تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

علمت الكرامة أنه تم إطلاق سراح السيد عصام العتيبي (الشيخ أبو محمد المقدسي) يوم أمس 12 مارس 2008. و كان  تم ايقاف السيد العتيبي يوم 28 نوفمبر 2002 وبقي رهن الاعتقال منذ ذلك الحين وبدون أي إجراء قانوني رغم تبرئته أمام محكمة أمن الدولة يوم 27 ديسمبر 2004. و كان السيد العتيبي خاض إضرابا عن الطعام منذ 4 فبراير احتجاجا على هذه الوضعية. و اعتبر فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي الذي راسلته الكرامة في هذا الشأن أن اعتقال السيد العتيبي يعد اعتقالا تعسفيا ويشكل انتهاكا من المملكة الأردنية للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف المملكة الأردنية الهاشمية.

الحيثيات:

وللتذكير، فإن السيد محمد طاهر البرقاوي العتيبي، المعروف باسم الشيخ المقدسي، من مواليد 7 آذار (مارس) 1959 في مدينة برقة ويقيم في محافظة الراسفة، وهو كاتب وعالم دين معروف في بلده الأردن وفي أرجاء العالم العربي، وكان قد تم توقيفه مرات عدة من قبل مصالح الاستخبارات، كما أن السلطات الأردنية دأبت على اتهامه بـ" تمجيد وتشجيع الإرهاب"

وبعد اعتقاله المرة الأولى لفترة امتدت بين عام 1994 إلى غاية عام 1999، تم إلقاء القبض عليه من جديد وبنفس الذريعة، يوم 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 صحبة أحد عشر شخصا آخر، بتهمة " التخطيط لمؤامرة قصد ارتكاب أعمال إرهابية". وجاء هذا الاعتقال عقب تصريحاته إلى وسائل الإعلام الأردنية والعربية يبرر فيها شرعية الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويدين فيها السياسة الأمريكية في العالم العربي.

وبعد إحالته على محكمة أمن الدولة، أصدرت هذه الهيئة القضائية الاستثنائية،  يوم 27 كانون الأول (ديسمبر) 2004 حكما بالإفراج عنه، ورغم ذلك لم يطلق سراحه وظل معتقلا طيلة ستة أشهر سرا،  في الفترة الممتدة ما بين 27 كانون الأول (ديسمبر) 2004 إلى 28 حزيران (يونيو) 2005، تعرض خلالها للتعذيب مرات عدة.

وعقب الإفراج عنه في ذلك التاريخ، أجرى مقابلة صحفية مع قناة الجزيرة الفضائية يوم 4 تموز (يوليو) 2005، أعرب فيها عن إدانته للاحتلال الأمريكي في العراق، وما لبث أن تم اعتقاله مجددا غداة تلك المقابلة، أي يوم 5 تموز (يوليو) 2005،  ومنذ ذلك الحين، لم يقدم أمام القضاء كما أنه تعرض لانتهاكات واسعة لحقوقه الأساسية. وهكذا يكون السيد العتبيبي قد اعتقل فعلا سرا طيلة ما يناهز السنة الكاملة، تعرض خلالها للتعذيب مرات عدة، كما أنه حرم من حقه في توكيل محام من اختياره ومن حقه في الطعن في شرعية اعتقاله.

وقد تم إبلاغ قرار فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي إلى الحكومة الأردنية، وفقا للأساليب المعتمدة من قبل فريق العمل، وقد دعيت فيه هذه السلطات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة الكفيلة بتصحيح وضعية السيد العتيبي، غير أنه، رغم ذلك الإجراء، أو ربما بسببه، شهدت وضعية السيد العتيبي تشددا وتعرض لمعاملة قاسية خلال شهر كانون الثاني (يناير) الأخير، وهو  ما جعله يشرع في  إضراب مفتوح عن الطعام ، ابتدءا من تاريخ 4 شباط (فبراير).

و تمكنت عائلته من زيارته يوم 8 شباط (فبراير) 2008 التالي، ولاحظت أن حالته الصحية تدهورت بشكل خطير، بالإضافة إلى تعرضه لسوء المعاملة من قبل مصالح الاستخبارات التي تحتجزه في مركز تابع للإدارة العامة لمصالحها، ويوم الجمعة، 15 شباط (فبراير) 2008 منعت أسرته من زيارته، وهو ما  زاد اليوم من خشيتها في احتمال أن بتعرض للأسوأ بالنسبة لسلامته الجسدية والعقلية.

وكان فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي أعلن خلال دورته التي عقدها في جنيف في نهاية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، عن استنتاجاته فيما يخص قضية السيد عصام العتيبي المعروف باسم "أبو محمد المقدسي"، وكانت منظمة الكرامة وجهت التماسا يوم 17 نيسان (ابريل) 2007، إلى فريق العمل تطلب منه التدخل العاجل بهذا الشأن.

وكان فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي وجه يوم 4 حزيران (يونيو) 2007 مجموعة من الأسئلة إلى الحكومة الأردنية يطلب منها الرد عليها لإحاطته علما بتفاصيل هذه القضية التي أوردها المصدر. واكتفت الحكومة الأردنية بإعادة تأكيدها أن السيد العتيبي، المعروف بتصريحاته الراديكالية، اعتقل بناء على أمر بإلقاء القبض عليه صادر عن النائب العام بتهمة " المؤامرة قصد ارتكاب أعمال إرهابية"، وهي التهمة التي ُبلغت إلى المعني. كما أكدت الحكومة أنه سمح له بحق الزيارة وكان له محامي للدفاع عنه.

غير أن السلطات الأردنية لم توضح بدقة التاريخ القانوني لاعتقاله ولتوجه التهمة إليه رغم أن محكمة أمن الدولة برأته يوم 27 كانون الأول (ديسمبر) 2004، كما أن هذه السلطات تكتمت على الأسباب الحقيقية لاعتقاله مباشرة عقب تدخله الإعلامي على شاشة التلفزيون حيث أدان احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية، مما جعل أحد محاميه يقول أن اعتقال موكله جاء تلبية لطلب من السفير الأمريكي في عمان.

وسجل فريق العمل الأممي أن اتهامات الحكومة الأردنية تتسم بعدم الوضوح وبالتالي تعتبر الهيئة أن توقيفه يعود لمواقفه السياسية التي تتعارض مع توجه الموقف الرسمي الأردني.

وأوضحت الكرامة في مراسلة سابقة موجهة إلى فريق العمل أن تقديم السيد العتيبي أمام القاضي لم يتم إلا يوم 19 نيسان (أبريل)، أي بعد مضي سنتين كاملتين على إلقاء القبض عليه، بحيث أبلغه يومئذ القاضي بالتهم المنسوبة إليه المبينة أعلاه، وكان المدعي العام قد رفض اعتماد المحامي الموكل من قبل عائلته.

وبعد تعرضه لسوء المعاملة، دخل السيد العتيبي في إضراب عن الطعام يوم 15 أيار (مايو ) 2007 احتجاجا على إبقاءه معتقلا بعد تبرئته واحتجاجا أيضا على غياب الإجراءات القانونية بشأن قضيته، كما أنه خاض مؤخرا إضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على اعتقاله التعسفي وعلى التدهور الخطير لحالته الصحية.

وبعد ملاحظة الطابع التعسفي لاعتقال الشيخ ابو محمد المقدسي، طلب فريق العمل الأممي من السلطات الأردنية تصحيح هذه الوضعية بما يتفق والتزاماتها الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان.