الإِمَارَاتُ العَرَبِيَّةُ المُتَّحِدَة
المُرَاجَعَةُ الدَّوْرِيَّةُ الشَّامِلَة
-
الدَّورة الثَّالثة من 1 إلى 15 كانون الأول / ديسمبر 2008
-
14 تموز / يوليو 2008
1. السياق العام
2. النظام القضائي
3. مكافحة الإرهاب بعد 11 أيلول/ سبتمبر 2001
4. عمليات التوقيف والاعتقالات التعسفية والسرية
5. التعذيب والعقوبات الجماعية
6. تقييد حريات التعبير والتجمع والتنظم
7. خاتمة
8. توصيات
1. السِّيَاقُ العَام
قرَّرت الإمارات العربية المتحدة، غداة استقلالها في عام 1971، تشكيل نظام اتحادي يتألف من سبع إمارات، له دستور مؤقت تم اعتماده فيما بعد بشكل نهائي في عام 1996. أما المؤسسات الاتحادية فإنها ليست منتخبة ديمقراطيا ولا تسمح سلطات البلاد بتشكيل أحزاب سياسية.
ويشكِّل المجلس الاتحادي الأعلى أعلى هيئة تشريعية في البلاد. ويتألف من الأمراء المحليين السبعة، وينتخب رئيسا ونائبا للرئيس من بين أعضائه. غير أنه عمليا، فإن منصب الرئيس وراثي، بحيث أن الرئيس الحالي للاتحاد منذ 2 نوفمبر / تشرين الثاني 2004 هو أمير أبو ظبي، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي خلف والده الذي شغل هذا المنصب منذ عام 1971. في حين يضطلع أمير دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس المجلس، بمهام رئيس الحكومة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد، أن هاتين الإمارتين تتمتعان بالأفضليَّة داخل المجلس.
وتم تجديد هيئة المجلس الوطني الاتحادي في كانون الأول / ديسمبر 2006 من قبل هيأة انتخابية تتألَّفُ من 6689 ناخب كلُّهم معيَّنون ولا تمثل هذه الهيأة سوى 1 ٪ من مجموع عدد السكان. ويتكوّنُ المجلس الوطني من أربعين عضوا يمثلون جميع الإمارات (ثمانية مقاعد على التوالي لكل من أبو ظبي ودبي، وستة لكل من الشارقة ورأس الخيمة وأربعة لكل واحدة من الإمارات الثلاثة الأخرى).
وساهم الدور المتعاظم الأهمية الذي تضطلع به إدارة أمن الدولة والتي يقع مقرها في إمارة أبو ظبي، في منح هذه الإمارة سلطة فائقة تجاه أعضاء الاتحاد الآخرين، في السنوات الأخيرة. ويتدخل جهاز أمن الدولة في شؤون تعيين وفصل الموظفين من مناصبهم كما أنه يتدخل في شؤون القضاء، ولا يتردد في تغيير الأحكام الصادرة عن المحاكم أو ممارسة الضغط على موظفي العدالة، علما أن أغلبهم من الأجانب.
وقد تصاعدت عمليات مضايقة المعارضين بعد هجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001، سواء تعلق الأمر بالنشطاء السياسيين بمختلف مشاربهم، أو المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات العامة. كما تعرضت أعداد متزايدة من المنظمات والأفراد للمنع من حقوق التنظم والتجمع والتعبير. كما تم إلقاء القبض على العديد من النشطاء الذين اعتقلوا بصورة تعسفية وتعرضوا للتعذيب.
2. النِّظَامُ القَضَائِي
يستند التشريع إلى الشريعة الإسلامية بالنسبة للمحاكم الاتحادية والمحلية للقضاء المدني والجنائي والمحكمة العليا الاتحادية، كما صدر قانون العقوبات في عام 1987 وقانون الإجراءات الجزائية في عام 1992.
القضاء غير مستقل وغالبا ما يخضع للتدخلات السياسية والأمنية. حيث أن رئيس المحكمة العليا والقضاة الخمسة الذين تتألف منهم والمعينون بموجب مرسوم من رئيس الاتحاد، هم القضاة الوحيدون الذين لا يمكن عزلهم، حسب ما تنصص عليه أحكام الدستور.
