يعيش اليمن منذ 2009 على وقع عمليات القصف الجوي الأمريكي التي تستهدف كل أقاليم البلاد. وتكاثفت في السنوات الأخيرة هجمات الطائرات بدون طيار (الدرونز) وتمت تقوية البنية التحتية التي تنطلق منها هذه العمليات في اليمن والسعودية وجيبوتي. ويقدر عدد العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الأمريكية في اليمن منذ 2002 وإلى غاية 2013 ما بين 134 و234 عملية تشمل القصف بالطائرات والدرونز وإطلاق الصواريخ من بارجات حربية تبحر بخليج عدن، وحسب المصادر خلفت هذه العمليات ما بين 1000 و2000 قتيل. ولم تقدم السلطات اليمنية ولا الأمريكية لغاية الآن أي جرد بعدد القتلى.
وقامت الكرامة في الفترة الممتدة من 2012 إلى 2013 بزيارة العديد من مواقع القصف في جميع أنحاء اليمن، واستطاعت جمع العديد من شهادات الضحايا وعائلاتهم ومحامييهم. كما التقت مسؤولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني.
يعيش اليمن منذ 2009 على وقع عمليات القصف الجوي الأمريكي التي تستهدف كل أقاليم البلاد. وتكاثفت في السنوات الأخيرة هجمات الطائرات بدون طيار (الدرونز) وتمت تقوية البنية التحتية التي تنطلق منها هذه العمليات في اليمن والسعودية وجيبوتي. ويقدر عدد العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الأمريكية في اليمن منذ 2002 وإلى غاية 2013 ما بين 134 و234 عملية تشمل القصف بالطائرات والدرونز وإطلاق الصواريخ من بارجات حربية تبحر بخليج عدن، وحسب المصادر خلفت هذه العمليات ما بين 1000 و2000 قتيل. ولم تقدم السلطات اليمنية ولا الأمريكية لغاية الآن أي جرد بعدد القتلى.
وقامت الكرامة في الفترة الممتدة من 2012 إلى 2013 بزيارة العديد من مواقع القصف في جميع أنحاء اليمن، واستطاعت جمع العديد من شهادات الضحايا وعائلاتهم ومحامييهم. كما التقت مسؤولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني.
ويهدف هذا التقرير إلى تقديم بحث ميداني وتحليل الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في مكافحتها للإرهاب على ضوء القانون الدولي، وأيضا الوقوف على تبريرات السلطات اليمنية والأمريكية لهذا الانتهاك الخطير، كما يوجه توصيات إلى السلطات الأمريكية واليمنية وإلى هيئات الأمم المتحدة.
كل شكرنا إلى المنظمة الوطنية اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) لتعاونها في إعداد هذا التقرير.
ملخص
يعيش اليمن منذ 2009 على وقع عمليات القصف الجوي الأمريكي التي تستهدف كل أقاليم البلاد. وتكاثفت في السنوات الأخيرة هجمات الطائرات بدون طيار (الدرونز) وتمت تقوية البنية التحتية التي تنطلق منها هذه العمليات في اليمن والسعودية وجيبوتي. ويقدر عدد العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الأمريكية في اليمن منذ 2002 وإلى غاية 2013 ما بين 134 و234 عملية تشمل القصف بالطائرات والدرونز وإطلاق الصواريخ من بارجات حربية تبحر بخليج عدن، وحسب المصادر خلفت هذه العمليات ما بين 1000 و2000 قتيل. ولم تقدم السلطات اليمنية ولا الأمريكية لغاية الآن أي جرد بعدد القتلى.
وقامت الكرامة في الفترة الممتدة من 2012 إلى 2013 بزيارة العديد من مواقع القصف في جميع أنحاء اليمن، واستطاعت جمع العديد من شهادات الضحايا وعائلاتهم ومحامييهم. كما التقت مسؤولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني.
ويهدف هذا التقرير إلى تقديم بحث ميداني وتحليل الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في مكافحتها للإرهاب على ضوء القانون الدولي، وأيضا الوقوف على تبريرات السلطات اليمنية والأمريكية لهذا الانتهاك الخطير، كما يوجه توصيات إلى السلطات الأمريكية واليمنية وإلى هيئات الأمم المتحدة.
يحكم اليمن منذ 2012 الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي خلف علي عبد الله صالح الذي اضطر إلى ترك كرسيه بعد 33 سنة من الحكم تحت ضغط المظاهرات العارمة التي اجتاحت البلاد. ودخلت اليمن في مرحلة انتقالية و"حوار وطني" بين مختلف المكونات السياسية للمجتمع اليمني منذ مارس 2013 من المنتظر أن يسفر عن انتخابات في فبراير 2014. وفي انتظار ذلك يشاطر الرئيس اليمني الحالي الولايات المتحدة الأمريكية سياستها واضعا رهن إشارتها التراب الوطني مبررا تدخلها العسكري، بل ويتحمل مسؤولية العمليات، وهو ما يزيد من حدة التوتر مع المواطنين الذين يطالبون بوقف الهجمات الأمريكية. وتتدخل الإدارة الأمريكية مباشرة، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، في صراع داخلي متعدد الأبعاد والأطراف، بين الحكم اليمني المركزي وحركات معارضة يوجد ضمنها جماعات مسلحة ذات توجهات جهادية كالقاعدة، أنصار الشريعة، أنصار الله، وأخرى كالحراك الجنوبي إضافة إلى مختلف القبائل التي ترفض شرعية النظام.
لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية أبدًا في حرب مع اليمن، لكن ولتبرير تدخلها العسكري في بلد تعتبره حليفا ولا يشكل أي خطر عليها، لجأت إلى توسيع صلاحيات القرار المسمى «إذن لاستخدام القوة العسكرية» (AUMF Authorization to Use Military Force) ليشمل "القوات المرتبطة" بالقاعدة. وصدر هذا القرار في 14 سبتمبر 2001، ويدعو بوضوح إلى محاربة كل من ارتبط بشكل مباشر أو غير مباشر مع هجمات 11 سبتمبر 2001. و لا توجد عبارة "القوات المرتبطة" في نص قرار "إذن لاستخدام القوة العسكرية" لكنه ظهر فجأة في خطاب الرئيس أوباما، وفي النصوص الرسمية الصادرة عن البيت الأبيض لإضفاء الشرعية على الحرب التي يشنها على المجموعات التي لا يمكن ربطها دائما بالقاعدة.
والسؤال المحوري هو : هل تستند الولايات المتحدة الأمريكية فيما تقوم به في اليمن إلى قانون الحرب أم أنها تقوم بعمليات إنفاذ القانون؟ فمن الواضح أنها تبني حجتها الرسمية على الخلط بين هذه السجلات لتبرير عمليات القتل المستهدف. ومن الضروري التمييز بين الوضعيتين. ففي الحالة الأولى فإن قانون النزاعات المسلحة هو الذي يُطبّق، بينما في الحالة الثانية فإن قواعد إنفاذ القانون هي التي تطبق وبالضرورة في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان. وكيفما كان السياق الذي يجري فيه التدخل العسكري، فإن القوات المسلحة الأمريكية والسي آي إي تستخدمان طائرات الدرونز أو طائرات عسكرية أخرى أو انطلاقا من بوارج حربية للقيام بعمليات "قتل مستهدفة"، يجب توصيفها واعتبارها على أنها عمليات قتل خارج نطاق القضاء.
وحدد الرئيس أوباما شخصيا الظروف التي يسمح فيها بقتل مشتبه فيهم، واشترط أن يكون "هدفا" يسمح به القانون الأمريكي، وأن يشكل خطرا حقيقيا بشكل مباشر على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى مصالحها، ويتعذر القبض عليه وأن تتجنب العملية المدنيين. وتؤكد الإدارة الأمريكية أنها لا تستهدف إلا قيادات القاعدة و "القوات المرتبطة" بها دون تحديد المعايير التي تتخذها في وضعها "لقوائم القتل"، لكن الأكيد أن عدد هذه القيادات ضئيل مقارنة مع مئات القتلى ضحايا الهجمات. والواقع أن المصالح المعنية تستهدف أيضا مقاتلين بسطاء مجهولي الهوية دون أن توجه لهم اتهامات، بينما يدفع المدنيون ثمنا فادحا للأخطاء البشرية والتقنية التي يتجاهلها المسؤولون السياسيون والعسكريون للاستمرار في اتباع برنامج القتل المستهدف، ليصبح اليمن بعد باكستان حقلا لتجريب أساليب الحرب الجديدة التي تشكل ثورة وتحديا على المستوى التقني والسياسي وخصوصا القانوني.
خارطة الضربات الجوية الأمريكية على اليمن
مواقع الهجمات الموثقة من طرف الكرامة ما بين 2009 و 2013
1. تقديم
1. 1 موجز سياسي
تشكلت الجمهورية اليمنية يوم 15 مايو 1990 من اتحاد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) والجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي). وكان شمال البلاد قد تبنى نظام الإمامة ثم النظام الجمهوري بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية سنة 1918 ليسقط تحت التأثير السعودي، فيما لم يحصل الجنوب الواقع تحت الحماية البريطانية على استقلاله إلا في سنة 1967، لتقوم الحكومة الجديدة هناك بتبني الإيديولوجية الماركسية وتتحالف مع الاتحاد السوفيتي. ولا يمكن اختزال الصراعات الحاصلة بين قسمي البلد التي ما زالت تدور لحد الآن في تعارض إيديولوجي أو مناطقي تحت تأثيرات موروثة عن فترة الحرب الباردة رغم مخلفات هذه الأخيرة.
فقد تم توقيف مسلسل اندماج شطري البلاد بعد اندلاع الحرب الأهلية في 7 يوليو 1994 من طرف المسؤولين الجنوبيين والتي انتهت بفرض سيطرة حكومة صنعاء على اليمن كله. وقد حافظ البلد، بعد انتهاء الصراع، على أهميته الإستراتيجية بسبب موقعه الجغرافي بين الجارين العملاقين المتمثلين في المملكة العربية السعودية التي تعتبر اليمن منطقة تابعة لها وإيران التي تعتبر نفسها محاصرة عسكريا من طرف الولايات المتحدة وحلفائها.
واليمن بلد تتطابق فيه مؤسسات الدولة مع البنيات القبلية التي لازالت شديدة التأثير وتتعارض أحيانا مع مصالحها. لكنه ملزم بالتعامل مع مختلف الفاعلين المجتمعين، سواء كانوا قبليين أو دينيين أو سياسيين، خاصة الإسلاميين، دون التمكن دائما من فرض نفسه بفعل اختراقه بهذه التناقضات. فأحزاب المعارضة الأكثر تأثيرا، خاصة الإصلاح والحزب الاشتراكي، المتجمعة منذ 2000 في اللقاء المشترك تتنافس مع حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لكنها أيضا نتاج لهذه الصراعات وهي أيضا ملزمة ببناء تحالفات تبدو أحيانا مناقضة لطبيعتها. إنه نظام معقد، دائم التحول وتلعب فيه المحسوبية والفساد دور الموازنة والمحافظة على الوضع القائم في نفس الوقت.
وقد رسخ نظام علي عبد الله صالح طبيعته السلطوية بعد الحرب الأهلية وتمكن من الاحتفاظ بالسلطة لثلاثة عقود بفضل تحكمه في أجهزة الجيش والأمن. ولا تزال الدولة التي تعيش فترة انتقالية متشبعة بالطابع السلطوي الذي دق أوتاده الرئيس المخلوع وأسرته، سنة 2012. كما أصبح التوازن السياسي الهش أصلا مهددا منذ أن أعادت الولايات المتحدة، عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، ترسيم سياستها في المنطقة.
وقد وصلت الانتفاضات الشعبية التي هزت العديد من البلدان العربية اليمن منذ بداية سنة 2011، إذ نزلت شبيبة يمنية متعطشة للتغيير والمشاركة السياسية بعد استلهامها هذه الحركات إلى الشارع للمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح قبل أن تحظى بعد عدة أسابيع بدعم عدد متزايد من الأحزاب السياسية والقبائل.
وبعد أشهر طويلة من المظاهرات والاحتجاجات السلمية المنظمة في سائر أرجاء البلاد قُمعت بطرق دموية، تم التوصل إلى حل وسط، فقبل الرئيس صالح مقترح مجلس التعاون الخليجي القاضي بانسحابه مقابل عدم متابعته قضائيا، مما مكن من ضمان استمرار نظام أنشأه على امتداد 33 سنة من الحكم. فاحتفظت أسرته بمقاليد الأمن وبقي هو نفسه متحكما في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يسيطر على نصف وزارات الحكومة الجديدة للوحدة الوطنية. تقدم نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي كمرشح وحيد للانتخابات الرئاسية في 21 فبراير 2012 وانتخب لفترة انتقالية تدوم سنتين. ورغم أنه قام في سبتمبر 2012 بعزل العديد من المسؤولين الأمنيين الكبار باعتبارهم مقربين من صالح، إلا أن عدداً كبيراً من التدابير ما زالت معلقة لحد الآن، خاصة ما يتعلق منها بمسلسل الحوار الوطني وصياغة الدستور الجديد وإعادة هيكلة الجيش وإعادة تشغيل عجلة الاقتصاد1. ويعتبر العديد من المناضلين أن ثورتهم تعرضت للاختطاف وأن الواجب يقضي بإطلاق دينامية جديدة، بينما استغلت مجموعات مقربة من القاعدة سياق الانتفاضة لتحتل أجزاء واسعة من الجنوب اليمني.
وقد نص الاتفاق الانتقالي الموقع في نوفمبر 2011 على إجراء حوار وطني بين ممثلي الأحزاب والقبائل المخولة لتمثيل جميع مكونات المجتمع اليمني. وتم إطلاق هذا الحوار في مارس 2013 ليحدد جدولا زمنيا لصياغة الدستور بمشاركة أكثر من 500 مندوباً، ولا تزال جلساته تتواصل لحد هذا الشهر – يوليو 2013.
2.1 اقتصاد مستنزف
على المستوى الاقتصادي، يواجه اليمن صعوبات عديدة، فهو لا يتوفر على مساحة زراعية كافية خاصة وأن ثلث هذه الأخيرة مخصص لزراعة القات2. وموارد البلاد من المحروقات باعتبارها أهم مصدر مالي لليمن في تناقص ومعدل البطالة جد مرتفع وحوالي 35% من الساكنة تعيش تحت خط الفقر، كما أن الأزمات الداخلية المتلاحقة تفاقم هذه الوضعية خاصة بسبب النزوح الداخلي للمئات من الأشخاص شمال وجنوب البلاد. كما تقوم دول الخليج بالطرد المنتظم لليمنيين الذين يعملون لديها، خاصة المملكة العربية السعودية التي قررت في ربيع 2013 اتخاذ إجراءات لطرد جميع «العمال السريين» أي الذين لا يشتغلون لدى كفيل وهو ما يهدد وضعية قرابة مليون يمني يقومون بتحويل حوالي 4 مليار دولار لبلدهم3.
وخلال سنوات 1990، قرر صندوق النقد الدولي وضع برنامج للتقويم الهيكلي يفرض خصخصة مقاولات عمومية وتقليص أعداد الموظفين وتخفيض الإعانات والتعريفات الجمركية مما زاد من تفاقم الوضعية الاجتماعية. ولتشجيع الحكومة على تسريع وتيرة هذه «الإصلاحات»، قام نفس الصندوق مع البنك الدولي بدفع 300 مليون دولار بينما كانا قد تعهدا بمنحها 2.3 مليار خلال أحد مؤتمرات المانحين4، وفي شهر يوليو 2005، قامت الحكومة بتبني عدد من الإجراءات الاقتصادية رغم المعارضة الشديدة للساكنة، خاصة منها تقليص دعم المنتوجات المشتقة من النفط مما أدى إلى تضاعف أسعار المحروقات وإلى اندلاع أعمال شغب.
أما انتفاضات 2011 التي استمرت أكثر من سنة فقد ولدت اضطرابا عميقا لاقتصاد كان يعاني أصلا من الهشاشة الحادة مع انخفاض الناتج القومي المحلي لسنة 2011 بـ -10.5% و -0.5% لسنة 2012 والتضخم المتسارع (17.1% في 2012)، وعجز ميزان المدفوعات بنسبة 10.2% من الناتج المحلي سنة 2012 5. بذلك أصبح البلد رهينا بقدر كبير بالتمويلات الخارجية وتم خلال مؤتمر المانحين في سبتمبر 2012 تقديم وعود بمنحه 7.9 مليار دولار، تسلم منها لحد الآن 2 مليار. بينما من المنتظر أن يقوم المؤتمر القادم للمانحين في سبتمبر 2013 بتسهيل دفع الباقي، شريطة أن تنخرط الحكومة بدرجة أقوى في خلق مناصب للشغل في القطاع الخاص. ويبدو منذ ربيع 2013 أن هناك تدعيما خفيفا للاقتصاد وأن التضخم أصبح تحت السيطرة واحتياطات العملة الخارجية بدأت ترتفع موازاة مع انطلاقة النمو الاقتصادي6. لكن المؤكد أن تحسين وضعية مجموع الساكنة اليمنية لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم اتخاذ مبادرات هادفة في مجالات التربية والصحة والخدمات الاجتماعية، رغم أن الأولوية يجب أن تمنح لإعادة التفاهم بين مكونات الوطن بما يمكن من تحقيق تقدم في المجالين السياسي والاقتصادي.
3.1 دولة ضعيفة في مواجهة تحديات كبرى
من المؤكد أن الصراعات الداخلية في البلد، إضافة إلى عوامل أخرى مثل طبيعة النظام والفقر والبنيات الاجتماعية، تساعد على تصلب بعض شرائح المجتمع المدني. كما أن التدخل الأمريكي والسعودي في البلد تصاعد خلال السنوات الأخيرة بسبب الموقع الاستراتيجي للبلد، خاصة خليج عدن الذي يمر عبره قسم كبير من التموين الدولي من النفط.
ومنذ عدة سنوات، يهتز اليمن على وقع الصراعات الداخلية التي لا تجد لها حلا دائما. فالتمرد الحوثي الذي اندلعت شرارته خلال عقد 2000 شمال البلاد تعرض للقمع بواسطة القصف والاعتقالات المكثفة. والدولة لم تلتزم أبدا بمختلف اتفاقات السلام التي وقعتها. ففي الفترة الممتدة بين 2004 و 2010، شنت ‘ستة حروب’ كما تسمى في اليمن على حركة تمرد مسلح تطالب بتوزيع أفضل للثروات ومشاركة سياسية أوسع. وبتعاقب السنوات، وتصاعد الصراع تم إضفاء الطابع الطائفي عليه، لكون الحوثيين ينتمون إلى الطائفة الشيعية الزيدية.
وفي جنوب البلاد، كانت المظاهرات غير العنفية تخرج بانتظام لإدانة التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية بين شطري اليمن وكذا تسلط النفوذ المركزي وقوبلت في الغالب بالقمع الدموي، مما دفع ببعض المجموعات السياسية إلى المطالبة بالانفصال.
في خضم هذا الوضع القابل للانفجار، تشكل سنة 2009 تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، وموازاة مع الحراك الثوري الذي انطلق سنة 2001، قامت مجموعات مسلحة مرتبطة بالقاعدة باحتلال جزء من الجنوب عسكريا، فاندلعت المواجهات مع الدولة وتصاعدت وتيرة العنف لدرجة أن بعض المدن دمرت وأخليت من سكانها. وتم سحق هذه الثورة بفضل تدخل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية اللّتين ساندتا الطيران اليمني خاصة عبر الضربات المنفذة بواسطة الطائرات بدون طيار.
وتتميز السياسية اليمنية على الأخص بتمكنها منذ فترة بعيدة بإدماج مختلف مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والدينية في جهاز الدولة. فرغم أن الاختلافات الكبرى لم تتم معالجتها، إلا أنه تم التحكم بموازين القوى التي كان من الممكن أن تفجر هذه الفسيفساء المعقدة. وتحقق ذلك بفضل التفاوض والاستقطاب والمحسوبية. ورغم عدم التمكن من تفادي المواجهات المسلحة، فقد أدى التدخل المتزايد، خاصة من طرف الولايات المتحدة، في الشؤون الداخلية لليمن7 منذ النصف الثاني من عقد 2000 إلى تصاعد وعسكرة هذه المواجهات، فسواء تعلق الأمر بالشمال أو الجنوب، لم يحد تدبير السلطة المركزية للصراع عن نهجه القمعي. بحيث يؤكد لوران بونفوا، الخبير في الشؤون اليمنية أن «الهاجس الأمني الذي يفرضه الخطاب المهيمن يشكل دون أدنى شك المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار. فالأولوية الممنوحة للأمن الغربي على حساب أمن اليمنيين ستكون لها عواقب وخيمة على المدى البعيد»8. لكن هذه التنبأالصادر سنة 2006 كان دون مستوى التطورات اللاحقة للأحداث، فقد تصاعدت حدة تدخل القوى الأجنبية التي ظلت في عمومها غير مباشرة لدرجة أنها أصبحت تحدد في الغالب مجرى الأحداث الدائرة خلال السنوات الأخيرة.
1) «April Longley Alley, «Triage for a fracturing Yemen (فرز يهدف إلى تكسير اليمن), مجلة فورين بوليسي, 31 أكتوبر 2012,
http://mideast.foreignpolicy.com/posts/2012/10/31/triage_for_a_fracturing_yemen (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
2) شجيرة يقضم اليمنيون أوراقها التي تحدث لديهم نشوة وهلوسة.
3) الإذاعة الفرنسية الدولية «Des travailleurs yéménites expulsés d’Arabie saoudite» 3 أبريل 2013، عمال يمنيون يطردون من المملكة العربية السعودية,
http://www.rfi.fr/moyen-orient/20130403-travailleurs-yemenites-expulses-arabie-saoudite (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
4) المجموعة الأوربية، , Yémen, European Community Strategy paper for the period 2007-2013, ورقة استراتيجية المجموعة الأوربية للفترة 2007-2013 (الوثيقة الاستراتيجية للفترة 2007-)2013, ص 21 http://eeas.europa.eu/yemen/csp/07_13_en.pdf (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
5) ص.ن.د , Arab Countries in Transition: Economic Outlook and Key Challenges, البلدان العربية تعيش فترة انتقالية: التوقعات الاقتصادية والتحديات الرئيسية،12 أكتوبر 2012،, p.16, http://www.imf.org/external/np/country/notes/yemen.htm (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
6) Wael Zakout, Le point sur la transition au Yémen,، موجز حول الانتقال في اليمن البنك الدولي, 20 يونيو 2013, http://menablog.banquemondiale.org/le-point-sur-le-yemen (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
7) مثلا، شيطنة حزب الإصلاح منذ انخراط الحكومة في مكافحة الإرهاب بجانب الولايات المتحدة في نهاية عقد التسعينات،وإزاحته عن هياكل اتخاذ القرار بينما كان يمثل شريحة واسعة من الساكنة ولد تركيزا قويا للسلطة في يد الرئيس وحزبه، لكنه أيضا سهل عملية التفاوض بين مختلف أحزاب المعارضة التي أنشأت في 2002 اللقاء المشترك الذي قدم مرشحا مشتركا للانتخابات الرئاسية لسنة 2006.
8) Laurent Bonnefoy, Entre pressions extérieures et tensions internes, un équilibre instable au Yémen, بين الضغوط الخارجية والتوترات الداخلية: توازن هش في اليمن، أكتوبر 2006 diplomatique.fr/2006/10/BONNEFOY/14054 , http://www.monde- (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
2. تنظيم القاعدة في اليمن
1.2 بداية عقد 2000: تراجع الحركة الجهادية
خلال الحرب التي شنها المحاربون القادمون من عدة بلدان على الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، كانت السلطات اليمنية تجند المتطوعين ابتداء من الثمانينات وتساعدهم على التوجه إلى هذا البلد. وكان هذا الموقف متطابقا مع موقف إسلاميين كانوا حينذاك مندمجين تماما في مؤسسات الدولة والشرطة والجيش والإدارة والتربية. وقد مكن هذا الانخراط المدعوم أيضا من شريحة هامة من السكان من تجنيد مقاتلين سابقين في أفغانستان خلال الحرب الأهلية التي تواجه فيها سنة 1994 شطرا البلد اللذان كانا حليفين بعد اتحادهما وأصبحا عدوين. وبذلك مكن استقطاب الجهاديين من تفادي مواجهة العائدين المتمرسين الذين كان من المحتمل أن يتمردوا على السلطة المركزية. فقد كان هؤلاء حينئذ لا يستهدفون مصالح الدولة التي كانت تشاطرهم إلى حد ما انتقادهم للولايات المتحدة التي واجهوها بعد انسحاب القوات السوفيتية. وكانت العمليات القليلة التي تنفذها هذه المجموعات المسلحة في اليمن تستهدف الأجانب العسكريين منهم والسياح9.
لكن هذا التوازن الهش بدأ يتلاشى بعد عمليات 11 من سبتمبر 2011، حيث انضمت السلطة اليمنية إلى الموقف الأمريكي في «حربه الشاملة على الإرهاب» دون التعرض لبعض مكونات التيار الإسلامي القوية التي كان النظام ملزما بالتعايش معها حفاظا على وجوده. وكانت الحكومة الأمريكية تنتقد عدم اتخاذ السلطات اليمنية التدابير اللازمة لمنع الشيخ عبد المجيد الزنداني، الشخصية الدينية البارزة ورئيس جامعة الإيمان بصنعاء، من السفر وتجميد ممتلكاته، كما تنص على ذلك العقوبات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة10، مع عدم تمكن الولايات المتحدة من تقديم أية أدلة على التهمة الموجهة من طرفها بتمويل الإرهاب والتي تستند إليها هذه العقوبات. فهي تعتبر أن الروابط القائمة بين بعض المتورطين في العمليات المنفذة ضد المدمرة يو إس كول في عدن سنة 2000 (راجع الفقرة 2. 3 أسفله) واعتداءات 11 سبتمبر قوية وتعمل بالتالي على تضخيم حجم القاعدة في اليمن.
رغم ذلك، قامت السلطات اليمنية باتخاذ بعض الإجراءات المتمثلة في طرد عدد من الطلبة الأجانب وسجن عشرات المقاتلين مع تأكيدها على عدم وجود تنظيم القاعدة في اليمن. وهو مالا يجانب الحقيقة تماما حيث أن المجموعات المسلحة المختلفة في اليمن والتي تتشكل جزئيا من مقاتلين سابقين في أفغانستان لديها سياسيا بعض القواسم المشتركة مع تنظيم القاعدة ولكنها ليست منضوية تحته. .
واستجابة لاحتجاجات الرأي العام المناهضة للاحتجازات التعسفية والممتدة لهؤلاء الرجال المسجونين بدون أدلة ملموسة والذين لا يمكن إطلاق سراحهم دون التعرض لانتقادات الحكومة الأمريكية، تم وضع برنامج لإعادة التأهيل قام بتطويره وزير الأوقاف الأسبق القاضي حمود الهتار.
وبذلك، تم إطلاق سراح مجموعة11 أولى (36 من أصل 104 سجين) يوم 11 نوفمبر 2002 بعد خضوعهم لبرنامج إعادة التأهيل واستفاد عدد من المسلحين من بعض المساعدات المالية بل إن بعضهم التحق بأجهزة عسكرية مقابل تخليهم عن أنشطتهم النضالية. لكن بما أن هذا البرنامج لا يستطيع أن يبدل النظرة الإيديولوجية للمحتجزين الذين ليسوا جميعا عناصر ميدانية، فقد تم إبرام اتفاق ضمني بعدم الاعتداء بين الحكومة والمناضلين، يقضي بألا يتنكر السجناء للجهاد المسلح وبأن يقبلوا بعدم القيام بعمليات داخل اليمن12. وتبعا لذلك، تلاحقت موجات من إطلاق السراح، شملت إحداها في 16 نوفمبر 2003 مجموعة من 92 عضواً محتملاً في القاعدة وفي جيش عدن – أبين، بينما اعترضت الولايات المتحدة على تسريح 150 آخرين مدرجين في اللائحة13.
وبتأريخ 20 نوفمبر 2004، أطلق سراح 112 «متطرفاً دينياً» آخراً ومتعاطفين سابقين مع القاعدة بعد خضوعهم لبرنامج القاضي حمود الهتار14، كما أفرجت قوات الأمن، في 27 مايو 2006، 315 مشتبهاً في انتمائهم للقاعدة بسبب غياب الأدلة الكافية على تورطهم في أعمال إرهابية15.
وحسب العديد من الملاحظين، فإن «الحركة الجهادية النشطة» -سواء أطلق عليها أم لم يطلق عليها اسم القاعدة – تقلصت للغاية16 في سنة 2004. فخلال السنوات التي سبقت تفكيكها، لم يتبق منها سوى بضع عشرات من المقاتلين (وبعض مئات من المتعاطفين) إذ كان القضاء على زعيم أية مجموعة يقود عموما إلى اختفائها، كما يبين ذلك مصرع الحارثي وتلاشي الجيش الإسلامي لعدن – أبين الذي كان يتزعمه. ويبدو أن سياسية الرئيس صالح آتت أكلها باعتمادها
الإدماج والسجن و التصفيات الجسدية، إذ لم تسجل خلال سنوات طوال أية عملية منذ تلك التي نفذت ضد ناقلة النفط ليمبورغ في أكتوبر 2002 واغتيال الزعيم الاشتراكي جار الله عمر في ديسمبر من نفس السنة والهجوم على مستشفى يديره رهبان أمريكان خلف 4 قتلى. وعندما أصبحت عدة مؤسسات أجنبية في صنعاء مهددة في أبريل-مايو، لجأت السلطات إلى كل ما لديها من وسائل لاعتقال المسؤولين عنها. فقد كان الرئيس صالح حينئذ والجار السعودي يضعان الصراع مع حركة الحوثيين شمال البلاد على قائمة الأولويات. وبهذا اندلع الصراع بين الفريقين منذ سنة 2004، وتبدي حكومة الولايات المتحدة امتعاضها من إجراءات العفو التي تنتهجها نظيرتها اليمنية، بحيث تشير في تقريرها لسنة 2007 حول الإرهاب إلى أنه «رغم الضغوط الأمريكية، واصلت الحكومة اليمنية تطبيق برنامج خاص بالاستسلام يتضمن شروطا متسامحة مع الإرهابيين الذين لم تتمكن من اعتقالهم ويقود في الغالب إلى احتجاز متسامح بعض الشيء»17. كما انتقدت وزارة الخارجية كون معتقلي غوانتنامو العائدين إلى اليمن يطلق سراحهم بعد فترة قصيرة من التقييم وإعادة التأهيل في إطار برنامج يفتقر إلى تدابير المراقبة الحازمة.
