تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
التقرير السنوي للكرامة 2022

أطلقت الكرامة لحقوق الإنسان تقريرها السنوي حول حالة حقوق الإنسان في العالم العربي باللغتين (العربية، و الإنجليزية)، استنادًا إلى حصيلة نشاطها القانوني عبر الشكاوى الفردية لدى الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة وتقارير الظل الموازية أمام الهيئات التعاقدية المنشأة بموجب الاتفاقيات الدولية.

وأوضح مدير الكرامة المحامي رشيد مصلي، قائلاً: "من يتابع قضايا حقوق الإنسان التي غطتها الكرامة طيلة العام المنصرم في جميع أنحاء المنطقة العربية، لا يسعه إلا أن يلاحظ بروز الإفلات من العقاب كموضوع متكرر، وسمة مميزة لمختلف بلدان المنطقة، على الرغم من اختلافاتها"، مضيفًا بأن "الأنظمة المتعاقبة والجهات الفاعلة غير الحكومية استفادت على حدٍ سواء من مناخ الإفلات من العقاب، سواءٌ في أوقات الحرب أو في أوقات السلم".

ويقول المحامي مصلي: " إن فريق الكرامة يؤمن إيمانًا راسخًا بأن توثيق الظلم، كلّ حالة على حدة، وتقرير تلو الآخر، هو جزء أساسيٌّ من بناء العدالة والمساءلة". و "إن عرض قضايا انتهاكات حقوق الإنسان على الآليات القانونية الدولية يعني أن نكون شهودًا على الانتهاكات والفظائع المرتكبة في جميع أنحاء المنطقة".

التقرير يقدم تشخيصًا دقيقًا ومركّزًا لحالة حقوق الإنسان في مختلف جهات العالم العربي الأربع، معتمدًا على خبرة سنوات من العمل الدؤوب في مجال المناصرة عبر أدوات القانون الدولي، ويلفت الانتباه إلى مسألة الإفلات من العقاب إزاء انتهاكات حقوق الإنسان، بوصفها ثقافة مشتركة في جميع أنحاء المنطقة، لا يزال الضحايا من جميع الخلفيات يعانون من عواقبها.

ويلفت التقرير إلى أن الطريق نحوالعدالة والمساءلة إزاء انتهاكات حقوق الإنسان فقد يبدو طويلاً وشاقاً؛ لكنه يظل "رحلة حتمية ومسؤولية أساسية لمجتمع حقوق الإنسان على الصعيد العالمي"، حد تعبيره.

"وفي مواجهة الجهات الفاعلة المتنفذة التي تتمتع بهذا الإفلات من العقاب والعقبات العديدة التي تحول دون تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات، يمكن للمرء أن يشكك بسرعة في فعالية الدعوة الدولية لحقوق الإنسان"، يتابع التقرير، مستدركاً: " لكن في خضم الشك، نتمسك عن قناعة أكيدة بوجوب القيام بهذا العمل وتنفيذه، جيلاً بعد جيل."

ويوضح التقرير أن الكرامة بذلت جهودًا كبيرة للدفاع عن ضحايا الانتهاكات والحصول من خلال التقارير الموثقة على قرارات وتوصيات من مختلف آليات الأمم المتحدة تدين الانتهاكات وتحثّ على تحسين حالة حقوق الإنسان. وبالنسبة للعديد من الضحايا، تمثل هذه القرارات الفرصة الوحيدة ذات المغزى للحصول على شكلٍ من أشكال الاعتراف، إن لم يكن المناصرة والعدالة.

وطبقًا للتقرير، تزداد أهمية هذه المهمة التي حملتها الكرامة على عاتقها، نظرًا لغياب آليات المساءلة المحلية على مستوى الدول العربية، سواءٌ كانت قانونية أو إعلامية أو قائمة على المجتمع المدني.

ويزداد الأمر تعقيدًا في ظل غياب استقلال القضاء، فيما لا تزال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تحت سيطرة السلطات التنفيذية، ومساحات المجتمع المدني مقيدة بقوانين قمعية.

ويستشهد التقرير السنوي للكرامة بما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2022 حول الأعمال الانتقامية التي ارتكبتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ضد الأفراد الذين يتعاونون مع الأمم المتحدة؛ مؤكدًا بأن ربع البلدان المذكورة هي من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. علاوةً على ذلك، وفقًا لمؤشر حرية الصحافة لعام 2022، تم تصنيف معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الثلث الأدنى عالميًا من حيث حرية الصحافة وسلامة الصحفيين.

يذكر أنه على مرّ السنين، سلّطت الكرامة الضوء على النمط المشترك للحكومات العربية في معاقبة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والضحايا الذين يتجرأون على التماس الانتصاف أمام آليات الأمم المتحدة.

في السياق ذاته، لا تزال مكافحة الإرهاب والأمن القومي المبررات المفضلة لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لقمع مجتمعاتها المدنية وأصواتها السلمية المعارضة.

لكن على الرغم من ذلك، "لم تثنِ هذه الأعمال الانتقامية والترهيب عزم الكرامة وآليات الأمم المتحدة في مناصرة حقوق الإنسان الآخذة في الازدياد"، بحسب الكرامة. كما أنها "لم تنجح في تحقيق هدفها الرامي إلى إسكات الأصوات المطالبة بالعدالة والمساءلة، فضلاً عن ذلك بات جلياً أن اشتداد حملات القمع ضد المجتمع المدني يشير إلى أن هذه الأنظمة الاستبدادية تعيش آخر أيام إفلاتها من العقاب".

وقالت الكرامة إنها بينما تقترب من عقدين من المناصرة الدؤوبة منذ تأسيسها، "شهدنا إنشاء منظمات مجتمع مدني جديدة وزيادة المشاركة مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان؛ لذلك نعرب عن امتناننا للرجال والنساء الصامدين والمتفانين الذين يخاطرون بحياتهم للدفاع عن الكرامة وحقوق الإنسان في المنطقة العربية ويواصلون التحدث نيابة عن أولئك الذين يتم إسكاتهم من قبل حكوماتهم".

كما عبّرت الكرامة عن شكرها لخبراء الأمم المتحدة المستقلين المسؤولين عن الإجراءات الخاصة والهيئات المنشأة بموجب معاهدات وموظفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان على تعاونهم المتفاني وثقتهم ودعمهم المستمريْن.