ويشكل المتعاقدون الأجانب أصيلي الدول العربية غالبية موظفي السلطة القضائية، يكمن الاستغناء عن خدماتهم وإلغاء عقودهم في أي وقت قررت السلطات ذلك، وهو ما يقلِّصُ حيز استقلالهم إلى حد كبير. حيث تبلغ نسبة القضاة الأجانب حوالي 70 ٪ في محاكم إمارَتَيْْ أبو ظبي ودبي. في حين تبلغ نسبة وكلاء النيابة الإماراتيين 85 ٪، وهو ما يوضِّحُ التَّبايُن الواضح مقارنة مع بقية موظفي الجهاز القضائي.
أما الحق في الدفاع فإنه محدود ويتوقف بالأخص على مدى تقدير المدعي العام. وليس بوسع المتهم توكيل محام إلا بعد فراغ الشرطة من التحقيق بشكل نهائي. وجلسات المحاكمات علنية فيما عدا القضايا المتعلقة بالأمن الوطني، الداخلي والخارجي، التي تنظر فيها المحكمة الاتحادية العليا حصرا. وتنص المادة 101 من الدستور على أن "الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة هي أحكام نهائية غير قابلة للاستئناف وملزمة للجميع"، وهو من يشكل انتهاكا لمبدأ دَرَجَتَيْ التَّقاضي.
3. مُكَافَحَةُ الإِرْهَاب بَعْدَ 11 أيلول/سبتمبر 2001
اتخذت السلطات الإماراتية، منذ أيلول / سبتمبر 2001، وفي سياق مكافحة الإرهاب، تدابير صارمة ضد المعارضين أو الأشخاص المشتبه في تعاطفهم مع التيار الإسلامي. ومعظم هؤلاء الأشخاص لم يدعوا يوما إلى العنف، بل هم يطالبون بإدخال إصلاحات سياسية واجتماعية دون الطعن في شرعية النظام. وقد ألقت مصالح أمن الدولة القبض على عشرات بل مئات الأشخاص، من بينهم موظفون وأعضاء في أجهزة الأمن وفي القوات المسلحة، تم اعتقالهم بصورة تعسفية وفي السر، لعدة سنوات بالنسبة لبعضهم، دون أن تثبت ضدهم أي تهمة. وقد أجبر البعض من بين المشتبه فيهم، على التوقيع على التزامات بعدم إجراء اتصالات مع المدافعين عن حقوق الإنسان مقابل إطلاق سراحهم. في حين أُرغم آخرون على تقديم تقرير أسبوعي عن أنشطتهم بينما تعرض أفراد أسرهم للمراقبة. كما ألقي القبض على الكثير من اللاجئين السياسيين وتعرضوا في كثير من الأحيان لسوء المعاملة قبل تسليمهم إلى بلدانهم الأصلية أين كانوا مطلوبين من قبل سلطات بلدانهم أو يخشون إجراءات انتقامية.
وفُصِل العديد من أساتذة الجامعات وكبار الموظفين من مناصبهم أو أحيلوا على التقاعد الإجباري دون أن تقدم السلطات المعنية أسباب هذه التدابير. كما يوجد العشرات من أساتذة التعليم في الوضع نفسه. وقد تم إعداد قائمة بأسماء الكتاب الممنوعين من النشر، تشمل على وجه الخصوص كل من: الدكتور سعيد حرب، والدكتور عبد الرزاق الفارس، والدكتور محمد الركن، والدكتور عاتق المنصوري. و هذه الشخصيات ممنوعة أيضا من الظهور في وسائل الإعلام ومن المحاضرات العامة.
ويستحيل حاليا القيام بأي نشاط عام، أيا كان طابعه، قبل الحصول على إذن مسبق من مصالح الأمن. ولتنظيم محاضرة عامة، فلا بد من تسليم السلطات ملخَّصًا عن المداخلة المبرمجة مسبقا.
وقد تم إدخال إجراءات قانونية جديدة تفرض رقابة صارمة على المساجد، وبذلك صارت خطب الجمعة التي تم توحيدها، من صلاحيات السلطة المركزية، وعملا بذلك، يُفصل الأئمة الذين لا يلتزمون التزاما دقيقا حرفيا بنص الخطبة الرسمية من وظائفهم.
اعتمدت الإمارات العربية المتحدة في تموز / يوليو 2004 قانونا لمكافحة الإرهاب، يسمح للنيابة العامة بتمديد الحجز التحفظي ليصل إلى 6 أشهر بدلا من 3 أسابيع التي ينص عليها القانون الأصلي، وهي مدة طويلة أصلا. وبعد توجيه التهمة، تقوم المحكمة العليا بالنظر ويمكنها تمديد مدة الحبس لأجل غير مسمى.