2.2 2009-2006: انطلاق دوامة العنف
غير أن سلسلة من الأحداث ستساهم تدريجيا في إعادة تحريك الصراع وتالياً تجنيد وتصلب مواقف العديد من المسلحين، أهمها اغتيال الحارثي (انظر أعلاه) وسجن عدد كبير من اليمنيين في معتقل غوانتنامو18 واعتقال ثم إدانة الشيخ محمد علي حسن المؤيد في الولايات المتحدة رغم شعبيته الكبيرة وبفعل التآمر عليه19 ثم الإعدام الميداني في أكتوبر 2006 لفواز الربيعي، أحد زعماء القاعدة في اليمن، بعد تسليم نفسه للسلطات إلخ. وبذلك تصاعدت وتيرة الإنتقادات الموجهة في بعض الأوساط للحكومة اليمنية المتهمة بولائها للولايات المتحدة وأصبحت عمليات المسلحين تستهدف تدريجيا مواقع سياحية وإقتصادية بغرض إضعاف السلطة المركزية.
تشكلت إذن خلايا مسلحة جديدة حول من تبقى من المحتجزين 23 الذين كانوا قد فروا بطريقة مذهلة من السجن المركزي للأمن السياسي بصنعاء سنة 2006 20، خاصة منهم ناصر الوحيشي، السكرتير السابق لأسامة بن لادن الذي كان قد فر من أفغانستان عبر إيران حيث اعتقل ورحل إلى اليمن سنة 2003 برفقة قاسم الريمي، المدرب السابق في أحد المعسكرات الأفغانية، وفواز الربيعي الذي سيقتل بعيد فراره. وقد تم إطلاق سراح عدة جهاديين شهيرين من طرف السلطات اليمنية مثل: علي علوي الأحمر، أحد أمراء المجموعات المسلحة و16 من أتباعه21. بينما تم ترحيل عدد آخر من المقاتلين اليمنيين من العراق وتسريح آخرين من السجون السعودية. ويبدو أن معظم هؤلاء لم يتخلوا عن الجهاد المسلح رغم عدم تبنيهم نفس التصور في الموضوع. فحسب غريغوري جونسون، ينادي الذين قاتلوا في العراق بالدفاع عن الأرض الإسلامية ضد الاحتلال الأجنبي ولا يدعون إذاً إلى استئناف الكفاح المسلح في اليمن الذي لا يعتبرونه أرضا مستعمرة من الأجنبي، بينما يرد الوحيشي (الذي أصبح فيما بعد أميراً لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب)، بأن الحكومة اليمنية خضعت لشروط الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر. وأضحى حضور هذه الأخيرة يتزايد في اليمن، مما يفرض حسب رأيه الجهاد على أرضه، وهو الرأي الذي استطاع إقناع عدد من المقاتلين به22، قبل أن يعيد تنظيم الحركة الجهادية في بداية 2007 وينشئ «ألوية جند اليمن». وفي الفترة الممتدة بين 2006 و 2008، كانت المجموعات المسلحة تستهدف المصالح الأجنبية، سواء منها السفارات أو السياح أو المنشآت النفطية، بينما كان خطابها يتصلب تدريجيا ضد النظام اليمني وتعاونه مع الغربيين. ففي 2 يوليو 2007، سقط بمأرب 8 سياح إسبان قتلوا في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة، وتبنى تنظيم القاعدة باليمن العملية فتم اعتقال عدة مشتبه بهم فورا.
وفي سنة 2008، ستؤشر عدة عمليات على إعادة انتشار المجموعات المسلحة التي تتحرك تحت عدة أسماء: فالجهاد الاسلامي في اليمن أعلن عن مسؤوليته عن العملية الفاشلة التي استهدفت السفارة الأمريكية في صنعاء بتأريخ 17 سبتمبر 2008 والتي خلفت مقتل حوالي 16 شخصاً. ويشير العديد من المراقبين إلى أن العملية الانتحارية المنفذة ضد مقر قوات الأمن بسيئون في وادي حضرموت في يوليو 2008 شكلت نقطة تحول في استراتيجية المجموعات المسلحة التي كانت إلى ذلك الحين تستهدف بعض الضباط الذين كانت تعتبرهم عملاء للولايات المتحدة أو جلادين والتي لم تكن تواجه الدولة مباشرة23.
أخيرا في يناير 2009، أعلن عن إنشاء تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الذي تتشكل نواته من سعوديين ويمنيين نجوا من عملية الفرار التي قام بها السجناء سنة 2006، ضمنهم ناصر الوحيشي. فتضاعفت الهجمات على ممثلي الدولة ومؤسساتها دون أن تتوقف عن استهداف الأجانب. ففي 15 مارس 2009 بشبام، تعرضت مجموعة من الكوريين الجنوبيين لهجوم خلف مصرع 4 منهم ثم هوجمت بدورها اللجنة الكورية الجنوبية التي حضرت إلى عين المكان للتحقيق في ملابسات الحادث. ونظمت عدة عمليات فشل بعضها خاصة الهجوم على طائرة الركاب الرابطة بين أمستردام وديترويت في 25 ديسمبر 2009. لكنها تسببت في تصاعد وتيرة القمع خاصة عمليات القصف الأمريكي لمختلف مناطق اليمن مثل أبين وشبوة وأرحب24. وهو الأمر الذي يدفع العديد من النشطاء إلى التطرف و الالتحاق بالقاعدة بينما يعود مقاتلون آخرون بالعشرات من العراق.
وخلال سنة 2009، تحولت عمليات المجموعات المسلحة من منطقة مأرب نحو أبين وشبوة، المحافظتان الجنوبيتان اللتان كانتا منذ 2007 مسرحا لمظاهرات احتجاجية ضد السلطة المركزية المتهمة بإهمال هاتين المحافظتين التابعتين سابقاً لليمن الجنوبي (الإشتراكي). ورغم أن الحراك كان في الأصل سلميا، إلا أن المواجهات مع قوات الأمن دفعت بعض المناضلين إلى التصلب وجعلتهم يهاجمون ابتداء من سنة 2009 بعض الأشخاص المنحدرين من الشمال وعناصر الشرطة25. وفي بعض المناطق تقلص حضور الدولة تدريجيا بفعل تخلي رجال الشرطة عن مواقعهم خشية التعرض للعمليات الهجومية. وإذا كان الحراك يظل في مجمله يتبنى النضال غير العنفي، فإن هجمات المجموعات المسلحة تندرج في مناخ التمرد السائد، بل إن الوحيشي أعلن عن دعمه للحركة الجنوبية، مساهما بذلك في تغيير موقف السلطات تجاه «الجهاديين» الذين لم تكن إلى ذلك الوقت تعتبرهم تهديدا جسيما لوجودها، خلافا لحركتي التمرد الجنوبية والحوثية، باعتبارهما حركتين اجتماعيتين سياسيتين قويتين تتوفران على زخم يمكنهما من مقاومة السلطة المركزية في منطقتين استراتيجيتين شديدتي الأهمية26 وذلك رغم نفي مختلف مسؤولي المعارضة الجنوبية وجود أية علاقة لهم بالقاعدة.
انتهت إذن سنة 2009 على وقع تخوف جميع الأطراف من تفجر الوضع في البلد. فالولايات المتحدة ومعها دول الجامعة العربية تساند علي عبد الله صالح رغم رفض الكثير من اليمينين له، وذلك من أجل الحفاظ على وحدة البلد ولكن أيضا لتدعيم مسلسل «مكافحة الإرهاب» الذي انخرط فيه. وفي هذا السياق المحموم، حدثت مذبحة قلعة فورت هود بتكساس يوم 5 نوفمبر 2009 حيث سقط 13 قتيلاً وعشرات الجرحى على يد الطبيب النفساني العسكري، الضابط نضال مالك حسن الذي قد يكون على علاقة مع أنور العولقي، الداعية الأمريكي اليمني القاطن باليمن27. فتولد عن هذا الحدث هستيريا سادت الطبقة السياسية في الولايات المتحدة التي وجدت مبررا للهجمات الأولى للطائرات بدون طيار (باستثناء الغارة التي قتلت الحارثي ومرافقيه قبل سبع سنوات من ذلك) وعندما تم التمكن بعد شهرين من تفادي حدوث عملية ضد طائرة متوجهة إلى ديترويت (و. م. أ) تعالت بعض الأصوات المنادية باحتلال اليمن عسكريا.
3.2 2010: تحلل الدولة يقود استئناف المجموعات المسلحة لنشاطها
استهلت سنة 2010 وسط مناخ عدائي يسود الولايات المتحدة واليمن معا. فمنذ أن أعلن الوزير الأول البريطاني عن عقد مؤتمر في شهر فبراير في لندن لمناقشة الوضع الأمني في اليمني، سادت الإشاعات حول اعتزام الغربيين القيام بغزو عسكري، خاصة بعد وصف السنتور الأمريكي جوزيف ليبرمان لليمن كأرض «للحرب الأمريكية القادمة» وبعد ترديده لنفس العبارة عدة مرات خلال الأشهر التالية، الشيء الذي أثار مخاوف اليمنيين28. وابتداء من شهر يناير، اجتمع حوالي 150 مسؤولاً يمثلون المؤسسة القبلية والدينية اليمنية في صنعاء في مؤتمر عام وأصدروا في 11 من ذات الشهر إعلانا هددوا فيه بالدعوة إلى الجهاد في حال أرسلت قوات أجنبية إلى البلاد29.
وقد كان لهجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية في نهاية سنة 2009 وقع الصدمة على اليمنيين، خاصة تلك التي استهدفت المعجلة في محافظة أبين مخلفة 54 قتيلاً ضمنهم العديد من الأطفال والنساء في 17 ديسمبر 2009 وكذا التي جرت في رَفُض بمحافظة شبوة بتأريخ 24 ديسمبر مستهدفة منزل العولقي مخلفة 30 قتيلا. فتولد عن ذلك تصلب في المواقف المناهضة للحكومة وللأمريكان في جميع الأوساط السياسية خاصة لدى المناضلين الجهاديين والمتعاطفين معهم. وتميزت سنة 2010 بتصاعد وتيرة العنف لدى المجموعات المسلحة المقربة من القاعدة وأيضا لدى السلطات العسكرية اليمنية، وهذا ما أشار إليه لورن بونفوا أن «تبني المناضلين الجهاديين تقنيات حروب العصابات عبر لجوئهم إلى نصب كمائن لقوافل الجيش والقيام بهجمات على مباني رسمية يندرج في سياق أوسع تتشكل مكوناته من المواجهات المسلحة وأشكال العنف الأخرى من قبيل أصناف التمييز الطائفي والإجتماعي والمناطقي والاحتجازات التعسفية والتعذيب والعمليات العسكرية والمس بحرية التنقل، إلخ»30.
وتتزايد وتيرة تدخل القوات المسلحة الأمريكية في التراب اليمني. فحسب وسائل الإعلام، سجلت في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر2009 و 31 يناير2010 أكثر من 20 غارة تزايد فيها استعمال الطائرات بدون طيار31.
وفي سياق التمرد السائد، يتمكن مناضلون مسلحون موالون للقاعدة من الاستيلاء على بلدات عديدة جنوب البلاد. ففيما بين 19و25 أغسطس 2010، نفذ هجوم عسكري على مدينة لودر في محافظة أبين حيث تعيش 80000 نسمة وحيث أجبر الجيشُ اليمني السكانَ على الفرار من المدينة قبل قصفها ومواجهة المقاتلين32.
وبتأريخ 20 سبتمبر 2010، جاء دور مدينة الحوطة في محافظة شبوة والتي تعرضت لهجوم المجموعات المسلحة تزامنا مع زيارة جون برينان، المستشار الرئيسي آنذاك للرئيس أوباما في شؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب ورئيس وكالة المخابرات المركزية اليوم، والذي أتى لمناقشة سبل التعاون بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب، وبعد حصار دام أربعة أيام وفرار 150000 من السكان، استعاد الجيش سيطرته على المدينة دون أن تسجل خسائر مرتفعة في الأرواح33.
لكن هذه الهجمات المتعددة للمجموعات المرتبطة بالقاعدة لم تكن سوى مقدمة للهجوم الذي ستشنه بعد بضعة أشهر في المنطقة لأكثر من سنة. غير أن هذا الوضع المضطرب لم يتولد فقط كنتيجة مباشرة لأنشطة القاعدة والمجموعات المقربة منها بل جاء أيضا نتيجة للمواجهات الدائرة بين مختلف مكونات المعارضة والنظام في الشمال والجنوب والتي فتحت الطريق في وجه المجموعات المسلحة الموالية للقاعدة. فلا بد من التذكير بأن هذا التيار كان قد تلاشى تقريبا بعد عمليات سبتمبر 2011 وأن الأتباع القليلين الذين ظلوا نشطين لم يكونوا يحصلون إلا بصعوبة على تعاطف الساكنة.
وبعد تورطه في النزاع المسلح في الشمال ومواجهة التمرد المتصاعد في الجنوب، لجأ النظام إلى التهديد بالقاعدة كورقة تمكنه من الاستفادة من المساعدة العسكرية الخارجية الأمريكية. لكن الواقع أن الإدارة الأمريكية والنظام اليمني معا كانا يتعمدان تضخيم هذا التهديد لتبرير عسكرة الصراع من جهة وتدخل الولايات المتحدة إلى جنب السلطات اليمنية من جهة أخرى. بل إن بعض المراقبين يرون أن انتشار المجموعات المسلحة الإسلامية كان بتحفيز من نظام صنعاء نفسه الذي كان يسعى إلى الحصول على دعم خارجي في حربه على الإرهاب ومحافظته على موقعه بدعم أمريكي. لكن المؤكد أن القمع والتدخل المباشر للولايات المتحدة في الصراعات الداخلية ساهما بقوة في إعادة انتشار القاعدة في اليمن.
4.2 2011: انتشار أنصار الشريعة في ظل الثورات العربية
تضاعفت هجمات القاعدة على القوات المسلحة اليمنية في سنة 2010، وخاصة القواعد العسكرية ونقاط المراقبة وكذا ضد العاملين في الجيش. ففي يناير 2011، أعلن التنظيم عن مسؤوليته عن 49 عملية من هذا القبيل نفذت خلال النصف الأول من سنة 342010. واستهلت سنة 2011 بعدد من الاغتيالات التي طالت ضباطا سامين في الجيش اليمني في محافظات الجنوب، خاصة أبين وشبوة معقل عدد من المجموعات المرتبطة بالقاعدة. واتسعت المواجهات في مدن مثل لودر وزنجبار لتصل إلى عدن، العاصمة السابقة لليمن الجنوبي، في مايو 2011 وكذا محافظتي مأرب والبيضاء المجاورتين.
فنظرا لكون محافظات الجنوب شهدت ضعفا تدريجيا لمؤسسات الدولة، ولّد الحراك الثوري - الذي شهده البلد منذ يناير2011 في سياق الثورات المندلعة في تونس ومصر- فراغا مؤسّسِيا مكن المجموعات المسلحة من التواجد وسدّ حيّز من الفراغ. فحسب الأقوال المنقولة عن أنور العولقي، أحد أبرز المطلوبين للولايات المتحدة والذي اغتيل دون محاكمة من طرف طائرة أمريكية بدون طيار في سبتمبر 2011: «منحت الثورات العربية الفرصة للمجموعات الإسلامية لاسترجاع أنفاسها وإسماع صوتها»35. كما مكنت الأزمة السياسية في أعلى هرم السلطة التي ولدت انشقاقات داخل وحدات الجيش36 هذا الانتشار من التزايد.
وبينما كانت الأصوات في سائر أنحاء البلاد تطالب باستقالة الرئيس وتغيير النظام، كانت حركة الحراك الجنوبية في عدن التي تتقاسم هذه المطالب تصعد من مطالبها باستقلال المنطقة. بذلك، استغل المقاتلون سياق القطيعة هذا ونجحوا في استقطاب جزء من الساكنة، بينما كانت المواجهات بينهم وبين الجيش اليمني الذي لم يتردد في قصف أحياء سكنية ترمي بعشرات الآلاف من الأشخاص إلى الطرقات.
بسرعة خارقة ودون سفك صارخ للدماء، تمكنوا من السيطرة على معظم مدن هذه المحافظة والأقاليم المجاورة التي سموها بالإمارات الإسلامية. ففي 24 مارس 2011، احتلوا مدينة عزان (شبوة) ثم جعار (أبين) في 26 مارس وبعدها الحصن ثم في 27 مايو جاء دور زنجبار وهي مدينة ساحلية في أبين يسكنها 20000 فرد ليحتلها حوالي 300 رجل مسلح وبعدها لودر التي يسكنها حوالي 90000 نسمة.
وجماعة أنصار الشريعة التي تأتي في مقدمة حملة غزو المناطق الشاسعة باليمن هي نتاج لهذا الخليط من المقاتلين المتمرسين الذين بدؤوا مسارهم في صفوف القاعدة والإسلاميين الذين خيب آمالهم نظام يتفنن في أساليب المحسوبية والظلم فقرروا المبادرة إلى التغيير انطلاقا من المبادئ الدينية ذات التوجه الأصولي. وتمكن أنصار الشريعة من استقطاب العديد من المقاتلين الأجانب القادمين خصوصا من المملكة العربية السعودية أوالصومال وكذا من أفغانستان وباكستان. أما مصادر تمويلهم فتتمثل في ما استولوا عليه من البنوك التي سطوا عليها مثل بنوك زنجبار التي عثروا داخل واحد منها على حوالي 2 مليار ريال إضافة إلى الأسلحة والعربات التي يستولون عليها في الثكنات ومخازن الجيش والشرطة التي ينهبونها37.
ويستقبل جزء من الساكنة هذه المجموعات بارتياح، بينما يخاف جزء آخر منها، و تركز وسائل الإعلام الغربية على نظرتهم الصارمة للشريعة، خاصة تطبيق الحدود والقيود على الحريات والقيود الدينية، رغم أن العديد من التحقيقات المنجزة ميدانيا من طرف صحفيين يمنيين تخفف من هذه الصورة وتوضح أن هذه المناطق كانت في الماضي مهملة وأنها كانت تحت سيطرة عصابات ترهب السكان وتستولي على أموالهم38. كانت هذه المناطق خاضعة كليا للفساد والسطو وانعدام الأمن وكانت التجارة والخدمات العمومية فيها متدهورة. ولاحظ هؤلاء الصحفيون في عزان مثلا بعد عام من الاستيلاء عليها أن الشوارع منظفة وأن بعض القضايا العالقة أحيانا منذ 10 سنوات تمت تسويتها وأن الأمن السائد مكن السوق من النمو بحيث أصبح يحتل المرتبة الثانية في محافظة شبوة وأن المحلات توزع بشكل أكثر اتساعا وامتدادا في الزمن من ذي قبل وأن الماء يوفر مجانا للأسر المعوزة، إلخ.
وهكذا خضعت منطقة واسعة تمتد من عزان إلى زنجبار أي كل محافظة أبين والبلدات المحاذية لشبوة والبيضاء لسلطة أنصار الشريعة طوال سنة كاملة تقريبا. وهو ما دفع العديد من المراقبين إلى التساؤل عن انتشار مثل هذه المجموعات المتنوعة دون مواجهة تذكر من طرف قوات الأمن. بل إن بعض الإشاعات تتحدث عن تواطؤ على مستوى هرم السلطة مكن المجموعات المسلحة من فرض نفسها. فمثلا كشف اللواء صالح حسين الزوعري، المحافظ السابق لأبين الذي شهد سقوط محافظته، أن مصالح الأمن والجيش استسلمت لأنصار الشريعة وأن الاتصال بينه وبين السلطات العسكرية قطع قبل سقوط أبين وأن هذه الأخيرة لم تبد أية مقاومة للمجموعات المسلحة39.
وقد صرح بعض المعارضين أن الرئيس صالح لم يشغل قوته العسكرية كاملة حتى يتمكن من تقديم نفسه للخارج كسد وحيد أمام خطر القاعدة. ومع ذلك، من المؤكد أن الجيش والقوات الخاصة ووحدات مكافحة الإرهاب كانت متموقعة ابتداءً في صنعاء لقمع حركة الاحتجاج المتصاعدة وحماية الرئيس40.
5.2 2012: بعد إزاحة أنصار الشريعة، اللجان الشعبية تفرض سلطتها
منذ استيلاء أنصار الشريعة على زنجبار والمدينة تعيش على وقع المواجهات بين الجيش والمتمردين وتخضع للقصف المتكرر للطيران اليمني41 الذي أحدث دمارا هائلا ودفع آلاف السكان إلى الفرار وخلف مئات القتلى من الجانبين. ففي نهاية فبراير 2012، وجهت السلطات مهلة للمقاتلين بأن يسلموا أنفسهم خلال أسبوع42. لكن هؤلاء ردوا في 4 مارس2012 بالهجوم على كتيبة مدفعية بدوفس مخلفين حوالي 100 قتيل و 100 جريح في صفوف الجنود. كما خلفت المعارك الدائرة في مواقع متعددة قتلى عديدين في صفوف الجنود و 73 رهينة منهم43 لتتسع المواجهات وتشمل البيضاء وشبوة. ومنذ شهر أبريل 2012، تحاول السلطات التغلب على خصمها وتنشئ لجانا شعبية تساند الجيش في هجمته العسكرية على المتمردين. كما يدعم الطيران السعودي والأمريكي الجيش اليمني، فانطلقت الحملة يوم 12 مايو لتسترجع المناطق التي احتلتها جماعة أنصار الشريعة. ومرة أخرى، دفعت هذه المواجهات عشرات الآلاف إلى الفرار، لكنهم حسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، عادوا بنسبة 90% في يونيو 2013 إلى المناطق التي ينحدرون منها، بينما تؤكد مصادر في عين المكان للكرامة أن العديد من اللاجئين لم يعودوا إلى مساكنهم44 التي تعرضت للتدمير.
موازاة مع ذلك، كانت اللجان الشعبية المدعومة من الجيش قد بسطت نفوذها على البلدات المسترجعة لكن الصحف اليمنية تشير إلى انعدام الأمن والتعسف السائدين، لكون هذه اللجان تفرض قانونها الخاص مجدداً وتنتقم من المشتبه في دعمهم للمتمردين عبر الإعدامات دون محاكمة والاعتقالات والاحتجازات خارج أي إطار قانوني45. وتنعكس آثار الانشقاقات داخل الحكومة والجيش على هذه المليشيات التي يبدو أنها تستهدف أيضا المسؤولين الإداريين المحليين وبعض أفراد الجيش في زنجبار وجعار. فبعد انسحاب الجيش من محافظة أبين، تمكنت اللجان الشعبية من ترسيخ قدمها، فبدأ رئيس اللجان الشعبية بأبين عبد اللطيف سيد، الذي كان عضوا في القاعدة ثم في أنصار الشريعة في محاربة رفاقه السابقين بعد قطع علاقته بهم46، وقد أثارت زيارة السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين لزنجبار رفقة ضابط يمني سام فور تهدئة المنطقة47 العديد من التساؤلات حول دور الولايات المتحدة في الصراع. ولحد الساعة، لم تتمكن السلطات اليمنية من استرجاع المنطقة التي لازالت في يد اللجان الشعبية والتي بدأت تتفلت تدريجيا من يد السلطة المركزية.
9) Laurent Bonnefoy, Une brève histoire de la violence dite jihadiste، (، تأريخ موجز للعنف المسمى جهاديا) ضمن - Laurent Bonnefoy, Franck Mermier et Marine Poirier : Yémen, le tournant révolutionnaire, (اليمن المنعطف الثوري) ، CEFAS-كرتالا 2012، ص.ص 93-113
10) كتابة الدولة لمنشورات مكتب منسق مكافحة الإرهاب, تقارير الدول الخاصة بالإرهاب لسنة 2007, أبريل 2008, http://www.state.gov/documents/organization/105904.pdf, p. 131 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
11) Gregory D. Johnsen, The last Refuge, Yemen, Al Qaeda, and America’s war in Arabia،(حرب اليمن والقاعدة وأمريكا في الجزيرة العربية) , (الملجأ الأخير) الفصل 10، رحاب، (كتاب إلكتروني دون صفحات)
12) Gregory D. Johnsen, (الملجأ الأخير، حرب اليمن والقاعدة وأمريكا في الجزيرة العربية)،الفصل 10، رحاب، نفسه.
13) « Chronologie du Yémen 2003 » Marc Dugas (كرونولوجيا اليمن 2003)، كرونولوجيات يمنية، 30 ديسمبر 2003، http://cy.revues.org/152 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
14) Laurent Bonnefoy et Nabîl SUBAY، (كرونولوجيا اليمن 2004)، كرونولوجيات يمنية، 18 مارس 2009، http://cy.revues.org/1503 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
15) «Guilhem Roger, « Chronologie des événements au Yémen en 2006, (كرونولوجيا الأحداث في اليمن لسنة 2006)، كرونولوجيات يمنية، 18 مارس 2009، http://cy.revues.org/1503 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
16) Gregory D. Johnsen, The last Refuge, Yemen, Al Qaeda, and America’s war in Arabia (الملجأ الأخير، حرب اليمن والقاعدة وأمريكا في الجزيرة العربية)،الفصل 10، رحاب
17) كتابة الدولة لمنشورات مكتب منسق مكافحة الإرهاب, تقارير الدول الخاصة بالإرهاب لسنة 2007 , أبريل 2008، http://www.state.gov/documents/organization/105904.pdf, p. 131 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
18) في شهر 2006، أكدت وزارة العدل أن 137 يمنيا محتجزون في غوانتنامو بينما قدمت الولايات المتحدة رقم 108.
«Guilhem Roger, « Chronologie des événements au Yémen en 2006, (كرونولوجيا الأحداث في اليمن لسنة 2006)، كرونولوجيات يمنية، 18 مارس 2009، http://cy.revues.org/1503 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
19) تم اعتقال محمد علي حسن المؤيد في ألمانيا بطلب من الولايات المتحدة في 10 يناير 2003. وتم تقديمه على أنه شخصية هامة في القاعدة وأنه ممول للإرهاب الدولي لكن هذه الاتهامات لم يتم أبدا إثباتها. وبعد إدانته بـ 75 سنة سجنا، تم أخيرا إطلاق سراحه بعد احتجازه 7 سنوات.
20) من بين هؤلاء المحتجزين السابقين، جمال البدوي ذو الجنسية الأمريكية وجابر البنا، النشطان اللذان يوجدان على رأس قائمة المطلوبين لدى م.ت.ف.
21) «Guilhem Roger, «Chronologie des événements au Yémen en 2006, (كرونولوجيا الأحداث في اليمن لسنة 2006)، المصدر أعلاه.
22) Gregory D. Johnsen, (الملجأ الأخير، حرب اليمن والقاعدة وأمريكا في الجزيرة العربية)،الفصل 15، رحاب، نفسه.
23) Stephen W. Day، الإقليمية والتمرد في اليمن، مطبوعات جامعة كمبردج، 2012، الفصل 8، عودة الإقليمية اليمنية، فقرة: حرب ضارية. انظر أيضا، Laurent Bonnefoy، تأريخ موجز للعنف المسمى جهاديا في Laurent Bonnefoy, Franck Mermier et Marine Poirier: Yémen, le tournant révolutionnaire (اليمن، المنعطف الثوري)، CEFAS-Karthala، 2012، ص 106.
24) حسب مكالمة للسفارة الأمريكية في 21 ديسمبر 2009، قامت القوات العسكرية الأمريكية بـ 17 هجمات، من ضمنها غارة المعجلة التي سنتطرق إليها هنا. وقد حاولت السلطات اليمنية التستر عليها ثم أعلنت عن مسؤوليتها عنها. انظر الغارديان، US embassy cables: Yemen trumpets strikes on al-Qaida that were Americans’ work (مكالمات السفارة الأمريكية: اليمن يتباهى بأن الهجمات على القاعدة كانت من فعل الأمريكان)، 4 ديسمبر 2010،http://www.guardian.co.uk/world/us-embassy-cables-documents/240955 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
25) Stephen W. Day، Regionalism and Rebellion in Yemen(الإقليمية والتمرد في اليمن)، مطبوعات جامعة كمبردج، 2012، الفصل 8، عودة الإقليمية اليمنية،الفقرة الفرعية: على شفا الهاوية
26) Stephen W. Day، Regionalism and Rebellion in Yemen(الإقليمية والتمرد في اليمن)، مطبوعات جامعة كمبردج، 2012، الفصل 8، عودة الإقليمية اليمنية،الفقرة الفرعية: على شفا الهاوية
27) Sudarsan Raghavan and Michael D. Shear, U.S.-aided attack in Yemen thought to have killed Aulaqi, 2 al-Qaeda leaders, (الهجوم المدعم للولايات المتحدة في اليمن يمكن أن يكون قد أدى إلى قتل العولقي، وزعيمين في تنظيم القاعدة)، واشنطن بوست، ديسمبر 2009، http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2009/12/24/AR2009122400536.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
28) Sam Stein, Lieberman: The United States Must Pre-Emptively Act In Yemen,(على الولايات المتحدة أن تتصرف على نحو استباقي في اليمن) 18 مارس 2010، http://www.huffingtonpost.com/2009/12/27/lieberman-the-united-stat_n_404241.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
29) Stephen W. Day، Regionalism and Rebellion in Yemen(الإقليمية والتمرد في اليمن)، مطبوعات جامعة كمبردج، 2012، الفصل 9، القدر السياسي اليمني،الفقرة الفرعية: تلاقي المصالح الأمريكية واليمينية.
30) Laurent Bonnefoy، تأريخ موجز للعنف المسمى جهادي، م أ، ص 106.
