تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
توصلت منظمة الكرامة بنسخة من رسالة الدكتور مبارك بن سعيد آل زعير إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتي يشرح فيها تفاصيل اعتقاله بعدما طمأنه الأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية ووعده بقرب بداية الإفراج عن المعتقلين وكلفه بإبلاغ أهالي المعتقلين الذين كانوا يتجمعون أمام مبنى وزارة الداخلية. لكن يبدو أن الأمير محمد بن نايف قد غير رأيه ونقض عهده، وأمر زبانيته باعتقاله وسجنه ليلتحق بوالده سعيد وأخوه سعد المعتقلين منذ سنين دون أية إجراءات قانونية.

وللتذكير فإن منظمة الكرامة التي تتابع باهتمام بالغ ملف الاعتقال التعسفي بالسعودية الذي يطال الآلاف من المواطنين السعوديين، كانت قد رفعت خلال شهر أبريل 2011، مباشرة بعد اعتقال الدكتور مبارك آل زعير، نداءا عاجلا إلى الآليات المعنية بالأمم المتحدة.

وهذا نص رسالة الدكتور مبارك بن زعير:

سعادة رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد

فأرفع لكم هذه القضية مناشدا إياكم سرعة التدخل والمناصرة الفورية لشدة وشناعة ما ألاقي من اعتداء وانتهاك صارخ لجملة وافرة من الحقوق التي كفلها (النظام الأساسي للحكم) و (نظام الإجراءات الجزائية)، وسأسرد لكم ملخصا سريعا لما جرى ويجري:

تم استيقافي على طريق الملك فهد (غرب وزارة الداخلية) حيث كنت استقل سيارتي حوالي الساعة (10) صباح الأحد 15/4/1432هـ متجها لوزارة الداخلية حيث يتجه عدد من أهالي الموقوفين لمراجعة الوزارة، وطلبا لمقابلة المسؤولين مطالبين بتطبيق نظام الإجراءات الجزائية في مادته (114) التي تنص على تعين الإحالة للمحكمة أو الإفراج بعد مدة تحقيق أقصاها (6) أشهر.

- وقد سبق أن توجه عدد من أهالي الموقوفين لمراجعة الوزارة يوم الأحد 8/4/1432هـ فتم منعهم من الدخول مما اضطرهم للبقاء خارج الوزارة وانتظار السماح لهم بالدخول، وذلك ما لم يحصل، وبقينا حتى المساء حيث تلقيت اتصالا هاتفيا من الأمير محمد بن نايف حدد فيه موعدا للقائه الجمعة القادمة، وطلب تفريق المجتمعين، فأبلغتهم الرسالة وتفرقوا. ثم التقيت به يوم السبت في الوزارة وتحدثنا حول ملف الموقوفين والمخالفات النظامية، والأضرار الكبيره الناشئة عن استمرار الحال على مختلف الأصعدة اجتماعيا وأمنيا، وسمعت من سموه كلاما جيدا ووعودا بإفراجات قريبة، وسألته تحديدا عما أوصله للناس الذين ينتظرون مني نتيجة الإجتماع، فأكد على مضمون ما سمعته منه، وأبلغته أنني عانيت طيلة الأسبوع اتصالات كثيفة من الأهالي، فقال: هذه خدمة واحتساب. وفي صبحة الاجتماع السالف توجهت لمقر الوزارة قاصدا إبلاغ الناس المتوقع حضورهم بمضمون الاجتماع لعله يخفف ما في نفوسهم، لكنني فوجئت باستيقافي وتفتيشي وتقييد يدي على طريقة (عتاة المجرمين)!! رغم أنني كنت في مهمة وطنية شريفة تسعى للتهدئة!

