تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

خاطبت الكرامة في 2 أغسطس 2013 السيد خوان منديز، المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب بالأمم المتحدة بشأن محمد الحريبي الذي اعتقلته السلطات اليمنية في السر وتعرض للتعذيب وسوء المعاملة طيلة 33 أسبوعا. وجرى الاعتقال في 9 نوفمبر 2012 في نقطة تفتيش بين لحج وعدن.


وعثرت أسرة الشاب اليمني محمد الحريبي في 14 يوليو 2013، على ابنها المختفي قسرياً أوقفه جنود عند نقطة تفتيش جنوب البلاد، واقتادوه إلى جهة مجهولة، ليبقى رهن الإخفاء القسري طيلة هذه المدة، وحين طلق سراحه بدا في حال صحية ونفسية يرثى لها، نتيجة تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة حسب أسرته.
والشاب محمد أحمد ناجي عبيد الحريبي، ناشط في الحراك الجنوبي، وهو من مواليد العام 1987، في منطقة حبيل الريدة، بمديرية حالمين محافظة لحج.
ووفقاً لأسرته التي تحدثت للمنسق القانوني للكرامة في اليمن، كان الشاب محمد متفوقاً وذكياً في دراسته، ويتمتع بشخصية كارزمية وله حضور اجتماعي ، وحاولت عناصر أمنية تابعة للنظام الحاكم في صنعاء، قبل عدة سنوات، استقطابه للعمل لصالحها كمخبر، وهو الأمر الذي ظل يرفضه، وتعرض بسببه للاعتقال التعسفي مراراً.
وبحسب أسرته، أُلقي القبض على الشاب محمد، لأول مرة، قبل حوالي 7 سبع سنوات من طرف عناصر في جهاز الأمن السياسي "أحد أذرع المخابرات اليمنية" وعرض عليه العمل كجندي معهم، غير أنه رفض، وفي وقت لاحق عام 2010، اعتقل في مدينة عدن، من طرف عناصر أمنية أيضاً، واقتيد إلى منطقة صلاح الدين حيث توجد العديد من المقرات العسكرية والأمنية، تعرض خلالها للضرب وتقول أسرته إنه تم حقنه هناك بحقن أفقدته الذاكرة، وأفرج عنه بعد أيام، لتتمكن أسرته من علاجه، ويعود بعد حوالي نصف شهر إلى حالته الطبيعية.
تقول أسرته إنها تملك منزلاً في منطقة المنصورة بمدينة عدن، حيث يتنقل محمد بين مقر إقامته الدائم في حبيل ريدة وبين مدينة عدن، وفي 9/11/2012، وبينما كان في طريقه إلى مدينة عدن، أوقف الباص الذي كان يستقله الشاب محمد، في نقطة العند على مداخل مدينة عدن، كانت تلك النقطة تضم أفراداً من قوات الأمن المركزي وأفراداً من قوات الشرطة العسكرية وعناصر من الأمن السياسي، وغيرهم، وكانت هناك أكثر من 20 نقطة عسكرية على طول الخط ما بين لحج وعدن، بالتزامن مع أحداث الاحتجاجات التي ينظمها عناصر الحراك الجنوبي في مختلف مدن الجنوب.
أوقف الضحية في نقطة التفتيش، واتصل أحد أفراد النقطة بأحد أصدقاء الضحية وأخبره بأنه تم توقيف محمد في نقطة العند دون المزيد من التفاصيل، بعد ثلاثة أيام ذهب شقيقه إلى نقطة العند، للسؤال عنه، لكنهم أنكروا علمهم به. ورغم تأكد الأسرة من أن اختطاف السيد محمد كان من طرف نقطة العند، وهو ما أكده لهم شهود عيان بينهم سائق الباص، إلا أنهم ذهبوا إلى النقاط الأمنية الأخرى على الطريق، للاستفسار عن مصير محمد ومكانه، وهو الأمر الذي أنكره هؤلاء أيضاً.
