاص القضاء العسكري الذي كثيرا ما تدّخل من أجل توقيف مرتكبي الجرائم الدولية في كل من يوغوسلافيا السابقة ورواندا.[81] ومع ذلك فإنّ القيود التي يفرضها القانون على ممارسة الولاية القضائية العالمية قد حال في كثير من الأحيان دون الملاحقة القضائية كما يُشير له صراحة أحد قرارات المحكمة الفدرالية » : إنّ المحكمة تُعلن عدم اختصاصها في النظر في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية حيث أنّ القانون السويسري لا يسمح بممارسة الولاية القضائية العالمية في عدد من الجرائم «. كما أكدّت بعض المحاكم السويسرية في عام 2003 بأن جرائم الحرب لا يمكن ملاحقتها في سويسرا ما لم يكن هناك "صلة وثيقة" بين مرتكب الجريمة وسويسرا.
كما أنّ تقييدات القانون قد ظهرت عندما رُفض متابعة شكوى ضد حبيب عمار ، المشتبه بارتكابه أعمال تعذيب في تونس. وقال المدعي العام في كانتون جنيف بأنّ حبيب عمار يتمتع بحصانة بوصفه عضوا في الوفد التونسي في الاتحاد الدولي للاتصالات. وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 2009، قدّمت منظمة ترايل السويسرية دعوى أمام قاضٍ من كانتون فريبورغ وذلك لمحاكمة بوجرة سلطاني، الوزير الجزائري السابق والمتهم بارتكابه أعمال التعذيب. في هذه القضية، قررت إحدى المحاكم السويسرية المضي قدما في الشكوى ولكن المشتبه به تمكّن من الفرار من البلاد قبل أن يتم إلقاء القبض عليه[82].
ومن الواضح أن اعتماد قانون عام 2009 سيكون خطوة جديدة وإيجابية في مكافحة الإفلات من العقاب في سويسرا وخاصة لدوره في إلغاء الأحكام التقييدية في التشريعات الحالية والتي تحول دون ممارسة الولاية القضائية العالمية. هذا مع الإشارة إلى أنه يجري حاليا تعديل مسألة الحصانة وأيضا مسألة "الصلة الوثيقة" مع سويسرا وهذا ما سيؤدي إلى مرونة أكثر في ممارسة الولاية القضائية العالمية. ومع ذلك، فإن الإرادة السياسية للحكومة السويسرية واستقلالية القضاء فيها سيكون له الدور الأكبر في ممارسة الولاية القضائية العالمية ومكافحة الإفلات من العقاب بشكل فعّال.
9.3 ملخص - سويسرا
- إنّ المحاكم السويسرية لا تتدخل إلاّ في حالة عدم قبول تسليم مرتكب أحد الجرائم الدولية. وأخيرا يتطلب القانون الجنائي السويسري، للسماح للمحاكم السويسرية بالتدخل، بأنّ يكون العمل المُرتكب مجرّم في كل من سويسرا والدولة التي وقع فيها (مبدأ التجريم المزدوج).
- بالنسبة للتعذيب فيمكن توقيف مرتكبيه في سويسرا حيث اعتبر المشروع الجديد بأن التعذيب يشمل كل "عمل من شأنه أن يعرض أي شخص موجود تحت قبضة الجاني أو تحت مراقبته لآلام شديدة أو أضرار خطيرة على سلامته الجسدية أو صحته العقلية أو البدنية".
- يوجد حاليا مشروع قانون أصدره المجلس الوطني السويسري في آذار/مارس 2009 يهدف إلى تعزيز ممارسة الولاية القضائية العالمية في سويسرا وذلك بجعل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بمثابة قانون وطني. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز مكافحة الإفلات من العقاب لكل من مرتكبي جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. وبحسب هذا المشروع، سيكون فتح التحقيق في إطار الولاية القضائية العالمية أكثر مرونة لأنّه لن يكون من المطلوب وجود "ارتباط وثيق" بين المشتبه به وسويسرا، بحيث سيصبح من الممكن توقيف المشتبه به حتى بمجرد وجوده في سويسرا وبدون حاجة بأن يكون لديه إقامة دائمة أو منزل في سويسر
- سيدخل هذا المشروع حيز التنفيذ فور اعتماده من قبل مجلس الولايات في سويسرا.
