تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
 سفارة السعودية في تركيا

أطلقت الكرامة ومنظمات حقوقية ونشطاء سعوديون وأجانب حملة حقوقية للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي في المملكة العربية السعودية والتنديد بالأحكام الجائرة التي أصدرتها السلطات السعودية مؤخرا وطالت عددا من معتقلي الرأي بمن فيهم معتقلون انتهت مدة عقوبتهم أو قاربت على الانتهاء، في انتهاك صارخ لمبادئ العدالة والقوانين والمواثيق الدولية.

وجاء في بيان الحملة: "رغم سوء الملف الحقوقي في السعودية منذ عقود إلا أن العام 2017 كان أسوأها، وأصبح بداية لسنوات من القمع والتنكيل والانتهاكات ضد مئات من العلماء والناشطين والاعلاميين ورموز المجتمع، ومن حينها شنت الحكومة السعودية حملة مسعورة من الاعتقالات التعسفية والمداهمات الأمنية البشعة ضد مواطنين شرفاء؛ لغرض إسكات أصواتهم الحرة وقطع تأثيرهم الإيجابي على المجتمع".

وأضاف البيان: " وفي الآونة الأخيرة بدأ النظام حملة مسعورة بإصدار أحكام قاسية وغير مبررة بواسطة ذراعه القضائي ضد عدد من المعتقلات والمعتقلين تصل إلى عشرات السنين وبطريقة فجة تفتقر لأبسط الاجراءات الجزائية والقضائية المفترضة محلياً والمعروفة والمتفق عليها دولياً".

وطوال السنوات الماضية تابعت الكرامة بقلق بالغ تردي حالة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وقدمت تقارير وشكاوى عدة إلى الهيئات والإجراءات الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، كما أصدر فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي العديد من الآراء التي توكد الطابع التعسفي للاحتجاز والملاحقات القضائية، لكن السلطات السعودية قابلت ذلك بمزيد من القمع وتجاهل التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بل عمدت في حالات عدة إلى ممارسة الانتقام ضد الضحايا و/ أو ذويهم بسبب لجوئهم إلى تقديم شكاوى أمام الأمم المتحدة.

في هذا السياق تشير الكرامة إلى اعتزامها مخاطبة لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة من أجل الإسراع في تحديد موعد للمراجعة الدورية للدولة الطرف، والنظر في الوضع في السعودية ومدى التزامها بتوصيات اللجنة خلال الاستعراض الدوري السابق. حيث كانت لجنة مناهضة التعذيب نشرت ملاحظاتها الختامية، في 13 أيار/مايو 2016، بعد اطلاعها على التقرير الدوري الثاني للمملكة العربية السعودية (CAT / C / SAU / 2) والجلسات الاستعراضية التي أُجريت في 22 و 25 نيسان/أبريل 2016. وفي إطار التحضير للاستعراض قدمت الكرامة قائمة المسائل و تقريرها الموازي إلى خبراء اللجنة لتقييم مدى امتثال السعودية للاتفاقية، وكانت توصيات اللجنة تعكس إلى حد كبير النقاط الرئيسة التي أثارتها الكرامة.

وفي أعقاب الاستعراض الدروي الثاني، أطلقت الكرامة برنامجا لرصد ومتابعة تنفيذ جميع التوصيات جنباً إلى جنب مع المجتمع المدني السعودي. وقدمت في هذا الإطار بتأريخ 2 يونيو/حزيران 2017 تقرير متابعة إلى لجنة مناهضة التعذيب، أوضحت فيه بأسف أن المملكة العربية السعودية لم تنفذ أياً من توصياتها.

وأمام الوضع المتدهور في السعودية وعدم التزام السلطات بتوصيات خبراء لجنة مناهضة التعذيب قدمت الكرامة تقريراً آخر للمتابعة في يونيو 2021 أعادت من خلاله التذكير بالعديد من القضايا التي اشتغلت عليها سابقاً، حيث دعت الكرامة، إلى مخاطبة الدولة الطرف بشأن حالة المدافعين عن حقوق الإنسان المحكوم عليهم بأحكام سجن قاسية، إذ نظرت اللجنة في الأمر من خلال سؤال المملكة العربية السعودية عما إذا كانت ستنظر في الإفراج عن الأشخاص المعتقلين تعسفياً على خلفية انتقادهم السلمي للسلطات أو للدفاع عن حقوق الإنسان، من بينهم سعود مختار الهاشمي وسليمان الرشودي وخالد الراشد ومحمد عبد الله العتيبي ومحمد القحطاني ووليد أبو الخير.

وذكّرت الكرامة اللجنة بضرورة التحقيق في مصير هذه الشخصيات البارزة، وجميعهم حُرموا تعسفيًا من حريتهم واحتُجزوا على الرغم من طلبات الإفراج عنهم من قبل فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاعتقال التعسفي، الذي أصدر عدة آراء تتعلق بالطبيعة التعسفية للاحتجاز الذي تعرضوا له، بموجب شكاوى أحالتها إليه الكرامة.

