تجتمع لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة في دورتها السادسة والخمسون في الفترة من 20 أبريل إلى 15 مايو 2015. وتعمل هذه اللجنة المؤلفة من 10 خبراء مستقلين على رصد تنفيذ اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الدول الاطراف في الاتفاقية، بما في ذلك اليمن الذي صادق عليها في نوفمبر 1991، والتي سيجري استعراض تقريرها خلال هذه الدورة.
وفي هذا الإطار قدمت الكرامة في 9 فبراير 2015 قائمة تتضمن 56 سؤالا لطرحها على سلطات البلاد، مذكرة بأن عدم الاستقرار السياسي والنزاعات الداخلية التي تشهدها البلاد، لا تعفي أطراف النزاع من مسؤوليتهم، التي تفرض عليهم ضمان عدم تعرض السكان الخاضعين لويلاتهم للتعذيب وسوء المعاملة.
يجب على اليمن اعتماد تعريف واضح للتعذيب يتفق مع اتفاقية مناهضة التعذيب
سجلت الكرامة استمرار حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما لفتت الانتباه إلى أن تعريف التعذيب المستخدم حاليا في الدستور اليمني لا يتوافق مع معايير الاتفاقية الأممية، وطرحت الكرامة في هذا الشأن عدة تساؤلات، منها على وجه الخصوص: "هل يعتزم اليمن اعتماد تعريف للتعذيب يتسق مع *المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب؟".
وفيما يتعلق بتجريم التعذيب بموجب القانون الجنائي المحلي، أعربت الكرامة عن قلقها لعدم وجود نص واضح وصريح في القانون الجنائي المحلي يجرم أفعال التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة وفق معايير اتفاقية الأمم المتحدة، وبناء عليه طلبت الكرامة من الدولة الطرف "توضيح ما هي الخطوات التي اتخذت لتجريم على نحو فعال جميع أشكال التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة وفقا لتعريف اتفاقية مناهضة التعذيب وأساليب المشاركة (محاولة التعذيب أو التواطؤ، **المادة 4 اتفاقية مناهضة التعذيب) وتقديم أمثلة مفصلة تدل على اعتماد أحكام مكافحة التعذيب أمام المحكمة أو من قبلها".
ضرورة اتخاذ تدابير فعالة لمنع التعذيب والمعاقبة عليه
وأعربت الكرامة أيضا عن مخاوفها إزاء عدم اتخاذ السلطات تدابير فعالة لمنع أعمال التعذيب، الأمر الذي أدى إلى عدم القيام بالتحقيق في العديد من حالات التعذيب ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم، وعلى هذا الأساس طلبت الكرامة من الدولة الطرف "تقديم معلومات عن التدابير المتخذة لاعتماد سياسة فعالة بغية القضاء على التعذيب من قبل جميع عناصر قوات الأمن التابعة لها، وكذلك للتحقيق في هذه الجرائم ومقاضاة الجهات الفاعلة غير الحكومية التي ارتكبتها".
ينبغي حظر التعذيب في جميع الظروف وفي جميع أماكن الاحتجاز
ونظرا لعدم تضمن الإطار القانوني اليمنيي أي نص يضمن عدم الاحتجاج بأي ظروف استثنائية أيا كانت كذريعة لتبرير التعذيب أو سوء المعاملة، طلبت الكرامة من الدولة الطرف ما "إذا كانت تعترف بأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، هو حظر مطلق ولا يقبل أي استثناء ".
في إشارة إلى حظر التعذيب في إطار سياسات وقوانين مكافحة الإرهاب، أكدت الكرامة أن التعريف واسع النطاق للإرهاب المعتمد من قبل الدولة، إلى جانب الوضع السياسي والأمني الحالي السائد في البلاد، قد أديا إلى انتشار استخدام التعذيب، بغية انتزاع الاعترافات بشكل خاص. وفي تقريرها إلى خبراء الأمم المتحدة، كشفت الكرامة أيضا أن المحكمة الجنائية المتخصصة في اليمن، المخوّلة للنظرفي قضايا الإرهاب، لا تزال تقوم بمهامها رغم النداءات المتكررة الموجهة من قبل لجنة مناهضة التعذيب الداعية إلى حلها.