31) Jeremy Scahill، The Dangerous US Game in Yemen (اللعبة الخطرة للولايات المتحدة في اليمن)، 30 مارس 2011
http://www.thenation.com/article/159578/dangerous-us-game-yemen?page=0,2 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
32) Fawaz al-Haidari، Yemen army ‘regains control’ of southern town (الجيش اليمني يستعيد سيطرته على مدن الجنوب)، و أ ف، 25 أغسطس 2010،http://www.google.com/hostednews/afp/article/ALeqM5jaSuALY9MdZ5WSyhaw8CmEBh4DTw (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
33) BBC, Up to 15,000 flee offensive in Yemen’s Shabwa province (حوالي 15000 حالة فرار عقب الهجوم على محافظة شبوة اليمنية)، 21 سبتمبر 2010، http://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-11380625 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
34) AQAP Announces Responsibility for 49 Attacks in Yemen During 2010 (القاعدة في الجزيرة العربية تعلن عن مسؤوليتها عن 49 هجمات في اليمن خلال سنة 2011، اليمن بوست،1 يناير 2011، http://yemenpost.net/Detail123456789.aspx?ID=3&SubID=2936 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
35) أمجد خشافة، من عزان إلى زنجبار... نصف شهر مع أنصار الشريعة، 6 ديسمبر 2011،
http://kavkazcenter.com/arab/content/2011/12/06/8677.shtml (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
36) مركز الجزيرة للدراسات، القاعدة باليمن: عودة للكر والفر، 17 يونيو 2012
http://studies.aljazeera.net/positionestimate/2012/06/201262493531991735.htm (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
37) 2011 عام أحلام وكوابيس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، 12 فبراير 2012، ص 1،
http://www.shebacss.com/docs/PolicyAnalysis/scssapa003-12.pdf (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
38) زيارة لإمارة عزان الإسلامية.. «أنصار الشريعة» يستبدلون الدولة بقوانينهم وخدماتهم، 1 أبريل 2012،
http://yemen-press.com/news7934.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
39) اعترافات خطيرة لمحافظ ابين السابق عن سقوط زنجبار في يد انصار الشريعة، 15 مارس 2013،
http://www.yemensaeed.com/news/news-local/6264-2013-03-14-23-42-52.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
40) مركز الجزيرة للدراسات، القاعدة باليمن: عودة للكر والفر، 17 يونيو 2012
http://studies.aljazeera.net/positionestimate/2012/06/201262493531991735.htm (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
41) زيارة لإمارة عزان الإسلامية.. «أنصار الشريعة» يستبدلون الدولة بقوانينهم وخدماتهم، 1 أبريل 2012،http://yemen-press.com/news7934.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
42) أبين.. الجيش يمهل « أنصار الشريعة « أسبوعا لمغادرة جعار وزنجبار 28 فبراير 2012،http://yemen-press.com/news6827.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
43) انظر البيان: اليمن: الكرامة تساهم بدورفاعل في إنقاذ حياة 73 جندياً تحتجزهم جماعة مسلحة)، 1 مايو 2012، http://ar.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=4432: 4432&catid=164: ak-com-yem&Itemid=140 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
44) More than 90 pct of internally displaced people in Yemen return home, (أكثر من 90 في المئة من النازحين الداخليين في اليمن يعودون إلى بيوتهم)، كسينهوا، 11 يونيو 2013، http://www.globaltimes.cn/content/788122.shtml (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
45) اتهامات لعناصر في اللجان الشعبية بأبين بتنفيذ إعدامات ميدانية http://adenalghad.net/news/15862/#.UcY6y5yaYRs (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
46) اتهامات لعناصر في اللجان الشعبية بأبين بتنفيذ إعدامات ميدانية http://adenalghad.net/news/15862/#.UcY6y5yaYRs (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
47) السفير الأمريكي في صنعاء يظهر في زنجبار http://adenalghad.net/news/13223/#.UcY8E5yaYRs (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
3. اليمن في بؤرة الاستهداف الأمريكي
1.3 1990-2000 علاقات متذبذبة
خلال حرب الخليج الأولى (1990-1991)، عارض اليمن اعتداء قوات التحالف على العراق دون أن يؤيد اجتياح هذا الأخير للكويت وامتنع عن التصويت للقرار الأممي الذي يسمح بالتدخل العسكري في العراق، فقامت الولايات المتحدة بمعاقبته بسحب مساعدتها الاقتصادية48 بينما كانت المملكة العربية السعودية والبلدان المجاورة الحليفة للأمريكان تقوم بعملية طرد واسعة لأكثر من مليون عامل يمني، مما عمق هشاشة اليمن وتبعيته للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية التي تعتبره امتداداً لها. ثم استؤنف التعاون العسكري بين اليمن والولايات المتحدة تدريجيا في نهاية عقد 90 عقب العمليات المنفذة ضد السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي سنة 1998.
فمنذ سنة 1997، انطلق التعاون في المجال الأمني مع الأمريكان الذين بدؤوا يدربون المئات من عناصر الشرطة ويبيعون المعدات ويشرفون على إعادة هيكلة مصالح الأمن. ويتابع خبراء من المكتب الفدرالي عن كثب التحقيقات التي تقوم بها مصالح الأمن اليمنية وخاصة استنطاقات أعضاء المجموعات المتهمة باختطاف 16 سائحاً غربياً تم اغتيال أربعة منهم في ديسمبر 1998 49.
وتتفاوض البحرية الأمريكية حول عقد يمكنها من استخدام ميناء عدن لتزويد بوارجها الحربية. بحيث يتنقل العديد من المسؤولين الأمريكيين بانتظام إلى صنعاء، خاصة منهم رئيس القيادة المركزية الأمريكية التي تمثل المركز الإقليمي للقيادة العسكرية المكلفة بالعمليات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقرن الإفريقي، لإجراء محادثات حول التعاون المستقبلي والتمارين العسكرية المشتركة، لكن هذا التكثيف الملحوظ للعلاقات بين البلدين يثير سخط الرأي العام اليمني الذي ينظر بامتعاض كبير إلى ما يعتبره أطماعا استعمارية للولايات المتحدة في المنطقة.
وبتأريخ 12 اكتوبر 2000، وقع حادث الاعتداء على البارجة الحربية الأمريكية يو إس كول التي كانت في عرض سواحل عدن متوجهة نحو الخليج لإتمام مهمة لمراقبة الحظر المفروض على العراق آنذاك، وخلف مقتل 17 فرداً من البحرية الأمريكية و50 جريحا، ثم وقع في اليوم التالي انفجار داخل أسوار السفارة البريطانية بصنعاء دون أن يخلف أي ضحية. تصاعدت الضغوط الأمريكية إذن وأصبح الرئيس صالح مجبرا على القبول بالشروط المفروضة. فتم في نوفمبر 2000 توقيع اتفاق تعاون في مجال محاربة الإرهاب بين صنعاء وواشنطن بدأ بموجبه حوالي 100 عميل من مختلف الوكالات الأمريكية، خاصة مكتب التحقيقات الفدرالي، يساعدون اليمنيين في تحقيقاتهم. وبتأريخ 7 يوليو 2001، أعيد فتح السفارة الأمريكية التي كانت قد أغلقت بعد عملية البارجة. لكن هذا التعاون الذي لم يكن محل رضى الأغلبية الساحقة في البلاد زاد من حدة التوترات المحلية القائمة في البلاد بحيث أصبح الرئيس صالح مجبرا على مراعاة الضغوط الخارجية واحتجاجات المعارضة والجمعيات الاجتماعية والمهنية التي دعت مثلا إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية. ورغم عدد من التنازلات الهامة، اعتبر المسؤولون الأمريكيون أن السلطات اليمنية لا تتعاون بما فيه الكفاية وأن التحقيق حول حادث اليو إس إس كول يتعثر. فهم لا يستطيعون القيام بالاستنطاقات كما يريدون مع المشتبه بهم بل إنهم يرتابون في تواطؤ أفراد من الأجهزة السرية اليمنية مع المجموعات المسلحة التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث والتي تنتمي إلى الجيش الإسلامي لعدن وتنظيم القاعدة50.
2.3 تأثير عمليات 11 سبتمبر 2001
ثم جاءت عمليات 11 سبتمبر 2001 ضد مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون بالولايات المتحدة لينقلب المناخ العام تماما. فأصبح اليمن حسب أهداف عقيدة للولايات المتحدة الجديدة بخصوص محاربة الإرهاب في موقع متقدم على لائحة الدول المستهدفة بعد اتهامه بالتسامح مع المجموعات المقربة من القاعدة، خاصة وأن العديد من المشتبه في إعدادهم لهذه العمليات يمنيون. وهنا اتخذ الرئيس صالح قراره بسرعة خوفا من تكرار التجربة المؤلمة التي مر منها أثناء حرب الخليج 90-91، فوضع نفسه رهن إشارة الأمريكان ووعد بالتعاون التام معهم. خاصة وأنه اكتشف بحدسه فرصة ثمينة لتدعيم سلطته الداخلية إذا التحق سريعا بحملة الولايات المتحدة على الإرهاب، خصوصا عبر الاستفادة من مساعدات عسكرية ومالية جديدة.
وهكذا، توجه الرئيس اليمني في نوفمبر 2001 إلى الولايات المتحدة للقاء نظيره الأمريكي وتكثفت العلاقات بين البلدين وكذا مع المملكة العربية السعودية في المجال الأمني، عبر تبادل المعتقلين بصفة خاصة، فتم اعتقال العديد من المناضلين المتهمين بأعمال إرهابية وإغلاق العديد من الحسابات البنكية. ومنحت الإدارة الأمريكية مساعدة قدرها 400 مليون دولار إضافة إلى إنشاء معسكر للتدريب في مجال مكافحة الإرهاب تديره وكالة المخابرات المركزية والبحرية والقوات الخاصة الأمريكية.
ورغم أن وحدة مكافحة الإرهاب لقوات الأمن المركزي تتبع رسميا لوزارة الداخلية إلا إنها في الواقع تتبع مباشرة للرئيس وتدار من ابن أخيه، الجنرال يحيى محمد عبد الله صالح51، وهي تتوفر على تجهيزات ومدربين أمريكيين52 من أجل القيام سرا بمطاردة المشتبه في أنهم إرهابيون وتصفيتهم53، كما يتم إرسال قوات بريطانية خاصة إلى اليمن54. لكن على المستوى الداخلي، يواصل صالح استعمال خطاب مناهض للإمبريالية ومدغدغ للفاعلين الإسلاميين الذين يمكن أن ينتقدوا سياسته الموالية للأمريكان.
وبتأريخ 6 اكتوبر 2002، استهدفت عملية جديدة ناقلة النفط الفرنسية لمبورغ التي كانت تحمل حوالي 400000 برميل في خليج عدن وخلفت مصرع بحار وضياع آلاف البراميل التي أريقت حمولتها في البحر. فوجد الرئيس صالح نفسه مجبرا على تكثيف تعاونه مع المصالح الأمريكية خاصة مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة المخابرات المركزية. وبموجب ذلك، حصلت الولايات المتحدة التي كانت قد أرسلت حوالي 1000 جندي إلى اليمن على الإذن بفتح مكتب لـمكتب التحقيقات الفدرالية الامريكي (F. B. I) في صنعاء وسلمت معدات عسكرية إلى السلطة اليمنية تتضمن مروحيات وفرقاطات لمراقبة الحدود البحرية ومضيق باب المندب، الموقع الاستراتيجي الواقع بين البحر الأحمر وخليج عدن55، ليتم رفع الحظر عن تصدير الأسلحة الأمريكية إلى اليمن في سبتمبر 2004.
من جهة أخرى، سمح الرئيس صالح بتحليق الطائرات بدون طيار الأمريكية التي تقلع من القاعدة الموجودة في جيبوتي فوق التراب اليمني للكشف والقضاء على المشتبه في مشاركتهم في العمليات الأخيرة باليمن56.
وهكذا تم اغتيال أول شخص في الأسابيع التالية وهو أبو علي الحارثي المتهم بإشرافه على عملية ضد يو إس إس كول سنة 2000 ومرافقيه الخمسة الذين تمت مطاردة سيارتهم وقصفهم في 3 نوفمبر 2002. ويشكل هذا الهجوم منعطفا في الحرب الشاملة على الإرهاب لكونها المرة الأولى التي يقتل فيها الجيش الأمريكي بوضوح متهمين بالإرهاب خارج منطقة الصراع وفي بلد لم يعلن عليه الحرب57. وكانت الحكومة اليمنية قد سمحت بهذه العملية وتخفت عليها ثم قدمت رواية أخرى للأحداث، ادعت فيها أن الركاب كانوا يحملون قنبلة انفجرت فيهم. وذلك نظرا لاستحالة تبريرها لمثل هذه الاغتيالات لساكنة أصبحت معارضتها تتصاعد تجاه سياسة حكومتها الأمنية وموالاتها للمواقف الأمريكية.
ومما زاد الطين بلة أن الأمريكان يعترفون علنا بمسؤوليتهم عن الهجوم وهو ما يزيد من حرج الحكومة اليمنية التي تتضاءل مصداقيتها خاصة لدى زعماء القبائل الذين تتوالى احتجاجاتهم على هذا التدخل الأجنبي السافر في بلادهم وعلى الاعتقالات التعسفية للشباب دون أية تهمة. كما تبين بسرعة فشل هذا التوجه الجديد للنظام اليمني بعد أن دفع مقاتلين سابقين في أفغانستان أو مناضلين آخرين إلى استئناف نشاطهم وتنظيم عمليات سيتم تنفيذ بعضها انتقاما لإعدام الحارثي58.
3.3 من الإرتياب إلى التعاون
وفي بداية سنوات 2000 تسببت سياسة التقرب التي يواصل الرئيس صالح انتهاجها مع بعض الأوساط المعادية للوجود الأمريكي بتشجيع الولايات المتحدة على تشديد قبضتها، خاصة بعد عملية الفرار من السجن سنة 2006 التي سنتطرق إليها لاحقا. ورغم أن الرئيس صالح سيقوم علنيا بالتقليل من الدور الذي يقوم به الأمريكان في بلده وسيؤكد باستمرار مسؤولية الطيران العسكري اليمني عن هجمات الطائرات بدون طيار، وظهر فيما بعد بأنه سمح في مكالمات له، كشفت عنها تسريبات ويكيليكس، مع مسؤولين سياسيين أو عسكريين أمريكيين لهؤلاء باستهداف إرهابيين مفترضين59.
غير أن صالح تمادى في تقديم تنازلات على المستوى الداخلي لأن وزن زعماء القبائل الذين يحمون أفرادها لا زال هاما ولكون السلطة المركزية بدون دعمهم ستصبح في وضع حرج. لذلك لعب بعدة أوراق واستخدم ورقة خطر القاعدة لدفع الولايات المتحدة إلى مدّه بالتمويل الأمريكي، كما أنه توصل إلى تسويات مع الأشخاص الذين تبحث عنهم الولايات المتحدة مثل جمال البدوي وجابر البنا، المواطنان الأمريكيان اللذان يعتبران من أهم القادة «الإرهابيين» الذين تريد الولايات المتحدة ترحيلهم إلى بلدانهم60، فعندما التقت فرنسيس تونسند مستشارة الرئيس بوش لشؤون مكافحة الإرهاب الرئيس صالح في سنة 2007 وسألته عن مصير البدوي أكد لها صالح إطلاق سراحه وحاول أن يطمئنها بكونه تحت المراقبة لكنها لم تستسغ جوابه بالكلية61.
وبسبب القلاقل التي اندلعت في بداية سنة 2011 وتزايد نفوذ المجموعة المسلحة المرتبطة منها أو غير المرتبطة بالقاعدة، قامت القوات الأمريكية بسحب جنودها من اليمن، بما فيهم القوات المكلفة بالعمليات الخاصة، والتي انسحبت إلى قاعدتها العسكرية بجيبوتي حيث تواصل نشاطها الاستخباراتي وتقوم بتنسيق العمليات مع الاستخبارات اليمنية. وقد ارتفع عدد عناصر وحدة مكافحة الإرهاب التي أنشأها العسكريون الأمريكيون من 300 إلى الضعف في سنة2011 62. ولم تعد هذه الوحدة وكذا الحرس الجمهوري تحت الإشراف المباشر للعسكريين الأمريكان63. كما أنهم، كما علمناه سابقا، لن يكلفوا بالتدخل ضد متمردي القاعدة أو أنصار الشريعة الذين يحتلون محافظة أبين منذ مارس 2011 بل سيتم إيفادهم إلى صنعاء لحماية الرئيس صالح الذي أصبح يواجه حركة احتجاجية غير مسبوقة ستجبره على الاستقالة. أما العمليات المنفذة في أبين والمناطق المجاورة فستكلف بها القوات الجوية اليمنية المدعومة بنظيراتها السعودية والأمريكية استنادا إلى المعلومات التي تزودها بها الاستخبارات الأمريكية. وبذلك يبدو أن الانسحاب الأمريكي كان نسبياً، بينما ظلت قاعدة العند العسكرية في محافظة لحج تواصل نشاطها، وبما أن الغارات الجوية خاصة عبر الطائرات بدون طيار تتصاعد منذ نهاية 2011 64.
وللإقتراب من اليمن دون التواجد في عين المكان، تم بناء قاعدة أمريكية جوية سرية في صيف 2011 في المملكة العربية السعودية مخصصة أساسا للطائرات بدون طيار التابعة لـ (C. I. A)، رغم أن السلطات السعودية كانت تنكر أي تعاون لها مع المصالح الأمريكية في مجال مكافحة القاعدة في اليمن. فحسب الرواية الرسمية، تم إخلاء القواعد في هذا البلد في سنة 2003 بعد غزو العراق، لكن صحيفة الواشنطن بوست كشفت في فبراير 2013 عن وجود هذه القاعدة الجديدة رغم تستر وسائل الإعلام على هذه المعلومة طيلة سنتين بطلب مُلح من الإدارة الأمريكية65.
وبعد حوالي شهرين من انتخاب المارشال عبد ربه منصور هادي في 21 فبراير2012 إلى رئاسة اليمن، توجه جون برينن، مستشار الرئيس أوباما للشؤون الأمنية آنذاك، إلى صنعاء للقائه. وحسب مسؤولين في البنتاغون، أعاد جنودهم منذ تلك الفترة انتشارهم في البلد بعد التأكد من أن الرئيس اليمني الجديد أصبح أكثر استعدادا للتعاون الصريح والمباشر بين العسكرين الأمريكان واليمنيين خارج العاصمة. فمنذ بداية سنة 2012، وبينما كان الهجوم العسكري الواسع على معاقل المجموعات المسلحة لم ينطلق بعد، لاحظت وسائل الإعلام أن «الدور العسكري المباشر لإدارة أوباما في اليمن أصبح أكثر اتساعا من ذي قبل وأنه يشكل تورطا متزايدا في الصراع الداخلي»66.
وهكذا، ذكرت بعض المصادر العسكرية التي لا يمكن للكرامة أن تفصح عنها أن 18 طائرة من دون طيار من صنف بريداتور وكذا العديد من القوات الخاصة الأمريكية يرابطون في قاعدة العند الجوية، علما أن الطائرات مجهزة بأدوات تقنية يمكنها من التعرف على أهدافها. وحسب نفس المصادر، توجد في اليمن محطتان قادرتان على تحليل المعلومات المستقبلة وتوجيه ضربات الطائرات بدون طيار، أحدهما يوجد داخل مبنى السفارة الأمريكية ذاتها والآخر في مبنى سري بالعاصمة صنعاء. وحسب نفس المصادر، تتشكل المجموعة التي تقرر تنفيذ الضربات بواسطة هذه الطائرات من رؤساء وحدات مكافحة الإرهاب ومسؤولي جهاز الأمن القومي والسياسي وأعضاء رئاسة الأركان ووزارة الدفاع والداخلية المكلفين من طرف الرئيس هادي من الجانب اليمني وكذا من الجانب الأمريكي من مجموعة تابعة لـ (C. I. A)، المفوضة مباشرة من طرف الرئيس أوباما.
بالموازاة مع ذلك تزايد عدد العسكريين الأمريكيين المرابطين في اليمن بقوة منذ 2012. فقد ذكرت يومية الشارع اليمنية في جوان 2013 أن حوالي 1500 عسكري تم إرسالهم مؤخرا إلى قاعدة العند العسكرية وأن 200 آخرين أرسلوا إلى قاعدة الديلمي الجوية بصنعاء، بحيث أصبحت القاعدتان تحتضنان اليوم على التوالي 5800 و 850 عسكري أمريكي67.
ويمثل فندق شيراتون الدولي بصنعاء، الذي أجّرته بالكامل السفارة الأمريكية في يناير 2013 و الذي يطلق عليه منذ ذلك الحين اليمنيون اسم المنطقة الخضراء الجديدة، الشبيهة بتلك التي أنشئت قبل 10 سنوات خلت في بغداد، رمز الوجود المتزايد للعسكريين الأمريكيين باليمن. فهو يستغل من طرف الدبلوماسيين والعسكرين ورجال المخابرات يحرسهم جيش من البحرية68. كما تزايدت بانتظام المساعدة العسكرية لليمن بحيث قد يكون هذا الأخير تلقى 300 مليون دولار كإعانة عسكرية وأمنية فيما بين 2006 و2010 ومبلغ 1.2 مليار دولار المفترض تقديمها على دفعات خلال السنوات الست اللاحقة. «وتظل الولايات المتحدة محط الانتقادات خارج وداخل اليمن لكونها أرسلت الإشارة السيئة عبر المبادرة إلى إرسال معونات عسكرية أكبر إلى صنعاء، إضافة إلى مدربين ومستشارين عسكريين مع منح مساعدات هزيلة على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي. وقد رسخت المساعدة العسكرية لدى اليمنيين اقتناعهم بأن الأمريكيين مهتمون أساسا بالمواضيع المتعلقة بالأمن المثالي بدل اهتمامهم بالمشاكل الحقيقية التي يواجهها اليمن مثل الفقر والفساد الحكومي والنزاعات الإقليمية الداخلية» 69.
48) Jeremy M. Sharp, Yemen: Current Conditions and U.S. Relations, (اليمن: الظروف الحالية والعلاقات الأمريكية)، مصلحة البحث بالكنغرس،سبتمبر 2007، – RL34170، ص 7،
https: //opencrs.com/document/RL34170/2007-09-12 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
49) محمد الأحمدي: العلاقات اليمنية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر http://almoslim.net/node/85268 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
50) في 5 سبتمبر[2001]، بعد أيام من وصول فريق مكتب التحقيقات الفدرالي إلى صنعاء، جلس الرئيس صالح مع صحفي من قناة الجزيرة للحديث عن التحقيق في كول USS. أوضح أنه فعل ما بوسعه للحد من مكتب التحقيقات الفدرالي في اليمن. صرح مبالغا: «نحن منعناهم من الوصول إلى اليمن بقواتهم وطائراتهم، وسفنهم». «نحن وضعناهم تحت المراقبة المباشرة لقوات الأمن لدينا.» وبالنسبة لعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، كانت ادعاءات صالح نفسها. فبعد أحد عشر شهرا من الهجوم على كول، كان العملاء يدورون في نفس الحلقة».
Gregory D. Johnsen, The last Refuge, Yemen, Al Qaeda, and America’s war in Arabia (الملجأ الأخير، حرب اليمن والقاعدة وأمريكا في الجزيرة العربية)،الفصل06
51) الكرامة، اليمن. حقوق الإنسان في خطر بين الصراعات الداخلية والضغوط الخارجية، تقرير مقدم للجنة مناهضة التعذيب في إطار مراجعة التقرير الدوري الثاني لليمن، 15 أكتوبر 2009، http://fr.alkarama.org/index.php?option=com_docman&task=doc_download&gid=289&Itemid=150 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
52) Jeremy M. Sharp, Yemen: Current Conditions and U.S. Relations, (اليمن: الظروف الحالية والعلاقات الأمريكية)، مصلحة البحث بالكنغرس،سبتمبر 2007،
53) Jeremy Scahill, The Dangerous US Game in Yemen, (اللعبة الخطرة للولايات المتحدة في اليمن)، دي ناشن، 18 أبريل 2011،
http://www.thenation.com/article/159578/dangerous-us-game-yemen?page=0,1 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
54) Rupert Hamer,Crack SAS team to hunt al-Qaeda terrorists,، (فرق خاصة لمطاردة إرهابي القاعدة)، ميرور، 3 يناير 2010،
http://www.mirror.co.uk/news/uk-news/crack-sas-team-to-hunt-al-qaeda-191996 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
55) Laurent Bonnefoy, Entre pressions extérieures et tensions internes, un équilibre instable au Yémen, octobre 2006.
بين الضغوط الخارجية والتوترات الداخلية: توازن هش في اليمن، أكتوبر 2006 diplomatique.fr/2006/10/BONNEFOY/14054 , http://www.monde- (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
56) Gregory D. Johnsen, The last Refuge, (الملجأ الأخير، حرب اليمن والقاعدة وأمريكا في الجزيرة العربية)،الفصل9
57) Gregory D. Johnsen, The last Refuge, (الملجأ الأخير، حرب اليمن والقاعدة وأمريكا في الجزيرة العربية)،الفصل9
58) محمد الأحمدي: العلاقات اليمنية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر http://almoslim.net/node/85268 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
59) Pam Benson, U.S. role in Yemen covered up by its president, (دور الولايات المتحدة في اليمن يتستر عليه رئيسه)، تصريحات وكيلكس، سي إن إن، 28 نوفمبر 2010، http://articles.cnn.com/2010-11-28/us/wikileaks.yemen_1_yemeni-president-yemeni-american-president-ali-abdullah-saleh?_s=PM: US (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
60) الأول اتهم بالمشاركة في عملية يو إس إس كول وفر في سنة 2006 مع جابر البنا و 20 آخرين. سلم الإثنان نفسيهما للسلطات اليمنية ولازالا يعيشان بحرية في اليمن.
61) Jeremy Scahill, The dirty wars, Chapitre 20, Prison Break. (الحرب القذرة. الفصل 20، الفرار من السجن)
62) Associated Press, US to expand Yemeni counter-terrorism training, (الولايات المتحدة تسعى لتوسيع عملية تدريب اليمنين على مكافحة الإرهاب) 15 فبراير 2011، دي ناشيونال،http://www.thenational.ae/news/world/middle-east/us-to-expand-yemeni-counter-terrorism-training (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
63) Jeremy Scahill, Washington’s War in Yemen Backfires, (حرب واشنطن في اليمن تأتي بنتيجة عكسية)، دي نيشن، 14 فبراير 2012
http://www.thenation.com/article/166265/washingtons-war-yemen-backfires (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
64) Jeremy Scahill, Washington’s War in Yemen Backfires, (حرب واشنطن في اليمن تأتي بنتيجة عكسية)، دي نيشن، 14 فبراير 2012، نفسه.
65) Greg Miller and Karen DeYoung, Brennan nomination exposes criticism on targeted killings and secret Saudi base,
تعيين برينان يعرض لانتقادات موجهة للأهداف المحددة للتصفية والقاعدة السعودية السرية، واشنطن بوست، 5 فبراير 2013،
http://articles.washingtonpost.com/2013-02-05/world/36758638_1_drone-base-al-awlaki-brennan-nomination (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
66) Ken Dilanian and David S. Cloud, U.S. escalates clandestine war in Yemen, (الولايات المتحدة تصعد الحرب السرية في اليمن)، 16 مايو 2012، http://latimesblogs.latimes.com/world_now/2012/05/washington-escalation-american-clandestine-war-yemen-us-troops-.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
67) Irib, Yémen: l’occupation US (الاحتلال الأمريكي)، 18 يونيو 2013،
http://french.irib.ir/analyses/commentaires/item/261732-y%C3%A9men-washington-renforce-sa-pr%C3%A9sence-militaire (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
68) Sheila Carapico, A New Green Zone in Sanaa, (منطقة رمادية أخرى في المن)، مريب، http://www.merip.org/new-green-zone-sanaa?utm_source=merolist&utm_medium=email&utm_campaign=sanaa (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
69) Stephen W. Day, Regionalism and Rebellion in Yemen, chap 8 : Looking into the abyss, الإقليمية والتمرد في اليمن، مطبوعات جامعة كمبردج، 2012، الفصل 8، على حافة الهاوية، 2012.
4. الحرب على الإرهاب حسب نسخة باراك أوباما
1.4 الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في حربها الشاملة على الإرهاب
ثلاثة أيام فقط بعد هجمات 11 سبتمبر بنيويورك وواشنطن، تدعمت الحرب الشاملة على الإرهاب باتفاق الكنجرس الأمريكي الذي اعتمد قراراً في 14 سبتمبر 2001 - (Authorization to Use Military Force)- «للرئيس باستخدام كل القوة اللازمة والمناسبة ضد الأمم أو المنظمات أو الأشخاص الذين تبين له أنهم خططوا أو سمحوا أو نفذوا أو سهلوا الهجمات الإرهابية لــ 11 ستمبر 2011 أو الذين استضافوا مثل هذه التنظيمات أو الأشخاص وذلك لتفادي حدوث عمليات إرهابية دولية من طرف هذه الأمم أو التنظيمات أو الأشخاص»70. وهو النص الذي يتميز عن غيره بعدم تحديد سقف زمني لهذه الحرب.
ومنذ هذه العمليات والحرب على الإرهاب تهيكل السياسة الأمريكية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، فانطلاقا من القرار السابق، مرورا بقانون باتريوت الصادر في 25 أكتوبر 2011 والذي يقلص بشدة الحقوق المدنية للأمريكيين إلى « عقيدة بوش» (استراتيجية الأمن القومي) لـ 4 سبتمبر 2002 والذي يسمح بالضربات الوقائية ضد أية دولة يمكن أن يصل فيها إرهابيون إلى أسلحة دمار شامل إلى فتح معتقل غوانتنامو وإنشاء شبكة السجون السرية واللجوء إلى الخارج لممارسة التعذيب. كل ذلك يشكل بنية قانونية وعسكرية تم تشييدها وتوضيبها باستمرار. بحيث أصبحت تقلب التوازنات الاستراتيجية، خاصة في العالم العربي، وتساهم بعد عشر سنوات في بروز ما سمي بالربيع العربي.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن النص الصادر بعد مرور ثلاثة أيام فقط على أحداث 11 سبتمبر 2001 سيشكل منذ ذلك التأريخ الأساس القانوني لتبرير «الاغتيالات المحددة الأهداف». فمنذ 17 سبتمبر 2001، سمح الرئيس جورج وبوش لـ(C. I. A)، بقتل واعتقال واحتجاز أعضاء القاعدة في كل مكان في العالم71.
ومنذ 2002، أصبح اليمن هدفا لهجمات الطائرات بدون طيار خلف أولها مصرع 6 أشخاص ضمنهم الحارثي ليدشن الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة في مجال «مكافحة الإرهاب»72. لكن وتيرة هذه التصفيات الجسدية لن تتصاعد بشكل مأساوي إلا انطلاقا من2009.
وخلال تلك الفترة، تم إطلاق عملية الحرية الدائمة في أكتوبر 2001 بهدف تدمير المعسكرات التدريبية التابعة للقاعدة في أفغانستان و القرن الإفريقي وملاحقة المقاتلين واعتقالهم ومحاكمتهم. وفي مارس 2003، أطلقت عملية تحرير العراق تحت مبرر تعاون الرئيس العراقي صدام حسين مع القاعدة وتهديده الولايات المتحدة بأسلحة الدمار الشامل، وهي المبررات التي تبين زيفها فيما بعد. وقد اعتبرت الأمم المتحدة لاحقا هاتين العمليتين العسكريتين صراعين مسلحين فشلا تماما لكونهما لم يحقق البتة أهدافهما المعلنة (خاصة إرساء الديمقراطية) دون إغفال التكاليف البشرية والمالية الباهظة المترتبة عنهما. (يجب التذكير أن الأمم المتحدة كانت قد اعتبرت في البداية أن الحرب الوقائية ضد العراق لا تتطابق مع ميثاقها ولكنها صادقت عليها في السنة التالية).
