تندد الكرامة بشدة لقيام الأردن بتسليم رجل الأعمال الإماراتي خلف عبدالرحمن الرميثي، المحكوم عليه غيابيًا بالسجن 15 سنة على خلفية ما عُرف بقضية "إمارات 94"، إلى سلطات أبوظبي رغم مخاطر تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة، في انتهاك صارخ لاتفاقية مناهضة التعذيب التي يعدّ الأردن طرفًا فيها.
بدورها، عبرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن مخاوف جدية بشأن تسليم الأردن خلف الرميثي إلى الإمارات، معربةً عن قلقها من احتمال تعرضه لسوء المعاملة. كما حثت السلطات الإماراتية على ضمان الاحترام الكامل لحقوقه والإفراج الفوري عن جميع المسجونين بسبب ممارستهم لحرية التعبير وتكوين الجمعيات.
واعتقل الرميثي لدى وصوله العاصمة عمان بتأريخ 7 مايو/ أيار قادمًا من تركيا التي حصل على جنسيتها، ثم أطلق سراحه بكفالة على أساس أن يمثل أمام المحكمة يوم 16 مايو/ أيار الجاري، لكن السلطات الأردنية استبقت الموعد وقامت باعتقاله وتسليمه، في انتهاك صارخ للدستور الأردني وقوانين حقوق الإنسان.
واعترفت السلطات الإماراتية بتسلمها الرميثي الذي وصفته ب"الارهابي"، وأضافت بأنها تسلمت من الأردن "خلف عبد الرحمن حميد الرميثي"، الذي "صدر بحقه حكم من المحكمة الاتحادية العليا عام 2013 و آخرين في القضية رقم 2012/79، حيث قضت المحكمة غيابياً بسجنه مدة 15 عاماً بتهمة "إنشاء وتأسيس تنظيم سري يتبع جماعة الإخوان المسلمين".
تتابع الكرامة قضية عشرات المعتقلين السياسيين الإماراتيين المعروفة باسم "إمارات 94"، وقدمت بشأنهم شكاوى أمام الإجراءات الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
مجموعة إمارات 94
تستمر دولة الإمارات في تجاهل كل الدعوات الحقوقية لإنهاء سياسة القمع ضد النشطاء السلميين والمعارضين السياسيين، بما في ذلك مطالبات المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، السيدة ماري لولر، بالإفراج الفوري عن خمسة مدافعين عن حقوق الإنسان يقبعون في السجون منذ عام 2013، مشيرة إلى تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة والمحاكمات الجائرة.
وقد تابعت الكرامة على مدى سنوات قضايا معتقلي الرأي واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات، منذ اعتقالهم مرورا بتقديمهم للمحاكمات، وقدمت بشأن العديد منهم شكاوى فردية إلى الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة، ونبهت مجلس حقوق الإنسان إلى قمع المدافعين عن حقوق الإنسان في سياق تقارير الاستعراض الدوري الشامل الخاص بالإمارات، كما انخرطت مع حملات حقوقية واسعة لمجموعات حقوق الإنسان لدفع المجتمع الدولي باتجاه الضغط على الإمارات لوقف مسلسل القمع والاضطهاد ضد النشاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وفي ضوء الشكاوى التي بادرت إليها الكرامة، خلص فريق العمل العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة، في قراره رقم 60/2013، بتأريخ 9 سبتمبر/ أيلول 2013، بشأن هؤلاء المعتقلين إلى أن التهم الموجهة إليهم تندرج في إطار حقوق حرية التعبير، مؤكدًا أنه لا يمكن اعتبار القيود المفروضة على تلك الحقوق في هذه القضية متناسبة ومبررة.
ويعد هذا القرار ثالث قرار يتبناه الفريق الأممي منذ 2009 بشأن مزاعم انتهاك "حرية التعبير"، و"عدالة المحاكمات" والحق في "عدم الاعتقال تعسفيا" بدولة الإمارات التي يصفها بالممارسات النمطية، حيث قامت الكرامة بإبلاغ آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان بالانتهاكات منذ انطلاق الحملة القمعية بالإمارات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين، وحتى صدور الأحكام في حق الإصلاحيين 94 في يوليو/ تموز 2013 وما بعدها. وطالبت الكرامة في 19 أغسطس/ آب 2013 الفريق العامل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي بإصدار قرار بشأن 61 معتقلا في قضية الإصلاحيين 94 الذين صدرت في حقهم أحكام سجنية تراوحت ما بين 7 و10 سنوات.
