تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

تعرب الكرامة عن أسفها لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي بعدم منحها الصفة الاستشارية إثر مشروع القرار الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة حول "ارتباطها المزعوم بالإرهاب"، وهو ما يتناقض مع التوصية الإيجابية التي قدمتها اللجنة المعنية بالمنظمات غير الحكومية في أيار/مايو 2017، بعد عملية تدقيق طويلة، ويعكس بوضوح محاولة أخرى من جانب الأنظمة العربية القمعية تشويه وتقويض تطوع مؤسستنا في تقديم الدعم القانوني لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. لقد أصبح الاتهام بالإرهاب، للأسف، سلاح الدول العربية المفضل لكتم أي انتقاد، ونأسف عميقاً لأن بعض الديمقراطيات الليبرالية الغربية لم تعارض القرار باعتبار أن هذه الممارسات تتعارض مع قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون التي تعتز بها.

وليس غريبا أن يكون وراء هذا القرار دولة الإمارات العربية المتحدة المعروفة بتاريخها القمعي المنهجي لكل الأصوات المعارضة. فسلطات البلاد تستهدف دون استثناء كل المدافعين عن حقوق الإنسان والأصوات المعارضة السلمية الأخرى، ويتعرضون للتنكيل والأعمال الانتقامية بشكل منهجي. وما اتهامهم "بالإرهاب" أو "نشر معلومات كاذبة" أو "تشويه صورة الدولة" إلا عينة من كم التهم  التي تكال لهم وغالبا ما تقودهم للمتابعة القضائية والسجن. وفي السياق نفسه، من الطبيعي أن تواجه الكرامة غضب الدول العربية لأنها اختارت القانون الدولي ومنظومة الأمم المتحدة كأدوات للدفاع عن ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها مؤسستنا للأعمال الانتقامية ـ ومن المؤكد أنها لن تكون الأخيرة ـ لأن الأنظمة القمعية تخشى الدعوة السلمية لحقوق الإنسان وتعتبرها هدامة وخطر على أمنها.

إلا أن ذلك لن يزيدنا إلا إصرارًا على مواصلة عملنا في إسماع أصوات من لا صوت لهم. قامت الكرامة منذ عام 2004، بتقديم الشكاوى دون أي تمييز إلى الأمم المتحدة نيابة عن آلاف ضحايا التعذيب والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي والإعدام بإجراءات موجزة في جميع أنحاء العالم العربي. ورغم هشاشة حماية حقوق الإنسان في السياق الدولي الراهن، إلا أن التزامنا بالدفاع عنها ثابت. تحاول هذه الدول إسكاتنا لإغلاق قناة موثوق بها تربط بين أفراد من المنطقة وآليات حقوق الإنسان التي أنشأتها الأمم المتحدة لحماية هذه الحقوق على الصعيد العالمي. ونعتبر أن هذا الهجوم لا يستهدف الكرامة بمفردها بل جميع نساء ورجال المنطقة لثنيهم عن المطالبة بحقوقهم الجوهرية.

لقد اضطلعنا دائما بمهمتنا بأقصى قدر من الشفافية، ونود أن نوضح بنفس الشفافية هشاشة الحجج و"علاقتنا المزعومة بالإرهاب" التي أثارتها دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم من دول مثل الجزائر، لحرماننا من الصفة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

في البداية قالت الإمارات العربية المتحدة إنها صنفتنا "منظمة إرهابية"، في إشارة إلى قائمة نشرتها وكالة أنباء الإمارات في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، تضم 83 منظمة وصفتها بأنها إرهابية، بموجب القانون الاتحادي رقم 7 لعام 2014، ومن بينها "منظمة الكرامة". لم نتوصل بأي إشعار بشأن هذا التصنيف، بل حتى عندما طلبنا كتابيا توضيحا من البعثة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة في جنيف، لم نتلق أي رد. وبالنظر إلى عدم مصداقية هذه القائمة - التي شملت جمعيات خيرية معروفة مثل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، و الإغاثة الإسلامية في المملكة المتحدة، و الجمعية الإسلامية في بريطانيا – فإننا لا نعيرها أي اهتمام.

ثانيا، ادعت الإمارات العربية المتحدة أن "لجنة الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة" قد اعتبرت مؤسس الكرامة ممولاً ووسيطاً للإرهاب. وبذلك تقصد الدكتور عبدالرحمن النعيمي أحد مؤسسي الكرامة. وهو أستاذ جامعي وسجين رأي سابق دافعت عنه منظمة العفو الدولية، وضعه مجلس الأمن الدولي على قائمة الإرهاب بعد إدراجه من قبل الخزينة الأمريكية في كانون الأول/ديسمبر 2013 في قائمتها. لم يكن بوسع الخزينة الأمريكية تقديم أي دليل يؤكد ادعاءاتها، ونفى الدكتور النعيمي جميع التهم الموجهة إليه وأبلغ السلطات الأمريكية رسميا استعداده للمثول أمام أي محكمة، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات لم يتلق أي رد على مراسلته. وبالإضافة إلى ذلك، وبروح من الشفافية، اتصلت الكرامة بوزارة الخزانة الأمريكية، وأكدت لها هذه الأخيرة في مراسلة رسمية أن "الكرامة لم تكن قط معنية بأية عقوبة"، و"أن تصنيف النعيمي متعلق به بصفته الشخصية". ومنذ نشر هذه القائمة، لم تتوقف الحكومات العربية وبعض المواقع الصحفية الموالية لها عن نشر إشاعات عن "ارتباط الكرامة بالقاعدة" في محاولة منها لتشويه عملنا.

ثالثا، أكدت الجزائر، التي شاركت في تقديم مشروع القرار، أن "أعضاء من مؤسسة الكرامة تجري محاكمتهم". وبالفعل فإن مديرنا التنفيذي مراد دهينة والمدير القانوني رشيد مصلي تمت متابعتهما من طرف السلطات الجزائرية، بتهمة "الإرهاب". الأول لأنه دعا علنا إلى التغيير الديمقراطي في بلده، والثاني بسبب عمله كمحام لحقوق الإنسان. ألقي القبض سنة 2012، على الدكتور دهينة في باريس على أساس مذكرة توقيف دولية أصدرتها سلطات الجزائر؛ وخلص  المدعي العام الفرنسي إلى أن الاتهامات الموجهة إليه "خرافية" "وهراء" وأمر بإطلاق سراحه. و في سنة 2015، وضع الأستاذ رشيد مصلي رهن الإقامة الجبرية في إيطاليا على أساس مذكرة توقيف دولية أصدرتها سلطات الجزائر في انتظار  التوصل بطلب التسليم من الجزائر. غير أن المحكمة رفعت سريعا الإجراء وخلصت إلى أن نشاطه في الدفاع عن حقوق الإنسان لا يمكن ربطه البتّة بالإرهاب؛ وأن الاتهامات الجزائرية لا تعدو كونها "اضطهاد سياسي".

وما هذا الاستهداف لمؤسسة الكرامة إلا مثال آخر على الخطر المحذق بالنشاط السلمي لحقوق الإنسان وإساءة استخدام مكافحة الإرهاب للحد من الحقوق والحريات الأساسية. ومع ذلك، لن تفتر عزيمتنا وسنستمر بمزيد من القناعة والالتزام في السعي إلى عالم عربي يعيش فيه الناس بحرية وكرامة في ظل سيادة القانون.

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني  media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم 08 10 734 22 41 00