عصام محمد طاهر البرقاوي |
وكان السيد البرقاوي، ويعرف بـ"العتيبي" أيضاً، أوقف عدة مرات من قبل مصالح الاستخبارات، على خلفية آراء علنية لا تتفق كما يبدو مع رغبة السلطات الرسمية في بلده، وراسلت الكرامة بشأنه الآليات المعنية بالأمم المتحدة، وقررت الأخيرة أن اعتقاله كان تعسفياً.
وتدعو الكرامة السلطات الأردنية للكف عن المضايقات والاعتقالات المتكررة التي يتعرض لها السيد البرقاوي، وتطالبها الوفاء بتعهداتها أمام الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص كل من: لجنة مناهضة التعذيب، ومجلس حقوق الإنسان.
وكان السيد البرقاوي أوضح عقب الإفراج عنه هذه المرة، أنه أوقف أثناء قيامه بإصلاح سيارته الخميس 8 يوليو/ تموز 2010، بدلالة ضباط من جهاز الأمن الوقائي اعتادوا على مراقبته في كل تحركاته، مشيراً إلى أن توقيفه وترحيله تم بناءً على حكم صدر بحقه غيابيا في قضية تتعلق بمخالفة لقانون السير بعد أن أوقف سيارته قرب مسجد لأداء صلاة الجمعة.
وتحدث السيد البرقاوي، في تصريحات صحفية، عن "ارتباك" في تعامل رجال الأمن معه، حيث أوقف بناء على مخالفة قانون السير، غير أنه جرى التعامل معه باحتياطات أمنية كبيرة، وعلى اعتبار أنه "إرهابي كبير"، وفق ما أبلغه أحد رجال الأمن في المركز الذي أوقف فيه.
وأعلن وكيل الدفاع عن البرقاوي المحامي ماجد اللفتاوي أن الأجهزة الأمنية الأردنية رفضت في بادئ الأمر الإفراج عن السيد البرقاوي بكفالة "كما يحدث عادةً في مثل هذا النوع من المخالفات"، وقال إنه لم يأتِ قرار الإفراج عن موكله إلا بعد أن استأنف حكما بالسجن لمدة شهر صدر بحقه غيابيا، لافتاً إلى أن القضية ستبقى منظورة أمام المحاكم حتى البت فيها بشكل نهائي.
وذكر محامي السيد البرقاوي بأن القاضية التي أصدرت الحكم بالحبس لمدة شهر رفضت استبدال حكم السجن بكفالة مالية، حيث تسمح النصوص القضائية بذلك، كما أن الرجال الذين اعتقلوه كانوا مدنيين اعتاد السيد البرقاوي على مراقبتهم المستمرة لكل تحركاته.
والسيد عصام محمد طاهر العتيبي البرقاوي، المعروف باسم الشيخ المقدسي، من مواليد 7 آذار (مارس) 1959 في مدينة برقة ويقيم في محافظة الراسفة، وهو كاتب وعالم دين معروف في بلده الأردن وفي أرجاء العالم العربي، وكان قد تم توقيفه مرات عدة من قبل مصالح الاستخبارات، كما أن السلطات الأردنية دأبت على اتهامه بـ" تمجيد وتشجيع الإرهاب".
وبعد اعتقاله المرة الأولى لفترة امتدت بين عام 1994 إلى غاية عام 1999، ألقي القبض على السيد البرقاوي من جديد وبنفس الذريعة، يوم 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 صحبة أحد عشر شخصا آخر، بتهمة " التخطيط لمؤامرة قصد ارتكاب أعمال إرهابية". وجاء هذا الاعتقال عقب تصريحاته إلى وسائل الإعلام الأردنية والعربية يبرر فيها شرعية الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويدين فيها السياسة الأمريكية في العالم العربي.
واعتبر فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي الذي راسلته الكرامة بشأن الاعتقال السابق للسيد البرقاوي، بأن اعتقاله يعد اعتقالا تعسفيا ويشكل انتهاكا من المملكة الأردنية للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف المملكة الأردنية الهاشمية.
وللتذكير، فقد نظرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة التقرير الدوري الثاني للأردن في يومي 29 و 30 نيسان/ أبريل 2010، ونشرت اللجنة ملاحظاتها الختامية في نهاية دورتها الـ 44 التي استمرت لغاية 14 أيار/ مايو 2010.
وعبرت اللجنة عن أسفها للقصور الذي ينطوي عليه الدستور الأردني، حيث لا يتضمن النص بصورة صريحة إلى حظر ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وفي هذا السياق أوصت اللجنة بضرورة العمل على جعل القانون الأردني متسقا مع اتفاقية مناهضة التعذيب (المادتان 1 و4).
وعبرت اللجنة عن بالغ قلقها إزاء ارتفاع عدد الشكاوى المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة على أيدي عناصر الشرطة وأجهزة الأمن والاستخبارات وإدارة السجون، كما تطرقت إلى غياب الضمانات القانونية للمعتقلين، بمن فيهم، أولئك الذين يخضعون لإشراف الإدارة العامة للمخابرات، وقسم الأمن العام.
وفي وقت سابق، اعتمد مجلس حقوق الإنسان، في 11 حزيران/ يونيو 2009، تقرير فريق العمل الخاص بالأردن، الذي جرى النظر في وضعيته خلال الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل (2-13 شباط / فبراير 2009). وقد سُجِلت في هذه الوثيقة ملاحظات ممثلي الدول الذين حضروا هذه الدورة وتوصياتهم، كما تعكس هذه الوثيقة، مواقف والتزامات الدولة التي جرى استعراض ملفها في مجال حماية حقوق الإنسان.
وكانت الكرامة قدمت، في إطار مساهمات المنظمات غير الحكومية، إلى الإجراء الخاص بالمراجعة الدورية الشاملة التابعة لمجلس حقوق الإنسان، تقريرا موجزا تناولت فيه حالة حقوق الإنسان في البلد، وأعربت عن مخاوفها بهذا الشأن، كما اقترحت المنظمة عددا من التوصيات، منها على وجه التحديد: وقف ممارسة الاعتقال السري، ووضع جميع الأشخاص المحتجزين تحت حماية القانون، والإفراج عن المعتقلين الذين لم توجه إليهم أية تهمة جنائية، وإجراء تحقيقات مستقلة في جميع مزاعم التعذيب، ومقاضاة مرتكبي هذه الجرائم.