ومع وصول باراك أوباما إلى الرئاسة سنة 2009، تواصل وتعزز مسار الاستراتيجية الأمريكية التي أطلقها سلفه، فابتداء من هذا التأريخ، تم تعديل الخطاب الحربي كمؤشر على المنعطف التصوري الذي تم إحداثه، لم يعد الأمر يتعلق «بالحرب على الإرهاب» أو «المقاتلين الأعداء». وموازاة مع هذه التغيير الدلالي الواضح، تم تطبيق إجراءات ملموسة تمثلت في انسحاب القوات الأمريكية من العراق ابتداء من سنة 2011 73، والإعداد لمرحلة «ما بعد أفغانستان» عبر التقليص الصارم للقوات الموجودة هناك انطلاقا من سنة 2014، دون أن تعني هذه الإجراءات أبدا فك ارتباط هذه المناطق بأعتى قوة عسكرية في العالم. فالأمر يتعلق بتفضيل تطبيق العقيدة العسكرية الجديدة القائمة على التدخل عن بعد والعمليات السرية الخاصة التي انطلقت منذ عهد بوش وتطورت بشدة في عهد أوباما.
فخلال سنوات 2001 – 2008، كانت المقاربة الأمريكية تفضل الاعتقالات وعمليات الإرجاع الاستثنائية والاحتجاز في أماكن سرية غالبا ما توجد تحت مراقبة الـ(C. I. A)، ثم الحبس دون محاكمة في غوانتنامو. وكان الهدف من ذلك هو تجميع المعلومات من أجل محاربة شبكات القاعدة خاصة بفعالية أكبر. لكن الطرق المستخدمة كانت تلقى إدانة شديدة من طرف العديد من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة نظرا لاستخدامها التعذيب، كما تم التخلي عن ممارسة عمليات الإرجاع نسبيا بعد أن أصبحت الإدارة الأمريكية تفضل التصفية البدنية للإرهابيين المفترضين.
وتركز الانتقادات الموجهة إلى طرق التصفية البدنية للمشتبه فيهم على كونها ذات مفعول عكسي لكونها لا تعمق فقط الشعور بالعدائية تجاه الولايات المتحدة بل إنها تسهل مهمة الاستقطاب التي تمارسها المجموعات المسلحة، مما يزيد من حدة الخطر الإرهابي. فالملاحظ أن الإدارة الأمريكية بدل تفضيلها مقاربة سياسية لعلاج هذا المشكل تركز على مقاربة أمنية صرفة، فهي تستهدف عبر انتهاجها الحرب «عن بعد» القضاء على «التهديد الإرهابي» دون الالتفات إلى أثر ذلك على السكان. كما يشير إلى ذلك الفيلسوف غريغوار شمايو: «نحن نشهد إعادة توزيع للأولويات وفق سياسة نمطية تهدف إلى الترهيب والاجتثاث أهم من اعتبار آثارها السياسية على الساكنة»74. وهنا يطرح السؤال حول ما إذا كان الهدف الفعلي لهذه الحرب «الخفية» هو وضع بلد بأكمله في حالة صدمة والعمل على تفكيك المجتمع ولو أدى الأمر إلى اندثار دولة ما تعاني أصلا من الوهن من أجل تشديد القبضة عليها. والدليل في اليمن كما سنرى ذلك لاحقا ما يقع من انتقاء للأشخاص المستهدفين وعدم التمييز خلال الضربات مما يتسبب في سقوط عدد كبير من المدنيين واستعمال الضربة المزدوجة التي تتسبب في عدد أكبر من الضحايا واستهداف المركبات في المجتمعات السكنية، إلخ.
2.4 مأسسة الاغتيالات المستهدفة
لم تعلن الولايات المتحدة أبدا الحرب على اليمن ولتبرير تدخلها في بلد لا يشكل أي خطر بالنسبة إليها وتمثل حكومته حليفة لها، لم يعد قرار 14 سبتمبر 2001 المذكور الذي ينص بصراحة على محاربة كل بلد مرتبط من قريب أو بعيد باعتداءات 11 سبتمبر 2001 ذي جدوى. لذلك حدث انحراف غير ملحوظ بغية تطبيق القرار على ما أصبح يطلق عليه اسم «القوى الشريكة للقاعدة»، فقد برز هذا المصطلح الذي لم يرد في القرار في خطابات الرئيس أوباما أو النصوص الرسمية للبيت الأبيض75 وفرض نفسه لشرعنة الحرب على مجموعة لم يتم إثبات أية صلة لها بالتنظيم الأصلي للقاعدة.
وينتقد البعض هذا التوسع الدلالي باعتباره لا يلقي بالا إلى التحولات السياسية في الواقع ويقود إلى تدخل الولايات المتحدة في صراعات محلية. ففي اليمن، تورطت هذه الأخيرة بشكل مباشر وكثيف في الصراع الدائر بين جزء من المعارضة والحكومة، لتساهم بذلك في تصلب المواقف وتعقيد المفاوضات. ويبدو أن العديد من المسؤولين الأمريكيين واعون بهذه المشاكل مثل هذا المسؤول الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته والذي نقلت الواشنطن بوست أقواله التالية: «يتميز فرع القاعدة في اليمن بعلاقته الوطيدة مع حركة التمرد الحالي التي تسعى إلى طرد الحكومة الحالية (. . .) وأظن أن هناك احتمالا قائما بأن يتم اعتبارنا طرفا في حرب أهلية»76.
لقد ظهر تعريف «القوى الشريكة» للقاعدة أو الطالبان في قانون إقرار الدفاع الوطني الصادر في 31 ديسمبر2011 77، باعتبارهم «منخرطين في أعمال عدائية ضد الولايات المتحدة أو شركائها في التحالف، وهو ما يشمل كل شخص اقترف فعلا عدوانيا أو ساند مباشرة مثل هذه الأفعال الصادرة عن هذه القوى العدوة»، «وبذلك «يمكن التمييز بين ثلاثة أصناف: مجموعات مسلحة تشتغل بالتعاون أو تحت إمرة «فرع» من القاعدة، الذين يدعمون ويتواصلون مع القاعدة والمجموعات المسلحة المستقلة تماما والمنحدرة من أوساط أصولية متطرفة»78. وبذلك يصبح قانون إقرار الدفاع الوطني وملحقه ركيزة تستند إليها «الاغتيالات المستهدفة» في اليمن وغيره لأفراد تم تصنيفهم على هذا الأساس. وحسب بعض وسائل الإعلام، تم التفاهم بين حكومتي الولايات المتحدة واليمن للتعاون من أجل قتل أو اعتقال أكثر من 20 عضواً في القاعدة، وهو ما يترجم المقاربة الجديدة التي تعني حسب نيويورك تايمز «استعمال عدد محدود من الخبراء في العمليات الخاصة ومجموعات الكومندوز التابعة لـ(C. I. A)، والطائرات بدون طيار ضد عناصر من القاعدة يمكن أن يخططوا لمهاجمة الولايات المتحدة ومصالحها، مع الانخراط في حملات ضد الإرهاب شديدة التكلفة على المدى البعيد عبر تسليح وتدريب قوات أمن محلية»79. وحسب نفس الصحيفة، توجه جون برينن المستشار السابق لأوباما في شؤون مكافحة الإرهاب والمدير الحالي لـ(C. I. A)، إلى صنعاء قبل عدة أيام من انتخاب عبده ربه منصور هادي رئيسا للجمهورية من أجل وضع هذه الاستراتيجية.
أما العمليات المعلن عنها فتدور في غموض تام بحيث لا يكشف المسؤولون الأمريكان عن أية معلومة حول الأشخاص المستهدفين ولا حول الوسائل المستعملة لتصفيتهم، وغالبا ما تظل هويتهم مجهولة، بل إن حكومة الولايات المتحدة ظلت ولمدة طويلة تنكر هذه الاغتيالات، باستثناء تصريحات بعض الساسة أو التسريبات الموجهة لبعض الموظفين الإداريين السامين. لذلك كان لابد من انتظار التقرير نصف السنوي للبيت الأبيض في يونيو 2012 لنعلم رسميا أن «الجيش الأمريكي نفذ «عمليات مباشرة» ضد أعضاء في القاعدة وشركائها في اليمن والصومال»، لكن هذا التقرير لا يشير إلى أنشطة الـ (C. I. A)80. أما السلطات اليمنية فتلتزم الصمت بل وتعلن مسؤوليتها عن هذه العمليات.
3.4 عندما يشرعن رئيس الولايات المتحدة «الاغتيالات المستهدفة»
أمام تصاعد الانتقادات في الولايات المتحدة ضد تصفية مواطنين أمريكيين ومتهمين في بلدان ليست الولايات المتحدة متورطة فيها في نزاع مسلح، أدلى الرئيس أوباما بخطاب طال انتظاره في جامعة الدفاع القومي بواشنطن يوم 23 مايو 2013 عرض فيه استراتيجيته الخاصة بمكافحة الإرهاب81. ويتجلى طابع الحدة في الإعلان العمومي عن الاستراتيجية وليس في مضمون هذه الأخيرة، فأوباما يؤكد أن الولايات المتحدة في حرب منذ 11 سبتمبر 2001، رغم محاولته التميز عن سلفه، مع توضيحه بأن «الحرب الشاملة اللامحدودة» لم تعد مجدية. لكن أحد معاونيه، مايكل شيهان، مستشار وزير الدفاع للعمليات الخاصة والصراعات الضعيفة الشدة، كان قد أوضح قبل بضعة أيام أمام مجلس الشيوخ قائلا: «في رأيي، سيتواصل الأمر مدة معينة قد تتجاوز الولاية الثانية للرئيس (. . .) أظن أن الأمر سيمتد 10 أو 20 سنة»82.
ويبرر رئيس الولايات المتحدة طرق محاربة الإرهاب خاصة خارج مناطق «النزاع المسلح»، مع التأكيد على أنها «فعالة (. . .) وأن هذه الهجمات ناجعة وتمكن من إنقاذ أرواح، مضيفا أن «الولايات المتحدة لا تنفذ هجمات لمعاقبة أشخاص بل نحن نتحرك ضد إرهابيين يشكلون تهديدا متواصلا وفعليا للشعب الأمريكي وعندما لا توجد حكومات أخرى قادرة على المواجهة الفعالة لهذا التهديد»83. أي إنه يعتبر الاغتيالات الهادفة مشروعة وقانونية وأنه لا يولي أي اهتمام لواجب احترام السيادة الترابية لدولة ما. ويستند استدلاله مرة أخرى إلى الهجوم المنفذ في الولايات المتحدة قبل حوالي 12 سنة: «إن التحركات الأمريكية قانونية، فقد تمت مهاجمتنا يوم 11 سبتمبر، وفي غضون أسبوع رخص الكنجرس بأغلبية ساحقة باستعمال القوة. وحسب القانون الداخلي والخارجي، توجد الولايات المتحدة في حالة حرب ضد القاعدة والطالبان والقوى المرتبطة بها. إننا في حرب ضد منظمة قد تقتل إن استطاعت ذلك وفي هذه اللحظة عددا كبيرا من الأمريكيين إذا لم نقم بإيقافها قبل ذلك. إنها حرب عادلة، حرب تحترم التناسبية ونحمي فيها أنفسنا بأنفسنا». فهو إذن مقطع زاخر بالدلالات نظرا لإحالته إلى قرار الكنغرس لسبتمبر 2001 المذكور أعلاه الذي لا يتطرق أبدا ‘للقوى ذات الصلة’ وهو المصطلح الذي رأينا كيف يسخر لتبرير نوع من حالات الإستثناء غير محدودة في الزمان ولا في المكان.
ولإدراكه أنه يبحر في مياه كدرة لا يتم فيها احترام الدستور الأمريكي ولا مبادئ القانون الدولي، يوضح أوباما أن «الولايات المتحدة لا تستخدم الضربات عندما يكون بمقدورنا اعتقال الإرهابيين فنحن نفضل دائما أن نعتقلهم قبل أن نستنطقهم ونتابعهم قضائيا». لكن استعمال القوة المميتة يصبح مبررا في بعض الحالات، عندما يهدد الأشخاص المعنيون أمن الولايات المتحدة دون أن يكون بالإمكان اعتقالهم لأسباب متنوعة. بل إن دليلا صدر في نفس اليوم84 لتأطير هذه العملية. وبذلك يحاول أوباما إقناع المستمعين إليه بأن إدارته يقظة للغاية عندما يتعلق الأمر باحترام القانون مع حرصها على أمن البلد. وفي هذا السياق، يبدو خيار استعمال الطائرات من دون طيار- إذا كان القضاء على العدو ضروريا- أفضل حل بفضل دقته.
ويتجسد الجهد المبذول هنا للإيضاح والذي أشار إليه العديد من المراقبين في اعتراف أوباما بأنه أمر باغتيال أنور العولقي، المواطن الأمريكي الذي قدمه باعتباره «رئيس العمليات الخارجية» للقاعدة في الجزيرة العربية دون أن يستند هذا الإدعاء أبدا إلى أي عنصر مقنع. كما اعترف باغتيال 4 مواطنين أمريكيين آخرين في اليمن (بينما يبلغ عددهم الفعلي خمسة على الأقل) دون أن يحدد أسماءهم أو أسباب تصفيتهم.
وكما سبق الذكر، ليست الاستراتيجية التي تتضمن سحب القوات من مناطق الصراع مثل العراق وأفغانستان مع تنفيذ عمليات هادفة جديدة. فقد تم عرضها خلال رئاسة بوش الذي شرع في تنفيذها ثم تم تدعيمها خلال الولاية الأولى للرئيس أوباما بسحب قسم كبير من القوات الأمريكية. وبهذا الخطاب، يقوم أوباما باستخراج «الاغتيالات المستهدفة» من نطاق السرية ليمنحها تقريبا شكلا مقبولا قانونيا. وهو في النهاية، يساهم في مأسسة «الاغتيالات المستهدفة» ويعد بحرب لا هوادة فيها.
وعقب هذا الخطاب وبينما كان العديد من المحللين يكتشفون من خلاله عزم الرئيس على ضبط وتحجيم استخدام الطائرات بدون طيار، استهدف اليمن بغارة جديدة ربما من طرف إحدى هذه الطائرات ثم غارات أخرى في الأشهر التالية85.
4.4 ماهي المصالح المتورطة في التدخل العسكري في اليمن؟
تتم التدخلات العسكرية في اليمن من طرف بعض المؤسسات العسكرية اليمنية وأيضا السعودية والأمريكية التي تقوم في العديد من الحالات التخطيط لها والإشراف عليها. وإذا كان من النادر أن تتسرب هوية الوكالة الأمريكية المسؤولة عن العمليات المنفذة، فالظاهر أنها متعددة. ففي أبريل 2012، ذكرت الواشنطن بوست أن الـ (C. I. A) ووكالة الأمن القومي إضافة إلى مصالح أخرى قامت في اليمن خلال السنوات الأخيرة بهجمات ظلت لذلك الوقت خارج إطار مسؤولية قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية الـ (JSOC)، التي تقع تحت سلطة البنتاغون. وبعكس باكستان حيث تتم أغلبية الضربات من طرف الـ (C. I. A)، تنفذ الهجمات في اليمن بشكل واسع من طرف القوات البحرية والجوية الرابضة في عرض السواحل، إضافة إلى الوكالتين المذكورتين86.
وحسب نفس الصحيفة، صرح موظفون أمريكيون سامون بأن الـ (JSOC)، تتمتع باستقلالية أوسع مما لدى الـ (C. I. A) لمطاردة المتشددين باليمن وأنها لا تطلب أي إذن رسمي للقيام ‘بالضربات المستهدفة’. ونظرا للوضعية الخاصة لليمن الذي يشهد صراعا بين الحكومة والمتمردين، فإن استعمال الطائرات بدون طيار يبدو أصعب لكنه غير مستبعد87.
كما تتعاون الـ (C. I. A) مع الاستخبارات السعودية واليمنية لتشكيل شبكة من المخبرين قبل القيام بالضربات عبر الطائرات بدون طيار، لأن تحديد المواقع الدقيقة للأشخاص المشتبه بهم لا يمكن في الغالب أن يتم إلا بالاستعانة بالمخابرة البشرية الموجودة ميدانيا. فكما يخلص غريغ ميلر: «تعاونت (C. I. A) أيضا مع مصالح الاستخبارات السعودية واليمنية لإنشاء شبكة من المخبرين»88.
وقد تم تنفيذ الهجمات الأولى في اليمن من طرف الـ (JSOC)، انطلاقا من قاعدة كامب ليمونيي العسكرية الأمريكية في جيبوتي باعتبارها أهم قاعدة للطائرات بدون طيار خارج إطار الولايات المتحدة وهي تضم 3200 شخص مع حوالي 300 عنصر من الفرق الخاصة. كما توجد قاعدة أخرى في الساحل89، وابتداء من صيف 2011، فور تجهيز القاعدة العسكرية الأمريكية السرية
في المملكة العربية السعودية90، ارتفع عدد تحليقات الطائرات بدون طيار التي تنفذها الـ (C. I. A) فقد تم اغتيال أنور العولقي، الأمريكي اليمني، في 30 سبتمبر 2011 بواسطة طائرة من هذا الصنف أقلعت من هذه القاعدة: «وهي المرة الأولى التي تطلق فيها الـ (C. I. A) هجوما بالطائرة بدون طيار في اليمن منذ 2001 والمؤشر الأول على بداية اشتغال القاعدة الجديدة»91.
وقد أكد العديد من المعتقلين أن الرئيس أوباما قد يعتزم تقليص دور الـ (C. I. A) مدفوعا في ذلك بالحرص على القانونية والشفافية، فهم يرون أن تكليف البنتاغون بمراقبة برنامج الطائرات بدون طيار سيمكن السلطات الأمريكية من إخضاع عمليات هذه الطائرات «للمعايير الطبيعية لقوانين الحرب»92.
لكن يبدو من الصعب القبول بإزاحة الـ (C. I. A) التي كانت لحد الآن تقوم بأغلب ضربات الطائرات بدون طيار خارج أفغانستان، نظرا للتطور الكبير الذي عرفته قدراتها منذ 2012، فالوكالة لا تتوفر فقط على القاعدة السالفة الذكر في السعودية93 بل إنها تملك في شهر اكتوبر 2012 حسب الواشنطن بوست مجموعة مشكلة من حوالي 30 إلى 35 طائرة بدون طيار مسلحة وتطمح إلى المزيد. كما أنها تستعير للقيام بعملياتها في اليمن من الـ (JSOC) ويتوفر سلاح الجوي الأمريكي لوحده (في أكتوبر 2012) على حوالي 250 طائرة بدون طيار من صنف Reaper, Predator و Global-Hawk . ويتفق المحللون على أن الـ (C. I. A) تعرف منذ حوالي عشر سنوات تحولا تدريجيا لتصبح قوة شبه عسكرية94.
كما يتأكد تواصل التعاون بين الجيش الأمريكي و الـ (C. I. A) في هذا المجال خاصة بعد اعتراض البيت الأبيض على مشروع تعديل قانون الإنفاق لسنة 2014 يفرض وضع كل عملية عسكرية قتالية بواسطة الطائرات بدون طيار تحت مسؤولية البنتاغون، مع التنصيص على أن تنفذ العمليات من طرف أفراد من القوات المسلحة طبقا للقانون (الفصل 10 من قانون الولايات المتحدة، مما سيمكن ‘الكنغرس’ من التحكم بفعالية أكبر في هذه العمليات. فكما توضح السيدة ماكولوم التي عرضت قرار التعديل هذا على الكنغرس: «لم يكن مفاجئا أن يعترض البيت الأبيض على هذا التعديل. فالسلطة التنفيذية تريد المحافظة على برنامج (C. I. A) للطائرات بدون طيار وعلى لائحة الأهداف دون إشراف من الكنغرس ودون شفافية ودون مساءلة. وفي هذا الوقت، تقوم (C. I. A) بتنفيذ برنامج للاغتيالات بينما العالم يتفرج»95.
إن الدور المنوط بـ(C. I. A) التي تتحرك باستقلالية متفاوتة يطرح إذن مشكلا كبيرا على المستوى القانوني. فعملاؤها عبارة عن مدنيين يجب اعتبارهم لما يقترفونه «مقاتلين غير قانونيين» يقعون تحت طائلة المتابعات القضائية، والبعض رأى في خطاب رئيس الولايات المتحدة ليوم 23 مايو 2013 تعبيرا عن رغبة في ضبط وشرعنة استخدام الطائرات بدون طيار. وتم أيضا وفق هذه الرؤية تفسير تعيين جون برينن في مارس 2013 على رأس الـ (C. I. A)، فالمستشار السابق للرئيس أوباما في شؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب والذي تورط بقوة في صياغة وتنفيذ الاستراتيجية الجديدة ‘للاغتيالات المستهدفة’ يسعى إلى إعادة الـ (C.I. A) إلى دورها المخابراتي، بينما يعود الجانب العملي إلى البنتاغون»96. فخطة البنتاغون التي تقضي بإنشاء ما يسميه المصلحة السرية للدفاع (DCS Defense Clandestine Service) تعكس أكبر وأحدث تدخل للجيش في عمل مصالح الاستخبارات»97. ومن المقرر تدعيم هذه الشبكة الموضوعة تحت إمرة وكالة مخابرات الدفاع (DIA Defense Intelligene Agency) التي توظف حوالي 1600 عميل عبر العالم كونهم الـ (C. I. A) بالتعاون مع الـ (JSOC) التابعة لوزارة الدفاع98. وحسب بعض الصحفيين المتخصصين في قضايا الأمن، تعكس هذه المشاريع ميول الإدارة تجاه التجسس والعمليات السرية مقارنة بالقوة المتعارف عليها99، مما يعني أنه في حالة التقليص الفعلي لدور الـ (C. I. A) سيتعاظم دور الجيش ومعه الـ (JSOC) و الـ (DIA) المتورطتين بقوة وغير الخاضعتين للشروط المتعلقة بإطلاع الكنغرس، كما هو الشأن بالنسبة لـ(C. I. A)100. ويكشف جيرمي سكاهيل أن فيل جيرالدي، أحد ضباط الـ (C. I. A) السابقين أخبره أن « (C. I. A) أصبحت أكثر عسكرة وأصبحت تشتغل بتعاون وثيق مع (JSOC) لدرجة أنهم يستخدمون (C. I. A) كغطاء، وهو ما لم يكن يمكن تخيله قبل عشر سنوات» مضيفا أن «قسطا معتبرا من الميزانية المخصصة لـ(C. I. A) غير مرصود للتجسس لكنه يدعم جهود الأشخاص شبه العسكريين الذين يشتغلون بتعاون وثيق مع (JSOC) لقتل إرهابيين وتنفيذ برنامج الطائرات بدون طيار(..) وبذلك أصبحت (C. I. A) آلة للقتل»101.
أما القيادة المشتركة للعمليات الخاصة الأمريكية (JSOC) فمتورطة بقوة في «الحرب على الإرهاب، ويتعلق الأمر ببنية نخبوية مكلفة بالتنسيق بين وحدات القوات الخاصة لمختلف فروع الجيش الأمريكي، وحسب جيرمي سكاهيل، تتبع هذه الوحدات النخبوية الملحقة بالبنتاغون مباشرة للبيت الأبيض، وليست خاضعة لأية مراقبة برلمانية. ولذلك يمكن اعتبارها جيشا خاصا للرئيس102. ففي بداية 2004، وقع دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع السابق، أمراً سرياً يسمح لـ(JSOC) بالقيام بعمليات خارج مناطق أعلنت الحرب عليها في أفغانستان والعراق حيث تم تحديد مواقع لخلايا نشطة تنتمي إلى القاعدة. ولم ينفذ هذا الأمر إلا بعد 15 شهراً103. وبذلك أصبحت (JSOC) موجودة في اليمن ونفذت أول غارة لها في عهد باراك أوباما كانت الأكثر دموية إذ خلفت أكثر من 50 قتيلاً مدنياً.
«فقد دشنت المعجلة الحرب الجديدة للولايات المتحدة، فخلافا لبرامج «العمليات السرية» لـ(C. I. A) التي تتطلب إخبارا رسميا مسبقا للجان الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ والبيت الأبيض، تم إنجاز هذه العملية في إطار «برنامج المدخل الخاص» للجيش. وهو البرنامج الذي يمنح القوات المسلحة سلطة واسعة لتنفيذ عمليات سرية وواسعة لا تخضع لأية مراقبة أو حراسة. وفي اليمن تم تنسيق جميع العمليات من طرف قوات العمليات الخاصة الأمريكية المتمركزة في مركز العمليات المشتركة الأمريكية اليمنية الموجود في صنعاء مع وحدة الاستخبارات التابعة لـ(JSOC) التي تلعب دور منسق المعلومات وتوجه القوات اليمنية أثناء الهجمات الميدانية مع تزويد الصواريخ الأمريكية بالإحداثيات اللازمة. وفي المركز، يمكن لضباط الاستخبارات والجيش اليمنيين والأمريكيين أن يستعملوا صور الحراسة الإلكترونية المباشرة والخرائط الميدانية ذات الثلاثة أبعاد. ويرسل الضباط الأمريكيون المرابطون في اليمن المعلومات الخاصة بتفاصيل العمليات إلى وكالة الأمن القومي الأمريكي (NSA) بقلعة فورت ميادي بولاية ميريلاند الأمريكية وإلى قيادة العمليات الخاصة بتامبا ولاية فلوريدا وإلى وكالات الاستخبارات والجيش»104.
5.4 كيف يتم انتقاء الأهداف؟
تمنح الإدارة الأمريكية المدعومة بمختلف القرارات التي صوت عليها الكنغرس نفسها الحق في تصفية أي متهم بالانتماء إلى القاعدة أو «شركائها». ففي مقابلة مع الرئيس أوباما، قام هذا الأخير بتعداد المقدمات التي تسمح باغتيال مشتبه به شريطة أن يشكل «هدفا» مسموحا به في القانون الأمريكي وأن يشكل تهديدا حقيقيا ومباشرا وفعليا للولايات المتحدة ومصالحها وأن يستحيل اعتقاله وأن تحرص العملية على عدم إصابة ضحية مدنية. ورغم أن المواطنين الأمريكيين الذين ينشطون ضد الولايات المتحدة محميون بنص الدستور ويتمتعون بالحق في المحاكمة105 فإن اغتيال أنور العولقي والمواطنين الأمريكيين الآخرين لم يخضع لهذا البند.
وقد تكفل وزير العدل إريك هولدر في عدة مناسبات بتفصيل هذا التصور الذي يتم تطبيقه منذ عدة سنوات، خاصة في خطابه في جامعة القانون الشمالية الغربية، عندما برر هذا الخيار قائلا: « البعض يسمي هذه العمليات «اغتيالات» لكن الأمر هنا ليس كذلك أبدا، فاستعمال هذا المصطلح المشحون بالدلالات لا محل له هنا. لأن الاغتيالات عبارة عن إعدامات غير قانونية. لهذه الأسباب التي ذكرت، لا يشكل استخدام الحكومة الأمريكية للقوة المميتة كوسيلة للدفاع عن النفس ضد قائد للقاعدة أو قوة شريكة تشكل تهديدا قائما بحدوث هجوم عنيف انتهاكا للمرسوم التنفيذي الذي يحظر الاغتيالات ولا للقانون الجنائي»106.
غير أن مسئولين أمريكيين أنفسهم اعترفوا في 2010 أن «أكثر من 500 شخص تم قتلهم منذ أن تصاعدت وتيرة الهجمات وأن هوية معظمهم مجهولة أو أن الوكالة لا تتوفر إلا على معلومات جزئية عنهم. بل إن و. م. م. لم تكتشف في بعض الحالات وجود إرهابي مطلوب ضمن الضحايا إلا بعد الغارة»107.
يتبين إذن أن (C. I. A) والبنتاغون يديران حربهما الخاصة في اليمن حيث يستخدم كل واحد منهما ترسانته الخاصة ويتوفر على طائراته الخاصة به و «لائحة الأهداف التي يجب تصفيتها»108. وكان لابد من انتظار تصريحات النيويورك تايمز في نهاية 2012 لتنكشف «لوائح القتل» هذه وكذلك أن الرئيس أوباما هو السلطة العليا التي تصادق على هذه العمليات السرية باقتراح من جون برينان عندما كان هذا الأخير مستشارا في البيت الأبيض، أي أن الأمر يتعلق «بأغرب الطقوس المكتبية، فكل أسبوع تقريبا، يجتمع حوالي مائة من أعضاء الجهاز الأمني الأخطبوطي للولايات المتحدة في مؤتمر مؤمن عن بعد لتفحص سير الارهابيين المحتملين واقتراح الهدف التالي الذي يجب على الرئيس قتله» 109.
وكما يلاحظ غريغوار شامبو في كتابه «نظرية الطائرة بدون طيار»، ترفض الإدارة الأمريكية توضيح المعايير الوجيهة التي تمكن من صياغة لوائح هؤلاء الأشخاص المحكوم عليهم بالموت. وهو يستشهد بهارولد كوه، المستشار القانوني للبيت الأبيض الذي يقول بلهجة مطمئنة: «إن مسطراتنا وممارساتنا الخاصة بتحديد الأهداف المشروعة متماسكة للغاية والتطورات التكنولوجية ساهمت في تحسين مستوى تحديد أهدافنا» أي بمعنى آخر: «ضعوا ثقتكم العمياء فينا»110.
فالملاحظ تحديد الأشخاص المستهدفين من «الضربات حسب الهوية» على أساس عناصر الإدانة بهدف قتلهم لكن الغريب أن يتم السعي إلى قتلهم دون توجيه أية تهمة إليهم بل إن استراتيجيي الإدارة الأمريكية يتجاوزون هذا الحد ويصدرون الأمر بتنفيذ «ضربات استباقية» ضد أشخاص لم يتم تحديد هويتهم بل لمجرد كون سلوكهم مريبا لتطابقه مع «توقيع» على «سلوك محدد سلفا تربطه الولايات المتحدة بنشاط أو منظمة مناضلة»111 أو يدعو إلى التخمين بأنهم ينتمون إلى «منظمة إرهابية». فشمايو يوضح أن كشف هؤلاء المناضلين المجهولي الهوية الإرهابيين المفترضين يستند إلى ما يصفه المسؤولون «بتحليل لأشكال الحياة» يستخدم العناصر المتعلقة بالأحداث الملتقطة من طرف كاميرات المراقبة لدى الطائرات بدون طيار وكذا من مصادر أخرى»112.
