وقد أعربت الكرامة، خلال هذا اللقاء الذي سبق النظر في تقرير اللجنة الأردنية لحقوق الإنسان، عن مخاوفها الرئيسية وغيرها من التطورات المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان في الأردن. كما شارك مركز عمّان لدراسات حقوق الإنسان بهذا الاجتماع الذي اطّلع خلاله خبراء اللجنة على آخر التطورات في مجال حقوق الإنسان على أرض الواقع، كما تلقوا إجابات على تساؤلاتهم المختلفة.
أمّا أثناء مراجعة التقرير - المقدّم بعد عشر سنوات من التأخير- أمام اللجنة، فقد شارك وفد كبير من الأردن برئاسة الدكتور مالك الطوال، الأمين العام لوزارة التنمية السياسية، و حضر من بين أعضاء الوفد كل من السيد شهاب الدين ماضي، السفير الدائم الممثل لبعثة الأردن والضابط في مديرية الأمن السيد ماهر، الشيشاني. هذا وقد أعرب العديد من خبراء اللجنة عن أسفهم لعدم وجود ممثل عن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان التي لم تُشارك أيضا في إعداد التقرير الحكومي. كما أشار أحد خبراء اللجنة إلى غياب الشفافية في تسمية أعضاء هذه الهيئة.
وقد أثار أغلب الخبراء مسألة قوانين الطوارئ ودور الأجهزة الأمنية وخاصة في سياق مكافحة الإرهاب. كما تساءلت اللجنة عن إمكانية المحامين أو المتقاضين بالاستناد مباشرة إلى أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أمام المحاكم الوطنية. وفي هذا الصدد أشار الوفد بأنّه هناك أكثر من 160 قضية طبّق فيها القضاة مباشرة، ومن دون أن يُطلب منهم، نصوص العهد ليبنوا عليه أحكامهم.
وقد أعرب أحد الخبراء، السيد باغواتي، عن قلقه إزاء مسألة استقلالية محكمة أمن الدولة وحول هذه النقطة، تساءل خبير آخر عن مدى استقلالية السلطة القضائية ولاسيما بعد القرار الذي أُحيل بموجبه على التقاعد أربعة قضاة من المحكمة العليا، من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة. ومن الضروري التذكير بأن هذا الأمر كان قد أثار احتجاجات قوية في أوساط القضاة والمحامين في الأردن.
وقد نفى الوفد بشدّة ما أورده الخبير راجسومر لالاه عن مزاعم باستخدام الاعترافات المنتزعة عن طريق التعذيب في الحكم على أشخاص أمام محكمة أمن الدولة، هذا على الرغم من الحالات الكثيرة التي وثّقتها العديد من المنظمات الحقوقية ومنها الكرامة.
وحرصا من العقيد ماهر الشيشاني-مديرية الأمن العام- على إظهار الطابع الاعتيادي لملاحقة ومعاقبة رجال الأمن من مرتكبي الانتهاكات، فقد شدّد على أنّ الشكاوى المتعلقة بسوء المعاملة قد بلغت 26 كانت قد قُدّمت إلى إدارة مكتب المظالم التي أحالت عشرة منها إلى القضاء، من دون الإشارة إلى مصير ال16 شكوى الباقين.
وتناول الخبراء أيضا مشكلة خطيرة ألا وهي الاحتجاز الإداري في الأردن، وهو ما اعترف به الوفد مبررا هذه الممارسة لضرورة احتواء المظاهرات التي كادت، وفقا للدكتور مالك الطوال، أن تهدد أمن السفير الإسرائيلي، وخصوصا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.
ومع ذلك، فقد أضاف رئيس الوفد بأنّه ينبغي بذل جهود للحدّ من الاعتقال الإداري وفتح تحقيقات في الانتهاكات، معترفا بوجود مصاعب إلا أنّ الأردن ستكون، بحسب تعبيره، "دولة ديمقراطية" بحلول عام 2020.
من الجدير بالذكر بأنّه على الرغم من الأسئلة المحددة للجنة بشأن عدد مهم من الانتهاكات، فإنّ أجوبة الوفد كانت متأرجحة وهذا ما حذا بخبراء اللجنة، في بعض الأحيان، بتكرار الأسئلة ولكن بدون الحصول على أجوبة شافية.