وقد راسلت الكرامة المقرر الخاص المعني بالتعذيب، وطلبت منه التدخل لدى السلطات الأردنية، لحثها على إجراء تحقيق كامل وحيادي في أعمال التعذيب التي تعرض لها السيد طلافحة عملا بالمادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب، وتحديد هوية مقترفيها، وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم عند الاقتضاء.
وكان السيد سيد محمود حامد تلفحة، الذي يعمل بناءا، وهو أب لطفلين، قد ألقي عليه القبض في منزله، في فاتح آذار / مارس 2010 في حضور زوجته الحامل وابنته البالغة سنتين من العمر، من قبل عناصر من مصالح التحقيقات الجنائية في اربد، دون تقديم سبب يبرر عملية التوقيف أو أمر قضائي بها الخصوص، ثم اقتيد، مكبل اليدين، إلى مقر فرع التحقيقات الجنائية حيث تعرض للضرب المبرح في الليلة نفسها، لم تستثني جهة من جسده، مع إبقاء يديه مكبلتين، ثم عُلِق من معصميه إلى الجزء الخلفي من الباب، فيما وجه إليه أحد العناصر، ضربة بالغة الوحشية على ساقه اليمنى التي كانت قد خضعت لعملية جراحية في أعقاب حادث سابق، ولا تزال تحمل دبوسا معدنيا كجزء من العلاج، في حين قام ضابط آخر بخرق رسغه الأيمن مستعملا في ذلك آلة ثاقبة، مما تسبب في ثقب أحد الأوردة.
ونظرا لحالته الحرجة، نُقِل السيد طلافحة على سبيل الاستعجال إلى مستشفى الأميرة بسمة الحكومي، حيث أجرى له الأطباء عملية جراحية في آذار/ 2 مارس 2010. وفي اليوم نفسه، قام والدا السيد طلافحة بزيارته في المستشفى، فوجدوه رفقة أحد الجلادين، الذي قال لواديه أن ما حدث لابنهما "كان مجرد بداية".
وفي يوم 2 مارس 2010، تم بالفعل نقل السيد طلافحة من المستشفى إلى مقر فرع التحقيقات الجنائية، على الرغم من حالته الصحية الحرجة، وظل محتجزا لمدة خمسة أيام، مع عشرات الأشخاص، داخل زنزانة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار مربعة، من دون أي اتصال بالعالم الخارجي.
ولم يسمح للسيد طلافحة من الاجتماع بمحاميه من باب الاستشارة القانونية، وأجبر أثناء فترة الحراسة القضائية، على التوقيع على اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب، ومفادها أنه قد ارتكب سرقة.
في 14 آذار/ مارس 2010، تم عرضه أمام النائب العام لمحكمة بني عبيد في مدينة اربد، وأمر هذا الأخير بإجراء فحص طبي للمتهم، وبأن يوضع رهن الاعتقال في سجن قفقفان الكائن في إربد، حيث هو محتجز حاليا في انتظار محاكمته.
وقد حاولت أسرة السيد تلفحة، دون جدوى، تقديم شكوى لدى المدعي العام المسؤول عن مراقبة رجال الشرطة بخصوص ما تعرض له من تعذيب، لكن رفض هذا الأخير تسلم شكوى الأسرة بحجة أنه ينتظر تلقيه تقارير الطب الشرعي.
غير أن أسرة السيد طلافحة تخشى أن يكون ذلك مجرد خدعة لإضاعة الوقت، لكي تندمل الجروح ومن ثم تلاشى كافة آثار التعذيب التي تعرض لها ابنهم.
وهكذا يبدو واضحا أن السيد طلافحةقد تعرض لانتهاكات خطيرة لحقوقه الأساسية بسبب ما تعرض له من تعذيب جسيم وغيره من ضروب سوء المعاملة التي كان ضحيتها على أيدي عناصر فرع التحقيقات الجنائية في إربد، في انتهاك للمادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادق عليها الأردن.
وتجدر الإشارة أن الأردن قد صدق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 28 أيار/ مايو 1975، وهو أيضا طرفا في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة منذ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1991.
وسوف تقوم لجنة مناهضة التعذيب باستعراض التقرير الدوري الخاص بالأردن في دورتها الـ 44 التي ستعقد من 26 نيسان/ ابريل إلى 14 أيار/ مايو عام 2010.