وبعد 13 يوما على حادثة الاختطاف وللمرة العاشرة، ذهب شقيق الضحية إلى نقطة العند للاستفسار عن مصير شقيقه، وهناك أخبره أحد أفراد النقطة بشكل سري، بأنه اقتيد مع سبعة أشخاص آخرين على متن سيارة مقفص إلى العاصمة صنعاء. وتمكنت الأسرة بعد جهود مضنية معرفة تواجده بسجن سري تحت مقر القصر الجمهوري، قبل أن ينقل إلى سجن القلعة التابع لجهاز الأمن القومي "المخابرات".
وللتذكير فإن سجن القلعة في صنعاء يقع حالياً في مقر جهاز الأمن القومي "المخابرات" في حي البكيرية بمدينة صنعاء القديمة، وهو سجن قديم محاط بنوع من السرية، ويحظى بحراسة مشددة، ولا يسمح للمنظمات أو حتى أجهزة النيابة بزيارته، ويرجع إلى عهد النظام الملكي الإمامي في اليمن الذي كان يحتجز فيه المعارضين السياسيين، وبعد سقوط النظام الملكي عام 1962 بقيام النظام الجمهوري، استمر هذا السجن حتى هذه اللحظة في أداء دوره في قمع المعارضين السياسيين الذين يخفون فيه قسرياً إلى ما لا نهاية، بعضهم يفقد عقله خلال سنوات الاحتجاز الطويلة، وبعضهم أفرج عنه في حالة جنون. ويتم تقييدالمعتقلين بالسلاسل ويعاملون فيه بطريقة مهينة وحاطة للكرامة.
وفي 10 يوليو 2013، تلقت أسرة الضحية اتصالاً هاتفياً من أشخاص مجهولين، أخبروهم بأن محمدا يوجد في مدينة تعز، وانتقلوا إلى هناك ولم يعثروا عليه بعد بحث مضن إلا في 14 يوليو في سوق شعبي، وهو في حالة جنون، فاقد الذاكرة، وعليه آثار التعذيب.
تقول أسرة السيد الحريبي إن ابنهم تعرض للضرب الشديد والصعق الكهربائي أثناء الإخفاء القسري، وقد أثبت تقرير طبي بأن الضحية "تبدو عليه علامات وأعراض أزمة نفسية وخوف شديد واٍنهيار نفسي حاد. واكتشف الطبيب الذي فحصي أنه يعاني من كسور في ساقه الأيمن، وأشار في تقريره إلى أنه من المحتمل أن يكون "بسبب تعرضه لضربة باَلة رضٌية غير حادة". وأضاف في تقريره "يبدو أن المريض تُرك بدون عناية طبية، مما أدى إلى إلى التحام الكسور جزئياٌ في وضع غير طبيعي متخلخل مع وجود بروزات واِنحناءت هي السبب في عدم قدرة المذكور على المشي والشعور بآلام مستمرة"، مطالباً بضرورة "عرضه على اختصاصي عظام وأمراض نفسية للأهمية".
وتؤكد أسرة الحريبي إنها عاشت ظروفاً نفسية صعبة للغاية طيلة مدة الإخفاء القسري التي تعرض لها، وإن أمه لا تزال في وضع نفسي شديد، وتضيف بأنها حالياً تخشى من انتقام السلطات التي تقف وراء هذه الجريمة، مؤكدة بأنها فقدت الثقة بأي أجهزة عدلية أو قضائية ولذلك فهي لن تلجأ إلى أي إجراءات انتصاف محلية.
إن منظمة الكرامة وهي تدين هذه الانتهاكات المتوالية التي ارتكبت بحق السيد محمد الحريبي، بدءاً باختطافه من طرف جنود رسميين ثم إخفائه قسرياً وتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة، فإنها تطالب السلطات اليمنية بالإسراع في فتح تحقيق فوري في هذه الانتهاكات ومحاسبة المتورطين فيها.