تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

في 16 يوليو 2015، قدمت الكرامة تقريرا إلى اللجنة الفرعية المعنية بمنح الاعتماد التابعة للجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بخصوص المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان، المزمع استعراضه خلال الدورة القادمة للجنة الفرعية المعنية بالاعتماد في نوفمبر 2015.

ونظرا لعدم استقلالية المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان عن نفوذ السلطة التنفيذية، التمست الكرامة من اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد خفض وضعية المركز الوطني من مركز "أ" إلى "ب"، للإشارة إلى عدم امتثاله لمبادئ باريس، بصفتها المعايير الدولية الخاصة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والهادفة إلى ضمان استقلالها عن الحكومة والتعزيز الفعلي لحقوق الإنسان وحمايتها.

يعود تاريخ إحداث المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في الأردن إلى عام 2002 حين أوصت اللجنة الملكية لحقوق الإنسان، التي كان الملك عبد الله الثاني قد أنشأها  قبل عامين، بخلق هيئة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان من أجل تعزيز حماية حقوق الإنسان في البلاد، وجاء القانون رقم 51 لسنة 2006 لينشئ رسميا المركز الوطني من أجل ضمان استقلاليته إزاء السلطات العامة الأخرى وكذا لمنحه الشرعية أمام المواطنين، وفقا لمبادئ باريس.

غياب استقلالية المؤسسة الوطنية بسبب تعيين أعضائها بمرسوم ملكي

أدت صلاحيات الملك في تعيين أعضاء المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى تقويض استقلالية المركز، إذ يُعَين بمرسوم ملكي مجلس الأمناء الذي يشرف على عمل المركز الوطني، وكذا المفوض العام الذي يتلقى ويتابع الشكاوى الفردية. وعلاوة على ذلك، لا يحدد القانون التأسيسي للمركز أي معايير تثبت أهلية أعضائه، بينما يفترض اختيارهم على أساس الكفاءة والخبرة في مجال حقوق الإنسان، من أجل ضمان استقلالهم الكامل.

تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان رغم ولاية المركز الواسعة

ورغم هذه السلبيات، يظل المركز الوطني ملزما باحترام مقتضيات مبادئ باريس، التي تنص على "تخويل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الاختصاص في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان" ومنحه" ولاية واسعة بقدر كاف"، باعتبار أن تقاريره السنوية تتضمن عموما إحصاءات حول حالات انتهاك حقوق الإنسان التي يتم جمعها، إضافة إلى رفعه تقارير عن الزيارات التي يقوم بها إلى مراكز الاحتجاز. غير أن تقرير الكرامة أشار إلى أن هذه الإحصاءات كثيرا ما تعكس عدم امتثال المعايير الأردنية للقانون الدولي لحقوق الإنسان. على سبيل المثال، يشير التقرير السنوي 2010 أنه من بين 77 حالة من حالات التعذيب التي قدمت إلى المركز الوطني، تم غلق 15 منها بعدما " بث أنها ليست أعمال عنف"، على الرغم من أن اتفاقية مناهضة التعذيب، التي صادق عليها الأردن في 1991، لا تتطلب ضرورة وقوع "العنف" حتى يوصف هذا العمل بأنه تعذيب. ومن شأن ذلك ان يثير الشكوك حول مدى فعالية آلية رفع الشكاوى التابعة للمركز الوطني في تحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.
إلى جانب ذلك، سجلت الكرامة أن المركز الوطني لا يتدخل عادة في القضايا الحساسة سياسيا، وهو ما يعد بمثابة مقاربة انتقائية سببها عدم استقلال أعضائها. وكمثال على ذلك، وجهت الكرامة إلى المركز الوطني حالات تخص بسام الروابضة وثابت عساف، وهما ناشطان سياسيان ألقي عليهما القبض في 16 يناير 2015 لتنظيمهما ومشاركتهما في مظاهرة سلمية ضد صحيفة الكاريكاتور الفرنسية تشارلي ابدو وحالة غسان محمد سالم دوار المعتقل تعسفيا بسبب دعمه القضية الفلسطينية، لكنها لم تتلق أي رد.

حرية الوصول إلى أماكن الاحتجاز غير مضمونة

إضافة إلى ذلك، رغم أن المادة 8 من القانون 51 لسنة 2006 تنص على أن "للمركز أن يطلب أي معلومات أو بيانات أو إحصاءات يراها لازمة لتحقيق أهدافه من الجهات ذات العلاقة وعلى هذه الجهات إجابة الطلب بدون إبطاء أو تأخير"، والمادة 10 التي تنص على أن " للمركز الحق في زيارة مراكز الاصلاح والتأهيل ومراكز التوقيف ودور رعاية الاحداث وفق الاصول المتبعة". ومع ذلك يسجل للأسف أن المركز لا يمكنه القيام بهذه الزيارات دون الحصول على إذن مسبق من السلطات.

غياب الشفافية

وإضافة إلى جوانب القصور الناتجة على الرقابة التي تمارسها السلطة التنفيذية على المركز الوطني، لاحظت الكرامة أيضا أن أنشطة المركز الوطني لا يتم نشرها إلا نادرا بحيث لا يمكن ضمان الشفافية والمساءلة العامة اللازمتين، كما يستحيل على الجمهور الاطلاع على أنشطة المركز. نجد على سبيل المثال، أن موقع المركز الوطني ينشر معلومات عن المحاضرات والدورات التدريبية، وورش العمل المنظمة حتى عام 2010، في حين لا يتم نشر تقاريره العامة باللغة العربية والإنجليزية على الموقع إلا جزئيا، مع غياب تام لجميع الإصدارات بين عامي 2010 و 2014.
وخلصت الكرامة في ضوء هذه المعلومات، إلى أن "عدم استقلالية المركز تعود إلى جملة من الأمور، منها أن تعيين أعضائه من قبل السلطة التنفيذية يقوض كثيرا قدرته على اتخاذ موقف واضح ومستقل بشأن القضايا الحساسة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من مشكلة النقص العام في المعلومات الخاصة بأنشطته ويفاقم من حالة عدم فعالية آلية الشكاوى"، لهذه الأسباب طالبت الكرامة بإعادة اعتماد المركز الوطني لحقوق الانسان لدى اللجنة الفرعية المعنية بمنح الاعتماد ضمن الفئة "ب" لتسليط الضوء على عدم امتثاله لمبادئ باريس التي تنظم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341008