كما تم تسليم أشخاص مشتبه في قيامهم بأنشطة إرهابية إلى السلطات العسكرية الأمريكية (أنظر أدناه قضية المواطن اليمني سند الكازمي المعتقل منذ ذلك الحين في معسكر غوانتانامو).
4. عَمَلِياَّتُ التَّوْقِيف والاعْتِقَالاَت التَّعَسُّفِيَّة وَالسِّرِّيَّة
تجري عمليات إلقاء القبض والتفتيش بدون أمر قضائي، في اغلب الأحيان، في انتهاك للإجراءات القانونية المعتمدة. وفي كثير من الحالات لا تحترم مدة الحجز التحفظي والحبس الاحتياطي، المحددتين بمقتضى قانون الإجراءات الجزائية. وينصص القانون على أن يرفع عناصر الشرطة الذين يقومون بعملية إلقاء القبض تقريرا إلى المدعي العام في غضون الثماني والأربعين ساعة التي تلي التوقيف. وعلى المدعي العام أن يتخذ قرارا في غضون الأربع وعشرين ساعة، إما بالإفراج عن المشتبه فيه أو الاستمرار في حبسه. ويمكن إبقاء هذا الأخير في السجن لمدة 21 يوما دون أن تسنَدَ له تهمة بصفة رسمية، وهي فترة قابلة للتمديد في حالات الجرائم أو الجنح التي يعاقب عليها بالسجن. ويعود للمحكمة تمديد هذه المدة، التي لا يمكن أن تتجاوز ثلاثين يوما نظريا. لكن الواقع غير ذلك حيث يمدِّدُ القضاة مدة الاعتقال بصورة لا متناهية وبدون إسنادِ تهمة محددة.
الاعتقال السري ممارسة شائعة ولا سيما عندما تقوم مصالح أمن الدولة بعمليات الاعتقال لأسباب سياسية. أما أماكن الاعتقال فإنها ليست معروفة دائما، علما أن فترة الاعتقال قد تستغرق أشهُرًا بل وسنوات.
وقد تعرض الكثير من الأشخاص للتوقيف بصورة تعسفية دون أن توجه إليهم أية تهمة، وظلوا رهن الاعتقال وتعرضوا للتعذيب، وحوكموا أحيانا دون التمتُّع بالحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة. في الحقيقة، يتعلق الأمر بزرع الرعب في نفوس المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان وإسكات صوتهم.
قدمت الكرامة إلى الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة قائمة بأسماء الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم بين عامي 2001 و 2004 بدون أمر قضائي ودون إبلاغهم بسبب محدد يبرر إلقاء القبض عليهم، ثم اعتقلوا تعسفا وسرا في غياب كلي للإجراءات القانونية. ومن المرجح جدا أن يكون اعتقالهم بسبب انتقاداتهم لسياسة الحكومة في اجتماعاتهم الخاصة.
لقد اعتقل جميع هؤلاء الأشخاص في ظروف قاسيه للغاية، وتم وضعهم في أماكن غير مؤهلة قانونا لذلك، كما لم يبلغوا بأي إدانة بحقهم. وبعد قضائهم عدة سنوات في السجن، أطلق سراحهم دون إجراء أي متابعة قضائية ضدهم. واعتمد فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي في 26 أيار / مايو 2005 قرارا (رقم 14/2005) يعلن فيه أن حرمان المتهمين المعنيين من الحرية يُعد إجراء تعسفيا.
السيد عبد الله سلطان صبيحات العليلي، مهندس في وزارة الزراعة بإمارة عجمان وكان ألقي عليه القبض في 13 أيلول / سبتمبر 2005 ثم اعتقل سرا وتعرض للتعذيب طيلة 78 يوما قبل أن يطلق سراحه دون أن توجه له أية تهمة. ثم اعتقل للمرة الثانية في 15 شباط / فبراير 2007 وظل مرة أخرى معتقلا سرا لعدة أشهر مع تعرضه للتعذيب. وعُرِض على المحكمة العليا في 25 حزيران / يونيو بتهمة "الحصول على معلومات سرية تتعلق بأمن الدولة". وجرت محاكمته في جلسات مغلقة، وتم استخدام الاعترافات التي انتزعت منه تحت التعذيب ضده، وحكمت عليه المحكمة العليا في 1 تشرين الأول / أكتوبر 2007 بثلاثة سنوات سجن نافذة مع فصله من عمله. وتخللت محاكمته خروقًا عدة، ولم يتمكن محاميه من الترافع خلال جلسة المحكمة، مع العلم أن هذا الحكم نهائي وغير قابل للطعن. وقد اعتمد فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي في 07 أيار / مايو 2008 قرارا يعلن فيه أن حرمانه من الحرية إجراء تعسفي ويشكل انتهاكا للمواد 9 و 10 و 11 و 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ودعا فريق العمل بهذه المناسبة الحكومة للمصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
كما اعتقل شخصان آخران في ظروف مماثلة وبدون أمر قضائي، هما : محمد أحمد سيف الغفلي وسعيد علي حميد الكتبي. حيث تعرض منزلاهما ومكتباهما إلى التفتيش، واعتقلا سرا في أبو ظبي قبل أن يطلق سراحهما في 25 تشرين الأول / أكتوبر، 2005 دون أن توجه إليهما أية تهمة. وقد ألقي القبض على حميد سالم الغواص الزعابي، الضابط السامي بسلاح الجو الإماراتي، في 17 آذار / مارس 2004 وظل معتقلا في السر حتى 3 كانون الثاني / يناير 2006 ثم أفرج عنه دون أن يكون البتة موضوع إجراءات قانونية.
5. التَّعْذِيب وَالعُقُوبَاتُ الجَمَاعِيَّة
وفقا للشهادات التي جمعتها الكرامة، يتعرض الأشخاص الذين تلقي عليهم مصالح أمن الدولة القبض للاعتقال السري، وكثيرا ما يتعرضون للتعذيب والمعاملة اللاَّ إنسانية. وقد يطلق سراح هؤلاء المعتقلين دون أن توجه لهم أية تهمة. لكن في حالة ما إذا تم متابعتهم قضائيا، تستخدم المحاكم الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب ضدهم، وترفض هذه المحاكم الإذن بإجراء التحقيقات بهذا الشأن.
تعرض عبد الله سلطان صبيحات العليلي للتعذيب على يد ضابط المصالح الأمنية الذي أجرى التحقيق معه وهو نفسه شاهد الإثبات الرئيسي خلال المحاكمة. وتعرَّض السيد العليلي للضرب على جميع أجزاء جسمه بواسطة خرطوم سقي، وأجبر على حمل كرسي على رأسه أثناء النهار لمدة أسبوعين، كما تعرض لتهديدات بالاغتصاب، وظل معصوب العينين أثناء الاستجوابات مع حرمانه من النوم.
تعرض السيد محمد أحمد سيف الغفلي هو أيضا لأصناف التعذيب، منها على سبيل المثال تلقي ضربات وتعليق جسده والتهديدات بالاغتصاب.
السيد عبد الله الدوسري، أستاذ التعليم الديني في عجمان، تم فصله من وظيفة التعليم بشكل تعسفي بعد 11 أيلول / سبتمبر، وألقى عليه القبض عام 2001 دون إجراءات قانونية وتعرض لسوء المعاملة للمرة الأولى. وأوقف للمرة الثانية في 06 أيار / مايو 2008 تلقت أسرته اتصالا هاتفيا بعد ذلك بثلاثة أيام، علمت خلاله أنه يوجد رهن الاعتقال الإداري بإحدى مؤسسات الأمراض العقلية. وتخشى أسرته من أن يكون قد تعرض للتعذيب وتؤكد على أنه كان يتمتع دائما بصحة عقلية جيدة.
السيد سند الكازمي، مواطن يمني ألقي عليه القبض في كانون الثاني / يناير 2003 وظل في الاعتقال السري طيلة أكثر من ثمانية أشهر في أماكن مختلفة في دبي ثم سُلِم إلى السلطات الأمريكية. وأثناء اعتقاله تعرض للتعذيب والمعاملة اللاَّ إنسانية والمُهينة، كما تعرض للضرب على جميع أنحاء جسده، وتم إخضاعه لتغيرات قصوى في درجة الحرارة، وتم ربطه عاريا بالسلاسل لأكثر من 20 يوما، كما هُدِد بالاغتصاب، واستعمل ضده أسلوب التمويه بالغرق، ولا يزال حتى الآن معتقلا دون تهمة ودون محاكمة لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة في معسكر خليج غوانتانامو (كوبا).