9.4 روابط وعناوين وأرقام مفيدة
- النيابة العامة :
Parquet du Procureur général :
Place du Bourg-de-Four 1
Case postale 3565
1211 Genève 3
tél : + 41 22 327 26 00
- قضاة التحقيق
Juges d'instruction :
Rue des Chaudronniers 9
Case postale 3344
1211 Genève 3
tél : + 41 22 327 26 11
- منظمة الكرامة
Tél : + 41 22 734 1006
Fax: +41 22 734 1034
info@alkarama.org
- منظمة ترايل لحقوق الانسان
Trial: http://www.trial-ch.org/en/about-us/contact.html
[1] منظمة العفو الدولية، إنهاء الإفلات من العقاب: العدالة لضحايا التعذيب، صفحة 86،
http://www.preventgenocide.org/fr/droit/statut/, ، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[3] تنصّ اتفاقيات جنيف الأربعة المؤرخة في 12 آب /أغسطس 1949 على أنّ الدول المصدقة تلتزم بتعديل تشريعاتها القانونية بشكل يسمح بملاحقة ومعاقبة كل من يثبت تورطه في خرق نصوص هذه المعاهدات، لمزيد من المعلومات، أنظر الرابط :
http://www.icrc.org/web/ara/siteara0.nsf/html/5R2CD4، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[4] أنظر المادة 27 من اتفاقية فيينا.
[5] في الحقيقة إن الدول ليست ملزمة من حيث المبدأ بأية معاهدة دولية إلا أنّ هذا الالتزام يكتسب قوته القانونية بعد قبول الدولة للمعاهدة والانضمام إليها.
[6] تقرير الفدرالية الدولية لحقوق الانسان ومنظمة ردرس، تشجيع نهج أوروبي موحد في مجال المسؤولية في جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتعذيب - الاختصاص القضائي الخارجي وإلى الاتحاد الأوروبي،
Encourager une approche européenne en matière de responsabilité face au génocide, aux crimes contre l'humanité, aux crimes de guerre et à la torture - La compétence extraterritoriale et l'Union européenne، أبريل/ نيسان 2007،
http://www.redress.org/publications/Fostering%20an%20EU%20ApproachSummaryFR.pdf، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[7] هذا ورغم مباشرة الجهاز القضائي البلجيكي ولاية قضائية عالمية لملاحقة أرييل شارون عن المجازر المرتكبة في المخيمات الفلسطينية في صبرا وشاتيل، فإنّ ذلك لم يُسفر عن توقيفه.
[8] ولابدّ من الإشارة بأنه تمّ اعتماد العديد من هذه الإصلاحات كنتيجة حتمية لتشجيع الاتحاد الأوروبي بصفته منظمة حكومية.
[9] كما يوجد العديد من هؤلاء الضحايا على الأراضي الأوروبية ولهذا دور هام في المباشرة باجراءات الدعوى.
[11] على سبيل المثال، يمكن لبعض الدول الأوروبية بمحاكمة المشتبه به وتحريك الدعوى ضده حتى في حال عدم وجوده على أراضيها، بينما يتطلب البعض الآخر وجود المتهم فوق أراضيها لمباشرة الدعوى. وكذلك فإن التشريعات المتعلقة بالحصانة تختلف من دولة إلى أخرى.
[12] منظمة العفو الدولية، إنهاء الإفلات من العقاب: العدالة لضحايا التعذيب، صفحة 1،
http://www.amnesty.org/en/library/asset/ACT40/024/2001/en/cf7a2813-d916-11dd-ad8c-f3d4445c118e/act400242001fr.html
، تمّ تصفح الموقع في 11 مارس/آذار 2010.