إلى جانب ذلك، فإن المعايير الإجرائية لهذه المحكمة تنتهك جميع المعايير الدولية المتعارف عليها للمحاكمة العادلة ، إذ غالبا ما يتم اعتقال المتهمين سرا لفترات طويلة يتعرضون خلالها للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، فضلا عن حرمانهم من الحق في الحصول على محام، ومن تم استفسرت الكرامة الدولة الطرف حول "طبيعة الضمانات المحددة في القانون وعلى أرض الواقع، المتخذة من قبلها بحيث تضمن أن أساليب التحقيق مع المتهمين في عمليات مكافحة الإرهاب لا تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاقية، وهل تنوي السلطات اتخاذ خطوات فعالة لحل المحكمة الجنائية المتخصصة؟".
وبالنظر إلى العديد من حالات التعذيب المرتكبة من قبل موظفين بمراكز الاعتقال تحت إشراف الدولة، فقد أعربت الكرامة عن اهتمامها الخاص بشأن فعالية إدماج حظر التعذيب في القوانين المحلية المطبقة على الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والمسؤولين العسكريين. وطلبت الكرامة من الدولة الطرف "ما هي المعايير القانونية المتبعة لتقييم مسؤولية كبار الموظفين في حالة ارتكاب مرؤوسيهم عمليات تعذيب؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل يتصرفون وفق المعايير القانونية الدولية ذات الصلة بمسؤولية القيادة؟ وهل تنوي الدولة الطرف اعتماد أحكام واضحة تنص على عدم جواز تبرير التعذيب أو سوء المعاملة، باعتبار ذلك تنفيذ لأمر صادر عن ضابط أعلى مرتبة أو عن سلطة عمومية، وأنه لا ينبغي إعفاء أيا كان من المسؤولية عن ارتكاب التعذيب تحت ذريعة التصرف بأمر من ضابط أعلى مرتبة أو سلطة عمومية؟"
ينبغي مراقبة أماكن الاحتجاز بشكل فعال لمنع التعذيب
وفيما يتعلق باستعراض قواعد الاستجواب وعمليات تفتيش السجون، أعربت الكرامة عن قلقها إزاء غياب عمليات تفتيش منتظمة من قبل الحكومة، وغياب مراقبة مستقلة في جميع مراكز الاحتجاز، وبالنظر على وجه الخصوص، للعديد من حالات التعذيب الموثقة في مراكز الاحتجاز التي تخضع لسلطة منظومة الأمن السياسي - المسؤول عن الاستخبارات الداخلية في اليمن - طلبت الكرامة اليمن بتقديم توضيح حول الخطوات المتخذة لضمان مراقبة مستقلة وشاملة وتفتيش جميع أماكن الاحتجاز، لاسيما إذا كانت الدولة قد "اتخذت أي خطوات لإنشاء آلية وطنية لمراقبة فعالة وتفتيش جميع أماكن الاحتجاز".
كما جددت الكرامة انشغالاتها إزاء عدم منح الدولة، على نحو فعال، جميع المعتقلين الضمانات الأساسية ابتداء من لحظة اعتقالهم، لاسيما حقهم في الاتصال بـ"أسرهم والاستفادة من خدمات المحامين والرعاية الطبيية. وقد وثقت الكرامة العديد من حالات الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، والاعتقالات السرية التي تقوم بها السلطات، دون أن يبلغ الضحايا أبدا بالتهم المنسوبة لهم، وحرمانهم من حقهم في تلقي زيارات أسرهم ومحاميهم، أو حتى الحصول على فحص طبي مستقل. انظر على سبيل المثال الحالات التالية بتاريخ 14 مايو 2014، 30 يونيو 2014 و 2 يوليو 2014.