السيد عبد الله أبو القاسم الغزال، مواطن ليبي، ألقي عليه القبض في 31 آب / أغسطس 2001، توفي من جرَّاء التعذيب الذي تعرض له في مقرات أمن الدولة، فيما زعمت السلطات انه انتحر. كما تم تسليم مواطنين ليبيين آخرين إلى سلطات بلادهم بعد أن ألقي القبض عليهم في الفترة نفسها، منهم علي عميش الذي أفاد بأنه تعرض هو أيضا للتعذيب، فيما لا يزال آخرون في عداد المفقودين منذ ترحيلهم القسري.
وعقب مصادرة أراضيهم من قبل سلطات إمارة رأس الخيمة، ومنحها بموجب عقد امتياز إلى الشركة البريطانية ستيفن روك لكي تستغل على ترابها محجرا ومصنع اسمنت، خاض الشحوح أفراد قبيلة الرحبة الشحية حركة احتجاجية سلمية. وقابلت السلطات الرسمية تلك الحركة بسياسة العقاب الجماعي على جميع أفراد القبيلة مع فصل الموظفين منهم من مناصبهم وإلقاء القبض تعسفا على حوالي عشرة أشخاص في 27/08/2005، واعتقالهم دون إجراء قانوني.
6. تَقْيِيد حُرِّيَّاتِ التَّعْبِيرِ وّالتَّجَمُّعِ وَالتَّنَظُّم:
الأحزاب السياسية غير مرخص لها، فيما تخضع الجمعيات النشطة في مجال تعزيز الحريات العامة والدفاع عن حقوق الإنسان لرقابة شديدة.
ألقى القبض على الأستاذ محمد الركن المحامي الناشط الحقوقي والرئيس السابق لرابطة الحقوقيين في دولة الإمارات العربية المتحدة، في مكتبه في دبي من قبل أفراد من مصالح أمن الدولة في 23 آب/ أغسطس 2006 ، واعتقل سرا لمدة يومين ثم أطلق سراحه دون أن توجه له أي تهمة، ومع ذلك صودر جواز سفره.
صدر أمر بالتوقيف بحق الأستاذ محمد المنصوري المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان ورئيس الرابطة المستقلة للحقوقيين، في 17 حزيران/ يونيو 2006، بتهمة "إهانة ممثل النيابة العامة ". لكن واقع الأمر هو أن حملة المضايقات هذه جاءت كرد من السلطات على تنديده بانتهاكات حقوق الإنسان في البلد ونضاله من أجل احترام حقوق العمال المهاجرين، وفقد وظيفته جراء ذلك ومُنِع من السفر خارج البلد. وعلى غرار محمد الركن و العديد من المثقفين الإماراتيين، يتعرض هو أيضا منذ سنوات عدة للمنع من النشر والتعبير في وسائل الإعلام المحلية.
وفي تموز / يوليو 2002، اتخذ مجلس الوزراء قرارا بتوقيف 33 من الموظفين المواطنين بوزارة التربية والتعليم عن العمل وإحالتهم على التقاعد الإجباري، بينما تم نقل 24 آخرين إلى وزارات أخرى. ولم يبلغ المعنيون قط بفحوى الأسباب التي أدت إلى اتخاذ تلك الإجراءات بحقهم.
وفي 21 آب / أغسطس 2007 ، قررت وزارة التربية والتعليم نقل 83 من موظفيها، من معلمين ومدراء مدارس ومعاهد ومستشارين تربويين، إلى وزارات أخرى وفي مناصب لا تتطابق مع مؤهلاتهم أو إلى وظائف دُنْيا، وحُرِمَ البعض الآخر من مزاولة أي نشاط مع الاستمرار في الحصول على الراتب. وهنا أيضا لم يتلق المعنيون أي سبب يبرر هذه الإجراءات. كما تعرض أفراد أسرهم لتدابير تمييزية، حيث تم استبعاد زوجاتهم المدرسات من أي فرصة ترقية بينما واجه أبناءهم تضييقات تعسفية في مجال الحصول على فرص للتعليم العالي.
وفي وقت غير بعيد، وبالتحديد في 07 تموز / يوليو 2008، فُصِل الدكتور أحمد صالح الحمادي والدكتور سيف الشمسي، وكلاهما أساتذة قانون في كلية العين في أبو ظبي، من وظائفهما دون التوصل بأي مبرر.
وتأتي هذه القرارات التعسفية في سياق عمليات تطهير متتالية في مصالح الدولة لاستبعاد من يُشْتَبَهُ في انتمائهم للتيار الإصلاحي، أو لمجرد الشك في مواطنين عاديين يُعْتَقَدُ بحملهم أراء سياسية.