[13] ومن المهم أيضا أن نُشير إلى أنّ قانون الإجراءات الجنائية ينص في مادته 1 فقرة 2 على إمكانية جمعيات حقوق الإنسان بالمباشرة بتحريك الدعاوى أمام المحاكم الوطنية في إطار الولاية القضائية العالمية، ولهذا كان هناك العديد من القضايا التي باشرت بها بعض المنظمات غير الحكومية لحقوق مثل الفيدرالية الدولية.
[14] إنّ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قد اُعتمدت وعُرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 39/46 المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1984 تاريخ بدء النفاذ: 26 يونيو/حزيران 1987.
[15] لقد أشارت المحاكم الفرنسية في العديد من قراراتها إلى المقصود بالتحديد من شرط "الإقامة الاعتيادية"، حيث أشارت محكمة النقض بأحد قضاياها المتعلقة بممارسة الولاية القضائية العالمية بأنّ تحقق شرط وجود المشتبه به في فرنسا أي "الإقامة الاعتيادية" يكون عند وجود أدلة كافية على وجوده وذلك فقط عند البدء بإجراءات الدعوى. أنظر قرار محكمة النقض، الغرفة الجنائية، 10 يناير/كانون الثاني 2007، القضية رقم 7513 . في 21 يناير/كانون الثاني جاء قرار محكمة النقض (الغرفة الجنائية، قضية رقم 07-88.330 لينص على أنّ : " اعتبار وجود أو عدم وجود المشتبه به فوق الأراضي الفرنسية هو من اختصاص القاضي المعني بممارسة الولاية القضائية العالمية الذي يحق له تقييم ذلك، ولهذا فإنّ هذا الأمر لا يدخل في اختصاص محكمة النقض).
[16] لمزيد من التفاصيل، انظر تقرير الجمعية الوطنية، رقم 1828، صادر نيابة عن لجنة الشؤون الخارجية حول مشروع القانون الذي اقره مجلس الشيوخ والمتعلق بتوفيق القانون الجنائي الفرنسي مع نظام المحكمة الجنائية الدولية، 8 يوليو/تموز 2009، صفحة 52،http://www.assemblee-nationale.fr/13/pdf/rapports/r1828.pdf، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[17] إنّ هذه التعديلات الجذرية على ممارسة الولاية القضائية العالمية قد جعل هذه المسألة ذات أهمية بالغة على الصعيد الاعلامي. وقد أعلن كل من وزير الخارجية برنار كوشنير و وزيرة العدل وميشيل اليوت ماري، في يناير 2010 عن إنشاء مركز تحت أسم "إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية"، وذلك في مقر المحكمة العليا في باريس. وقد كان أيضا من المقرر إنشاء هذا المركز بمقتضى مشروع القانون الجديد.
[18] محكمة النقض، الغرفة الجنائية، رقم النداء: 02-85379، 23 أكتوبر/تشرين الأول، 2002،
http://www.legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?idTexte=JURITEXT000007070167&dateTexte
، تمّ تصفح الموقع في 22 مارس/آذار 2010.
[19] محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، قرار بشأن قبول الدعوى في قضية ولد الداه في فرنسا (رقم 13113/03)، 30.3.2009، للاطلاع :
http://cmiskp.echr.coe.int/tkp197/view.asp?action=html&documentId=848779&portal=hbkm&source=externalbydocnumber&table=F69A27FD8FB86142BF01C1166DEA398649، تمّ تصفح الموقع في 14 مارس/آذار 2010.