وقد أشارت الكرامة إلى أن القانون اليمني يمنح الأشخاص رهن الاعتقال، في مرحلة ما قبل المحاكمة، الحق في الاجتماع بأقاربهم ومحاميهم، بشرط الحصول على إذن كتابي من الجهة التي تصدر أمر الاعتقال، وقد أسفر عن عدم احترام هذه القاعدة ميدانيا تفشي عمليات الاعتقال السري على نطاق واسع، تعرض الضحايا خلالها لعمليات تعذيب منهجية قصد انتزاع اعترافاتهم. وفي هذا السياق، طلبت الكرامة من الدولة الطرف تقديم معلومات عن "الخطوات التي تعتزم اتخاذها من أجل ضمان عدم احتجاز أي معتقل بمعزل عن العالم الخارجي، ومنح المعتقلين الضمانات الإجرائية اللازمة دون استثناء"، وكذا "الخطوات التي اتخذتها الدولة الطرف لضمان إبلاغ جميع المعتقلين بصورة فعلية بحقوقهم والتهم الموجهة لهم لدى القبض عليهم وتقديمهم فورا أمام القاضي".
لا يجب إفلات مرتكبي التعذيب من العقاب
وفيما يتعلق باستقلال القضاء والمتابعة القضائية على التعذيب، أعربت الكرامة عن قلقها بشأن المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية اليمني الذي ينص على عدم قبول شكاوى ضد المسؤولين عن إنفاذ القانون أو أي موظف عمومي، على الجرائم المرتكبة أثناء أداء عملهم "إلا بإذن من المدعي العام، أو محامي مفوض، أو رؤساء النيابة العامة" وبناء على ذلك، طرحت الكرامة الأسئلة التالية على الدولة الطرف: "هل بإمكان الدولة الطرف تقديم معلومات عن الخطوات اللاحقة التي تعتزم اتخاذها من أجل ضمان عدم عرقلة السلطة التنفيذية عمليات التحقيق أو ملاحقة المسؤولين رفيعي المستوى، بسبب عدم استقلالية ونزاهة القضاء؟ وهل تم القيام بأي شيء يضمن تحقيقات سريعة في هذه الحالات ومقاضاة المسؤولين عنها دون أي تدخل؟".
وفيما يتعلق بأعمال التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة التي ارتكبتها الجماعات المسلحة، طلبت الكرامة من الدولة الطرف توضيح ما هي الخطوات التي هي في طور اتخاذها لضمان حقوق المواطنين في الحياة والأمن والحرية، وكذلك حمايتهم من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة التي ارتكبتها الجهات الفاعلة غير الحكومية. و"هل الدولة الطرف على علم بظروف الاحتجاز، والضمانات القانونية والعدد الحالي للأشخاص المقبوض عليهم من قبل الحوثيين باعتبارها جماعة مسلحة غير تابعة للدولة، وهل بإمكانها أن تقدم معلومات عن مصيرهم؟"
المدنيون الذين يعيشون تحت خطر طائرات الدرونز يتعرضون لمعاملة لا إنسانية ومهينة
في شهري يوليو وأغسطس 2014، أجرت الكرامة استطلاعا شمل عينة من الأفراد يعيشون في المناطق تجري فيها عمليات الطائرات بدون طيار (الدرون) تابعة للولايات المتحدة، وذلك من أجل تقييم مدى معاناتهم من متلازمات حالة الاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). وأظهرت نتائج الاستطلاع أن حالة الخوف بسبب تعرض أحد الأقارب للقتل، أو الخوف من التعرض للقتل في أي لحظة من قبل طائرة الدرونز ودون معرفة أسباب ذلك، قد بلغت من الخطورة تجعلها ترقى إلى المعاملة غير الإنسانية والمهينة من منظور المادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
وفي إشارتها إلى محنة المدنيين الذين يعيشون تحت وطأة طائرات الدرونز، طلبت الكرامة من اليمن ما إذا كانت قد تأكدت من "أن الاتفاقات السابقة المبرمة مع الولايات المتحدة التي تجيز هجمات طائرات الدرونز، لم تنتهك حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وما إذا كانت قد تأكدت من أن عائلات ضحايا هجمات طائرات الدرونز استطاعت الانتصاف، ولاسيما من خلال تحقيق مستقل وشامل وفوري في مطالب المدنيين الذين قتلوا في غارات طائرات الدرون، بما في ذلك الأطفال".
لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341007 ـ تحويلة 810
* اتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 1: . لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد "بالتعذيب" أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
** اتفاقية مناهضة التعذيب، المادة 4: "تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي، وينطبق الأمر ذاته على قيام أي شخص بأية محاولة لممارسة التعذيب وعلى قيامه بأي عمل آخر يشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيب".