يأتي العاشر من ديسمبر من كل عام ليذكرنا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الوثيقة التي تمثل مرجعاً عالمياً للحقوق والحريات المستحقة لكل شخص لكونه إنساناً في هذا العالم.
هذا اليوم العالمي لحقوق الإنسان وإعلانه العالمي الأول الذي يجرم جميع الانتهاكات بحق المدنيين ووجوب حفظ كرامتهم واحترام حقوقهم حسب نص المادة الثالثة من الإعلان (لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه)، إلا أننا ومع ذلك نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء الوضع في اليمن الذي يشهد انتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان.
لقد أفقدت الحرب أكثر من 377 ألف شخصٍ حياتهم منذ اندلاعها، وشهد اليمنيون طيفًا واسعًا من الانتهاكات بدءًا من انتهاك الحق في الحياة والأمن الشخصي كالقتل، وصولاً إلى الاعتداءات المتكررة على المدنيين ذكوراً وإناثاً.
لقد تعرض الكثير من المدنيين للقتل والإصابة والتشريد والتهجير، ووفقا لرابطة أمهات المختطفين فقد تعرض ما يقارب 10 آلاف مدني للاحتجاز التعسفي من قبل جميع الأطراف. كما استمرت الانتهاكات للحقوق السياسية والمدنية من خلال فرض القيود على حرية التعبير والصحافة واعتقال الصحفيين فمنذ العام 2014 تم تسجيل اليمن كواحدة من أسوأ الدول في انتهاك حقوق الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود ليُصنف الصحفيون من بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.
ناهيك عن الانتهاكات والاعتداءات المستمرة التي تطال النساء، والقيود المفروضة على تنقلاتهن وحرياتهن المدنية فقد سجلت منظمة سام أكثر من 5000 حالة انتهاك ضد النساء حتى نهاية العام 2022، شملت القتل، والإصابات الجسدية، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والتعذيب.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن اليمن يستضيف أكثر من 4 ملايين نازح داخلياً، 73% منهم من النساء والأطفال. علاوة على ذلك، فإن غالبية النساء النازحات، اللاتي يواجهن تحديات في الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية، يتعرضن لانتهاك حقوقهن الأساسية بسبب النزوح. وتشكل الألغام الأرضية خطراً كبيراً تمتد آثاره إلى المستقبل.
تستمر أطراف الصراع في انتهاك سلسلة واسعة من الحقوق الأساسية للمدنيين، لا تقتصر على استهداف الفضاء المدني والأقليات الدينية وفرض القيود على منظمات المجتمع المدني، بل وتمتد إلى استهداف المنشآت الصحية والتعليمية، وقطع الطرق الحيوية وعرقلة تنقل المواطنين والمواد الغذائية، بالإضافة إلى حظر المساعدات الإنسانية.
وفقًا لتقرير حديث أصدره التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان ومؤسسة رصد لحقوق الإنسان تم التحقق من 250 حالة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد الأطفال من قبل أطراف النزاع.
إن الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في اليمن قد ترقى إلى جرائم حرب، ونأسف أن المنتهكين ما زالوا بعيداً عن أيدي العدالة، آمنين من العقاب، بل وتسعى الأطراف إلى تعطيل كل آليات المساءلة والمحاسبة لمرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات ليس آخرها إيقاف عمل الآليات الدولية في اليمن والمتمثل برفض تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين إلى اليمن، مما يجعلنا أمام تحدٍ واضح ومهمة شاقة لإعادة إرساء هذه الحقوق والقوانين لضمان سريان مفعولها واقعاً معاشاً.
إننا وبالرغم من واقع الانتهاكات المتواصلة، نجدد التزامنا القوي والراسخ بمبادئ حقوق الإنسان والدفاع عنها والتصدي لجميع الانتهاكات التي قد تطالها خصوصاً في السياق الصعب والمعقد الذي تعيشه اليمن حالياً.
وانطلاقاً من هذا الالتزام ندعو المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية وجميع العاملين في حقوق الإنسان إلى وجوب الاهتمام وتكثيف العمل المشترك لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في اليمن وفي كل دول العالم، وبياننا اليوم يأتي للتذكير بأهمية احترام قيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية.
إننا في هذا البيان المشترك نؤكد مرة أخرى أهمية العدالة وضمان تحقيقها من خلال الآتي: -
• ضرورة الوقف الفوري للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من جميع الأطراف والتوجه نحو حل يحقق السلام والاستقرار في اليمن، ويجلب العدالة والتعويض العادل للضحايا.
• التزام جميع أطراف النزاع في اليمن بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وضمان الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
• ضرورة قيام المجتمع الدولي بمهامه ومسؤولياته بشكل أكثر جدية، والعمل بحزم لحماية المدنيين من كل الانتهاكات التي يتعرضون لها وضرورة إدراج أولويات حقوق الإنسان مثل المساءلة و التعويضات وجبر الضرر ضمن أولويات أي عملية سياسية قادمة.
• ضمان استمرار المانحين بتقديم المساعدات الإنسانية وتكثيفها بما يخدم الاحتياجات الإنسانية لليمن.
• توجيه الدعم الدولي والإنساني لتلبية احتياجات المدنيين المتضررين بسبب الحرب والنزوح وتوفير الخدمات الأساسية بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والمأوى.
• وقف التجنيد الإجباري للأطفال والذي يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان ويعرض الأطفال للخطر والضرر النفسي والجسدي، وبناءً على ذلك فإنه ينبغي على المجتمع الدولي اتخاذ الإجراءات الفورية لمنع ومحاربة هذا الانتهاك، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال الذين شاركوا في النزاعات، وضمان حصولهم على الخدمات الصحية والتعليمية الضرورية.
• ضرورة تعزيز حقوق النساء، وضمان مشاركتهن الكاملة في جميع جوانب الحياة، كما ينبغي على المجتمع الدولي تقديم الدعم للنساء وحمايتهن من كل أشكال التمييز والعنف.
• ضرورة توفير فرص التعليم الجيد للنساء والفتيات وكذلك تعزيز التمثيل النسائي في الحكومات والهيئات القيادية.
• نشدد على أن حرية التعبير والصحافة هي حق أساسي ينبغي أن يتمتع به جميع الأفراد دون قيد أو شرط لذلك نحث الحكومات والسلطات على احترام حرية الصحافة وضمان الحماية الكاملة للصحفيين والإعلاميين، كما ندعو إلى تعزيز ودعم حرية الصحافة كجزء أساسي من الحقوق الأساسية للإنسان وكجزء من بناء مجتمعات حرة وديمقراطية.
• دعم وتعزيز دور المنشآت في تقديم خدمات عالية الجودة ومساهمة فعالة في تطوير المجتمعات لتحقيق التنمية المستدامة والرفاهية المجتمعية.
• نؤكد على أهمية إدماج مبادئ المساءلة والعدالة في عمليات المفاوضات السياسية لتسهم في بناء مجتمعات مستقرة وعادلة ناهيك عن تعزيز الثقة في عمليات السلام وضمان حق الضحايا وجبر الضرر.
• ضرورة توفير فرص متساوية للأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم والرعاية الصحية والعمل والمشاركة في اتخاذ القرارات وكذلك تمثيلهم الفعال والشامل في المجالات المختلفة ودمجهم بشكل كامل وفاعل في المجتمع.
• نطالب باحترام حقوق الأقليات وتوفير الحماية القانونية لهم وضمان حقوقهم في الوصول إلى الخدمات الضرورية كالتعليم والرعاية الصحية وكذلك تعزيز التفاهم والتعايش السلمي.
• نؤكد أهمية دعم المنظمات الحقوقية وتقديم الدعم المالي والموارد اللازمة لتعزيز قدراتها على تحقيق النتائج المرجوة في توفير الدعم القانوني وحماية النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وضمان سلامتهم وحقهم في العمل بحرية، وكذلك دعم جهودها لتنظيم فعاليات ومبادرات توعوية تهدف إلى رفع الوعي بحقوق الإنسان.
• نوصي بضرورة العمل على إيجاد آلية دولية للمساءلة والمحاسبة في جميع حالات انتهاكات حقوق الإنسان وتحقيق العدالة.
أخيراً وفي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نجدد التزامنا بالعمل الدؤوب والمستمر للدفاع عن حقوق الإنسان في اليمن، ونجدد دعوتنا إلى العدالة والمساواة واحترام كرامة الإنسان، مؤمنين بأن الحقوق الإنسانية ليست حقوقا قابلةً للتفويت، وسنواصل النضال من أجل تحقيقها بكل السبل المتاحة. ونقول في يوم حقوق الإنسان الدولي إن "كل ما يحتاجه اليمن هو العدالة".
صادر عن:
1. الأمل للمدافعين عن أفريقيا
2. التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان - تحالف رصد
3. الشبكة العربية البرلمانية للمساواة والإنصاف
4. الكرامة - جنيف
5. المرأة هي الأطفال مؤسسة البحوث القانونية
6. المركز الأمريكي للعدالة
7. المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي
8. المركز اليمني لتأهيل ضحايا الانتهاكات والتعذيب (إرادة وأمل)
9. المساواة من أجل السلام والتنمية
10. المنتدى النسائي الكندي من أجل أفغانستان
11. تضامن مركز بحوث ودراسات تنمية المرأة بجامعة تعز
12. جمعية بسمة التنموية
13. جمعية زنوبيا للمرأة السورية
14. حركة السلام النسائية الكاميرونية
15. رابطة أمهات المختطفين
16. شبكة البحوث والمناصرة النسائية
17. شبكة عمل المجتمع المدني الدولي (ICAN)
18. كرامه للحقوق والحريات
19. لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان
20. لجنة مناصرة المرأة
21. مؤسسة (من حقي) لتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا
22. مؤسسة الأمل الثقافية الاجتماعية النسوية
23. مؤسسة الحق لحقوق الإنسان - العراق
24. مؤسسة الغذاء من أجل الإنسانية
25. مؤسسة دفاع للحقوق والحريات
26. مؤسسة رواد التنمية وحقوق الإنسان
27. مؤسسة سد مأرب للتنمية الاجتماعية
28. مؤسسة قرار للإعلام والتنمية المستدامة
29. مؤسسة كون للمواطنة
30. مجموعة التضامن النسائي الأفغاني
31. مدنية
32. مرصد الحريات الإعلامية في اليمن (مرصدك)
33. مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية
34. مركز الدراسات الاستراتيجية لدعم المرأة والطفل
35. مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان
36. مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية
37. مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان
38. مركز واشنطن للدراسات اليمنية (WCYS )
39. منصة أصوات نساء يمنيات
40. منظمة إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري
41. منظمة الإغاثة النسائية – جنوب السودان
42. منظمة اوركينو لتعزيز حقوق الإنسان
43. منظمة رصد لحقوق الإنسان
44. منظمة سام للحقوق والحريات
45. منظمة مساءلة لحقوق الإنسان
46. منظمة مناصرة للحقوق والتنمية
47. وكالة أنباء المرأة الأفغانية