تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

(جنيف، 21  نوفمبر 2018) - دعت مؤسسة الكرامة الشهر الماضي الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة إلى التدخل العاجل في قضية المواطن الأردني الأمريكي يوسف عيسى، البالغ من العمر 25 عامًا والذي يقبع في السجن تعسفيا منذ نحو أربعة أشهر.

الوقائع

في يوليو 2018 ، اتهم والد يوسف بتصنيع الدخان دون رقابة وترخيص، واستخدام علامات تجارية لأبرز شركات التبغ. وقد جذبت القضية اهتمام  العديد من وسائل الإعلام في الأردن التي أطلقت عليها "قضية مصنع الدخان"، وتزامن تفجرها مع حملة حكومية على الفساد تجاوبا مع الاحتجاجات الواسعة النطاق التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد منذ مايو 2018.

في 23 يوليو 2018، أعلن رئيس الوزراء الأردني إحالة القضية على محكمة أمن الدولة، وإصدار المدعي العام لهذه الهيئة القضائية في 6 أغسطس لمذكرة توقيف دولية ضد والد يوسف الذي غادر البلاد.

بعد يومين من هذا الإعلان، في 25 يوليو 2018، قام أعضاء مسلحين من دائرة المخابرات العامة بإلقاء القبض على يوسف دون تقديم مذكرة، بعضهم  كان مقنعا والبعض الآخر بملابس. وأفاد أقارب الضحية بأنه لم يكن ضالعا في أعمال والده.

نُقل يوسف إلى مكان مجهول- تبين لاحقا أنه مقر دائرة المخابرات العامة في وادي السير – واحتجز هناك في الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي، وحُرم من الاتصال بمحاميه وأسرته. رفضت السلطات الأردنية تقديم أي معلومات لأقاربه عن مصيره ومكان وجوده، ولم تعترف باعتقاله مما جعله في وضعية المختفي قسريا، وهي ممارسة محظورة بموجب القانون الدولي.

كان يتم استجواب يوسف يومياً من قبل دائرة المخابرات العامة والمدعي العام -الذي يوجد مكتبه بمقر دائرة المخابرات العامة – في غياب محاميه. وتعرض أثناء ذلك للإيذاء الجسدي والنفسي الذي يرقى إلى التعذيب وسوء المعاملة - بما في ذلك الصعق بالكهرباء والضرب والعزل والتهديد والإيذاء اللفظي – كل ذلك من أجل الحصول عن معلومات عن والده ترتبط بـ "قضية مصنع الدخان"،

لم تعلم عائلته بمصيره ومكانه تواجده إلا في 12 أغسطس 2018 عند نقله إلى سجن الجويدة، حيث يقبع حاليا،  لتنتهي بذلك حالة الاختفاء القسري للضحية التي استمرت 19 يوماً. وأفاد أقاربه أنه محتجز في ظروف سيئة في زنزانة مع 14 شخصا آخر اعتقلوا في نفس القضية.

إجراءات الأمم المتحدة

وبالنظر إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق يوسف الأساسية، دعت الكرامة الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي إلى التدخل لدى السلطات الأردنية ومطالبتها بالإفراج عنه فوراً.

ونبهت الكرامة في مذكرتها إلى أن يوسف تعرض، من بين انتهاكات أخرى، للاختفاء القسري لمدة 19 يومًا، وللتعذيب وسوء المعاملة والاستجواب في غياب محامٍ، إضافة إلى احتجازه تعسفيا إلى اليوم دون أي أساس قانوني.

وبالإضافة إلى ذلك أعربت الكرامة للفريق الأممي عن مخاوفها من انتهاك حق يوسف في الإجراءات القانونية الواجبة في حالة توجيه اتهامات له وتقديمه للمحاكمة، خصوصا وأن القضية أحيلت إلى محكمة أمن الدولة التي تفتقر فعليا إلى الاستقلال والنزاهة، لأنها تتألف من قاضيين عسكريين وقاض مدني واحد، يتم تعيينهم مباشرة من قبل رئيس الوزراء، وتخضع مباشرة للسلطة التنفيذية.

وقد طالبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان سلطات البلاد مرارًا بإلغاء هذه المحكمة، كان آخرها سنة 2017 حيث كشفت أن محكمة أمن الدولة تفتقر إلى ضمانات المحاكمة العادلة نظرًا لعدم استقلالها عن السلطة التنفيذية وعلاقتها الوثيقة بدائرة المخابرات العامة. وتتكون هذه اللجنة الأممية من خبراء مستقلين يرصدون مدى احترام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه الأردن سنة 1975.

وعلاوة على ذلك، تشعر الكرامة بالقلق من كون قضية يوسف تندرج ضمن نمط من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، لا سيما من قبل دائرة المخابرات العامة، خصوصا وأنها وثقت العديد من الحالات التي تتبع نفس الممارسات.إذ غالبا ما تقوم قبل دائرة المخابرات العامة باعتقال الضحايا من دون أي أمر قضائي، وتحتجزهم بمقارها بمعزل عن العالم الخارجي لعدة أسابيع، يتعرضون خلالها للتعذيب من أجل انتزاع اعترافاتهم التي يستعملها المدعي العام لتوجيه التهم لهم، والتي تأخذ بها المحكمة كمصدر وحيد للأدلة أثناء المحاكمات المعيبة بشكل كبير.

ختاما، وبالنظر إلى أن يوسف لم يكن متورطًا في أعمال والده ، وبالتالي لا علاقة له بـ "قضية مصنع الدخان"، باستثناء كونه ابن المشتبه به الرئيسي، فإن الكرامة تؤكد أن السلطات الأردنية تنتهك مبدأ "المسؤولية الفردية"، أي أنه لا يجوز محاكمته أو الحكم عليه بسبب أفعال ارتكبها والده أو أي فرد آخر.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org  أو مباشرة على الرقم 0041227341006