فمنذ سنة 2010، ذكرت الصحافة الأمريكية أن (C. I. A) كانت تتوفر على الإذن بقتل مشتبهين غير محددي الهوية في باكستان مما يعني أن الأمر يتعلق بطرق استخدمت تحت إدارة بوش وتم استئنافها وتكثيفها خلال رئاسة أوباما، بينما لم يكن يسمح لـ(C. I. A) من قبل سوى بقتل قادة للقاعدة توجد أسماؤهم ضمن لائحة مصادق عليها. لكن تبدل القواعد مكن منذ ذلك الحين من توسيع دائرة الاستهداف. فقد صرح موظف سام في مصالح الاستخبارات الأمريكية متخصص في مكافحة الإرهاب فضل عدم الإفصاح عن هويته بأنه «من الممكن جدا ألا نكون قد حصلنا إلى الآن على أسمائهم. . . . لكن هؤلاء الأشخاص أثبتوا بتحركاتهم الممتدة في الزمن أنهم يشكلون بوضوح تهديدا»113.
ومما يثير الاستغراب أن مختلف المنظمات أو المؤسسات الأمريكية التي تحصي الهجمات المستهدفة تعجز في الغالب عن ذكر هوية الأشخاص المستهدفين رغم أن البنتاغون و (C. I. A) تعتبرهم قادة في القاعدة أو «قوات شريكة»، مما يدعو إلى الافتراض بأن أسماءهم بل وظائفهم مجهولة. فكما كشفت شبكة أخبار NBC لا تعرف (C. I. A) في حالة باكستان لحد الآن من المستهدف والمقتول خلال ضربات الطائرات بدون طيار. فهي تقوم بتسجيل الضحايا تحت مسمى «مقاتلين آخرين» مما يثير التساؤل عما يمثلونه من تهديد بالنسبة لأمن الولايات المتحدة. فكما يوضح موظف سابق في البيت الأبيض، تقوم الولايات المتحدة أحيانا بإعدام أشخاص اعتمادا على ‘أدلة مجهولة’114.
وحسب المؤسسة الأمريكية الجديدة تم إعدام 34 من قادة القاعدة من أصل 427 إلى 679 قتيلاً115 منذ انطلاق حملة ضربات الطائرات بدون طيار في اليمن. مما يظهر حدود هذه الاستراتيجية التي تنتهجها إدارة أوباما. لكن هذه الأرقام تظل غير مؤكدة فبعض المصادر الأخرى تقدم أرقاما أعلى للضحايا. كما أن وصف « قائد في القاعدة» يثير القلق نظرا لغياب أية مسطرة قانونية تمكن من إثبات حقائق مثبتة أو التهم الموجهة إلى هؤلاء الأشخاص، فقد أوضح أحد موجهي هذه الطائرات من صنف ريبر بشكل مباشر أنه لا يعير أي اهتمام للاعتبارات الأخلاقية أو القانونية: «يمكننا تطوير أشكال الحياة هذه وتحديد الأشرار والمطالبة بالإذن ثم إطلاق المسلسل: العثور، التوسيم المطاردة الاستهداف، الهجوم»116.
70) The Congress, A joint resolution to authorize the use of United States Armed Forces against those responsible for the recent attacks launched against the United States, (قرار مشترك يجيز استخدام القوات المسلحة للولايات المتحدة ضد المسؤولين عن الهجمات الأخيرة التي شنت ضد الولايات المتحدة)، 14 سبتمبر 2013، http://www.gpo.gov/fdsys/pkg/BILLS-107sjres23cps/pdf/BILLS-107sjres23cps.pdf (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
71) Dana Priest, CIA Holds Terror Suspects in Secret Prisons, (و.م.م تحتجز المشتبه في كونهم إرهابيين في سجون سرية)، واشنطن بوست، 2 نوفمبر 2005،http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2005/11/01/AR2005110101644_3.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
72) David Johnston et David E. Sanger, Yemen Killing Based on Rules Set Out by Bush, (عمليات القتل في اليمن حسب القواعد التي حددها بوش)، نيويورك تايمز، 6 نوفمبر 2002،
http://www.nytimes.com/2002/11/06/international/middleeast/06YEME.html?pagewanted=print&position=top (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
73) انسحاب نسبي على اعتبار بقاء 50000 جندي أمريكي في العراق.
74) Grégoire Chamayou, Théorie du drone, (نظرية الطائرة بدون طيار)، منشورات لافابريك، 2013، ص 106.
75) The White House, Fact Sheet: U.S. Policy Standards and Procedures for the Use of Force in Counterterrorism Operations Outside the United States and Areas of Active Hostilities, (البيت الأبيض، ورقة وقائع: معايير سياسة الولايات المتحدة وإجراءات استخدام القوة في عمليات مكافحة الإرهاب خارج الولايات المتحدة ومناطق القتال الفعلي)، 23 مايو 2013،
http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2013/05/23/fact-sheet-us-policy-standards-and-procedures-use-force-counterterrorism (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
76) Greg Miller, CIA seeks new authority to expand Yemen drone campaign, (و.م.م تبحث عن سلطة جديدة لتوسيع حملة الطائرات بدون طيار في اليمن)، واشنطن بوست، 18 أبريل 2012،
http://www.washingtonpost.com/world/national-security/cia-seeks-new-authority-to-expand-yemen-drone-campaign/2012/04/18/gIQAsaumRT_story.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
77) ?Cité par le site Dommages civils, Sur l’AUMF: bientôt une extension du domaine de la lutte
(نقلا عن موقع الخسائر المدنية، حول رخصة استخدام القوة العسكرية: قريبا، توسيع لمجال المحاربة؟)، 21 مارس 2013،
http://dommagescivils.wordpress.com/2013/03/21/sur-laumf-bientot-une-extension-du-domaine-de-la-lutte (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
78) ?Cité par le site Dommages civils, Sur l’AUMF: bientôt une extension du domaine de la lutte
(نقلا عن موقع الخسائر المدنية، حول رخصة استخدام القوة العسكرية: قريبا، توسيع لمجال المحاربة؟)، 21 مارس 2013،
http://dommagescivils.wordpress.com/2013/03/21/sur-laumf-bientot-une-extension-du-domaine-de-la-lutte/ (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
79) Eric Schmitt, U.S. Teaming With New Yemen Government on Strategy to Combat Al Qaeda (الولايات المتحدة تصوغ مع الحكومة اليمنية الجديدة استراتيجية لمحاربة القاعدة)، نيويورك تايمز، 26 فبراير 2012،
http://www.nytimes.com/2012/02/27/world/middleeast/us-teaming-with-yemens-new-government-to-combat-al-qaeda.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
80) Robert Burns, US declassifying attacks in Yemen, Somalia, (الولايات المتحدة ترفع السرية على الهجمات في اليمن والصومال)، أشوسيتد برس، 15 يونيو 2012، http://news.yahoo.com/us-declassifying-attacks-yemen-somalia-190446984.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
81) The White House, Remarks by the President at the National Defense University, (البيت الأبيض: ملاحظات أبداها الرئيس في جامعة الدفاع القومي)، 23 مايو 2013، http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2013/05/23/remarks-president-national-defense-university (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
82) n Democracy Now, VIDEO: From Boston to Pakistan, Pentagon Officials Claim Entire World is a Battlefield, (مايكل شهان خلال. جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ الأمريكي حول القوات المسلحة يوم 16 مايو 2013، صرح بأن الحرب على القاعدة ستدوم ما بين 10 إلى 20 سنة أخرى)، الديمقراطية الآن، فيديو: من بوسطن إلى باكستان، مسؤولو البنتاغون يصرحون بأن العالم أجمعه ميدان حرب http://www.democracynow.org/blog/2013/5/16/video_from_boston_to_pakistan_pentagon_officials_claim_entire_world_is_a_battlefield (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
83) The White House, Remarks by the President at the National Defense University, (البيت الأبيض: ملاحظات أبداها الرئيس في جامعة الدفاع القومي)، 23 مايو 2013، http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2013/05/23/remarks-president-national-defense-university (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
84) The White House, Fact Sheet: U.S. Policy Standards and Procedures for the Use of Force in Counterterrorism Operations Outside the United States and Areas of Active Hostilities, (البيت الأبيض، ورقة وقائع: معايير سياسة الولايات المتحدة وإجراءات استخدام القوة في عمليات مكافحة الإرهاب خارج الولايات المتحدة ومناطق القتال الفعلي)، 23 مايو 2013، http://www.whitehouse.gov/the-press-office/2013/05/23/fact-sheet-us-policy-standards-and-procedures-use-force-counterterrorism (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
85) مكتب الصحافة الاستقصائية، اليمن: العمليات السرية الأمريكية لسنة 2013، Bureau of investigative Journalism, Yemen: reported US covert المدرجة في التقاريرactions 2013,
http://www.thebureauinvestigates.com/2013/01/03/yemen-reported-us-covert-actions-2013 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
86) Greg Miller, CIA seeks new authority to expand Yemen drone campaign, (و.م.م تبحث عن سلطة جديدة لتوسيع حملة الطائرات بدون طيار في اليمن)، واشنطن بوست، 18 أبريل 2012، (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
http://www.washingtonpost.com/world/national-security/cia-seeks-new-authority-to-expand-yemen-drone-campaign/2012/04/18/gIQAsaumRT_story.html
87) Greg Miller, CIA seeks new authority to expand Yemen drone campaign, (و.م.م تبحث عن سلطة جديدة لتوسيع حملة الطائرات بدون طيار في اليمن)، م.م
88) نفسه
89) Greg Miller, Awlaki is first hit for new drone base, (العولقي ضرب من قاعدة جديدة للطائرات بدون طيار)، واشنطن بوست، 30 سبتمبر 2011،
http://www.washingtonpost.com/blogs/checkpoint-washington/post/aulaqi-first-hit-for-new-drone-base/2011/09/30/gIQASF4eAL_blog.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
90) أول تصريح بشأن قاعدة أمريكية للطائرات بدون طيار على الحدود اليمنية الولايات المتحدة: مسؤولون سعوديون يؤكد أن السعودية شجعت الولايات المتحدة على تكثيف مشاركتها في اليمن انتقاما لمحاولة اغتيال محمد بن نايف... اليمن: ميدان العمليات العسكرية الامريكية. الأولى، 1 يونيو 2013،
=http://www.aloulaye.com/index.php?option=com_k2&view=item&id=6446: 0000-00-00+00%3A00%3A00&Itemid (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
91) Greg Miller, Awlaki is first hit for new drone base, (العولقي ضرب من قاعدة جديدة للطائرات بدون طيار)، واشنطن بوست، 30 سبتمبر 2011، http://www.washingtonpost.com/blogs/checkpoint-washington/post/aulaqi-first-hit-for-new-drone-base/2011/09/30/gIQASF4eAL_blog.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
92) تحرك البيت الأبيض للسماح للبنتاجون ليمنح و.م.م الطائرات بدون طيار تثير القلق، دي هيل، 24 مارس 2013،
, Munoz, White House move to let Pentagon take over CIA armed drones sparks concern,http://thehill.com/blogs/defcon-hill/policy-and-strategy/290049-white-house-plan-to-let-pentagon-take-over-cia-armed-drones-sparks-concern (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
93) مخاطر أن تصبح ضربات الطائرات بدون طيار محط أنظار الرأي العام، نيويورك تايمز، 5 فبراير 2013،Robert F. Worth, Mark Mazzetti and Scott Shane, Drone Strikes’ Risks to Get Rare Moment in the Public Eye, http://www.nytimes.com/2013/02/06/world/middleeast/with-brennan-pick-a-light-on-drone-strikes-hazards.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
94) و.م.م تبحث عن سلطة جديدة لتوسيع حملة الطائرات بدون طيار في اليمن)، واشنطن بوست، 18 أبريل 2012،
Greg Miller, CIA seeks new authority to expand Yemen drone campaign, http://www.washingtonpost.com/world/national-security/cia-seeks-new-authority-to-expand-yemen-drone-campaign/2012/04/18/gIQAsaumRT_story.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
95) ماكولوم نفى إجراء تصويت مسجل على غارات بطائرات بدون طيار التابعة لوكالة المخابرات المركزية، ستار تريبيون، 12 يونيو 2013، (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
Kevin Diaz, McCollum denied recorded vote on CIA drone strikes, http://www.startribune.com/politics/blogs/211227991.html
96) Karen DeYoung, A CIA veteran transforms U.S. counterterrorism policy, (مخضرم في و.م.م يحول السياسة الأمريكية لمكافحة الإرهاب)، واشنطن بوست، 24 أكتوبر 2012،
http://www.washingtonpost.com/world/national-security/cia-veteran-john-brennan-has-transformed-us-counterterrorism-policy/2012/10/24/318b8eec-1c7c-11e2-ad90-ba5920e56eb3_story.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
97) Greg Miller, DIA sending hundreds more spies overseas, (إرسال و.م.د المئات من الجواسيس في الخارج)، واشنطن بوست، 1 ديسمبر 2012، http://www.washingtonpost.com/world/national-security/dia-to-send-hundreds-more-spies-overseas/2012/12/01/97463e4e-399b-11e2-b01f-5f55b193f58f_print.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
98) Greg Miller, DIA sending hundreds more spies overseas, (إرسال و.م.د المئات من الجواسيس في الخارج)، م.م
99) نفسه
100) نفسه
101) Jeremy Scahill, Dirty wars, The world is a battlefield, (الحرب القذرة، العالم ميدان حرب)، سربن تيل، أبريل 2013، (كتاب إلكتروني دون ترقيم)، م.م فصل 56.
102) نفسه
103) Jeremy Scahill, Dirty wars, The world is a battlefield, (الحرب القذرة، العالم ميدان حرب)، م.م فصل 56: « أفضل تكنولوجيا، وأفضل أسلحة، وأفضل عناصر بشرية، وأموال طائلة للإنفاق «
104) Jeremy Scahill, Dirty wars, The world is a battlefield, (الحرب القذرة، العالم ميدان حرب)، م.م فصل 32، «إذا قتلوا أطفالا بريئين بحجة أنهم من القاعدة، فنحن جميعا قاعدة»
105) Chris Woods, Obama’s five rules for covert drone strikes, (القواعد الخمسة للضربات السرية للطائرات بدون طيار)، مكتب الصحافة الاستقصائية، 6 سبتمبر 2012، http://www.thebureauinvestigates.com/2012/09/06/obamas-five-rules-for-covert-drone-strikes/ (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
106) Attorney General Eric Holder Speaks at Northwestern University School of Law, (القاضي العام إريك هولدر يتحدث في جامعة القانون بالشمال الغربي، 5 مارس 2012،http://www.justice.gov/iso/opa/ag/speeches/2012/ag-speech-1203051.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
107) David S. Cloud, « CIA drones have broader list of targets », (الطائرات بدون طيار التابعة لو.م.م تمتلك قائمة واسعة لللأهداف)، لوس إنجلس تايمز، 5 مايو 2010،http://articles.latimes.com/2010/may/05/world/la-fg-drone-targets-20100506 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
108) Chris Woods, Who is held to account for deaths by drone in Yemen? (من الذي يبالي بإحصاء الوفيات التي تتسبب بها الطائرات بدون طيار في اليمن؟)، الغارديان، 6 سبتمبر 2012، http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2012/sep/06/drone-deaths-yemen?fb=native&CMP=FBCNETTXT9038
109) Jo Becker and Scott Shane, Secret ‘Kill List’ Proves a Test of Obama’s Principles and Will, (سرية «قائمة القتل يضع مبادئ ونوايا أوباما تحت الاختبار)، نيويورك تايمز، 29 مايو 2012،
http://www.nytimes.com/2012/05/29/world/obamas-leadership-in-war-on-al-qaeda.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
110) Grégoire Chamayou, Théorie du drone, (نظرية الطائرة بدون طيار)، م.م، 2013، ص 70.
111) Human Rights Clinic at Columbia Law School, the Center for Civilians in Conflict, The civilian impact of drones : Unexamined Costs, Unanswered Questions,عيادة حقوق الإنسان في كلية كولومبيا للقانون، ومركز المدنيين الذين يعيشون صراعا، الأثر المدني للطائرات بدون طيار: تكاليف غير مدروسة، وأسئلة لم تتم الإجابة عنها، سبتمبر 2012، ص 8، http://civiliansinconflict.org/resources/pub/the-civilian-impact-of-drones (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
112) David S. Cloud, « CIA drones have broader list of targets », (الطائرات بدون طيار التابعة لو.م.م تمتلك قائمة واسعة لللأهداف)، لوس إنجلس تايمز، 5 مايو 2012،http://articles.latimes.com/2010/may/05/world/la-fg-drone-targets-20100506 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013) نقلا عن شمايو، م.م، ص ص 70-71
113) David S. Cloud, « CIA drones have broader list of targets », (الطائرات بدون طيار التابعة لو.م.م تمتلك قائمة واسعة لللأهداف)، لوس إنجلس تايمز، 5 مايو 2012،http://articles.latimes.com/2010/may/05/world/la-fg-drone-targets-20100506 (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
114) Richard Engel et Robert Windrem, CIA didn’t always know who it was killing in drone strikes, classified documents show, (و.م.م لا تعرف دائما من الذي سيقط جراء ضربات الطائرات بدون طيار، عرض وثائق سرية)، إن بي سي نيوز، 5 يونيو 2013، http://investigations.nbcnews.com/_news/2013/06/05/18781930-exclusive-cia-didnt-always-know-who-it-was-killing-in-drone-strikes-classified-documents-show (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
115) أرقام مقدمة من Peter Rudolf, Präsident Obamas Drohnenkrieg, Stiftung Wissenschaft und Politik, SWP-Aktuell, يونيو 2013، ص 5http://www.swp-berlin.org/de/publikationen/swp-aktuell-de/swp-aktuell-detail/article/obamas_drohnenkrieg.html (تم تصفح الموقع في 28 يوليو 2013)
116) نقلا عن آنا مولرين،، (قائدو المركبات الجوية بدون طيار)،UAV Pilots، مجلة القوات الجوية، المجلد 92، الرقم 1، يناير 2009، نقلا عن شمايو، م.م، ص 71.
5. بين التعاون والتدخل
1.5 مدخل
منذ الضربة الجوية الأولى في نوفمبر 2002 إلى حدود شهر تموز/يوليو 2013، قامت الولايات المتحدة بتنفيذ ما بين 134 و234 عملية عسكرية في اليمن تتضمن ضربات جوية بالطائرات أو بالطائرات بدون طيار أو بالصواريخ التي تطلقها البوارج الرابضة في خليج عدن117، لكن يظل العدد الدقيق لهذه العمليات مجهولا نظرا للسرية التي تحيط بالتدخل الأمريكي في اليمن، وكذا بالنسبة لعدد الضحايا الذين سقطوا بفعل هذه العمليات. ففي دراسة حول الضحايا المدنيين للهجمات الأمريكية في اليمن، أشار الصحفي اليمني علي الشعباني إلى صعوبة الحصول على أرقام دقيقة حول عدد الهجمات والمصابين. وسجل 109 هجمة تمت في سنة 2012 في 9 محافظة خلفت مصرع 490 شخصاً منهم 390 مدنياً118.
وبينما سجل مكتب الصحافة الاستقصائية حوالي 1150 قتيلاً سقطوا فيما بين 2002 ونيسان/أبريل 2013 عقب الغارات الجوية الأمريكية، قدم دنيس كوسنيش أحد ممثلي الكنغرس الأمريكي خلال أحد تدخلاته أمام هذه الهيئة عدد 1952 قتيلاً في اليمن وأكد بقوله: «لم نعلن الحرب على أية من هذه الأمم (باكستان، اليمن، الصومال) لكن أسلحتنا قتلت مدنيين أبرياء، فقد أظهر باحثون مشهورون أن عدد المستهدفين القياديين الذين قتلوا يمثل حوالي 2% من العدد الكلي للضحايا»119. وذكر أن رئيس الأمن القومي في اليمن، علي حسن الأحمدي، أعلن أنه خلال سنة 2012، تم القضاء على حوالي مائة من أعضاء القاعدة بواسطة غارات الطائرات الأمريكية 120، خلال الهجوم العسكري على الجنوب الذي شاركت فيه الولايات المتحدة بقوة.
إن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة في اليمن أقل شهرة من تلك الدائرة في باكستان، نظرا لبعدها عن أفغانستان وعن الحدود الأفغانية حيث تدور عمليات عسكرية ضارية. فكما رأينا ذلك، يمكن للموقف المتواطئ للسلطات اليمنية مع الانخراط العسكري الأمريكي في بلدها أن يدفع بها إلى الإعلان عن مسؤوليتها عن هذه العمليات. ولذلك لابد من إحصاء الهجمات والإنصات إلى الشهود وإخطار الرأي العام الدولي والتحرك لدى السلطات اليمنية لكي تقوم بحظر هذه التدخلات على أرضها ثم لدى السلطات الأمريكية لتضع حدا لسياستها المتعلقة بالاغتيالات المستهدفة.
فخلال استعراض التقرير الوطني لليمن من طرف لجنة مناهضة التعذيب في أيار/مايو 2010، أشارت الكرامة إلى استهداف قرية المعجلة بصواريخ أمريكية خلفت مصرع أكثر من 50 شخصاً، ضمنهم العديد من الأطفال والنساء121.
وتواصل منظمتنا الاشتغال على هذا الموضوع، خاصة وأن العمليات العسكرية الأمريكية تضاعفت خلال السنوات التالية بشكل مأساوي ضد الساكنة المدنية، فقد قامت الكرامة بالتعاون مع منظمة هود بزيارات لمواقع هجمات الطائرات بدون طيار أو الطائرات العسكرية الأمريكية، وقمنا بتجميع الشهادات ووضع الهجمات في سياقها السياسي، لتمكين المعنيين من استيعاب أهدافها.
لكن لابد مع ذلك من التنبيه إلى أن الأمر هنا يتعلق فقط بعناصر أولية تم التقاطها في عين المكان ولا يمكن بأي حال أن تقوم مقام التحقيقات الفعلية التي يجب ألا يقتصر هدفها على التحقق في العديد من الحالات من نوع الغارة المنفذة بل أن يتعدى ذلك إلى اكتشاف سلسلات القيادة ومسؤوليات مختلف الفاعلين.
2.5 «مرحلة الاختبار» من 2002 إلى 2009
بتأريخ 3 نوفمبر 2002، وخلال عملية مشتركة لقيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية (JSOC) والـ (C.I.A)، قامت طائرة بدون طيار باستهداف أبي علي الحارثي – الذي تصنفه الولايات المتحدة ضمن أخطر الإرهابيين في اليمن لكونه خطط لعملية يو. إس. إس كول سنة 2000 و 5 مقاتلين آخرين كان ضمنهم 3أعضاء مفترضين للجيش الإسلامي لعدن – أبين وأحمد حجازي، المدعو بكمال درويش، المواطن الأمريكي اليمني الذي تعتبره الولايات المتحدة عضوا في مجموعة للدعم قامت بإيصال معدات إلى القاعدة انطلاقا من الولايات المتحدة 122.
وخلال السنوات السبع التالية، إلى حدود سنة 2009، لم يسجل أي تدخل عسكري أمريكي مباشر إلى حين وصول أوباما إلى الرئاسة حيث استأنفت وتصاعدت ضربات الطائرات بدون طيار في أفغانستان وباكستان واليمن.
ففي اليمن، كانت سنة 2009 حاسمة، حيث أعلنت القاعدة في الجزيرة العربية عن نشوئها في 24 يناير/كانون الثاني، كما اتخذ الجنرال دفيد بيتروس، قائد القيادة المركزية قرار توسيع العمليات العسكرية خاصة عبر التخطيط للهجمات ضد ق. ج. ع. 123، وبتأريخ 19 يناير/كانون الثاني 2010، قامت الإدارة الأمريكية رسميا بإدراج هذه المنظمة في لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
وخلال لقاء في 26 يونيو 2009 جمع الجنرال بيتروس بالرئيس اليمني السابق صالح، وعد هذا الأخير بالتعاون «دون قيد أو شرط» في مجال محاربة الإرهاب، بل يبدو أنه أكد أن الحكومة ستعمل ما في وسعها لملاحقة الإرهابيين في محافظات الجوف ومأرب وأبين وحضرموت، كما عرض تبادل المعلومات بشكل أفضل بين مصالح البلدين124. وحسب مكالمة صادرة عن السفارة الأمريكية بصنعاء، خلال اجتماع في سبتمبر 2009 مع جون برينون الذي كان آنذاك مستشارا للرئيس أوباما في مجال مكافحة الإرهاب، منح الرئيس السابق صالح للقوات الأمريكية حق الاستعمال التام للتراب اليمني للقيام بعمليات مكافحة الإرهاب125. وكما ذكرت صحيفة الواشنطن بوست في بداية 2010، استؤنفت الأنشطة العسكرية منذ نهاية السنة السابقة ونتج عن الجهود المشتركة للقوات اليمنية والأمريكية أكثر من 24 غارة برية وهجمة جوية. لكن المعلومات حول ظروف هذه الهجمات وعدد القتلى وهوية الضحايا تظل قليلة، إذ يبدو أن عشرات الأشخاص سقطوا، ضمنهم ستة من الرجال 15 الذين يعتبرون أهم قادة القاعدة في اليمن، وقام الرئيس أوباما بالمصادقة على هذه العمليات لتقوم قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية (JSOC) بقيادتها 126.
3.5 ربيع «الطائرات بدون طيار»
وهكذا، استهدفت غارتان بالصواريخ شمال صنعاء في نوفمبر 2009 وظل العدد الدقيق للضحايا غير معروف لحد الساعة. ففي 17 ديسمبر، أصيبت قرية المعجلة في محافظة أبين بصواريخ أطلقتها بارجة أمريكية وسقط أكثر من 50 شخصاً، أغلبهم نساء وأطفال، وفي نفس اليوم، استهدفت طائرة بدون طيار منزلا في أرحب بضاحية صنعاء مخلفة مقتل 4 أشخاص. وفي 24 من نفس الشهر، تم تنفيذ هجومين، أحدهما في رفض بمحافظة شبوة سقط خلالها 34 قتيلاً والآخر في محافظة أبين دون أن تعرف حصيلة ضحاياه، بينما تمت الغارات الأخرى في 12 و 15 و 20 يناير/كانون الثاني 2010 127.
وبعد هجوم المعجلة، ستمثل غارة 24 أيار/مايو 2010 فشلا جديدا للسلطات الأمريكية، إذ أسفرت عن قتل مساعد محافظ مأرب، جابر الشبواني ومرافقيه. واتخذت السلطات الأمريكية الخيار الاستراتيجي باللجوء بوتيرة أكبر إلى الطائرات بدون طيار الموجهة عبر الأقمار الاصطناعية نظرا لدقة هذه الوسيلة حسب رأيها128. وهو ما يشكل حسب الصحافي اليمني حكيم المسماري «تصعيدا ملحوظا للحرب السرية التي تشنها الولايات المتحدة في اليمن وتوسعا كبيرا لحرب الطائرات بدون طيار التي تنفذها الـ (C.I.A) . 129 .
لكن هذه الهجمات توقفت سنة على الأقل بسبب ما ادعاه البعض من اعتراض الرئيس السابق صالح عليها نظراً للأخطاء التي تم ارتكابها عند التنفيذ ولعدد الضحايا المدنيين الذين خلفتهم ونظرا بصفة خاصة لاحتجاجات الساكنة التي لم تتردد في بعض البلدات في اللجوء إلى عمليات تخريبية للبنيات التحتية الاقتصادية. لكن يبدو أن السلطات أصبحت منذ انتخاب عبد ربه منصور هادي أكثر تواطؤا من سابقتها وأكثر استعدادا لقبول التدخل العسكري الأمريكي.
وهو ما استنتجه الصحفي كريس وودز الذي يتابع عن كثب حرب الطائرات الأمريكية بدون طيار بقوله: «لكن يبدو أن المستبدين كانوا أكثر قدرة من خلفائهم الديمقراطيين على مراقبة الهجمات السرية الأمريكية. فعندما قامت القوات الخاصة الأمريكية في أيار/مايو 2010 بقتل نائب محافظ مأرب- اليمن عن طريق الخطأ، تمكن صالح من إلزام السلطات الأمريكية بتوقيف حملة قصفها لليمن مدة سنة» 130.
وفي أيار/مايو 2011، في خضم الحراك الشعبي الذي انطلق قبل ثلاثة أشهر، تأسست جماعة أنصار الشريعة التابعة للقاعدة وانتشرت في عدة مناطق خاصة جنوب اليمن. وتجندت قوات الأمن اليمنية لحماية دولة أرهقتها الثورات، مركزة جهودها على الأماكن الاستراتيجية في العاصمة. ولمحاربة المجموعات المسلحة واستعادة سيطرته على المدن المحتلة، قام الجيش اليمني ابتداء من ربيع 2011 باستخدام طيرانه مع لجوئه إلى المساعدة السعودية والأمريكية. غير أن الهجوم الأكبر لم ينطلق إلا في ربيع 2012 بعد أن نجحت الوعود بإجراء إصلاحات في تهدئة الانتفاضات الشعبية وبعد تعويض الرئيس السابق عبد الله صالح بنائبه عبد ربه منصور هادي، المرشح الوحيد للانتخابات المبكرة في 21 فبراير 2012 والذي سيرسخ التعاون مع الإدارة الأمريكية.
فحسب المعلومات التي أدلى بها موظف في وزارة الدفاع فضل عدم الإفصاح عن هويته، نفذ عدد هام من هجمات الطائرات بدون طيار خلال شهري أيار/مايو ويونيو 2011، بدأت في محافظة شبوة يوم 3 أيار/مايو وتوالت أكثر من 15 ضربة في بداية يونيو. ورغم أن هذه الوقائع لم يتم تأكيدها من طرف شهود في عين المكان، فقد زكاها بصفة غير مباشرة عبد الله لقمان، مساعد محافظ أبين الذي صرح في منتصف يونيو 2011 قائلا: «قتل 130 شخصاً من طرف الطائرات الأمريكية من دون طيار خلال الأسبوعين الأخيرين»131.
وحسب علي عبد الجبار، مدير مركز دار الأشرف للأبحاث، استهدفت غارات الطائرات في أيار/مايو نقطا في محافظة شبوة بينما استهدفت 80% منها في يونيو أبين. أما أحمد الخولاني رئيس الوحدة التنفيذية للإشراف على مخيمات النازحين، فقد صرح بأنه منذ هذه الموجة الأولى من الهجمات، فر أكثر من 40000 شخص من محافظة أبين132. وتبرز أرقام أخرى أن النصف الأول من سنة 2012 شهد نزوح 142000 في أبين بحيث فر معظم الأشخاص في مارس 2011 خلال غارات الجيش النظامي 133.
لقد كانت سنة 2012 أشد السنوات فتكا سواء بواسطة غارات الطائرات بدون طيار أو عبر الطيران الأمريكي، نظرا لارتباط الأمر بالهجمة العسكرية اليمنية انطلاقا من ربيع 2012 على أنصار الشريعة الذين يسيطرون منذ حوالي سنة على قسم من جنوب البلاد، خاصة محافظة أبين والمناطق المحاذية. وعقب إزاحة هذه المجموعات بعد سقوط مئات القتلى وعشرات الآلاف من اللاجئين، بدأت مطاردة أعضائها في المناطق التي ينحدرون منها أو انسحبوا إليها، فتم في الغالب استهداف العربات التي تقلهم، مما يدفع إلى احتمال الاستعانة بمخبرين محليين يدلون على مواقعهم، وذلك رغم أن اعتقال بعض المطلوبين ومتابعتهم قضائيا كان متاحا بسهولة، لكن يبدو أن السلطات الأمريكية واليمنية رجحت خيار التصفية الجسدية.
ويتبين في النهاية أن عددا قليلا من قادة القاعدة أو أنصار الشريعة تم اغتيالهم بينما سقط عشرات المقاتلين المناهضين للحكومة والمدنيين، وهو ما رددته وسائل الإعلام الأمريكية: «خلال الشهر الماضي (نيسان/أبريل 2012)، صادق البيت الأبيض على توجيهات أكثر مرونة في مجال التعرف على أهداف الضربات الجوية للسي. أي. إيه وللجيش في اليمن. وبذلك، أصبح بإمكان الضربات الجوية الأمريكية أن تستهدف مناضلين لا تعرف أسماءهم لكن يمكن أن يشكلوا تهديدا لمصالح الولايات المتحدة» 134 . وتولد عن هذا انعكاسات خطيرة، إذ لم يعد من الضروري إجراء تحقيق مسبق أو التوصل إلى وقائع ملموسة أو اتهامات ثابتة ضد المشتبه بهم.
وبغض النظر عن ضعف احتمال التمييز بين المقاتلين والمدنيين، فلابد من التسليم بأن العديد من الأشخاص المدنيين سقطوا بفعل هذه الغارات، سواء تعلق الأمر بهجمات فاشلة أو «بالأضرار المصاحبة لها» لغارة استهدفت أشخاصا معنيين. فالمدنيون يجنون ثمار الأخطاء البشرية والتقنية التي يبدي المسئولون السياسيون والعسكريون استعدادهم لقبولها في سبيل مواصلة برنامجهم الخاص بالطائرات بدون طيار. وبذلك أصبح اليمن بعد باكستان مختبرا للطرق الحربية الجديدة التي تشكل ثورة حقيقية على المستوى التقني وكذا على المستوى السياسي والقانوني.
117) تم تجميع هذه الأرقام من طرف مكتب الصحافة الاستقصائية الذي يقوم بعمل جيد بخصوص جمع المعلومات حول العمليات السرية للولايات المتحدة في اليمن وباكستان والصومال. http://www.thebureauinvestigates.com/ (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013).
118) علي الشعباني , ضحايا الطائرات الأمريكية المدنيين في اليمن، دراسة أنجزت في بداية 2013 ولم تنشر.
119) Robert Tilford, « American drones have killed thousands, says Kucinich » روبرت تلفورد، كوسينيش يقول بأن الطائرات الأمريكية بدون طيار قتلت الآلاف، إكزامينر، 16 نوفمبر 2012،http://www.examiner.com/article/american-drones-have-killed-thousands-says-kucinich (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013).
120) , Ali al-Sha’bani, « Les victimes civiles de l’aviation américaine au Yémen »,علي الشعباني , ضحايا الطائرات الأمريكية المدنيين في اليمن، دراسة أنجزت في بداية 2013 ولم تنشر.
121) الكرامة، اليمن: «معلومات تكميلية من أجل تبني الملاحظات النهائية المؤقتة للجنة مناهضة التعذيب والمتعلقة بالفحص الدوري الإثني الخاص باليمن، 9 نيسان/أبريل 2010» http://en.alkarama.org/index.php?option=com_docman&task=doc_download&gid=228&Itemid=218
122) Jeremy Scahill, « The dangerous US game in Yemen »,، جيريمي سكاهل، «اللعبة الخطرة للولايات المتحدة في اليمن»، ذي ناشن، 18 نيسان/أبريل 2011،http://www.thenation.com/article/159578/dangerous-us-game-yemen?page=0,1 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013). اعترفت الولايات المتحدة بعد ذلك بأنها قتلت أربعة مواطنين أمريكيين في اليمن وباكستان خلال ضربات بالطائرات بدون طيار، لكنها لم تذكر ضمنهم أحمد حجازي، المدعو كمال درويش.
123) Jeremy Scahill, « The dangerous US game in Yemen »,، جيريمي سكاهل، «اللعبة الخطرة للولايات المتحدة في اليمن»، م. ه
124) صالح يقول لبتروس: لا قيود على تعاوننا في مجال مكافحة الإرهاب، 9 آب/أغسطس 2009 - Saleh tells Petraeus, “no restrictions” on CT cooperation », 9 août 2009, http://www.cablegatesearch.net/cable. php?id=09SANAA1430&q=poses-to-his-regime-and-his-own-personal-security (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013).
125) « US embassy cables : bomb al-Qaida where you want, Yemen tells US, but don’t blame us if they strike again »,
(مكالمة تلفونية للسفارة الأمريكية: قال لنا اليمنيون: اقصفوا القاعدة حيث شئتم لكن لا توبخونا إذا ضربوا مجددا)، الغارديان، 3 ديسمبر 2010،
http://www.guardian. co. uk/world/us-embassy-cables-documents/225085 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013).
126) «Bana Priest, « U. S. military teams, intelligence deeply involved in aiding Yemen on strikes,، بانا برايست، (فرق الجيش الأمريكي والمخابرات ضالعة بقوة في مساعدة اليمن على الضربات)، الواشنطن بوست، 27 يناير/كانون الثاني 2010، (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013).
http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2010/01/26/AR2010012604239. html?sid=ST2010012700394
127) (بانا برايست، فرق العمليات السوداء الأمريكية ضالعة في شؤون اليمن)، الواشنطن بوست، 27 يناير/كانون الثاني 2010،
«Bana Priest, «U. S. “black ops” teams deeply involved in Yemen, http://afpakwar.com/blog/archives/3771
http://www.thebureauinvestigates.com/2012/03/29/yemen-reported-us-covert-actions-since-2001/ (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
128) Jeremy Scahill, Dirty Wars, op. cit., chapitre 37 : « Driving Anwar Awlaki to Hell ».
129) Hakim Almasmari, « US makes a drone attack a day in Yemen », (حكيم المسماري، الولايات المتحدة تنفذ هجوما في اليمن) 5يونيو 2011
, http://www.thenational. ae/news/world/middle-east/us-makes-a-drone-attack-a-day-in-yemen#full (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
130) Chris Woods, « Who is held to account for deaths by drone in Yemen », (كريس وودز، من الذي يبالي بإحصاء الوفيات الناجمة عن هجمات الطائرات بدون طيار في اليمن)، الغارديان، 6 سبتمبر 2012، http://www.guardian. co. uk/commentisfree/2012/sep/06/drone-deaths-yemen?fb=native&CMP=FBCNETTXT9038 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
131) Chris Woods, « Who is held to account for deaths by drone in Yemen », (كريس وودز، من الذي يبالي بإحصاء الوفيات الناجمة عن هجمات الطائرات بدون طيار في اليمن)، م. ه
132) نفسه.
133) مقابلة مع الأستاذ عبد الرحمن بارمان، محام ن 29 نيسان/أبريل 2013
134) « U. S. escalates clandestine war in Yemen », (الولايات المتحدة تصعد من الحرب السرية في اليمن) لوس أنجلوس تايمز، 16 أيار/مايو 2012، http://latimesblogs. latimes.com/world_now/2012/05/washington-escalation-american-clandestine-war-yemen-us-troops-. html , (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
6. حرب الطائرات بدون طيار في اليمن
1.6 غياب المعلومات حول الهجمات الجوية
يتدخل الجيش اليمني، خاصة قواته الجوية بانتظام لمهاجمة المجموعات المسلحة لأنصار الشريعة دون التمييز بين المقاتلين والساكنات المدنية. فقد نفذت عمليات القصف الأشد عنفا فيما بين 2011 و 2012 ثم خلال الهجوم العسكري لربيع 2012. لكن شوهدت أيضا طائرات عسكرية سعودية وثبت من خلال صور لذخيرة ذات مصدر سعودي مشاركة السعوديين في عمليات القصف135، أما الولايات المتحدة، فقد تدخلت بقوة عبر طائراتها الحربية والطائرات بدون طيار والصواريخ ذات المدى البعيد التي تطلق من بوارج حربية. وبالنسبة للمراقبين المحليين، يظل من المستحيل معرفة ما إذا كانت هجمات الطائرات بدون طيار قد تمت على يد الـ (C.I.A) وقيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية (JSOC) أو مصلحة أخرى.
ولا تتسرب في الغالب أية معلومة إلى الخارج حول عمليات القصف المنفذة، بل يعلن أحيانا أحد المسؤولين اليمنيين عن وقوع هجمات بالطائرات بدون طيار خلال فترة معينة مخلفة عددا من القتلى دون تحديد العدد الدقيق للضربات والأماكن والضحايا ولا هويات هذه الأخيرة، إلخ 136. فمثلا، ذكر مكتب الصحافة الاستقصائية الذي يحصي الهجمات المنفذة في اليمن أن ضربة وقعت في اليمن بتأريخ 14 تشرين الأول/أكتوبر 2011 مخلفة ما بين 15 و 17 قتيلاً دون تحديد جغرافي لمكانها 137. كما ذكر في حالات أخرى أن عملية أو عدة عمليات قصف تمت في مكان معين دون إضافة أية معلومة توضح عدد الضحايا والخسائر المترتبة عنها. فمثلا، تطرق المكتب إلى حالة قرية الرميلة التي يسيطر عليها متمردون والتي استهدفتها 5 هجمات لطائرات بدون طيار، حسب مسؤول في مدينة جعار المجاورة، دون إضافة أي توضيح آخر138.
وخلال عمليات القصف التي طالت جنوب البلاد في الفترة الممتدة بين صيف 2011 وربيع 2012، خاصة في أيار/مايو – حزيران/يونيو 2012، كان من المستحيل التعرف على مصدر الطائرات والأهداف المرصودة لها. فمثلا، ذكر أن 30 مقاتلاً سقطوا يوم 22 آذار/مارس 2012 خلال هجمات ذكر أن الطيران الأمريكي ونظيره اليمني شاركا فيها مع الـ (C.I.A) و قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية (JSOC)، لكننا لا نعرف شيئا آخر عن الموضوع139. وفي العديد من الحالات تبين أن الغارات الجوية التي كانت قد نسبت إلى الجيش اليمني هي من فعل المصالح الأمريكية.
فجعار الواقعة في محافظة أبين هي إحدى أكثر المدن استهدافا بالهجمة العسكرية لربيع 2012. فبعد أن احتلها أعضاء في أنصار الشريعة شهورا عديدة، دارت معارك ضارية داخلها بين المجموعات المسلحة والعسكريين رافقتها غارات جوية وهجمات بطائرات بدون طيار. وخلال زيارتها في عين المكان في فبراير 2013، تلقت الكرامة عدة شهادات أكدت على وقوع العديد من الضحايا المدنيين لكننا لا نتوفر على أرقام دقيقة. فمن المحتمل أن تكون بعض الأحياء السكنية قد استهدفت بسبب وجود عناصر مسلحة استقرت فيها. لكن كان من الصعب التعرف على مصدر الطائرات التي نفذت الغارات إذ إن بعض الشهود ذكروا أنهم رأوا آليات من نوع أباتشي بينما تحدث آخرون عن طائرات سعودية.
وينطبق الأمر نفسه على غارات 5 سبتمبر 2011 على جعار التي يصعب تحديد المسؤولين عنها. فقد تم استهداف عدة مباني في ذلك اليوم تتضمن مدرسة ومستشفى ومسجدين ومحكمة ومخفر شرطة وخلفت الغارات الثلاث 7 قتلى و 4 جرحى، حسب معلومات رسمية (الملحق 4) 140.
ورغم الغياب شبه التام للمعلومات الرسمية، فمن الممكن التأكيد على أن عددا كبيرا جدا من الضربات لم يكن من فعل الطيران العسكري اليمني نظرا لعدم كفاية تجهيزاته وتخلفه، فخلال سنتي 2011 و 2012، ساد التفكك سلاح الجو لدرجة أن جزءا هاما من عناصره العاملين على الأرض وطياريه شنوا إضرابا استمر شهرين منذ يناير/كانون الثاني 2012. كما أن الجيش اليمني لا يتوفر على المعدات والقدرة التي تمكنه من الاستهداف الدقيق، خاصة عندما يتعلق الأمر بعربة متحركة أو مبنى يقع وسط حي سكني 141.
يضاف إلى ذلك صعوبة الحصول غالبا على معلومات خاصة بالضربات المنفذة بفعل عدم إمكانية الوصول بسهولة إلى الأماكن المستهدفة نظرا لوضعية الصراع أو انعدام الأمن السائد فيها. وفي العديد من الحالات تعجز وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية عن التنسيق بين المعلومات المتجمعة لديها، مما يفسر التناقضات الحاصلة حول عدد الضربات والضحايا والخسائر، إلخ. وحسب علمنا، لا تقوم السلطات اليمنية بأي تحقيق حول الوقائع، أما الولايات المتحدة فلا تدلي إلا نادرا بتوضيحات تخص الأماكن المستهدفة بضرباتها وبصفة أقل حول الهدف من هذه الضربات. ونحن لا ندري هل تقوم المصالح الأمريكية باستقصاء نتائج هجماتها، خاصة الضحايا الذين يسقطون كـ «أضرار جانبية» لهذه الهجمات.
2.6 السلطات اليمنية تعلن عن مسؤوليتها عن الهجمات الأمريكية
لا تفتأ السلطات اليمنية تنسب بشكل ممنهج مسؤولية الهجمات الأمريكية إلى نفسها، خاصة عندما تتداولها وسائل الإعلام إما بسبب العدد المرتفع للضحايا أو بسبب فشلها. فهي ترى في ذلك أخف الضررين وتخشى من احتجاجات الساكنة التي تعتبر العمليات العسكرية الأمريكية تدخلا خارجيا وانتهاكا للسيادة الوطنية. ويظل المثال الصارخ على إخفاء الوقائع حادثة المعجلة حين صرحت الحكومة علنيا بأنها تدخلت عبر طائرات حربية.
فبتأريخ 17 ديسمبر 2009 في الساعة 6 صباحا، تعرضت المعجلة لعدة ضربات صاروخية أصابت مخيم قبيلة آل حيدرة وخلفت مصرع 14 من أفرادها، أغلبهم نساء وأطفال. وبعد لحظات قليلة، انفجر صاروخ محمل بقنابل انشطارية أطلقته بارجة فوق مساكن قبيلة العنبوري، وأصاب عدة مبان كان معظم ساكنيها لا يزالون نائمين. وفي خلال لحظات، سقط 55 شخصاً ضمنهم 14 امرأة، 7منهن حوامل و21 طفلاً، وصرحت السلطات اليمنية أن الهجمة استهدفت الرجال 14 المتوفين الذي تم تقديمهم على أنهم عناصر من القاعدة يقودهم محمد صالح العنبوري (الملقب بالكازمي).
أما أسماء المشتبه بهم الباقين الذين قتلوا فلم يتم تحديدها رسميا (الملحق1). وصرح نائب الوزير الأول اليمني آنذاك، رشاد العليمي للسفير الأمريكي أن «كل دليل على تورط اكبر للأمريكيين مثل شظايا الذخائر الأمريكية المتناثرة في المواقع يمكن أن يفسر بكونه جزءا من معدات اشتريت من الولايات المتحدة» 142 رغم أن صنف الصواريخ المستعملة لا ينتمي إلى الترسانة اليمنية. كما أضاف أن الحكومة راضية عن هذه العملية وأنها تأمل مواصلة تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب.
وبتأريخ 9 أيار/مايو 2010، استهدفت طائرة بدون طيار سيارتين في وادي عبيدة بمحافظة مأرب مخلفة مقتل 3 رجال، ضمنهم جابر بن علي بن جابر الشبواني، نائب محافظ مأرب. ورغم اندلاع الاحتجاجات في المنطقة وأعمال تخريب أنابيب النفط والأسلاك الكهربائية، فقد أعلنت الحكومة عن مسؤوليتها عن الضربة وقدم المجلس الأعلى للأمن اعتذاراته. لكن طلبات إجراء التحقيق التي صدرت عن البرلمان بعد سنة من الحادث لم تلق أية استجابة ولا زالت التكهنات سائدة لحد الساعة حول دوافع هذه الهجمة. أما وسائل الإعلام الأمريكية فقد نسبت صراحة هذه الغارة إلى جيش بلدها (الملحق 2).
وفي بداية شهر يونيو 2011، نسبت عدة غارات جوية إلى الجيش اليمني، خاصة من طرف الإعلام الوطني. فقد صرح حكيم المسماري (صحافي يمني) أن وزير الدفاع اليمني أكد له « أن 13 غارة جوية نسبتها الحكومة اليمنية إلى نفسها خلال الشهر الماضي هي من فعل الطائرات الأمريكية بدون طيار: «فأسطولنا الجوي محدود للغاية ولذلك ونظرا للأهداف التي تمت إصابتها ولتصريحات شهود العيان، فإننا ملزمون بالتصديق بما تنقله إلينا مصادرنا في عين المكان» 143.
وبتأريخ 15 أيار/مايو 2012، خلفت ضربة مزدوجة على جعار 15 قتيلاً وعشرات الجرحى. ورغم أن الشهود لا يستطيعون تأكيد هوية الفاعل هل هو طائرة أم طائرة بدون طيار، فإن الطريقة التي تمت بها العملية تجعلنا نستبعد احتمال أن تكون الضربات من فعل الطيران اليمني، فقد تم استهداف منزل وسط حي سكني وحلقت الطائرة مرة ثانية عندما كان بعض الجيران والمارة يقومون بإسعاف أول الضحايا لتصرع 14 شخصاً آخرين (الملحق 4)، ورغم أن الشكوك تتبدد حول هوية الآليات المتورطة في هذه الضربة الفتاكة، فإن تقرير 2013 لوزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في اليمن ينسبها إلى الحكومة اليمنية، كما لم يتم تقديم أي توضيح حول ادعاءات مختلف الأطراف التي تحمل الأمريكان مسؤولية هذه الهجمات 144.
وهنا لا بد من التذكير بأن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كان قد وافق خلال اجتماع له في سنة 2010 مع الجنرال دفيد بتروس، قائد قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (ISAF) آنذاك، على استخدام قنابل موجهة بدقة من الطائرات في الحرب على الإرهاب. فحسب سفير الولايات المتحدة، صرح الرئيس السابق صالح قائلا: «سنواصل قولنا بأن القنابل قنابلنا وليست قنابلكم» 145. وتواصلت في عهد عبد ربه منصور هادي عادة تحمل مسؤولية الهجمات التي ينفذها آخرون.
فبتأريخ 2 أيلول/سبتمبر 2012، أصابت طائرة بدون طيار عربة خارج منطقة ولد ربيع، البلدية التي تنتمي إداريا إلى رداع في محافظة البيضاء. لكنها أخطأت الهدف المحدد لها في سيارة عبد الرؤوف الذهب المطلوب أمنياً لعلاقته مع القاعدة وأصابت عربة كانت تقل 13 مدنيا ضمنهم نساء وأطفال. وسارعت السلطات اليمنية إلى التأكيد أنها قامت بهذا القصف لقتل عبد الرؤوف الذهب وأنها ارتكبت خطأ جعلها تصيب السيارة المجاورة لتلك المستهدفة. لكن بعض المسؤولين اليمنيين اعترفوا بأن الطلقات كانت تنبعث من آليات أمريكية. ومؤخرا قامت السلطات الأمريكية للمرة الأولى بتأكيد مسؤوليتها عن هذه الغارة146. وقد نظمت الكرامة وهود في 5 سبتمبر 2012 ندوة صحفية147 مع أسر ضحايا هذه الهجمة أكدت خلالها هذه الأخيرة أن المنطقة كانت تشهد منذ أكثر من سنة تحليق طائرات بدون طيار بقيت تواصل تحليقها ورصدها للمنطقة بعد المجزرة (الملحق 6).
3.6 التدخل الأمريكي هو تورط في صراع داخلي
تصرح السلطات الأمريكية بأنها تعتزم القضاء على مسؤولي القاعدة والتنظيمات المرتبطة بها التي يمكن أن تشكل تهديدا ملموسا للولايات المتحدة والتي لا يمكن اعتقال عناصرها. وتعتبر أن أهدافها تتمثل في قادة تم التعرف عليهم وعلى أفعالهم، لكن ما الذي يحدث فعليا على أرض الواقع؟ هناك صراع تواجه فيه منذ سنوات محافظات الجنوب السلطة المركزية، بغض النظر عن تمركز القاعدة أو أنصار الشريعة في المنطقة. فبسبب الشعور السائد برفض الدولة والقمع، أصبح عدد متزايد من المحتجين، خاصة في صفوف الشباب، يتعاطف مع الجهاديين. فسكان الجنوب اليمني يثورون على الظلم والتوزيع السيئ للثروات وغياب البنيات التحتية والخدمات العمومية بينما تتوفر نفس هذه المحافظات على الموارد الوطنية الرئيسية من المحروقات. وقد تعمقت هذه الصراعات القديمة لعدة أسباب، منها على الخصوص تناقص الموارد النفطية وترسخ نظام المحسوبية والرشوة، فوجد الرئيس صالح نفسه في مواجهة حركات معارضة أقوى من السابق. وعجزت الطرق التقليدية المعتمدة على المفاوضات وتدخل زعماء القبائل والحلول الوسطى، إلخ، عن تسوية وتهدئة النزاعات بسبب عدة عوامل أهمها التدخل الأمريكي.
وكما ذكرنا سابقا، تصاعدت وتيرة الضربات الأمريكية منذ 2011 لتصل إلى أعلى مستوى لها في ربيع 2012، وهي الفترة التي تزامنت مع الهجوم الذي نفذته القوات الحكومية على محافظة أبين والمناطق الحدودية. وأحصيت العديد من عمليات القصف والضربات الدقيقة دون الإعلان عن وفاة أي من قادة المجموعات المسلحة، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة شاركت في الحرب التي تشنها الحكومة اليمنية جنوب البلاد دون التمييز بين قادة القاعدة وأنصار الشريعة والمقاتلين العاديين من جهة، ولا بين هؤلاء الآخرين والساكنات المدنية.
ففي الفترة الممتدة بين 31 آب/أغسطس و 1 أيلول/سبتمبر 2011، قتل حوالي 30 من الأفراد المحتملين للقاعدة خلال غارات للطيران الأمريكي الذي كان قد تدخل بعد أن حاصر مقاتلون الفرقة الآلية 25 للجيش اليمني خارج زنجبار في محافظة أبين. ويبدو أن المسؤولين الأمريكيين قد عبروا عن ارتيابهم في رغبة الحكومة اليمنية في بذل أقصى جهدها لمحاربة القاعدة. «فقد ذكر معهد واشنطن أنه خلال المعارك، كان الجيش الأمريكي يقدم للقوات المحاصرة إمدادات عبر عمليات مظلية يقوم طيرانه بإنجازها. وبتأريخ 1 سبتمبر، صرح جون برينين، مستشار البيت الأبيض في مجال مكافحة الإرهاب، بأن الولايات المتحدة كانت قد حثت اليمن على إرسال عدد أكبر من القوات إلى زنجبار لفك الحصار عن الوحدة المحاصرة. وصرح بخصوص الحكومة اليمنية أن «هذه الضجة السياسية. . . تقودهم إلى التركيز على تموقعهم لأغراض سياسية داخلية بدل أن يبذلوا أقصى ما لديهم لمحاربة القاعدة في الجزيرة العربية»148. ومن المؤكد أن ذلك شكل أحد الحوادث التي دفعت السلطات الأمريكية إلى الانخراط بكثافة في جنوب اليمن.
وبتأريخ 18 مارس 2012، تم إطلاق صواريخ من باخرة حربية على مواقع للقاعدة في الشمال الشرقي لزنجبار، سقط على إثرها 16 قتيلاً تم تقديمهم على أنهم «مقاتلون مشبوهون». ومن المؤكد تقريبا أن ذلك كان من فعل الجيش الأمريكي، نظرا لعدم توفر اليمنيين على مثل تلك المعدات العسكرية 149.
ومن المؤكد أن الجيش اليمني لم يكن يستطيع بدون التدخل الأمريكي أن يسترجع ما احتلته المجموعات المسلحة. لكن الأمريكان لم ينسحبوا بعد تحقيقهم هذا الهدف. ففي يونيو 2012، عندما سقطت تقريبا كل المنطقة التي كان يحتلها أنصار الشريعة في يد الجيش واللجان الشعبية مجددا، غادر المقاتلون آخر معاقلهم على متن السيارات إلى الجبال أو إلى بلدات أخرى، ولاحقتهم طائرات بدون طيار قامت بقصف العربات المشتبه بها بدون تمييز. وهكذا سقط يوم 20 يونيو 2012 أكثر من 30 مقاتلين مفترضين عقب 6 غارات جوية استهدفت سياراتهم التي كانت تغادر المحفد آخر معقل للقاعدة في محافظة أبين150.
غير أن رحيل أنصار الشريعة لم يمكن الدولة من بسط سيطرتها على هذه المنطقة حيث تفرض اللجان الشعبية والعصابات قانونها، مما ولد تدهورا حادا للوضعية الأمنية. وبذلك يكون التدخل العسكري للولايات المتحدة قد ساهم بشكل حاسم في الفوضى والتسيب اللذين يسودان حاليا في هذه المناطق.
4.6 الطائرات بدون طيار مقابل التفاوض
في العديد من المناطق اليمنية، تسعى عدة شخصيات قبلية وسياسية ودينية إلى الوساطة بين الساكنات المحلية والسلطات الحكومية أو بين المجموعات المسلحة والدولة لوضع حد للمواجهة والعنف، لكن الوجود والتدخل الأمريكيين يجعلان التحكيم والمحادثات شبه مستحيلة. فالعدوان الذي يتم عبر الطائرات بدون طيار والذي يظل فيه المعتدي خفيا لا يسهل مهمة السعي نحو التفاهم والتفاوض الذي لا يمكن أن يتم أيضاً بين ممثلي الساكنات المحلية والمسؤولين العسكريين الأمريكيين، ولذلك يتم اللجوء إلى السلطات اليمنية، خاصة وأنها تزكي هذه الهجمات وتساهم فيها بقوة، عبر المخابرات بصفة أساسية، لكن اغتيال الوسطاء أو الشخصيات التي لها علاقة بأطراف الصراع يدفع بعض المراقبين السياسيين إلى التساؤل عن وجود رغبة حقيقية في القضاء على كل جهد يرمي إلى التصالح من أجل دفع الفرقاء إلى التشدد.
لقد تطرقنا سابقا إلى حادثة الاغتيال المستهدف لشخصية محلية يوم 24 أيار/مايو 2010 (الملحق 2) بعد أن أصابت طائرة بدون طيار أمريكية سيارتين في وادي عبيدة بمحافظة مأرب مخلفة مصرع 3 رجال ضمنهم جابر بن علي بن جابر الشبواني، نائب محافظ مأرب ومرافقيه وجرح 3 آخرين. وكان جابر الشبواني في طريقه إلى وادي عبيدة للالتقاء بعضوين في القاعدة والتفاوض معهما حول تخليهما عن الكفاح المسلح. ويبدو أن السلطات المركزية كانت على علم بهذه المبادرة التي قادها نائب المحافظ الذي كان من المفترض أن يلتقي بعدة أعضاء في القاعدة أولهم ابن عمه، عائض الشبواني، الذي تعتبره الاستخبارات الأمريكية إرهابيا خطرا والذي كانت تطارده منذ عدة شهور. والذي بعد إفلاته من غارتين بالطائرات بدون طيار يومي 15 و 20 يناير/كانون الثاني 2010 سقط أخيرا يوم 21 تموز/يوليو 2011 خلال معركة جنوب البلاد (عندما كانت أبين تحت سيطرة المجموعات المسلحة).
نتج عن اغتيال الشبواني وطريقة معالجة السلطات العمومية لهذه القضية قطيعة بين قبائل مأرب والسلطة المركزية التي أصبحت شرعيتها موضع انتقاد منذ ذلك الحين. فعلى امتداد عدة شهور، نفذت عمليات لتخريب خط النفط نحو البحر الأحمر تسببت في خسارة ملايين الدولارات للدولة وتصاعدت جاذبية القاعدة في المنطقة، خاصة بعد أن اقتنع البعض بأن مبادرة إجراء مفاوضات مع أعضاء القاعدة أطلقها الرئيس السابق صالح وأن السلطات الأمريكية التي لم تكن راضية عنها وضعت حداً لها. وسلطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء على القضية بالخلاصة التالية: «كان الأمر يتعلق بمهمة سرية لجيش الولايات المتحدة حسب مسؤولين أمريكيين»151.
وبتأريخ 29 آب/أغسطس 2012 في الساعة التاسعة والنصف مساءً، قضت أربعة صواريخ أطلقتها طائرة بدون طيار على 4 رجال كانوا مجتمعين على بعد عشرات من الأمتار من قرية خشامر الواقعة في منطقة القطن في محافظة حضرموت (الملحق 5)، وأصيب سالم بن أحمد بن سالم علي جابر إصابة قاتلة وكان مدرسا وإماما بمسجد المتضررين بالمكلا عرف بأفكاره المعارضة لإيديولوجيا القاعدة. وقد حث سالم قبل بضعة أيام على وفاته في خطبة له مواطنيه على عدم التأثر بهذا التنظيم، وكان يوم مقتله على موعد مع أعضاء مفترضين في القاعدة كانوا ينتقدون مواقفه العلنية. فمن الذي كان إذن على علم بهذا اللقاء؟ ومن الذي كان مستهدفا؟ لم يتم التعرف سوى على هوية أحد المجهولين الثلاثة واسمه عيسى بن صالح، أحد السجناء 63 الذين كانوا قد فروا من سجن المكلا في يونيو 2011، وحسب علمنا لم يشتهر بأي فعل إرهابي أو تحرك مناهض للولايات المتحدة.
وفي رداع (محافظة البيضاء)، قامت طائرة بدون طيار بتنفيذ مذبحة يوم 2 سبتمبر 2012 (انظر أعلاه) بعد استهدافها وإفلاتها لسيارة عبد الرؤوف الذهب (الملحق)152. رغم أن هذا الأخير ينكر أية علاقة له بالقاعدة ويوضح بأنه، في غياب البنيات الحكومية والخدمات العمومية مثل الماء والكهرباء وباعتباره زعيم قبيلة، فإنه يلعب دور الوسيط لصالح مواطنيه، لكن هذه المسؤولية وهذا الالتزام يمنحانه سلطة محلية تتعارض مع سلطة وشرعية الدولة، كما هو الشأن بالنسبة للعديد من المناطق الأخرى في البلاد التي تركت لشأنها. وقد أوضح بنفسه أن الهجمات المتكررة للطائرات بدون طيار ضده سببها محاولة الانتقام من قبيلته153. وخلال ندوة صحفية نظمتها منظمتنا الكرامة وهود بعيد الغارة، ذكر أحمد سعيد الذهب، أحد ممثلي القبيلة أنه انخرط في وساطة لتسوية الصراعات في المنطقة «إلا أنه كلما توصلنا إلى حل جاءوا لنا بالطائرات»، وتابع: «هذه طائرات فتنة وليست فقط طائرات تجسس».
وبتأريخ 17 نيسان/أبريل 2013 في الساعة الثامية والنصف مساءً، في قرية مذلب بيت اليهود التابعة لمديرية وصاب، دوى انفجاران لصاروخين أطلقتهما طائرات أمريكية بدون طيار (الملحق 10) استهدفت سيارة ذات دفع رباعي كانت تقل 4 أشخاص ضمنهم حميد محمد ردمان الحدادي المدعو بالردمي، وهو عسكري ومقاتل سابق في العراق أمضى حوالي 6 سنوات في السجن واستقر فور عودته في قريته الأصلية في آب/أغسطس 2011 مستأنفا حياته الطبيعية مع انخراطه في العمل الاجتماعي كوسيط بين الأطراف المتنازعة. وقد التقت الكرامة التي توجهت إلى عين المكان بمدير مركز مديرية الأمن، العقيد أحمد أبو شائع، الذي أكد لنا أن «حميد الردمي كان شخصا يمارس الوساطة الاجتماعية وقد ساعدنا على إيجاد حلول في بعض الحالات، ولم يكن مطلوبا من قبل السلطات، ولو كان هناك أمر اعتقال صادر ضده، لكان بوسعنا القبض عليه بسهولة».
وبخولان، قتل ربيع حمود لاهب مع أشخاص آخرين في 23 يناير/كانون الثاني 2013 حوالي الساعة الثامنة مساءً، في غارة نفذتها طائرة بدون طيار بينما كانوا يستقلون سيارة. وتزعم السلطات اليمينية أنه كان عضوا في القاعدة وأنه كان ضمن المطلوبين أمنياً. غير أن صحفيا فلنديا كان في عين المكان أكد أن لاهب كان عضوا في مجلس القرية (الملحق 9).
ومن بين حالات الضربات العشر التي قامت الكرامة بتوثيقها، استهدفت أربعة منها على الأقل أشخاصا متجذرين في الحياة الاجتماعية والسياسية المحلية، يحظون بمكانة معينة ويلعبون دورا هاما للوساطة بحيث كانت السلطات تلجأ إليهم لنزع فتيل الأزمات المحلية، خاصة في سياق الوجود المتزايد لمجموعات جهادية ومواجهة هذه الأخيرة لمصالح الأمن وضعف مؤسسات الدولة. فمن هو الطرف الذي يستفيد إذن من تسميم وضع قابل للانفجار أصلا؟ هل هي بعض مكونات السلطة التي تدعم استراتيجية المواجهة بالاستناد إلى الولايات المتحدة؟ أم هو قرار اتخذته الولايات المتحدة التي لا تنظر بعين الرضى إلى تسوية الصراعات المحلية عبر هذه المفاوضات وتعتبر أن هذه الأخيرة تقوي القاعدة والمجموعات التابعة لها؟ في جميع هذه الحالات، لابد من الإقرار بأن الطرق التقليدية لتدبير الصراعات تشهد اضطرابا كبيرا، فثقة الساكنات بالدولة تتضاءل بعد أن بدا واضحا خضوع هذه الأخيرة المتزايد لإملاءات الولايات المتحدة. وبما أن اليمن مجتمع يطبعه دور القبائل المتمثل في نوع من العقود التي يلتزم فيها كل طرف بواجباته ويتمتع بامتيازاته، فإن تدمير هذه البنيات يهدد بشدة الأمن الاجتماعي.
5.6 من هم هؤلاء «الإرهابيون الخارقون»؟
عموما يتم تقديم تنظيم أنصار الشريعة الذي أنشئ سنة 2011 على أنه وكيل للقاعدة خاصة بعد أن اعتبرته الإدارة الأمريكية في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2012 فرعا لهذا التنظيم 154. فقبل هذا التأريخ لم يكن يعتبر رسميا منظمة إرهابية رغم أن أعضاءه كانوا مستهدفين بالاغتيالات التي تنفذها المصالح الأمريكية.
فعقب العديد من هجمات الطائرات بطيار وبدون طيار، لا تفتأ وسائل الإعلام الوطنية والدولية تنقل أقوال مسؤولين يزعمون فيها أنهم قضوا على «مسؤولين ميدانيين سامين» مطاردين ينتمون إلى القاعدة، فمختلف المصالح الأمريكية خاصة الـ (C.I.A) و قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية (JSOC) تتوفر على لائحة القتل الخاصة بها التي تدرج فيها أسماء «الإرهابيين» المفترضين الأكثر خطورة والذين قد يشكلون تهديدا مباشرا وحتميا للولايات المتحدة ومصالحها والذين لا يمكن مع ذلك اعتقالهم ومتابعتهم قضائيا. كما قد يكون لدى السلطات اليمنية هي أيضا لائحة بـ25 إسماً لإرهابيين مفترضين155، مع الإشارة أن معايير اختيار كل هذه الأسماء تظل مجهولة. لكن المؤكد في اليمن، أن الاختيار لا يقع فقط على زعماء القاعدة أو أنصار الشريعة بل أيضا على مقاتلين عاديين قد لا ينتمون إلى أحد التنظيمين. ولا يتم دائما التعرف بالاسم على أعضاء هذه المجموعات المسلحة بعد اغتيالهم. فخلال التدخل المباشر للولايات المتحدة في المواجهات الدائرة بين المجموعات المسلحة والجيش اليمني فيما بين 2011 و 2012، لم يتم التمييز بين القاعدة والمقاتلين العاديين وخلال هذه الهجمات، تم اغتيال عدد معين من قادة المجموعات المسلحة بدون استهدافهم مباشرة. وهو ما يوضحه مسؤول أمريكي عند حديثه عن هذه الممارسات في باكستان: «إن الـ (C.I.A) » تقتل معظم الأشخاص (الذين توجد أسماؤهم في لوائح القتل) دون أن تعلم أنهم كانوا موجودين لحظة إطلاق النار»156. وهو ما يمكن تطبيقه على اليمن دون فارق كبير.
وبعيد الخطاب الشهير لأوباما في 23 أيار/مايو 2013 والذي وعد فيه باحترام معايير الاستهداف والتحلي بمزيد من الشفافية تجاه الرأي العام، تم في 9 يونيو 2013 في منطقة المحابشة شمال محافظة الجوف استهداف عربة بأربعة صواريخ أطلقتها طائرة بدون طيار خلفت 7 قتلى ضمنهم طفل في العاشرة. وأكدت الحكومة أن الضحايا مقاتلون من القاعدة وأن حسن صالح حريدان الموجود ضمنهم كان يقاتل منذ مدة طويلة في صفوف هذه المنظمة، لكن يبدو أنه كان مجرد عنصر محلي، مما يطرح مرة أخرى تساؤلات حول اختيار أهداف الولايات المتحدة في اليمن. وفي هذا الصدد، يلاحظ غريغوري جونسون، أحد المتخصصين في شؤون المنطقة أن «عدد الهجمات الأمريكية بالطائرات بدون طيار خلال السنتين الأخيرتين يشير إلى أن الولايات المتحدة تصوب ضرباتها إلى أهداف يفوق عددها 10 إلى 15 شخصاً يشكلون حسب رأيها تهديدا للأمن القومي الأمريكي، ويبدو أنها تستهدف أي شخص يمكن أن تطاله في اللحظة التي تكون قادرة على تحديد مكانه».157
أما توصيف وتصنيف أعضاء المجموعات المسلحة (قادة في القاعدة أو أنصار الشريعة، قادة محليون، أعضاء في هذه المجموعات، تابعون لهذه المجموعات، إلخ) فلا ينبغي أخذهما مأخذ الجد نظرا لعدم استنادهما إلى تهم ملموسة ضدهم. ففي بعض الحالات التي تمكنا فيها من الوصول إلى مصادر أخرى أو القيام بتحقيقات في عين المكان، أصبح بإمكاننا رفض أو انتقاد التهم الموجهة إلى المشتبه بهم من طرف السلطات أو وسائل الإعلام اليمنية أو الأمريكية.
فقد تم قتل بعض المشتبه في كونهم قادة للقاعدة في الجزيرة العربية والذين قد تكون أسماؤهم مدرجة في لوائح القتل الشهيرة، لكن عدد القادة المقتولين متقلص جدا بالنظر للعدد الإجمالي للضحايا، ورغم الدعاية التي تحيط بدقة الوسائل المستعملة، فلا بد من الإقرار بأن الأخطاء المتكررة تسببت في مصرع العديد من الأشخاص دون إصابة الهدف الذي برر الضربة.
فمن بين الإرهابيين الخارقين هناك المؤسسون الأربعة لتنظيم القاعدة في الجزرة العربية (ق. ج. ع) ناصر الوحيشي، السكرتير السابق لأسامة بن لادن الذي اعتبر زعيم هذا التنظيم والذي أنكرت القاعدة نبأ مقتله رغم الإعلان عنه عدة مرات. أما سعيد الشهري ذو الجنسية السعودية والذي قدم على أنه الشخصية الثانية في ق. ج. ع، فقد «أفلت» من عدة محاولات اغتيال بالطائرة بدون طيار. ورغم أن وفاته أعلن عنها مرة أخرى عقب هجوم نفذ في 22 يناير/كانون الثاني 2013 وأكد في 17 تموز/يوليو 2013 عبر رسالة مصورة للقاعدة فإن هذه الأخيرة لم تحدد تأريخ اغتياله بالطائرة بدون طيار158. ثم قاسم الريمي الذي يقدم على إنه القائد العسكري والرقم ثلاثة في ق. ج. ع والذي أفلت هو أيضا من عدة غارات بالطائرة بدون طيار في 2009، 2010 و 2012 والذي يبدو أنه لازال على قيد الحياة159.
يأتي بعد ذلك صنف المقاتلين المحنكين الذين يلاحقون بأفعال يرجع تأريخها إلى ما قبل عشر سنوات والذين نذكر منهم: محمد سعيد العمدة الذي كانت الولايات المتحدة تعتبره مناضلا ساميا للقاعدة لاشتباهها في كونه تدرب على يد أسامة بن لادن في أفغانستان وكونه قاد عدة عمليات عسكرية وقدم للقاعدة دعما لوجستيا وماليا. وقد قتل في هجوم بالطائرة بدون طيار في 22 نيسان/أبريل 2012 160. وفهد القصع المشتبه في أنه شارك في عملية البارجة الحربية يو. إس. إس كول سنة 2000 والذي قتل بعد استهدافه بطائرة بدون طيار في 6 أيار/مايو 2012 161 وعبد المنعم الفطحاني، الملاحق أيضا لمشاركته المحتملة في هذه العملية والذي قتل يوم 31 يناير/كانون الثاني 212 162.
ثم تمت تصفية عدد أكبر من الرجال الذين يعتبرون قادة محليين للقاعدة، خاصة خلال الهجوم العسكري الذي شنه الجيش اليمني بالتعاون مع الـ (C.I.A) و قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية (JSOC) فيما بين 2011 و 2012 جنوب البلاد، فقتل مثلا هدّار الحميقاني الذي يقدم باعتباره قياديا محليا للقاعدة في الجزيرة العربية في 9 آذار/مارس 2012 خلال غارة خلفت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين قرب مدينة البيضاء163. وأكدت القاعدة مصرع خلدون السيد، ثاني رجل في قيادة أبين164 خلال هجوم، كما قتل أحد قادة القاعدة في الجزيرة العربية سمير (أخ عبد المنعم) يوم 16 أيار/مايو 2012 165. وأحيانا عندما تفشل عمليات تصفية الأشخاص الملاحقين، يتم قتل أفراد من أسرهم. فمثلا، سقط عبد الرحمن الوحيشي أخو ناصر الذي لا يعرف دوره في القاعدة، في ضربة بالطائرة بدون طيار يوم 22 ديسمبر 2011 166. وسرحان القصع أخو فهد القصع يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر 2011 في غارة للطائرة بدون طيار تداولتها بكثرة وسائل الإعلان لكونها خلفت أيضا مقتل عبد الرحمن، نجل أنور العولقي167.
ويظل أحد أكثر «الاغتيالات المستهدفة» إثارة للجدل اغتيال أنور العولقي، الإمام الأمريكي ذو الأصول اليمنية، الذي يقدمه الأمريكان باعتباره منظر القاعدة في اليمن ويعتبرونه خطرا بالنظر لخطبه ومكتوباته بالانجليزية التي تنشرها بصفة خاصة مجلة إنسباير. فقد ولد في الولايات المتحدة حيث أمضى جزءا من طفولته قبل أن تستقر أسرته من جديد في اليمن. وعاد إلى الولايات المتحدة سنة 1991 لإتمام دراسته العليا. وبينما كانت علاقته مع الإدارة الأمريكية طيبة في بداية سنوات 2000، أصبح مراقبا من طرف مكتب التحقيقات الفيدرالي ((F.B.I.) ) ثم الـ (C.I.A) لعلاقاته المحتملة مع الأوساط الجهادية. فغادر الولايات المتحدة ليستقر في انجلترا سنة 2002 قبل أن يعود إلى اليمن سنة 2004. وفي 31 آب/أغسطس 2006، اعتقل في اليمن بطلب من واشنطن وسجن إلى ديسمبر 2007 وخضع لاستنطاقات ((F.B.I.) ) حول عمليات 11 سبتمبر 2001 قبل إطلاق سراحه لعدم وجود أدلة ضده 168.
وبسبب الاشتباه في علاقاته الوطيدة بالقاعدة، تم وضع اسمه منذ بداية سنة 2010 على لائحة الإرهابيين الذين تعتبرهم السي آي إيه والبنتاغون أهدافا مشروعة وصدر الإذن بتصفيته باعتباره مواطنا أمريكيا في مذكرة سرية لوزارة العدل بتأريخ 6 نيسان/أبريل 2010 169، رغم عدم ثبوت أية تهمة ملموسة ضده وعدم إخضاعه لأية متابعة قضائية. فنفذت إذن محاولة أولى لاغتياله في 24 ديسمبر 2009 عندما استهدفت طائرة بدون طيار منزلا عائليا له في رفض بمحافظة شبوة حيث كان من المفترض أن يجتمع بالشخصيتين الأولى والثانية في تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وحيث سقط 30 قتيلاً دون أن يكون هو أو القياديان المطلوبان في مكان الغارة. وحسب دنيال كليدمان، الصحفي المتخصص في قضايا الأمن بصحيفة نيوزويك الأمريكية، اتخذ أوباما شخصيا قرار تصفية أنور العولقي دون اعتماد أي أساس قانوني170. لكنه أفلت بعد ذلك من هجمات قامت بها طائرات بدون طيار أمريكية في أيار/مايو و 20 أيلول/سبتمبر 2011 بالمحفد في محافظة أبين 171، قبل أن يغتال أخيرا يوم 30 أيلول/سبتمبر 2011. وهي المرة الأولى التي تقوم فيها طائرة أمريكية بدون طيار تابعة للـ (C.I.A) بقتل مواطنين أمريكيين، إذ خلال هذه الغارة سقط أربعة رجال آخرين، ضمنهم أبو محسن المأربي وسالم المرواني، إضافة إلى مواطن أمريكي آخر هو سمير خان، ناشر مجلة إنسباير.
وبعد أسبوعين، قامت طائرة بدون بقتل ابن أنور العولقي، عبد الرحمن، البالغ من العمر 16 سنة، والذي كان مصحوبا بقريب له هو أحمد العولقي البالغ من العمر 17 سنة إضافة إلى ما بين 5 إلى 6 أشخاص آخرين ضمنهم سرحان القصع (انظر أعلاه) بينما كان المستهدف بالضربة هو إبراهيم البنا وهو مواطن مصري وعضو محتمل في تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية كان حسب المصالح الأمريكية يخطط لهجوم وتم الإعلان عن وفاته قبل أن يكذب أنصار الشريعة الخبر172. ولم يكن لعبد الرحمن العولقي أية علاقة بأنشطة والده. وقد كانت هذه الاغتيالات المستهدفة محل متابعات قضائية في الولايات المتحدة (انظر ف. 7. 5).
ويتساءل ميكا زنكو، العضو في مجلس العلاقات الخارجية الذي ينتقد سياسة الطائرات بدون طيار التي تنتهجها الإدارة الأمريكية عن الاستراتيجية الأمريكية المتعلقة بمحاربة القاعدة قائلا: «ذكر مقال صدر في نيويورك تايمز في شهر فبراير أن هدف السياسة الأمريكية في اليمن هو قتل حوالي 24 من زعماء القاعدة. ومنذ صدور هذا المقال، نفذت 50 غارة جوية إضافية بواسطة الطائرات بدون طيار في اليمن وصرحت الحكومة الأمريكية عدة مرات أن عدد أعضاء القاعدة في الجزيرة العربية ارتفع من «عدة مئات» إلى «عدة آلاف». وبالتالي يجب التساؤل عن المستهدف حقيقة وعن مدى مساهمة ذلك في تحقيق أهداف مكافحة الأمريكيين للإرهاب»173.
6.6 الطائرات بدون طيار، أداة لترهيب الساكنة
تتميز الطائرة بدون طيار بدقتها التي تمكنها عن تفادي إصابة الضحايا المدنيين. فهي تحلق على ارتفاع عال دون أن تُرى من الأرض وتراقب المشبوهين وتستهدفهم ثم تضرب في اللحظة المناسبة. وبذلك تكون الضربة جراحية ولا تؤثر بشدة على حياة الموجودين في موقع الضربة. هذه هي الرواية التي يحاول مؤيدو الحرب عن بعد فرضها رغم أن الواقع يكذب ذلك تماما، فالطائرات بدون طيار ترهب السكان وعندما تحلق ليلا ونهارا فوق منطقة معينة على امتداد أسابيع أو شهور، فإن طنينها يكون موترا ومفزعا لأنه يذكرهم بدون انقطاع أنها قادرة على تسديد الضربة. أما فيما يخص «السلاح الدقيق» فإن صاروخ هيل فاير مثلا الذي تطلقه طائرة بدون طيار من صنف بريداتور يقتل داخل شعاع يصل إلى 15 متر ويصيب بجروح داخل شعاع يصل إلى 20متر، مما يجعل «دقته» نسبية.
لكن ما هي قدرة تمييز الأهداف التي تمتلكها الطائرات بدون طيار؟ وكيف يمكن لها أن تميز بين مدني ومقاتل؟ وهل يمكن التأمين الفعلي لاستهداف الطائرات بدون طيار لشخص معين دون غيره؟ ألا يمكن الاستنتاج بأنه في العديد من الحالات، كانت هناك رغبة مقصودة لاستهداف المدنيين؟.
هذا السؤال يجد وجاهته فعلا عندما يستهدف حي بأكمله بالصواريخ كما وقع مثلا في المعجلة في 17 ديسمبر 2009، عندما لقي 55 شخصا مصرعهم، بينما كان المستهدف شخص واحد هو محمد صالح العنبوري المدعو بالكازمي الذي كان يمكن اعتقاله بسهولة. ويظل التساؤل مشروعا في هذه الحالة بالضبط حيث استعمل صاروخ من نوع توماهوك للهجوم البري صنع أساسا ليحمل 166 قنبلة انشطارية تحتوي كل واحدة منها على 200 شظية حديدية يمكن أن تصيب أهدافا تبعد عن نقطة السقوط بـ150متراً. وهذه الذخيرة الفرعية أصابت بعد مرور سنوات على الهجوم عدة ضحايا خاصة في صفوف الأطفال وهو ما لا يمكن أن يغيب عن علم السلطات العسكرية الأمريكية التي تدرك جيدا أن هذه الصواريخ ستصيب العديد من الضحايا (الملحق1).
وبتأريخ 15 أيار/مايو 2012، بعدما قصفت الآلية العسكرية الأمريكية منزلا في جعار، قامت بالتحليق فوق الموقع بعد خمس عشرة دقيقة حيث تجمع العشرات لإغاثة الجرحى وأطلقت عدة قذائف روكيت سقط على إثرها 13 رجلاً وامرأة قتلى وجرح العشرات، فمن كان المستهدف من غير الساكنة المدنية بهذه الغارة؟ (الملحق 4).
وعندما تستهدف عربات تحمل مشبوهين وسط تجمع سكني فإن احتمال إصابة المارة خاصة الأطفال يظل مرتفعا. وهو ما وقع بالضبط في عزان بمحافظة شبوة يوم 30 آذار/مارس 2012 عندما أطلقت طيارة بدون طيار 3 صواريخ على سيارة قيل أنها كانت تقل عضوين في القاعدة فتفحم الراكبان اللذان لم تعرف هويتهما وأصاب التفجير في مقتل صالح السنة وجرح 6 أطفال كانوا يلعبون قرب الموقع (الملحق 3). كما قتلت طائرة بدون طيار في 24 ديسمبر 2012 بالشحر في محافظة حضرموت مجموعة من 4 رجال وسط المدينة في ملعب كان يلعب فيه أطفال، فأصابت الطفل حمزة بن دحمان بإعاقة مدى الحياة وأفقدته النطق (الملحق 7).
لذا وجب التساؤل عن هذا الإستهداف، أليس ملازما للحرب التي شنتها الولايات المتحدة في اليمن؟ فمعظم الذين قتلوا مدنيون أو مقاتلون لا يسعون إلى مهاجمة الولايات المتحدة بل إلى محاربة نظام يعتبرونه غير شرعي. وتظهر الأمثلة أن وجود المشبوهين رفقة مدنيين لا يمنع استهدافهم بل يبدو في بعض الحالات أن المدنيين يستهدفون عمدا. وقد تسارعت وتيرة دينامية الضربات الجوية خلال المواجهة بين المجموعات المسلحة المعارضة والجيش اليمني حيث تدخلت بكثافة الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار الأمريكية، ويظل عدد الأشخاص المقتولين بفعل الهجمات مجهولا رغم تقديره بعدة مئات بينما يصل عدد اللاجئين إلى عشرات الآلاف من السكان الذين نزحوا نحو مناطق أكثر أمانا مثل عدن.
فهل يتجاوز تدخل الأمريكان عسكريا حدود المهمة المعلن عنها بإرهاب ساكنة المناطق التي تتمركز فيها المجموعات المسلحة؟ أليس الهدف من تدخلهم دفع الساكنات التي هدها الترهيب الدائم للطائرات بدون طيار وعجزها عن الدفاع عن نفسها إلى الانقلاب على المقاتلين؟ لابد هنا من الاعتراف بأن هناك انتقالا من استراتيجية مكافحة الإرهاب إلى استراتيجية الحرب على التمرد التي يبدو أنها تستهدف المدنيين.
7.6 الطائرات بدون طيار تعوض غوانتنامو
تظل إحدى الصعوبات التي تواجه منظمات حقوق الإنسان والصحفيين عدم كفاية المعلومات المتعلقة بالأشخاص المستهدفين. ففي العديد من الغارات، تكون جثت الضحايا في وضع لا يمكن الشهود من التعرف عليها. ففي الشحر، تم إطلاق ثلاثة صواريخ على الأقل في 28 ديسمبر 2012، على 3 رجال على متن دراجتين بخاريتين (الملحق8)، وقد حكى أحد الشهود، حسن إبراهيم سليمان للكرامة قائلا: «عندما وصلت إلى مكان الانفجار، رأيت أعضاء جثمان مختلطة بحطام الدراجة. كان جسده متفحما. يبدو أن صاروخا لم يصب هدفه وأن الثاني أصاب دراجة تقل شخصين بينما فجر الثالث الدراجة الثانية. كانت الأجساد الثلاثة ممزقة. قمنا بتجميع الأشلاء دون أن نعرف من هؤلاء الرجال». وتبن أن أفرادا من مصالح الأمن حملوا الجثث وحطام الصواريخ ولم تتعرف الساكنة المحلية على الرجال الثلاثة المغتالين لكونهم غرباء عن المدينة. وقد صرح مسؤول لوكالة الأنباء الفرنسية أن أحد القتلى هوعبد الله باوزير الذي أعلن عن مقتله خلال الغارة السابقة على المدينة في 24 ديسمبر 2012 174.
فخلال هذه الضربة الأولى على الشحر، قتلت طائرة بدون طيار مجموعة من الرجال كانوا وسط البلدة ضمنهم نبيل الكلدي وعبد الله باوزير اللذين كانا ضمن مجموعة السجناء 63 الفارين في حزيران/يونيو 2011 من سجن المكلا (الملحق 7) واللذان لم يكونا، حسب المقربين منهم، عضوين في الهيئة القيادية لأنصار الشريعة أو القاعدة175. وكانا في مكان لا تسيطر عليه أية مجموعة مسلحة بحيث كان يمكن اعتقالهما فور تحديد موقعهما.
وفي بعض الحالات، تقوم أنصار الشريعة أو القاعدة بنشر توضيحات عن المقاتلين المغتالين لكن غالبا ما تنعدم المعلومات أو أنها تصدر عن جهات رسمية، مما يجعل الخطأ يطالها. فخلال غارة لطائرة بدون طيار نفذتها قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية (JSOC) على سيارتين في 31 يناير/كانون الثاني 2012 شرق لودر في محافظة أبين، ذكر أن 10 من المقاتلين 14 قتلوا. وكان لابد من انتظار نعي القاعدة لهم176. بدل التصريحات الرسمية للحكومتين اليمنية والأمريكية ليعرف الرأي العام تفاصيل الغارة وهوية الضحايا، خاصة عبد المنعم الفطحاني المشتبه في تورطه في عملية يو. إس. إس. كول سنة 2000 والذي لم يكن مستهدفا أصلا177. بينما سقط قائدان آخران في القاعدة هما طلحة اليمني وعبد المالك الدحياني ولم يكن الآخرون سوى مقاتلين عاديين.
كل هذه الأمثلة تدل مرة أخرى على الغموض الذي يحيط بهذه الضربات وعلى قلة الجهود المبذولة لاعتقال المشتبه بهم. ويبدو أن هناك إرادة سياسية للتصفية البدنية للمحتجزين الفارين المشتبه في انتمائهم لمجموعة مسلحة، بغض النظر عن الوقائع التي يمكن أن تنسب إليهم. فالسلطات تؤكد أنهم أعضاء في القاعدة لتبرير استهدافهم بالاغتيال دون تقديم أية أدلة. وحسب معلوماتنا، يوجد ضمن الفارين، إضافة إلى نبيل الكلدي وعبد الله باوزير المذكورين سابقا، جمال عيسى بن صالح، الذي سقط قتيلا خلال غارة طائرة بدون طيار على خشامر يوم 29 آب/أغسطس 2012 بينما كان مع سالم جابر (الملحق 5) وسامي محمد عبدالله باحشوان وهاني محمد بن عريفون وصالح كرامة صالح باعباد الذين يبدو أنهم قتلوا ثلاثتهم خلال ضربتي 24 و 28 ديسمبر 2012 في الشحر (الملحقان 7 و 8). ولقي فار آخر هو خالد مسلم باتيس، مصرعه مع رجال آخرين يوم 31 آب/أغسطس 2012 خلال غارة قرب الوهد في القطن محافظة (حضرموت) 178.
ويؤكد العديد من الشهود والمراقبن أن بعض الرجال المستهدفين كان من الممكن أن يعتقلوا دون صعوبة ويحالوا على العدالة مثل محمد صالح العنبوري المدعو بالكازمي الذي قتل يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2009 خلال الغارة على المعجلة. وقد أصغت اللجنة البرلمانية التي توجهت بعيد ذلك إلى عين المكان إلى المحافظ الذي أكد أن الكازمي كان يمكن أن يعتقل بسهولة، بينما أكد السكان للجنة أنه كان يتنقل بحرية في سيارته وكان يمكن أن يوقف في كل لحظة (الملحق 1).
وفي بلدية خولان، أصيبت يوم 23 يناير/كانون الثاني 2013 في الساعة 20 سيارة كانت تقل 8 ركاب بصاروخين من نوع هيلفاير أطلقتهما طائرة بدون طيار، مستهدفة شخصين هما ربيع حمود لاهب وناجي علي سعد. وكان الأول مطلوبا لدى السلطات اليمنية باعتباره عضوا في القاعدة (الملحق 9)، بينما أكد صحفي فنلندي توجه إلى عين المكان أن لاهب «كان يسكن قرية تقع على بعد ساعة من العاصمة صنعاء، وأنه كان جارا لعدة شخصيات سياسية في البلد، وأنه كان عضوا في مجلس القرية وكان يتوجه إلى العاصمة صنعاء كل يومين ويعبر عدة حواجز عسكرية في طريقه179.
وقد أحدث اغتيال حميد الردمي يوم 17 نيسان/أبريل 2013 وأربعة أشخاص آخرين قدموا على أنهم أعضاء في القاعدة خلال غارة بالطائرة بدون طيار على وصاب ضجة بلغت أصداؤها الولايات المتحدة (الملحق 10). فحسب تأكيدات أفراد مصالح الأمن المحلية، كان يمكن في أية لحظة القبض عليه. وبالنسبة لفارع المسلمي، أحد الصحفيين المنحدرين من قرية وصاب الذي تم الإنصات إليه يوم 22 نيسان/أبريل 2013 من طرف مجلس الشيوخ الأمريكي، لم يكن حميد الردمي زعيما للقاعدة فهو يؤكد أنه كان على اتصال دائم بموظفين في المدينة نظرا لانخراطه القوي في شؤون المدينة ولدور الوسيط الذي يلعبه بفعالية في النزاعات المحلية.
135) تم نشر صور لهذه الذخائر السعودية منذ 2011 في إحدى المجلات وإنجاز شريط من طرف أنصار الشريعة والأمة الواحدة والملاحم ميديا، نوفمبر 2011.