[20] محكمة الجنايات العليا للراين، قرار جنائي رقم 08/36، 15 ديسمبر/كانون الأول 2008. لمزيد من التفاصيل، انظر الفدرالية الدولية، قضية خالد بن سعيد : أول محاكمة في فرنسا لمسؤول تونسي متهم بارتكابه أعمال تعذيب، رقم 512f ، آذار/مارس 2009،
، http://www.ldh-france.org/IMG/pdf/Rapport_de_la_FIDH_et_de_la_LDH_sur_l_affaire_Ben_Said.pdf
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[21] لمزيد من التفاصيل، أنظر بيان الفدرالية الدولية لحقوق الانسان عن إجراءات محكمة النقض في ملاحقة الجلادين الكمبوديين :
http://www.fidh.org/La-Cour-de-cassation-francaise-relance-une
[22] هم كل من الجامعة الفرنسية لحقوق الإنسان والمرصد الكونغولي لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
[23] أنظر قرار محكمة النقض رقم 1530، الغرفة الجنائية، 9 أبريل/نيسان 2008، للاطلاع :
http://www.fidh.org/IMG/pdf/ArretCCBeach9avril08_exp.pdf
[24] لمزيد من التفاصيل عن هذه القضية، أنظر، المهمة الدولية للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في سانياغو،a mission internationale de la FIDH à Santiago 15-23 أبريل/نيسان 2008، ,http://www.fidh.org/IMG/pdf/dossier-proces.pdf تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[25] لمزيد من التفاصيل، أنظر تقرير هيومان رايتس ووتشUniversal Juridiction in Europe: The State of the Art,، 2006، صفحة 86،57،
http://www.hrw.org/en/node/11297/section/1، تمّ تصفح الموقع في 20 مارس/آذار 2010.
[26] لمزيد من التفاصيل، أنظر مقال عن إرسال باسكال سيمبغانوا إلى باريس، 20.11.2009،Colette Braeckman, Le capitaine Pascal Simbikangwa transféré à Paris, ، http://www.france-rwanda.info/article-le-capitaine-pascal-simbikangwa-transfere-a-paris-39724872.html ، تمّ تصفح الموقع في 20 مارس/آذار 2010.
[27] ردرس : تقرير عن الولاية القضائية العالمية في أوروباUniversal Jurisdiction in Europe: criminal prosecutions in Europe since 1990 for war crimes, crimes against humanity, torture and genocide، يونيو/حزيران 1999، صفحة 19،
http://www.redress.org/documents/inpract.html ، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[28] لجنة مناهضة التعذيب، محضر موجز للجزء الأول (عام)، الجلسة 850، 05/05/2009، CAT/C/SR.850، الفقرة 19،
[Compte rendu analytique de la première partie (publique) de la 850e séance]، أنظر الرابط :
http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G07/435/47/PDF/G0743547.pdf?OpenElement CAT/C/SR.850
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[29] في 12 يونيو/جزيران 2003، هدد دونالد رامسفيلد بنقل مقر حلف الناتو من بروكسل فيما إذا لم يتم تعديل القانون البلجيكي المتعلق بممارسة لولاية القضائية العالمية.
[30] اريك ديفيد، ما الذي بقي من الاختصاص العالمي في القانون الصادر في 5 أغسطس 2003؟ Que reste-t-il de la compétence universelle dans la loi du 5 août 2003 ?، جورا فلاك جج، 2003-2004، ص55-72،
http://www.law.kuleuven.be/jura/art/40n1/david.html، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[31] لجنة مناهضة التعذيب، محضر موجز للجزء الأول (عام)، الجلسة 850، 05/05/2009، CAT/C/SR.850، الفقرة 19،
[Compte rendu analytique de la première partie (publique) de la 850e séance]، أنظر الرابط :
http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G07/435/47/PDF/G0743547.pdf?OpenElement CAT/C/SR.850
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[32] إنّ الوعد الذي قطعه المدعي العام الاتحادي في بروكسل لعثمان سار، رئيس رابطة الأرامل والأيتام الموريتانيين بإنشاء لجنة من القضاة
لمتابعة هذه القضية لم يتحقق بعد. انظر المقابلة مع السيد عثمان سار ، 21 فبراير/شباط 2007 ، نُشرت في http://www.avomm.com
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[33] هيومان رايتس ووتش،الادعاء ضد حسين حبري، "بينوشيه افريقيا" Les poursuites contre Hissène Habré, un « Pinochet africain ملخص القضية ، 11 فبراير/شباط 2009، http://www.hrw.org/fr/news/2009/02/11/les-poursuites-contre-hiss-ne-habr-un-pinochet-africain
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[34] من أجل متابعة هذه القضية، أنظر موقع محكمة العدل الدولية،
http://www.icj-cij.org/docket/index.php?p1=3&p2=3&code=bs&case=144&k=5e، تمّ تصفح الموقع في 4 مارس/آذار 2010.
