تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

بعد مراجعتها للتقرير الوطني الأردني، أعربت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة في ملاحظاتها الختامية التي أصدرتها في 9 ديسمبر 2015، عن قلقها إزاء ممارسة التعذيب في البلاد.
وعبر خبراء الأمم المتحدة، الذين يتابعون مدى تنفيذ الدول الأطراف لاتفاقية مناهضة التعذيب، عبروا عن انشغالهم بالتعريف الواسع للإرهاب في القانون، واللجوء إلى التعذيب لانتزاع اعترافات المتهمين، لا سيما من قبل دائرة المخابرات العامة وظروف الاعتقال، وغياب الضمانات الأساسية للمحتجزين. الجدير بالذكر أن كل القضايا التي أبرزتها اللجنة، أثارتها الكرامة في تقرير الظل الذي رفعته إلى الأمم المتحدة استعدادا لاستعراض الأردن.

تعريف وتجريم التعذيب

على الرغم من أن الأردن عدلت قانونها الجنائي في يناير 2014، وحذفت منه مصطلح "التعذيب غير القانوني"، كما أوصت بذلك اللجنة في 2010، إلا أن خبراء الأمم المتحدة ذكّروا بأن القانون الأردني يعتبر"التعذيب جنحة وأن العقوبات لا تتناسب مع خطورة الأفعال ويخضع للعفو ويسقط بالتقادم". بينما ترى اللجنة أن حظر التعذيب مطلق ولا يمكن التذرع بأية ظروف استثنائية لتبرير ممارسته، وأن جريمة التعذيب لا ينبغي أن تخضع للعفو أو التقادم. لذلك أوصت اللجنة حكومة الأردن بتعديل تشريعاتها الوطنية لتتطابق مع التزاماتها الدولية بموجب الاتفاقية الأممية.

التعريف الفضفاض للإرهاب

شاركت اللجنة انشغال الكرامة بشأن قانون منع الإرهاب رقم 55 لعام 2006 المعدل في يونيو 2014، مشيرة إلى أن التعديلات التي أدخلت عام 2014 "وسعت نطاق التعريف المبهم للعمل الإرهابي وزادت في الصلاحيات القضائية لمحكمة أمن الدولة، التي لا يمكن اعتبارها مستقلة لارتباطها المباشر والوثيق بالسلطة التنفيذية، نظرا لتعيين أعضائها من طرف رئيس الوزراء. كما أن خبراء الأمم المتحدة سلطوا الضوء على التعريف العام للتعذيب، إلى جانب أحكام محددة من القانون الجنائي، "التي فرضت قيودا صارمة على عمل الصحفيين الذين تعرض عدد كبير منهم للاحتجاز التعسفي بتهم جنائية في غياب أية ضمانات إجرائية أمام محكمة أمن الدولة".

الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب

على الرغم من أن الدستور الأردني وقانون الإجراءات الجنائية ينصان على عدم القبول بالأدلة التي تم الحصول عليها عن طريق التعذيب، "تعبر اللجنة عن انشغالها، كون الاعترافات أو التصريحات المنتزعة قسراً لا تزال، من الناحية العملية، تستخدم كأدلة مقبولة في المحاكم". وكما أوضحت الكرامة في تقريرها يتم تعذيب الأشخاص الحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي بدائرة المخابرات العامة لانتزاع اعترافاتهم التي ستستخدم كأدلة جنائية لإدانتهم أمام محكمة أمن الدولة.

وكمثال على ذلك، ما حصل مع الناشط الحقوقي عامر جبران في 29 يوليو 2015، الذي قضت محكمة أمن الدولة بسجنه 10 سنوات إثر محاكمة غير عادلة أخدت فيها باعترافاته المنتزعة تحت التعذيب كأدلة. وشملت أعمال التعذيب التي عانى منها عامر استجوابه لمدة 72 ساعة متتالية وحرمانه من النوم، وتهديده بأسرته والضرب المبرح على كل أنحاء جسمه.

ظروف الاحتجاز وغياب الضمانات الأساسية للمحتجزين

أعربت اللجنة أيضا عن قلقها العميق إزاء ارتفاع عدد الأشخاص الموضوعين رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة والاحتجاز الإداري بموجب قانون منع الجرائم لعام 1954، الذي يسمح بالاحتجاز دون تهمة ويثير الكثير من التساؤلات حول مبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية. كما أبرز خبراء الأمم المتحدة أنه لا يوجد أي نص صريح في القانون الأردني ينص على الحق في محام مباشرة بعد إلقاء القبض، وأن قانون أصول المحاكمات الجزائية يسمح للمدعي العام في مادته 66 بحظر الاتصال مع أحد المحتجزين لمدة لا تزيد عن 10 أيام قابلة للتجديد".

وعلاوة على ذلك، أعربت اللجنة عن قلقها إزاء "تقارير متسقة عن الاستخدام الواسع النطاق للتعذيب وإساءة معاملة المشتبه فيهم من طرف المسؤولين عن إنفاذ القانون والأمن، لا سيما في مرافق الاحتجاز التي التابعة لدائرة المخابرات العامة.

الخطوات القادمة:

وفي انتظار الاستعراض القادم المرتقب بعد أربعة سنوات، طلبت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة من الدولة تنفيذ التوصيات التالية خلال أجل سنة:
• تكفل لجميع المحتجزين التمتع بجميع الضمانات الأساسية منذ بداية حرمانهم من الحرية؛
• إلغاء ممارسة الاحتجاز الإداري؛
• إلغاء محكمة أمن الدولة؛
• ضمان عدم القبول في الممارسة العملية بالاعترافات المنتزعة قسراً أو بالبيانات، وضمان تقديم المسؤولين عن انتزاع هذه الاعترافات إلى العدالة ومعاقبتهم.

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني
media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 08 10 734 22 41 00