تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

تبنّى مجلس الوزراء السعودي في31  أكتوبر/تشرين الأول 2017، "نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله" الجديد، ليحل محل قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014. لا يختلف القانون الجديد كثيرا عن سابقه بل يتضمن أوجه القصور نفسها، كالتعريف الفضفاض للإرهاب، الذي يشمل أيضا الأعمال المتعلقة بحرية التعبير،  و لا يفي بالمعايير الدولية للحق في المحاكمة العادلة.

بتبنيها للقانون الجديد، تجاهلت المملكة العربية السعودية التوصيات التي قدمها المقرر الخاص السابق المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، بن إمرسون، عقب زيارته للمملكة في أيار/مايو 2017.

وعلى غرار قانون العام 2014، يعرّف التشريع الجديد الإرهاب بعبارات فضفاضة، ولا يعتبر استخدام العنف شرطاً أساسياً لازماً لوصف أي فعل بالإرهابي. والواقع، أن التعريف شمل مجموعة واسعة من الأعمال غير العنيفة، بما في ذلك التي"تخل بالنظام العام"، أو "تقوض الأمن العام" أو "تزعزع استقرار الدولة أو تعرض وحدتها الوطنية للخطر".

علاوة على ذلك، وفي محاولة واضحة لتجريم ممارسة حرية التعبير والمعارضة بشكل سلمي، يعاقب القانون كل من يصف "بشكل مباشر أو غير مباشر" الملك أو ولي العهد "بطريقة مسيئة للدين أو للعدالة"، بالسجن لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات. وبالتالي، يمكن استخدام القانون الجديد لتجريم أعمال تندرج ضمن حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

تضمّن هذا القانون أيضا أحكاما تنتهك المعايير الدولية للحق في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة. فهو يمنح سلطات تقديرية كبيرة لجهاز رئاسة أمن الدولة المنشأ حديثاً، وهي وكالة أمنية شاملة مسؤولة عن كل ما كان يخضع سابقا لسلطة وزارة الداخلية، والتي تقدم تقاريرها مباشرة إلى الملك. ولهذه الوكالة سلطة إجراء "البحث والتحقيق والمصادرة والادعاء الجنائي والإداري" دون رقابة قضائية.

ويسمح القانون الجديد، على غرار سابقه، بالحبس الاحتياطي لفترات مطولة دون توجيه الاتهام للمشتبه فيه طوال فترة التحقيق، فضلا عن الحبس بمعزل عن العالم الخارجي، حتى عن محاميه وأهله، بناء على قرار يصدر عن النائب العام دون غيره، لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر. وقد تطول لسنة كاملة دون إحالته إلى أية سلطة قضائية.

ويمكن تمديد هذه التدابير إلى أجل غير مسمى بأمر من المحكمة الجزائية المتخصصة، المخول لها النظرفي قضايا الإرهاب. ومثل هذه الاجراءات قد تعرّض المحتجزين لخطر التعذيب وإساءة المعاملة، وتشكل انتهاكا لالتزامات المملكة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب التي صدقت عليها سنة 1997.

كما يمكن للمحكمة الجزائية المتخصصة ، وهي هيئة قضائية خاصة يعين أعضاؤها مباشرة من قبل وزارة الداخلية، الاستماع خلال المحاكمات إلى إفادات الشهود السريين والخبراء دون إتاحة الفرصة للدفاع للطعن في الأدلة المقدمة، مما يشكل انتهاكا لمبدأ تكافؤ فرص الدفاع.

بالإضافة إلى ذلك، يتضمن القانون الجديد جزءاً خاصاً بـ "العقوبات" يوسع نطاق تطبيق عقوبة الإعدام. وينص هذا القسم أيضا على عقوبات أشد على الأفعال المتعلقة بحرية التعبير والتي قد تعتبر "إشادة بالإرهاب"، كما قد تشمل الآراء المعبر عنها في وسائل الإعلام أو شبكات التواصل الاجتماعي. كذلك فإن الأفعال التي تصنّف بأنها "سوء استخدام [...] للمراكز الأكاديمية أو الاجتماعية أو تأثير بواسطة وسائل الإعلام" تواجه عقوبة بالسجن لمدة لا تقل عن 15 عاما.

وأخيراً، ينص القانون على إنشاء "مراكز مناصحة لمكافحة التطرف"، تخضع لسلطة رئيس أمن الدولة، الذي يقدم له الأطباء والموظفون الآخرون تقاريرهم مباشرة. ويقيد هذا الحكم الحق في التنقل "للأشخاص الخطرين" المدانين بارتكاب جرائم إرهابية على أساس قرار إداري لا يمكن الطعن فيه. أما عملياً فإن هذه المراكز تستخدم لهدف تمديد فترة احتجاز الأفراد، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين، بعد انقضاء مدة عقوبتهم السجنية.

تعرب الكرامة عن انشغالها إزاء عدم امتثال القانون السعودي الجديد للمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لذلك فقد التمست تدخل المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، السيدة  فيونوالا ني أولين، ودعتها إلى مطالبة الحكومة السعودية بتعديل القانون وضمان احترام الحقوق الأساسية للمواطنين السعوديين.

* للاطلاع على تحليل الكرامة المفصل بشأن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017، اضغط هنا (بالإنجليزية)

لمزيد من المعلومات

الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني: media@alkarama.org

أو مباشرة على الرقم: 0041227341008