واستجابة لذلك، طلب الفريق الأممي العامل في 9 سبتمبر/ أيلول 2013 توضيحات من الإمارات بشأن هذه المزاعم، لكن الحكومة لم ترد على الاستفسارات الأممية في الأجل المحدد ب 60 يوما، وأصدر الفريق العامل على إثر ذلك قراره بشأن اعتقال 61 شخصا في القضية المذكورة.
وفي وقت سابق، أصدر فريق العمل كلا من الرأي رقم 64/2011، و الرأي 8/2009، خلص فيهما إلى وجود انتهاكات لحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، المكفولة بموجب المادتين 7 و 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وانتهاك الحرية من الاحتجاز التعسفي المحظور بمقتل المادة 9 من الإعلان. وأعرب الفريق عن قلقه إزاء هذه الممارسة النمطية لدولة الإمارات كما يتضح في هذين الرأيين، ويشدد على وجوب أن تمتثل الحكومة للقانون الدولي.
أعمال انتقامية بحق أقارب الضحايا
ولا تكتفي السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة بقمع الناشطين والمعارضين السياسيين والزجّ بهم في المعتقلات لسنوات طويلة، وإصدار عقوبات قاسية بحقهم إثر محاكمات تفتقد للعدالة، لكنها تعمد إلى الانتقام من ذويهم وإلحاق الضرر بأقرباء الضحايا إمعانًا في القمع وكتم الأصوات، تتجسد هذه السياسات في حالة معتقل الرأي الإماراتي عبدالسلام درويش المرزوقي الذي كانت تدخلت الكرامة في قضيته وقدمت شكوى بشأنه مع آخرين إلى الفريق العامل بالأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، ضمن ما عُرف بمجموعة "إمارات 94".
تواصلت الكرامة مع أقارب السيد عبد السلام درويش المرزوقي الذين اضطروا لمغادرة البلاد منذ 2016 في رحلة علاجية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأفادوا بأن حكومة بلادهم أبلغتهم بسحب جنسياتهم عن طريق مكالمة هاتفية وطُلب منهم القدوم إلى مكتب الجوازات في الإمارات لتسليم الجوازات والوثائق الثبوتية.
وتابعت ابنة المرزوقي: "وبما أننا في الولايات المتحدة طلبوا من شقيقتي، وهي الوحيدة الموجودة في الإمارات حالياً، الذهاب وتسليم جوازها لكنها رفضت فتمت مصادرة هويتها سنة 2017، وهي ذاهبة لزيارة والدي في سجن الرزين. كما مُنعت من السفر كي لا تستطيع اللحاق بنا وحالياً جوازها منتهي الصلاحية، وممنوعة من تجديده بسبب قرار سحب الجنسية، كما أن جوازاتنا كلنا منتهية الصلاحية الآن ولا نستطيع تجديدها لنفس السبب".
وتضيف ابنة المرزوقي: "ما زال والدي معتقلاً في سجن الرزين وممنوع من الزيارات الأسبوعية. منذ مارس/ آذار 2020 وأختي لا تستطيع زيارته بشكل أسبوعي منذ أن تمت مصادرة هويتها في 2017، فالطريقة الوحيدة التي يمكنها زيارته فيها من دون هوية تتم عن طريق إذن من السلطات، وفي هذه الحالة لم تتمكن من رؤيته سوى مرتين فقط منذ عام 2017."
أما بالنسبة لبقية أفراد أسرته المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكي فلم يتمكنوا من رؤيته أو سماع صوته منذ عام 2017 حين مُنع اتصاله بهم نكايةً بهم، لرفضهم العودة إلى الإمارات، بعد أن طلب منهم العودة وتسليم جوازاتهم.