كما أثارت الكرامة أمام اللجنة قضية سفر بن عبد الرحمن الحوالي المحتجز تعسفيا لنشره كتابا انتقد فيه خيارات السياسة الدولية لمحمد بن سلمان مقدماً إليه جملة من التوصيات.

نص البيان

يدرك الجميع الحالة المتردّية لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وما يعانيه المواطن من انتهاكات وقمع ممنهج للحريات ومنع أي صوت يطالب بالإصلاح والتغيير، ناهيك عن الاعتقالات التعسفية الجائرة وحالات الاختفاء القسري التي تعرّض لها أشخاص لم يكن لهم أي جرم، غير أنهم مارسوا حقهم المشروع في التعبير عن الرأي، أو كان لهم تأثير مجتمعي، وحضور جماهيري كبير.

ورغم سوء الملف الحقوقي في السعودية منذ عقود إلا أن العام 2017 كان أسوأها، وأصبح بداية لسنوات من القمع والتنكيل والانتهاكات ضد مئات من العلماء والناشطين والاعلاميين ورموز المجتمع، ومن حينها شنت الحكومة السعودية حملة مسعورة من الاعتقالات التعسفية والمداهمات الأمنية البشعة ضد مواطنين شرفاء؛ لغرض إسكات أصواتهم الحرة وقطع تأثيرهم الإيجابي على المجتمع. وطالت هذه الاعتقالات عددا كبيرا من العلماء والأكاديميين والنشطاء والحقوقيين والاعلاميين، بل لم يكد يسلم منها أحد من هؤلاء رجالاً ونساءً.

ومنذ ذلك الحين وهم يقبعون في زنازين النظام في ظروف سيئة للغاية تعرضوا خلالها لصنوف من الانتهاكات كالتعذيب الجسدي والحبس الانفرادي والمنع من النوم والتواصل مع عائلاتهم أو توكيل محامين للدفاع عنهم وغيرها. وفي الآونة الأخيرة بدأ النظام في حملة مسعورة بإصدار أحكام قاسية وغير مبررة بواسطة ذراعه القضائي ضد عدد من المعتقلات والمعتقلين تصل إلى عشرات السنين وبطريقة فجة تفتقر لأبسط الاجراءات الجزائية والقضائية المفترضة محلياً والمعروفة والمتفق عليها دولياً.

إضافة إلى ذلك هناك مؤشرات خطيرة ودلائل واضحة وقرائن مثبتة، تُبِّين عزم النظام في السعودية على إصدار أحكام قاسية جداً، قد تصل إلى عقوبة الإعدام ضد كل من الدكتور سلمان بن فهد العودة والدكتور عوض بن محمد القرني والدكتور علي بن حمزة العمري، والدكتور حسن بن فرحان المالكي وتنفيذ ما طالبت به النيابة العامة بحقهم بإصرار كامل من جهات رسمية عليا في البلد على رأسهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

إننا نؤكد رفضنا وإدانتنا الكاملة لسلسلة الأحكام القاسية التي يصدرها قضاء الحكومة السعودية ضد عدد من معتقلي ومعتقلات الرأي في السعودية من العلماء والناشطين والاعلاميين لمدد تصل إلى عشرات السنين لمجرد تعبيرهم عن رأيهم أو حضورهم الاجتماعي أو نشاطهم السلمي على منصات التواصل الاجتماعي.

كما نُحذّر بشدّة من إقدام النظام على خطوة الإعدام ضد عدد من الدعاة والعلماء ورموز المجتمع ويأتي في مقدمتهم الدكتور سلمان العودة والدكتور عوض القرني والدكتور علي العمري والدكتور حسن المالكي، ونشدد على أن إقدام النظام على هذه الخطوة هو تحدٍ سافر لأحكام الشريعة الإسلامية وكل الشرائع السماوية والقوانين والمعاهدات الدولية، وأنه استفزاز صارخ ليس للمجتمع السعودي فحسب؛ بل لجميع المجتمعات العربية والإسلامية وجميع شعوب العالم المؤمنة بالحرية والعدالة.

وإننا إلى ذلك كله نناشد الشعوب المؤمنة بالعدل والسلام، والمجتمعات الحرة، وكل المنظمات والجمعيات والهيئات الداعمة لحقوق الانسان، والمؤسسات العلمائية والإعلامية في العالم، والمجتمع الدولي بهيئاته ومؤسساته الرسمية والشعبية، إلى القيام بواجبهم؛ للتصدي لهذه الانتهاكات الكبيرة التي يمارسها النظام السعودي ضد معتقلي الرأي، وأن نقف جميعا للحيلولة دون إقدام النظام على تنفيذ عقوبة الإعدام ضد معتقلي الرأي والعلماء المدافعين عن الحقوق والحريات في السعودية، وإنه إن لم نتحرك جميعاً بسرعة كبيرة بكافة الاتجاهات فإن المعلومات والمؤشرات تدل على أن القادم أسوأ.