نشرت لجنة مناهضة التعذيب ملاحظاتها الختامية، في 13 أيار/مايو 2016، بعد اطلاعها على التقرير الدوري الثاني للمملكة العربية السعودية (CAT / C / SAU / 2) والجلسات الاستعراضية التي أُجريت في 22 و 25 نيسان/أبريل 2016. وفي إطار التحضير للاستعراض قدمت الكرامة قائمة المسائل وتقريرها الموازي إلى خبراء اللجنة لتقييم مدى امتثال السعودية للاتفاقية. ويعكس ما أوصت به اللجنة في ملاحظاتها إلى حد كبير النقاط الرئيسة التي أثارتها المنظمة.
التحقيق في مزاعم التعذيب ومحاكمة الجناة
سلّطت الكرامة الضوء على الاستخدام الواسع النطاق والمنهجي للتعذيب والمعاملة غير الإنسانية في السجون السعودية ومراكز الاعتقال. طلبت اللجنة من المملكة فتح تحقيق سريع ونزيه وجدّي في مزاعم التعذيب. وأوصت بمحاكمة جميع المتورطين في تلك الانتهاكات، نظرا لجسامة ما أقدموا على فعله. كما طالبتها بالإسراع في تحديد تعريف للتعذيب في القانون الجزائي يتطابق ومضمون الاتفاقية؛ حتى يتسنى تجريم هذه الممارسة ويحظرها بشكل مطلق. وذكّرت اللجنة الدولةَ الطرف بأن العقوبات الجسدية تندرج تحت التعذيب، لذا يتوجب عليها وفقاً للمادة 14 من الاتفاقية، توفير الرعاية الطبية الفورية للضحايا وإنصافهم بما في ذلك إعادة تأهيلهم.
الضمانات القانونية قبل وأثناء المحاكمة
دأبت الكرامة خلال عقد من الزمن، على إفادة المقررين الخاصين في الأمم المتحدة وآليات حقوق الإنسان، بمئات القضايا الخاصة بأشخاص احتجزوا تعسفيا وتعرضوا للتعذيب والحرمان من حقهم في الضمانات القانونية. كما أرفقت تقريرها إلى خبراء اللجنة بقائمة حوت أسماء جميع الضحايا.
في ظلّ غياب الضمانات القانونية للمعتقلين وفق التشريعات السعودية، وعدم مراعاتها في الممارسة العملية، نبّهت اللجنة الدولة الطرف إلى وجوب كفالة حق أي موقوف في معرفة التهم الموجهة إليه، ومثوله الفوري أمام القضاء وخضوعه للعلاج الطبي. كما ذكّرتها بوجوب رفض الأدلة والاعترافات المنتزعة عن طريق الإكراه أو التعذيب. لذلك، أوصت اللجنة الدولة الطرف باتّخاذ تدابير فعالة تثبّت قانونياً وعلى أرض الواقع، لضمان إبطال الاعترافات المنتزعة بالإكراه ومقاضاة من ورائها.
وأخيراً أكدت اللجنة على أهمية السماح للمعتقلين في التواصل الفوري مع محاميهم بشكل إنفرادي، و في الاتصال بمن يرونه مناسبا من أفراد أسرهم لإبلاغهم عن اعتقالهم ومكان تواجدهم. لذلك، يجب إلغاء أي نصّ قانوني يعطي المحققين فرصة تقييد هذه الحقوق، وملاحقة كلّ من لا يحترم هذه الضمانات منهم.
قانون مكافحة الإرهاب والمحكمة الجزائية المتخصصة؛ أرضية خصبة لممارسة الانتهاكات
أعربت لجنة مناهضة التعذيب عن قلقها إزاء قانون مكافحة الإرهاب الذي يقدّم تعريفاً "فضفاضاً" للإرهاب، ما يفتح الباب واسعاً أمام انتهاك الضمانات القانونية بفعل ممارسة الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. وانتقدت أيضا عدم استقلالية المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أنشأتها وزارة الداخلية عام 2008 للنظر في قضايا الإرهاب. لذلك، أوصت اللجنة المملكة العربية السعودية بتعديل تعريفها للإرهاب وتحديده بقدر كبير لكي لا يطال من يمارس حقّه في "حرية التعبير والرأي سلميّاً، وبخاصة المدافعين عن حقوق الإنسان" . كما دعى خبراء اللجنة المملكة إلى إعادة النظر في تشريعاتها بشكل يكفل إزالة جميع القيود عن الضمانات القانونية للمعتقلين وتمكينهم الفوري من الحصول على المشورة القانونية والتواصل مع أحد أفراد عائلتهم،وضمان استقلالية المحكمة الجزائية المتخصصة وإعلام القضاة بواجبهم في ردّ جميع الاعترافات المنتزعة تحت وطأة التعذيب.
وأخيرا، ودائماً في إطار التوصيات السابقة، أعربت لجنة مناهضة التعذيب عن قلقها إزاء جهاز المباحث التابع لوزارة الداخلية، وممارسته الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وإبقاء الموقوفين لفترات طويلة دون المحاكمة، مما يسمح بعدم احترام حق المعتقل في الضمانات القانونية التي تحميه من التعذيب. وأوصت الدولة أن توفر معلومات مفصّلة عن الأشخاص المحتجزين لدى المباحث، وضمان السماح لهيئة مستقلة برصد أماكن الاعتقال.
حقوق الإنسان و "رؤية السعودية 2030"
أعلنت السعودية مؤخرا عن خطة ستعتمدها في السنوات المقبلة تحت عنوان "رؤية السعودية 2030" تهدف إلى تحريرها من الاعتماد على النفط. وفي هذا السياق، تذكر الكرامة سلطات المملكة بأجندة التنمية المستدامة لعام 2030 للأمم المتحدة التي تركز على احترام حقوق الإنسان. وتنصّ الفقرة 18 منها على تنفيذ بنود الأجندة بنحو يراعي التزامات الدول بموجب القانون الدولي. وفي هذا الإطار، تؤكّد الكرامة أن تحقيق رؤية العام 2030 يتطلب أيضاً إصلاحات في مجال حقوق الإنسان وحماية أكبر وتعزيز للمجتمعات المدنية. لذلك وبغية ترسيخ هذه الإصلاحات، ينبغي على السعودية الأخذ بالتوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب.
تدعو الكرامة المملكة العربية السعودية إلى تنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب وتحثها على إنشاء لجنة تقصّي مستقلة للتحقيق في مزاعم التعذيب؛ على ألّأ تكون الهيئة خاضعة لرقابة وزارة الداخلية. كما تذكر الكرامة أن السعودية أعلنت، في بيانها الافتتاحي خلال استعراضها أمام لجنة مناهضة التعذيب، عن صياغة نظام جزائي جديد؛ لذا فهي تدعوها إلى سنّ قوانين تتطابق مع اتفاقية مناهضة التعذيب والتوصيات الصادرة عن اللجنة.
برنامج الكرامة لرصد تنفيذ التوصيات
تغتنم الكرامة الفرصة لتعلن عن إطلاق برنامجها لرصد تنفيذ جميع التوصيات جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني السعودي. على أن يتمّ العمل بموجبه على مدى السنوات الأربع المقبلة؛ فتقوم، إلى جانب الرصد بتقديم تقارير المتابعة إلى خبراء لجنة مناهضة التعذيب. و تدعو الكرامة جميع أعضاء المجتمع المدني لدعم المنظمة في هذا الجهد لحماية وتعزيز حقوق الإنسان.
لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني
media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم
08 10 734 22 41