وقد أقر مجلس الوزراء في آذار / مارس 2008 أحكاما جديدة تتعلق بالتوقيف أو الشَّطْب من الوظيفة العمومية، وتنص هذه الأحكام على معاقبة عدم الامتثال لأحكام المواد 63 و 64 من قانون الوظيفة العمومية، والتي تحظر على الموظفين، وخاصة في مادتها 64 "الانتماء إلى إحدى المنظمات أو الهيئات أو الأحزاب العاملة في المجالات السياسية، أو العمل لحسابها، أو المشاركة في الدعاية و الترويج لها". ويخشى من تفسير هذا النص القانوني بطريقة تَوَسُّعِيَّة ومطَّاطيَّة، ومن أن يُطبَّق بشكل تعسُّفي بهدف إقالة الموظفين المشتبهين بعدم التطابق مع السَّائد في بلد تشكِّل فيه الوظيفةُ العموميَّةُ مصدرَ الشغل الرئيسي.
وقد تعرَّضت الأنشطة الجمعوية وخاصة المنظمات الخيرية إلى ضربة توقيف بسبب التهديدات وحملات التخويف التي تلاحقهم، كما تتعرض هيئة أعضاء التدريس في جامعة الإمارات والعديد من نقابات وجمعيات النفع العام لعمليات حظر مفروضة من طرف مصالح أمن الدولة.
وقد تعرض بعض الأعضاء القياديون السابقون في اتحاد طلبة الإمارات، وهي منظمة معترف بها سابقا، لردود فعل انتقامية بسبب التزامهم الطلابي السابق، ومنعوا من الوظيفة العمومية.
ولا تزال أول منظمة مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات تنتظر منذ عام 2004 الترخيص من السلطات. وقد نصَّبَت هذه الأخيرة بالمقابل منظمة تتألف من مسئولين حكوميين في عام 2006.
7. الخَاتِمَة
تكاد تكون مشاركة المواطنين في دولة الإمارات العربية المتحدة في الشؤون العامة للبلد منعدمة، كما أن حرية الرأي والتعبير والتَّنظُّم مُقيَّدة.
يتم تسجيل انتهاكات خطيرة منتظمة لحقوق الإنسان مثل التعذيب والاعتقال التعسفي والمحاكمات غير العادلة في هذا البلد، الذي لا تتمتع فيه العدالة بالاستقلالية.
ولم تصادق دولة الإمارات على أي من الاتفاقيات الدولية باستثناء تلك المتعلقة بحقوق الطفل والقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
8. التَوْصِياَت
- إدخال إصلاحات سياسية في اتجاه مشاركة أكبر للمواطنين في الحياة العامة في البلاد وخاصة من خلال اعتماد نظام الاقتراع العام وسَنِّّ احترام مبدأ تساوي الجميع أمام القانون، وخاصة فيما يتعلق بالالتحاق بالوظيفة العمومية والبقاء فيها.
- تكريس مبدأ عدم نقلة القضاة بدون رضاهم على المستوى العملي، وتوسيع نطاق هذا المبدأ ليشمل جميع قضاة البُلد بما في ذلك الأجانب منهم، وذلك لضمان الاستقلال الحقيقي للقضاء.
- إنشاءُ رَقَابَةٍ على مصالح أمن الدولة، عن طريق لجنة مراقبة على مستوى التمثيلية الوطنية.
- تعديلُ نصوصِ القوانين التي تحدُّ من حقوق التعبير والتَّنظُّم وإلغاءُ كل عقوبة إدارية أو عدلية لمجرد التعبير السلمي عن الرأي أو الالتزام السياسي أو الجمعوي.
- التعاونُ مع الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة وخاصة مع فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي.
- على المستوى المعياري : التصديقُ على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وأن تدمج جريمة التعذيب في القوانين المحلية وذلك من خلال سن عقوبات مناسبة لمعاقبة فاعلها، ومكافحة ممارسة الاعتقال السري، عن طريق إنشاء نظام مراقبة يشرف على جميع أماكن الاعتقال في البلاد، وخاصة وضعها تحت سلطة القانون.
- التصديقُ على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، لاسيما تلك المتعلقة ب "الحق النقابي" و "المفاوضة الجماعية" و "الحريات النقابية" (C87 ; C98) وإدماج الأحكام ذات الصلة في الدستور والقوانين الداخلية وتطبيقها في الواقع، دون أي تمييز بين المواطنين والمقيمين.