وسأسرد هنا عدة مخالفات وخروقات مورست ضدي:

- رفض تقديم أمر إيقاف حين طلبته/ رفض إجراء مكالمة هاتفية لإبلاغ أهلي بالإيقاف/ التحقيق من قبل رجال شرطة/ رفض تمكيني من الاتصال بمحامي/ التعامل الشرس القاسي أثناء النقل من مكان لآخر: عصب العينين – تقييد الأيدي – تقييد الأرجل عدة ساعات وصعود السلالم درج بهذه الحالة والتعنيف اللفظي المهين.

نقلت لمركز شرطة الملز مساء الأثنين بل صبيحة الثلاثاء 17/4/1432هـ الساعة 2:30 صباحا ووضعت في زنزانة انفرادية عبارة عن (حمام) ضيق قذر تفوح منه روائح المجاري العفنة النتنة طوال الوقت، وتم حرماني من (فراش النوم) و(فراش الأرض) فأنا على أرضية جرداء والغرفة الضيقة (الحمام) تمثل نموذجا لامتهان البشر، وعدم احترام كرامتهم الإنسانية فضلا عن المكانة العلمية لأستاذ جامعي، ناهيك عن شخص يحمل رسالة من مساعد وزير الداخلية وكلف بإيصالها للناس سعيا لتهدئتهم والبحث عن سبل لعلاج ملف مضن.

- المنع من الاتصال بأحد / المنع من الاتصال الهاتفي/ المنع من الزيارة/ منع الصابون ووسائل النظافة الشخصية وغني عن القول أن (الزنزانة الحمام) التي خصصت سكنا لأستاذ الجامعة خالية من التكييف والتهوية!/ عدم توفير ملابس إضافية، أو السماح بتوفيرها عن طريقي حتى اليوم السادس !!

- تعاطف بعض أفراد الحراسة فأعطوني (فرشة) قطعة حصير صغيرة، هي مكان جلوسي، ونومي،وصلاتي طوال اليوم، وأكدوا أن الجهة التي أوصلتني عندهم (شعبة التحري والبحث الجنائي) هي من ألقى بتلك التعليمات المتشدده في التعامل معي.

- وقد تأثرت جسديا من صلابة أرضية (الزنزانة الحمام) حيث أعاني من أثار عمليتين جراحيتين في كلا (الركبتين)، حيث يوجد في الركبة (مسمار) لتثبيتها.

- الموضوع الذي أوقفت فيه لا علاقة له بالجرائم الكبرى الموجبه للتوقيف!

سعادة الدكتور مفلح القحطاني .. سعادة الدكتور صالح الخثلان المحترمين

إنني أناشدكما الله، أناشد فيكم المروءة والإنسانية، والمسؤولية الوطنية، ثم مسؤولية الجمعية ومهامها ..

إننا أمام مشهد مخز يمثل ضربا من تغول بعض البشر، واستعمالهم صلاحيات المنصب الأمني في هتك حقوق البشر، وامتهان الإنسانية، وشراسة قاسية دنيئة.

أكتب لكم من (الزنزانة الحمام) بكل بشاعة الصورة، وليس معي إلا بقية من أمل بالله ورجاء له ثم أحملكم مسؤولية المبادرة والمسارعة فور تلقيكم هذه المكاتبة ..

مكررا الرجاء أن تسارعوا لرفع هذا الكابوس المهول الذي ما كنت لأتصور وقوعه وأنا أحمل تلك الرسالة وأقصد أداء تلك المهمة .. والله المستعان.

وفقكم الله وسددكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أثناء الكتابة ثارت عاصفة ترابية أصابتنا بالاختناق ودخل الغبار بكميات كبيرة سببت عدم القدرة على التنفس وطلبنا من يساعدنا بأي شئ ولا مجيب!

وقلنا للحراس: سنموت من الاختناق، فكان ردهم: المقابر فاتحة!

أخوكم

د/ مبارك بن سعيد آل زعير

الأستاذ المساعد بجامعة الإمام، والباحث المتخصص في دراسات الإعلام الجديد

توقيف شرطة الملز

الجمعة 20/4/1432هـ