[35] كما تمّ سنّ قانون عام 1991 للسماح بمحاكمة جرائم الحرب التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية.
[36] المادة 134 تنصّ على تعريف صريح للتعذيب ولكنه لا يرقى إلى مستوى التعريف المنصوص عليه في اتفاقية مناهضة التعذيب. النص الكامل موجود على الرابط : http://www.opsi.gov.uk/acts/acts1988/Ukpga_19880033_en_1.htm ، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[37] لمزيد من المعلومات، أنظر النص الكامل:
http://www.oup.com/uk/orc/bin/9780199259113/resources/cases/ch14/1978_state_immunity.pdf
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[38] لجنة مناهضة التعذيب، CAT/C/SR.360، محضر موجز للجزء العلني من الجلسة 360 : المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية ، 23 نوفمبر/تشرين الثاني1998، الفقرة د ، ف :
http://www.unhchr.ch/tbs/doc.nsf/(Symbol)/CAT.C.SR.360.Fr?Opendocument، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[39] منظمة العفو الدولية، المملكة المتحدة: يجب تعزيز حماية الشهود في قضايا جرائم الحرب، Royaume-Uni. Il faut renforcer la protection des témoins dans les affaires de crimes de guerre, 3 يوليو 2008:
http://www.amnesty.org/fr/for-media/press-releases/royaume-uni-il-faut-renforcer-la-protection-des-t%C3%A9moins-dans-les-affaire، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[40] أنظر، طلب للحصول على أمر توقيف الجنرال شاؤول موفاز Application for Arrest Warrant Against General Shaul Mofaz,، (محكمة بوستريت الجزائية الأولى) ، 12 فبراير/شباط 2004 :
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[41] التقرير الدوري الرابع لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية ، CAT/C/67/Add.2، 27مايو/أيار 2004، فقرة 67، للاطلاع على التقرير باللغة الأنكليزية:
http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G04/422/86/PDF/G0442286.pdf?OpenElement، تمّ تصفح الموقع في 6 مارس/آذار 2010.
[42] كما أنّ ملاحقة طبيب سوداني متهم بارتكابه أعمال تعذيب في أيلول/سبتمبر1997 أمام محكمة اسكتلندا لم يؤدي إلى توقيفه ومعاقبته، حيث قررت تلك المحكمة في مايو/أيار 1999 بإنهاء الإجراءات دون إبداء أي سبب.
[43] لقد كانت وزيرة الخارجية خلال هذا الهجوم.
[44] فعلى سبيل المثال، اُعتبر تقرير غولدستون المُصدق من الأمم المتحدة والذي يتهم إسرائيل بارتكابها جرائم حرب خلال العدوان الأخيرعلى غزة، كدليل مقبول أمام المحاكم البريطانية. كما يمكن أن تشكّل التقارير الطبية الصادرة إثر حالات التعذيب دليل كافي أمام القضاء البريطاني.
[45] ومع ذلك، في أيلول /سبتمبر 2009 ، علّقت محكمة وستمنستر البريطانية شكوى تمّ تقديمها لاعتقال وزير الدفاع ايهود باراك.
[46] لمزيد من التفاصيل، أنظر تقرير الفدرالية الدولية: إنهاء الإفلات من العقاب في المملكة المتحدة بالنسبة لجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والتعذيب وغيرها من الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، Ending Impunity in the United Kingdom for genocide, crimes against humanity, war crimes, torture and other crimes under international law، يوليو/تموز 2008 : http://www.redress.org/reports/UJ_Paper_15%20Oct%2008%20_4_.pdf
[47] عن أمر توقيف شاؤول موفاز، أنظر: Application for Arrest Warrant Against General Shaul Mofaz, First instance unreported (Bow Street Magistrates' Court), ، 12 فبراير/شباط 2004،
http://www.adh-geneva.ch/RULAC/pdf_state/Application-for-Arrest-Warrant-Against-General-Shaul-Mofaz.pdf ، تمّ تصفح الموقع في 04 مارس/آذار 2010.
