تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

رفعت الكرامة في فبراير 2015، شكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بشأن قضية عاشور بركاوي، الذي اختفى منذ اختطافه من قبل عناصر تابعين لمصالح الأمن الجزائرية من قلب الجزائر العاصمة في نوفمبر 1994. وأحالت الكرامة هذه الشكوى إلى الهيئة الأممية نيابة عن أسرة الضحية، التي تُحمل السلطات الجزائرية مسؤولية اختفائه، بعدما استنفدت كل الإجراءات المحلية لمعرفة الحقيقة والحصول على العدالة.

السياق
ألقي القبض على عاشور بسبب نشاطه السياسي وانتمائه للجبهة الإسلامية للإنقاذ في سياق الحرب الأهلية التي تلت إلغاء أول انتخابات تشريعية حرة تعرفها الجزائر، حصلت خلالها الجبهة الإسلامية للإنقاذ على أغلبية ساحقة، وكانت على وشك أن تضع حدا لهيمنة جبهة التحرير الوطنية، الحزب الذي حكم البلاد طيلة 30 عاما.

بعد الانقلاب العسكري في يناير 1992، قامت قوات تابعة لدائرة الإستعلام والأمن (المعروفة اختصار بـ DRS) والشرطة والجيش والمليشيات الموالية للحكومة بالعديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وبشكل خاص الاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية والإعدامات خارج نطاق القضاء. أدت الحرب الأهلية، حسب التقديرات الأكثر تفاؤلا، إلى سقوط ما يزيد على 150.000 قتيل، وما بين 8000 و20.000 حالة اختفاء قسري، يتحمل مسؤوليتها المباشرة موظفو الدولة.

تعتبر جريمة الاختفاء القسري من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتوضح الفقرة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري "يقصد بالاختفاء القسري "الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون".

الوقائع
كان عاشور بركاوي يبلغ من العمر حينها 33 عاما، كان زوجا وأبا يعمل موظفا بمصلحة الضرائب بولاية الجزائر. وبينما هو ينتظر الحافلة في 20 نوفمبر 1994 على الساعة 7.30 صباحا بالمحطة الواقعة قبالة القصر الرئاسي بالجزائر العاصمة، أحاط به مجموعة من الرجال بعضهم مقنعون كلهم بملابس مدنية، حضروا إلى المكان على متن سيارتين للشرطة من نوع نيسان، إضافة إلى أخرى من نوع بوجو تحمل لوحات مدنية،  وقاموا بتوثيقه واركبوه عنوة صندوق إحدى السيارات ثم انطلقوا به إلى وجهة مجهولة.

علمت زوجته أنه محتجز بمركز الشرطة بحي المدنية، المجاور لمكان اختطافه، وأنه يتعرض للتعذيب القاسي. فتوجهت إلى هناك للاطمئنان عليه، إلا أن رجال الشرطة الذين كانوا حاضرين حينها نفوا اعتقاله بالمركز. لكن هؤلاء الرجال أنفسهم أسروا لها أسابيع بعد ذلك بشكل غير رسمي أن زوجها كان معتقلا لديهم، وأنه رُحل إلى مدرسة الشرطة بشاطونوف، أحد أهم وأشهر مراكز الاعتقال السرية المعروف بممارسة التعذيب بالجزائر العاصمة.

لم تتوقف أسرة عاشور طيلة 21 عاما من البحث عنه، فرفعت شكوى إلى وكيل الجمهورية، وإلى المرصد الوطني لحقوق الإنسان، إلا أنها لم تتوصل بجواب يفيد بمصيره أو مكان اعتقاله ، ولم يسمح لها أبدا بزيارته.

شكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة
أمام مراوغات السلطات الجزائرية الواضحة، وصمتها ورغبتها في عدم الإفصاح عن مصير عاشور بركاوي والتستر على المتورطين في اختفائه، وانسداد سبل الإنتصاف المحلية، خاطبت أسرته مؤسسة الكرامة لتنوب عنها أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة لكي تحصل على إدانة رسمية للسلطات الجزائرية، وتحملها مسؤولية اختفاء عاشور وتطالبها بفتح تحقيق جاد لتسليط الضوء على مصيره.

الجدير بالذكر أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أصدرت خلال الستة أشهر الماضية أربعة قرارات تدين الجزائر بانتهاك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي هي طرف فيه منذ 1989، وتحملها مسؤولية الانتهاكات العديدة التي ارتكبت في حق الضحايا، وسنوات المعانات التي نتجت عنها لدى أقاربهم في القضايا التي رفعتها الكرامة نيابة عن عائلات كل من بورفيس، والأخوين فدسي ، ولخضر بوزنية، و نجمة بوزعوط، الذين اختفوا أو قتلوا خارج نطاق القضاء على يد المصالح الأمنية الجزائرية.

وأعطت اللجنة الأممية مهلة ستة أشهر للسلطات الجزائرية لإطلاعها عن التدابير التي اتخذتها بشأن هذه القرارات التي ستدرجها في تقريرها السنوي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك خلال دورتها القادمة
المثير للقلق أن السلطات الأمنية الجزائرية قامت باستدعاء أسر الضحايا للتحقيق معهم بشأن هذه الشكاوى، بدل تفعيل القرارات الأممية ووضع حد لمعاناتهم، وهو ما يعد انتقاما وشكلا من أشكال التهديد. وتفيد الكرامة أنها أطلعت في 26 مارس 2015 خبراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بهذه الممارسات.

 

لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341008