تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

وجهت الكرامة في 21 أكتوبر 2013 مذكرة إلى آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بشأن قضية المواطن السعودي السيد خالد التويجري، الذي ألقي القبض عليه بالأردن في سبتمبر 2008، وبقي بمعزل عن العالم طيلة أربعة أشهر، قبل أن تسلمه السلطات الأردنية إلى السعودية حيث لبث دون أية إجراءات قانونية طيلة خمس سنوات وتعرض للتعذيب وسوء المعاملة في البلدين.
وكان السيد التويجري إلى حين إلقاء القبض عليه، يعمل في استيراد الزيتون من سوريا حيث تعيش عائلته ويبيعه في السعودية مما يضطره للتنقل بين البلدين وأيضا إلى الأردن.

وأوقفت قوات الأمن الأردنية في 9 سبتمبر 2008 السيد التويجري في إطار مكافحة الإرهاب. وتعرض أثناء اعتقاله بالأردن لجميع أشكال التعذيب وسوء المعاملة ، من جلد وصعق بالكهرباء وترهيب بالكلاب البوليسية. وفي 24 يناير 2009 بعد خمسة أشهر من الاعتقال سلم للسعودية، بشكل يخالف المادة الثالثة من معاهدة مناهضة التعذيب التي صادقت عليها الأردن في 13 نوفمبر 1991 والتي ورد فيها: "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب". والواقع أن السيد التويجري رحل إلى السعودية حيث تعرض للتعذيب وسوء المعاملة دون أن يسمح له بالاعتراض على ذلك. وتُذكر الكرامة أنها رفعت العديد من حالات التعذيب في السجون السعودية، إضافة إلى أن منظمات غير الحكومية عديدة ما فتئت تفضح هذه الممارسة، ناهيك عن تأكيد المتحدث باسم المفوضة السامية لحقوق الإنسان في 6 يناير 2012 على: " أن اللجوء إلى التعذيب للحصول على اعترافات ممارسة صار متفشيا في السعودية."
ولم تعلم عائلته بمصيره إلا في مارس 2009، بعدما أخبرهم سجين حديث الخروج أن قريبهم موجود بسجن الحاير. واتصلت العائلة بوزارة الداخلية التي أنكرت في البداية اعتقالها له قبل أن تعترف في مايو 2009 تحت إلحاح الأسرة أنها تعتقله، وسمحت لهم بزيارته.
وحسب عائلته فإن السيد التويجري أخبرها أنه بقي رهن الاعتقال الانفرادي وبمعزل عن العالم الخارجي طيلة عام وثلاثة أشهر تعرض خلالها لتعذيب مستمر مما أفقده السمع بإحدى أذنيه وأدى إلى ضعف بصره.
وفي نوفمبر 2012 نقل إلى سجن الطرفية ببريدة وطالبت أسرته بتوفير العلاج له، وأمر الطبيب الذي فحصه بإجراء فحص بالسكانير لتحديد العلاج له، إلا أن إدارة السجن رفضت الاستجابة لذلك.
ولم تسلم حتى أسرته من سوء المعاملة والإهانة في إحدى الزيارات، ولما احتج الضحية على ذلك نقل إلى زنزانة انفرادية باردة وترك هناك بملابس خفيفة عقابا له. وبعد أن يأس من إخراجه من زنزانته، قام بجرح نفسه بآلة حادة اضطرت معها إدارة السجن إلى نقله إلى المستشفى حيث لبث أسبوعا. ثم نقل مرة أخرى بعدما تعرض للضرب إلى المستشفى حيث لبث عشرة أيام.
وفي 2 أكتوبر 2013 منعت عائلته من زيارته، فقامت باعتصام أمام السجن احتجاجا على كل الانتهاكات التي تعرض لها وانعدام الرعاية الصحية. ولم يكفوا اعتصامهم إلا بعد مفاوضات مع إدارة السجن، التي وعدت بالاستجابة لمطالبهم. وسمح لأخيه أخيرا بزيارته، والذي وجده في حالة سيئة وكان ممددا على الأرض ووجهه شاحب، ولما سأله عن السبب أوضح أن ذلك يعود للأدوية التي أعطيت له بأمر من مدير السجن بعد عودته من المستشفى، بدل العلاج الذي وصفه له الطبيب. فأخذ أخوه عينة من الأدوية إلى المختبر الذي أثبت أنها مهدئات قوية قد تؤدي إلى الإدمان.
وأشارت الكرامة في ندائها العاجل أن ما تعرض له السيد التويجري انتهاك للمادة الأولى والثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب التي جاء فيها: "يقصد "بالتعذيب" أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها".
كما أن الاعتقال بمعزل عن العالم يعتبر انتهاكا لاتفاقية مناهضة التعذيب" حيث صرح المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب في تقريره المرحلي في أغسطس 2011 : "أن اعتقال شخص أكثر من 15 يوما بمعزل عن العالم يشكل تعذيبا أو معاملة قاسية أو مهينة حسب الظروف" في حين أن السيد التويجري بقي في السجن الانفرادي أكثر من سنة.
وأضافت الكرامة أن ظروف اعتقاله والمعاملة التي تعرض لها تتوافق تماما مع تعريف التعذيب كما ورد في اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها السعودية في 23 سبتمبر 1997، ورغم ذلك أخلت بالتزامها وخاصة ما ورد في مادتها الثانية التي جاء فيها: "تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي."
بل إن السعودية لم تحترم حتى ما ورد في المادة الثانية من نظام إجراءاتها الجزائية التي جاء فيها: "يحظر إيذاء المقبوض عليه جسديا أو معنويا، كما يحظر تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة".
وناشدت الكرامة من المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب بمطالبة السلطات السعودية باحترام المواد 12 و 13 و 14 من الاتفاقية وتذكيرها بالتزاماتها: والتي تنص على فتح تحقيق في ادعاءات التعرض للتعذيب، واتخاذ ضمانات لحماية المشتكي والشهود، وإنصاف الضحية وتعويضه عما تعرض له.