[48] دخل حيز التنفيذ قانون جديد يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 2000 وذلك ليسمح بتسليم المواطنين الألمان إلى أي محكمة دولية.
[49] نص القانون بالكامل موجود على الرابط :
http://www.gesetze-im-internet.de/bundesrecht/stpo/gesamt.pdf
[50] لمزيد من التفاصيل، أنظر تقرير هيومان رايتس ووتشUniversal Juridiction in Europe: The State of the Art,، 2006، صفحة 63-64،
http://www.hrw.org/en/node/11297/section/1، تمّ تصفح الموقع في 03 مارس/آذار 2010.
[51] نازي سابق يُحكم عليه بالمؤبد، Un ancien nazi condamné à perpétuité en Allemagne، لوموند، 11/08/2009،
، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[52] حُكم عليه بخمس سنوات سجن.
[53] لمزيد من التفاصيل، أنظر البيان المنشور على موقع وكالة الأخبار الفرنسية، Rwanda: le chef de la rébellion hutu et son adjoint arrêtés en Allemagne، 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، http://www.google.com/hostednews/afp/article/ALeqM5jejS2MKLe6KxMYlo_QV9mJfiK35A، تمّ تصفح الموقع في 14 مارس/آذار 2010.
[54] أنظر البيان المنشور على موقع راديو فرانس الدولي، andat d'arrêt allemand contre l'ex-dictateur argentin Videla، 25 كانون الثاني/يناير،
http://www.rfi.fr/contenu/20100125-mandat-arret-allemand-contre-ex-dictateur-argentin-videla,، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[55] لمزيد من التفاصيل، أنظر المادة 151ف من قانون أصول المحاكمات الجزائية المذكور أعلاه.
[56] من التفاصيل، أنظر تقرير هيومان رايتس ووتشUniversal Juridiction in Europe: The State of the Art,، 2006، صفحة 65،
http://www.hrw.org/en/node/11297/section/1 تمّ تصفح الموقع في 08 مارس/آذار 2010.
[57] لقد حظت دعوى الضحية على دعم ومساندة منظمة هيومان رايتس ووتش، لمزيد من المعلومات :
http://www.hrw.org/en/news/2007/02/01/germany-victims-appeal-decision-uzbek-ex-minister، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[58] أنظر المقال التالي، Germany: Prosecutor Denies Uzbek Victims Justice، 5 نيسان/أبريل 2006،
http://www.hrw.org/en/news/2006/04/05/germany-prosecutor-denies-uzbek-victims-justice، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[59] ردرس : تقرير عن الولاية القضائية العالميةفي آوروبا، ردرس : تقرير عن الولاية القضائية العالمية في أوروباUniversal Jurisdiction in Europe: criminal prosecutions in Europe since 1990 for war crimes, crimes against humanity, torture and genocide، يونيو/حزيران 1999، صفحة 37، http://www.redress.org/documents/inpract.html
[60] لمزيد من التفاصيل، أنظر تقرير هيومان رايتس ووتشUniversal Juridiction in Europe: The State of the Art,، 2006، صفحة 86،
http://www.hrw.org/en/node/11297/section/1، تمّ تصفح الموقع في 12 مارس/آذار 2010.
[61] وهذا ماتحدده المادة 21.2 من القانون 6/1985.
[62] لاتُلزم المادة 23.4 من القانون 6/1985 بضرورة وجود المتهم حتى يتم تحريك الدعوى.
[63] لمزيد من التفاصيل، أنظر تقرير هيومان رايتس ووتش، الولاية القضائية العالميةفي آوروبا in Europe: The State of the Art 2006، صفحة 87، http://www.hrw.org/en/node/11297/section/1، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[64] لجنة مناهضة التعذيب، الدورة 43، الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب في التقرير الدوري الخامس لإسبانيا ، 9 كانون الأول/ديسمبر 2009 (CAT/C/ESP/CO/5) ، الفقرة 17.
[65] لجنة مناهضة التعذيب، الدورة 43 ، الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب في التقرير الدوري الخامس لإسبانيا ، 9 كانون الأول/ ديسمبر 2009 (CAT/C/ESP/CO/5) ، الفقرة 17.
[66] ردرس : تقرير عن الولاية القضائية العالمية في أوروباUniversal Jurisdiction in Europe: criminal prosecutions in Europe since 1990 for war crimes, crimes against humanity, torture and genocide، يونيو/حزيران 1999، صفحة 19،
http://www.redress.org/documents/inpract.html، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[67] لمزيد من التفاصيل أنظر، أنغوب، القاضي كارثون يريد استجواب الضحايا في الجزائرLe juge Garzon veut interroger des victimes en Algérie، 6 كانون الثاني/يناير 2010،
http://www.portalangop.co.ao/motix/fr_fr/noticias/africa/2010/0/1/juge-Garzon-veut-interroger-des-victimes-Algerie-presse,fbe0c15f-3f79-4bc2-8a6d-5acabbc5f8af.html، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[68] وكالة الأنباء الفرنسية، أسبانيا: القاضي كارثون يفتح نحقيق عن جرائم التعذيب المُرتكبة في غوانتانامو Espagne: le juge Garzon ouvre une enquête sur les tortures à Guantanamo، 29 أبريل/نيسان 2009،
http://droithumanitaire.blogspot.com/2009/04/espagne-le-juge-garzon-ouvre-une.html، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[69] انظر مقابلة مع السيد بالتازار غارزون في مسألة الولاية القضائية العالمية في عام 2004،Entretien avec Monsieur Baltasar Garzon sur la question de la compétence universelle en 2004
http://www.rnw.nl/nl/node/26594
[70] أنظر الرابط: http://www.admin.ch/ch/f/rs/3/321.0.fr.pdf، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[71] أنظر المادة 2 و 108 و 114. لمزيد من التفاصيل أنظر الدليل القانوني لمنظمة ترايال، القانون السويسري في مكافحة الإفلات من العقاب، 2003،
http://www.trial-ch.org/fr/suisse/le-manuel-juridique-de-trial-la-lutte-contre-limpunite-en-droit-suisse.html، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.
[72]المادة 689 من قانون أصول المحاكمات الجزائية المذكور أعلاه
[73] النص الكامل موجود على الرابط: http://www.admin.ch/ch/f/rs/3/351.6.fr.pdf، تمّ تصفح الموقع في 08 أبريل/نيسان 2010.
[74] النص الكامل موجود على الرابط : http://www.admin.ch/ch/f/rs/3/351.20.fr.pdf، تمّ تصفح الموقع في 08 أبريل/نيسان 2010.
[75] التعريف منصوص عليه في الفصل 12 من القانون.
[76] لقد أُدرجت جريمة الإبادة الجماعية صراحة في القانون الجنائي السويسري (المادة 264) وذلك منذ تعديل 24 مارس/آذار 2000
[77] لم تكن جريمة ضد الإنسانية مذكورة مسبقا في التشريع السويسري.
[78] لقد تمّ إدخال شرط "الصلة الوثيقة" منذ عام 2005.
[79] نصّ المشروع بالكامل موجود :
[80] أنظر المادة 264، ف.
[81] أنظر التقرير الدوري السادس المُرسل من الدولة الطرف، سويسرا، 18 آذار/مارس 2009،
http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G09/412/98/PDF/G0941298.pdf?OpenElement، تمّ تصفح الموقع في 10 أبريل/نيسان 2010.
[82] لمزيد من المعلومات حول ممارسة الولاية القضائية العالمية في سويسرا:
http://www.trial-ch.org/fr/suisse/les-affaires-en-suisse.html ، تمّ تصفح الموقع في 12 أبريل/نيسان 2010.