136) كان وزر الدفاع اليمني قد أكد أنه خلال الأسبوعين الأولين ليونيو 2011، قامت القوات الأمريكية ب15 غارة بالطائرات بدون طيار. بينما كان نائب محافظ أبين يشتكي من أن هذه الغارات قتلت 130 شخصا. (in Hakim Almasmari, « US makes a drone attack a day in Yemen » (حكيم المسماري، الولايات المتحدة تنفذ هجوما في اليمن) , م. ه
137) Bureau of Investigative Journalism, « Yemen : reported US covert actions 2001-2011 », (مكتب الصحافة الاستقصائية، «اليمن: العمليات السرية المسجلة لسنة 2001 – 2011») YEM 035, http://www.thebureauinvestigates.com/2012/03/29/yemen-reported-us-covert-actions-since-2001/ (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
138) مكتب الصحافة الاستقصائية, نفسه. YEM 038.
139) نفسه. YEM 048.
140) أ. ف. ب، مسؤول يصرح: الضربات الجوية على بلدة يمنية تقتل سبعة مدنيين، 5 سبتمبر 2011 - (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
AFP, « Air strikes on Yemen town kill seven civilians : official» http://dawn.com/2011/09/05/air-strikes-on-yemen-town-kill-seven-civilians-official
141) «Jack Serle, « Yemen’s ‘barely functional’ air force points to US involvement in strikes, مكتب الصحافة الاستقصائية, 29 مارس 2012،,
http://www.thebureauinvestigates.com/2012/03/29/barely-functional-why-us-is-likely-to-be-behind-yemens-precision-airstrikes
(تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
142) « The US-Embassy cables : Yemen trumpets strikes on al-Qaida that were Americans’ work », (مكالمة هاتفية للسفارة الأمريكية: أبواق اليمن تعلن أن الضربات على القاعدة من فعل الأمريكان)، الغارديان، 4 ديسمبر 2010،
http://www.guardian. co. uk/world/us-embassy-cables-documents/240955 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
143) (كريس وودز: Chris Woods, « US boosts Yemen drone strikes amid chaos », الولايات المتحدة تعزز الغارات على اليمن بالطائرات بدون طيار وسط الفوضى)، مكتب الصحافة الاستقصائية, 16 يونيو 2011, http://www.thebureauinvestigates.com/2011/06/16/us-boosts-yemen-drone-strikes-amid-chaos/ (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
144) وزارة الخارجية الأمريكية، تقرير حقوق الإنسان لسنة 2012: اليمن، 19 نيسان/أبريل 2013،http://www.state.gov/j/drl/rls/hrrpt/2012/nea/204392. htm (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
145) « General Petraeus’ meeting with Saleh on security assistance, Aqap strikes » (لقاء الجنرال بيتروس مع صالح حول الدعم الأمني والضربات الموجهة على القاعدة في الجزيرة العربية) 4 يناير/كانون الثاني 2010, http://www.cablegatesearch.net/cable. php?id=10SANAA4&q=petraeus%20saleh (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
146) Chris Woods, « Who is held to account for deaths by drone in Yemen », (كريس وودز، من الذي يبالي بإحصاء الوفيات الناجمة عن هجمات الطائرات بدون طيار في اليمن)، الغارديان، 6 سبتمبر 2012، http://www.guardian. co. uk/commentisfree/2012/sep/06/drone-deaths-yemen?fb=native&CMP=FBCNETTXT9038 http://www.guardian. co. uk/commentisfree/2012/sep/06/drone-deaths-yemen (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
147) الكرامة وهود ينظمان جلسة استماع لضحايا القصف الأمريكي ليوم 2 سبتمبر 2012، 6 سبتمبر 2012، http://ar. alkarama.org/index. php?option=com_content&view=article&id=4516: 4516&catid=164: ak-com-yem&Itemid=140 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
148) نقلا عن مكتب الصحافة الاستقصائية، م. ه YEM 024.
149) نفسه. , YEM 046.
150) نفسه. , YEM 102.
151) «Scott Shane, Mark Mazzetti et Robert F. Worth, « Secret assault on terrorism widen on two continents, (سكوت شين ومارك مزيتي وروبرت وورث، الهجوم السري على الإرهاب يمتد إلى قارتين)، 14 آب/أغسطس 2010، http://www-nc. nytimes.com/2010/08/15/world/15shadowwar. html?=_r=6& (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
152) (اليمن: 13 مدني قتلوا في غارة جوية على ردع)، « Yémen : 13 civils tués dans une attaque aérienne à Radda », , http://french. peopledaily. com. cn/International/7933730. html 3 سبتمبر 2012 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
153) يحيى السواري, الشيخ الذهب: لا انتمي لتنظيم القاعدة ولست ارهابي , المشهد اليمني, 23 يناير/كانون الثاني 2013, http://www.almashhad-alyemeni.com/news26584. html (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
154) US State Department, « Terrorist designations of Ansar al-Sharia as an alias for al-Qaida in the Arabian Peninsula », (وزارة الخارجية الأمريكية، أنصار الشريعة لقب للقاعدة في الجزيرة العربية)، 4 تشرين الأول/أكتوبر 2012، http://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2012/10/198659. htm (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
155) (اليمن تعلن قائمة مطلوبين من «القاعدة» خالية من الوحيشي والريمي وتعرض مكافأة لمن يبلغ عنهم), août 6, 2013, http://almasdaronline.com/article/48800
156) Greg Miller, « CIA seeks new authority to expand Yemen drone campaign » (غريغ ميلر، السي آي إيه تسعى إلى الحصول على سلطة جديدة لتوسيع حملة الطائرات بدون طيار في اليمن) ,م. ه
157) (نقلا عن آدم بيرون، وفاة فتى ماك كلاتشي يصعد غضب اليمنيين على ضربات الطائرات بدون طيار الأمريكية) Cité par Adam Baron,، 20 يونيو 2013« McClatchy Boy’s death highlights anger some Yemenis feel over U. S. drone strikes », http://www.mcclatchydc.com/2013/06/20/194542/boys-death-highlights-anger-some. html#. UcQO2D6G3N- (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
158) ناصر الحقباني, «القاعدة» تؤكد مقتل نائب قائد التنظيم في اليمن سعيد الشهري، الحياة، 17 تموز/يوليو 2013، , http://alhayat.com/Details/533485 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
159) حسب الصحافة اليمنية، وجه الرايمي، بعيد غارة الطائرة بدون طيار يوم 18 أيار/مايو 2013 بالمحفظ في منطقة أبين حيث قتل سبعة مقاتلين، رسالة حذر فيها من أن الاعتداءات، مثل عملية بوسطن في 15 نيسان/أبريل 2013، يمكن أن تتضاعف إذا لم تتوقف الهجمات الأمريكية. القيادي في القاعدة قاسم لريمي يتوعد أمريكا بمزيد من الهجمات , 2 يونيو 2013, http://www.yemencom.net/news. php?action=show&id=15982 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
160) نقلا عن مكتب الصحافة الاستقصائية، م. ه، YEM 058
161) AP, « US air strike kills top al-Qaida leader in Yemen », (أشوسيتد بريس، «الضربات الجوية الأمريكية تقتل قائدا ساميا للقاعدة في اليمن)، الغارديان، 7 أيار/مايو 2012،http://www.guardian. co. uk/world/2012/may/07/us-airstrike-kills-al-qaida-leader-yemen (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
162) نقلا عن مكتب الصحافة الاستقصائية، م. ه، YEM 040
163) نفسه، YEM 042.
164) نفسه، YEM 068
165) نفسه، YEM 076
166) Bill Roggio, « AQAP leader’s brother reported killed in US drone strike »,،مقتل أخ لزعيم في القاعدة في الجزيرة العربية خلال ضربة لطائرة بدون طيار»)، دي لونغ وور دجورنل، 23 ديسمبر 2011،http://www.longwarjournal.org/archives/2011/12/aqap_leaders_brother. php (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
167) نقلا عن مكتب الصحافة الاستقصائية، م. ه، YEM 034
168) Gregory Johnsen, The Last Refuge, (غريغوري دجونسون، الملجأ الأخير)، م. ه، الفصل 17: «الاندماج»
169) Laura Raim, « La légalité du meurtre d’al-Awlaki mise en question », (لورا رايم، «مشروعية قتل العولقي تحت الانتقاد»)، لوفيغارو، 1 تشرين الأول/أكتوبر 2011 http://www.lefigaro. fr/international/2011/10/01/01003-20111001ARTFIG00365-la-legalite-du-meurtre-d-al-awlaki-mise-en- question. php و Peter Finn, « Secret U. S. memo sanctioned killing of Aulaqi », (بيتر فين، «مذكرة سرية أمريكية تدين اغتيال العولقي») واشنطن بوست، 30 سبتمبر 2011، http://www.washingtonpost.com/world/national-security/aulaqi-killing-reignites-debate-on-limits-of-executive-power/2011/09/30/gIQAx1bUAL_story. html?hpid=z1 (تم تصفح الموقعين في 28 تموز/يوليو 2013)
170) Daniel Klaidman, Kill or Capture. The War on Terror and the Soul of the Obama Presidency, (دنيال كليدمن، اقتل أو اعتقل. الحرب على الإرهاب وروح رئاسة أوباما)، Houghton Mifflin Harcourt Publishing Company، 2013 (كتاب إلكتروني دون ترقيم)، الفصل 2: «عندما تكون اللعنة هي ابن لادن»
171) « Yémen : avant sa mort l’iman Aulaqi se déplaçait librement et apparaissait en public » (اليمن: قبل وفاته، كان الإمام العولقي يتنقل بحرية ويظهر للعموم)، لو باريزيان، 3 تشرين الأول/أكتوبر 2011، http://www.leparisien. fr/flash-actualite-monde/yemen-avant-sa-mort-l-iman-aulaqi-se-deplacait-librement-et-apparaissait-en-public-03-10-2011-1637578. php (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
172) « Yemen extremist group claims Banna alive » (مجموعة يمنية متطرفة تعلن أن البنا حي)، يمن بوست، 29 تشرين الأول/أكتوبر 2011،
http://www.yemenpost.net/Detail123456789. aspx?ID=3&SubID=4244&MainCat=3 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
173) Justin Elliott, « Have U. S. drones become a ‘Counterinsurgency Air Force’ for our allies ? » (جوستن إليوت، «هل أصبحت الطائرات بدون طيار الأمريكية «قوة جوية ضد التمرد» في خدمة حلفائنا ؟»)، برو بوبليكا، 27 نوفمبر 2012،http://www.propublica.org/article/have-u. s. -drones-become-a-counterinsurgency-air-force-for-our-allies (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
174) نقلا عن مكتب الصحافة الاستقصائية، م. ه، YEM 125 وانظر أيضا الملحق 8.
175) « AQAP eulogizes jihadist who fought in Iraq and was killed in US drone strike in Yemen » (بيل رودجيو، «القاعدة في الجزيرة العربية تنعي جهاديا كان يحارب في العراق وقتل في ضربة لطائرة أمريكية بدون طيار في اليمن») دي لونغ وور دجورنال، 22 يناير/كانون الثاني
2013،http://www.longwarjournal.org/archives/2013/01/aqap_eulogizes_jihad. php (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
176) نقلا عن مكتب الصحافة الاستقصائية، م. ه، YEM 40
177) حسب لوس أنجلوس تايمز، كذب مسؤولون أمريكيون الخبر الذي يدعي أن عبد المنعم الفتحاني كان مستهدفا بهذا الهجوم. انظر : David S. Cloud, « U. S. airstrikes kill 5 suspected militants in Yemen », (دفيد كلود، «ضربة جوية أمريكية تقتل 5 مناضلين مشتبه بهم في اليمن)، لوس أنجلوس تايمز، 1 فبراير 2012، http://articles. latimes.com/2012/feb/01/world/la-fg-yemen-drone-20120201 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
178) «مصدر أمني يؤكد مصرع القيادي في القاعدة خالد باتيس» http://marebpress.net/news_details. php?sid=47019 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
179) Daniel Öhman, Lotten Collin, « Innocent people are killed in US drone attacks », (دنيال أوهمان ولوتن كولين، «أناس أبرياء يقتلون في ضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار)، 23 مارس 2013، http://sverigesradio. se/sida/artikel. aspx?programid=83&artikel=5481640 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
7. الأحزاب والحركات السياسية اليمنية في مواجهة هجمات الطائرات بدون طيار
1.7 فسيفساء سياسية معقدة
هناك علاقة جدلية بين الأحزاب والقوى السياسية التي تشكل، على الأقل جزئيا، الإطار السياسي للمشهد السياسي اليمني، وتنعكس هذه العلاقة عبر المواقف التي تتخذها هذه القوى وهذه الأحزاب حول مختلف القضايا، خاصة تلك التي فرضت نفسها عقب اتحاد شطري اليمن سنة 1990. ففي تلك الفترة، تشكل تحالف حكومي ثلاثي بين الشركاء الجنوبيين والشماليين لكنه لم يصمد طويلا أمام تسلط النظام الجديد. وانعكس ذلك بسرعة عبر حرب اندلعت في 1994 بين الشطرين تولد عنها إقصاء الشريك الجنوبي (الحزب الاشتراكي) من المعادلة السياسية الوطنية.
لكن التوجه التسلطي للنظام تصاعد بعد الحرب مدعوما بانتصاره العسكري، مما ولد إقصاء الشريك الثالث (حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي)، وبدأت مرحلة سياسية تطبعها تغيرات ملحوظة في مواقف مختلفة الأحزاب وتحالفات جديدة بينها. فبدأ تقارب بين حزب الإصلاح والحزب الاشتراكي ثم تشكل في بداية هذا العقد تحالف المعارضة المسمى باللقاء المشترك الذي مكن من تنسيق تحرك مختلف مكوناته لمواجهة احتكار الحزب الحاكم الذي يتحكم فيه الرئيس صالح ووضع حداً للتخبط السياسي القائم.
وبالرغم من تشكيلته المتناقضة أحيانا سواء ثقافيا أو إيديولوجيا، تمكن الائتلاف السياسي الجديد المسمى باللقاء المشترك من اجتذاب أحزاب وطنية ويسارية أخرى مثل حزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمة الوحدوية الناصرية أو دينية ذات ولاء زيدي مثل حزب الحق أو اتحاد القوى الشعبية. ولعب هذا الائتلاف دورا هاما في الثورة السلمية لسنة 2011 وساهم في صياغة حل سياسي مع النظام السابق بإشراف مبادرة دول الخليج، كما تقاسم السلطة مع حزب المؤتمر الشعبي العام، الواجهة السياسية للنظام السابق، مما دفع بالشريك الجنوبي (الحزب الاشتراكي) إلى الابتعاد. وبقيت مواقف الأحزاب والحركات السياسية الأخرى من مسألة التدخل العسكري الأمريكي في اليمن، وخاصة حول الضربات الجوية الأمريكية، رهينة بالأحداث التي تقع في الساحة السياسية المحلية. لكن هناك عوامل أخرى تحدد مواقفها مثل تطور العلاقات بين دولتي اليمن والولايات المتحدة وكذا مستوى علاقاتها مع الشريك الأمريكي.
ويمكن التأكيد أن ردود أفعال مختلف الأحزاب على التدخل الأمريكي باليمن ترتبط عموما بمواقعها المختلفة على الخارطة السياسية وموقعها كشريك أو معارض للنظام، دون أي اعتبار آخر. فالأحزاب السياسية الكبرى ليس لها موقف واضح من المسألة خاصة ما يتعلق بغارات الطائرات بدون طيار، بعكس أحزاب التيارات الإسلامية، السلفية منها على وجه الخصوص، التي برزت عقب ثورات «الربيع العربي» والدمقرطة التي تلتها ورفضها القاطع لمجموع التدابير المتخذة في إطار الحرب على الإرهاب.
والملاحظ في هذا الإطار أن جميع ردود أفعال الأحزاب والحركات السياسية كانت متطابقة خلال أول ضربة لطائرة بدون طيار يوم 3 نوفمبر 2002 التي قتلت الحارثي و5 من مرافقيه في محافظة مأرب. فقد أدانت جميع أحزاب المعارضة بشدة هذه الغارة واعتبرتها إعداما خارج الإطار القضائي لكن موقفها تبدل كليا منذ أن أصبحت شريكة في السلطة رغم تزايد عدد الغارات حاليا. ففي ذلك الوقت، قامت أحزاب المعارضة مستغلة حرج النظام، بالإدانة الشديدة لهذه الهجمة التي «تنتهك سيادة بلد مستقل» ونسبت إليها عواقب إلغاء استقلال البلاد. لكن الحكومة بررت موقفها وأقصت جميع اتهامات وادعاءات المعارضة ثم تحولت إلى الهجوم فنسبت مسؤولية هذه الغارة إلى بعض الأفعال الإرهابية لحزب الإصلاح دون الإشارة إليه بالاسم.
ولم تتوقف قضية تصفية الحارثي عن تغذية مزايدات أحزاب المعارضة من جهة والسلطة من جهة أخرى إلى أن اندلعت المظاهرات الشعبية التي قادت إلى سقوط الرئيس السابق علي عبد الله صالح. بل إنها تحولت إلى شعار ثوري ساهم في إسقاط النظام. لكن هذه الأحزاب التي كانت تستغل القضية بكثافة ما لبثت فور إشراكها في السلطة أن توقفت عن ذكرها ملتزمة في ذلك بالبنود المنصوص عليها في مبادرة دول الخليج، والأدهى من ذلك أن حزب المؤتمر الشعبي العام عضو الائتلاف الحاكم هو الذي يتهم اليوم شركاءه بتبرير غارات الطائرات بدون طيار والدفاع عنها.
2.7 التموقع بعد «الربيع العربي»
تكشف القراءة المتأنية لمواقف أبرز الأحزاب السياسية اليمنية بعد الثورات الشعبية لسنتي 2011-2012 عن ازدواجية بل تناقض واضح مع مواقفها خلال العهد السابق. فحزب الإصلاح «الفرع اليمني للإخوان المسلمين» تبنى حينئذ موقفا متحفظا إن لم يكن مؤيدا للضربات الأمريكية. وبعض قادته، مثل عبد الرحمن بافضل، يطالبون علنا على قناة الجزيرة بتدخل عسكري أمريكي وفرنسي يخلص البلاد من القاعدة، متهمين النظام القديم بتمكين هذا التنظيم من التمركز في البلد ومده بالدعم بل إن بافضل أضاف أنه في حالة سقوط النظام «على اليمن أن يفتح عاما أو عامين للأمريكيين من أجل تصفية هؤلاء الإرهابيين نهائيا على الأرض اليمنية»180.
وتتفاوت المواقف الحالية لقادة حزب الإصلاح بين رفض محتشم للضربات الأمريكية والتخوف من فقدان الدعم الشعبي لهم. فهم يجتهدون للمحافظة على علاقات جيدة مع واشنطن مع تفادي إبداء تناقض واضح مع مبادئهم المتعلقة باحترام السيادة الوطنية. وبذلك يمكن تفسير تصريحات رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد اليدومي الذي دافع خلال برنامج للجزيرة بث في 13 أيلول/سبتمبر 2012 عن السياسة الأمريكية في اليمن مع انتقاد بعض مظاهرها. كما أكد أن علاقات حزبه بواشنطن تحسنت بعد الثورة.
ويعتبر اليدومي أن هجمات الطائرات الأمريكية باليمن هي مجرد أخطاء تافهة مقارنة بالجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لإخراج البلاد من أزمتها وتأمين استقرارها. كما حاول خلال هذا البرنامج أن يتفادى الإجابة عن سؤال حول التنسيق مع الأمريكان بخصوص العمليات السرية التي تقود إلى الضربات، مشيرا فقط إلى أن بعض المسؤولين الحكوميين يرفضونها. وأوضح أن نقاشا حدث مع المسؤولين الأمريكيين حول هذا الموضوع مشيرا إلى أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح هو الذي فتح لهم الأجواء اليمنية. وبرأيه فإن مصلحة الولايات المتحدة في اليمن تقتضي الحفاظ على وحدة البلد وتأمين استقراره بسبب المصالح الأمريكية والأوربية في الخليج 181.
ويفسر بعض المراقبين الموقف التصالحي لحزب الإصلاح تجاه التدخل الأمريكي في اليمن بحجم اتهامات الإرهاب التي يوجهها خصومه إليه منذ سنوات والتي يبدو أنها وجدت آذانا صاغية لدى الأمريكان فقد كان هؤلاء يشتبهون دائما في كون عبد المجيد الزنداني، أحد الشخصيات البارزة في الحزب، يساند الإرهاب.
أما الأحزاب الوطنية فلا تذكر بياناتهم خلال السنوات الأخيرة هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية، رغم أن موقفهم من هذا الشكل المستخدم لمحاربة الإرهاب واضح تماما. فمثلا أكد من جديد البيان الختامي للجنة المركزية للتنظيم الوحدوي الناصري في دورته 11 المنعقدة فيما بين 13 و 16 مارس2013 رفضها «أن تكون بلادنا ساحة للصراعات الإقليمية والدولية» و «رفضها وإدانتها لانتهاك السيادة الوطنية باستخدام طائرات بدون طيار وعمليات القتل خارج القانون»، مؤكداً على موقف التنظيم القائم على أن مكافحة الإرهاب «مسئولية أخلاقية ودينية ووطنية تقوم على أسس سليمة وحكيمة تؤدي إلى حلول ناجعة»182.
وفي تصريح مقتضب له عبر الأمين العام السابق للتنظيم الوحدوي الناصري عبد الملك المخلافي عن رفضه دخول قوات البحرية الأمريكية إلى اليمن، مذكرا بأن القبول بما يشبه الوصاية في السياسة بعد المبادرة الخليجية، كان ممهداً لقبول هذا التدخل العسكري الذي جاء من خلال الطائرات بدون طيار والآن من خلال قوات على الأرض، داعيا السلطة الانتقالية أن تدرك أن السيادة لا تتجزأ ولا تحتمل وجهات النظر أو التباين فيها ولا تحمل التبرير أو التجاهل عن جريمة وخطيئة في ممارساتها تجاه السيادة 183.
من جهته، انتقد بشدة الأمين العام المساعد للتنظيم الشعبي الوحدوي الناصري محمد الرداعي زيارة السفير الأمريكي جيرالد فايرشتن لزنجبار لمحافظة أبين بعد انتهاء احتلال المدينة من طرف مقاتلي أنصار الشريعة في يونيو 2012، معتبرا أن «هذه الزيارة تأتي في سياق التدخلات السافرة له في اليمن» مضيفا أن «السفير الأميركي في صنعاء يرى نفسه الآمر الناهي باليمن» 184.
ويبدو أن الأحزاب والقوى السياسية الزيدية، بمن فيهم الحوثيون شمال البلاد، هي التي تعارض بشدة السياسة الأمريكية في اليمن وذلك بغض النظر عن الأسباب السياسية. فهي تعتبر أن الضربات جزءاً من التدخل الأمريكي الذي يستهدف قبل كل شيء القوى والمنظمات المنخرطة في معسكر الهيمنة الأمريكية في المنطقة.
أما الحزب الاشتراكي اليمني، فلا يبدي موقفا معلنا واضحا من المسألة ولا يستند في موقفه إلا إلى اعتبارات سياسية وأمنية وليس قانونية. فقد أوضح أحد نشطاء هذا الحزب للكرامة أن مشكلة هجمات الطائرات بدون طيار هي من اختصاص الحكومة وأنها وحدها المخولة لتحديد ضرورة استخدام هذه الوسيلة في حربها على الإرهاب. وتظهر بيانات وتصريحات السنوات الأخيرة أن الحزب يتفادى ذكر الانتهاكات المقترفة خلال الحرب على الإرهاب واتخاذ موقف واضح بالقبول أو الرفض بينما كان هذا الحزب منخرطا بقوة في الملفات المتعلقة بالأمن والتدخل الأجنبي قبل 2011.
ففي ختام دورته العادية المنعقدة في حزيران/يونيو 2013، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي بيانا حافلا بالعموميات: مثل» التدخلات في الشؤون الداخلية لليمن وبما يضر بمصالحه ويؤدي إلى زعزعة أوضاعه الداخلية». وبينما لم تشر إلى مختلف الغارات الأمريكية، طالبت القوى السياسية اليمنية» بعدم الاستقواء بالقوى الخارجية في نشاطها السياسي وأن لا تكون أداة للتدخل الخارجي لأغراض غير مشروعة وغير قانونية، كما تدين اللجنة المركزية تهريب السلاح إلى اليمن أو توريده خارج القانون 185.
وفي مقابلة له مع صحيفة البيان نشر في 14 نيسان/أبريل 2012، عبر الأمين العام للحزب الاشتراكي ياسين سعيد نعمان، عن موقفه من الوجود المكثف للقاعدة في اليمن ومن الضربات الأمريكية قائلا: » المسألة ليست بالبساطة، بل على درجة كبيرة من الخطورة، وعلينا أن ننظر إليها من زاوية تأريخية أبرزها توظيف الإرهاب لأسباب مختلفة» 186، مضيفا أن « غياب الدولة من أماكن عدة، جعل المسلحين يحلون محلها، ما أعطى تلك القوى قدرا من الاعتقاد بأنها قادرة على التوسع، وعندما تتخلى أجهزة الأمن عن دورها في القبض على المشبوهين، فتلك عوامل تساعد على الانتشار».
كما يؤكد المسؤول الاشتراكي أن النظام القديم كان متواطئا مع هذه المجموعات، على الأقل في البداية، في محافظة أبين وذلك عبر انسحاب القوات الحكومية من بعض المناطق وتسليح بعض المجموعات في محافظة عدن مثلا وكما يقع الآن في محافظة حضرموت حيث تمتنع مصالح الأمن عن القبض على بعض المشبوهين.
ويضيف المسؤول الاشتراكي أن «الغموض والتسخير السياسي لهذا الوضع إضافة إلى غياب الدولة قاد إلى توسع المناطق التي تحتلها القاعدة ولذلك اقترحنا أن نتكفل أولا بالمناطق التي لا زالت الدولة موجودة فيها لاقتناعنا بأن المواطن حين يعاين غياب الدولة في منطقة معنية، فإنه يخضع للمجموعات المسلحة ولا يفعل شيئا لمقاومتها.
كما تساءل نعمان «هل هناك استراتيجية جادة لمواجهة القاعدة، والإرهاب، أم أن هناك استراتيجية من نوع آخر تقوم على عملية الاحتواء، والفرق كبير بين الاثنين، ولذلك اعتقد أن مسؤولية مواجهة الإرهاب مسؤولية وطنية، ولهذا فالاستراتيجية الوطنية لمواجهة الإرهاب، يجب ان لا تقوم على المواجهة العسكرية فقط. ولكن لابد ان تأخذ أشكالا وأبعادا ومضامين متعددة، وبدلا من أن تبقى قضية أمنية فقط يجب أن تتحول إلى قضية وطنية سياسية اقتصادية اجتماعية أمنية لكل الشركاء، وبين الأجنبي الذي يأتي إلى داخل البلد حاملا فكرة معينة تحت أي عناوين كانت، وإذا لم ينظر إليها من هذه الزاوية فإنها ستكون أكثر خطورة خلال الأيام القادمة».
وحول سؤال عن إمكانية أن تخلق الضربات الجوية الأمريكية تعاطفا شعبيا مع القاعدة، أجاب الأمين العام للحزب الاشتراكي بأن «الأمريكان إذا أرادوا أن يكونوا شركاء في هذا الموضوع فان عليهم ان ينصتوا للصوت اليمني فيما يتعلق بإيجاد استراتيجية متكاملة لهذه المسألة، لأنه في ظل غياب هذه الاستراتيجية، وفي ظل صمت الدولة اليمنية لن يكون هناك إلا منطق واحد، هو منطق الأمن والمواجهة العسكرية، لابد من استراتيجية يجري الاتفاق عليها بين كل القوى السياسية والاجتماعية والدولة باعتبارها قضية وطنية في المقام الأول»187.
3.7 وزارة حقوق الإنسان تدين ضربات الطائرات بدون طيار
منذ إنشائها ووزارة حقوق الإنسان هي الوكالة الحكومية التي تكفلت بمهمة الرد على التقارير الخاصة بالانتهاكات الحقوقية والدفاع عن حصيلة الحكومة اليمنية في هذا المجال. وعقب التغيير الحادث بعد الثورات الشعبية لسنة 2011، اعتبر مسؤولو الوزارة الذين التقى بهم وفد الكرامة خلال سنتي 2012 و2013 أن مسؤوليتهم ستكون مختلفة وأنهم لن يقبلوا أبدا بأن يكونوا مجرد أدوات تعمل على إعفاء المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية من المسؤولية.
فقبل أحداث الربيع العربي، كانت مهمة وزارة حقوق الإنسان تتلخص أساسا في الرد على «الادعاءات المتعلقة بانتهاكات الحقوق عبر البرهنة على زيفها أو مبالغاتهاـ ولذلك كانت تتستر على الاغتيالات المقترفة خلال ضربات الطائرات بدون طيار التي كانت الحكومة اليمنية قد اعتادت على نسبتها إلى قواتهاـ بل إنها حاولت إخفاء هذه الهجمات كلية، منكرة تزايد عددها منذ نهاية 2010، رغم إعلان وسائل الإعلام الأمريكية عنه. وكان اليمن قد أعلن بشكل قاطع عن غياب أية مشاركة أجنبية في محاربة القاعدة مصرحا أنها مسؤولية مصالح الأمن اليمنية وأكد من جديد قدرة هذه المصالح على القضاء على القاعدة و «أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الإرهاب من عمليات ناجحة في مواجهات القاعدة والعمل على اجتثاثهم من المناطق التي يتحصنون فيها قد أثبت قدرة وكفاءة قوات الأمن اليمنية ونجاحها في التصدي للعناصر الإرهابية ومكافحة الإرهاب»188.
ففي سياق ثورات ربيع 2011، تم تسجيل تطور معتبر لمواقف وزارة حقوق الإنسان اليمنية بحيث تبدو أكثر استقلالية تجاه إملاءات مصالح الأمن في البلاد. ففي تصريح لها نهاية يناير/كانون الثاني 2013، انتقدت الوزيرة اليمنية، السيدة حورية مشهور، استخدام الطائرات بدون طيار الأمريكية ضد أشخاص يشتبه في انتمائهم للقاعدة، لأن هذه الطريقة تثير غضب ساكنات المناطق المستهدفة، واقترحت التحرك على الأرض وتفادي الإضرار بالمدنيين.
وقد صرحت الوزيرة لرويترز خلال زيارة للإمارات المتحدة أن سقوط الضحايا الأبرياء يشكل انتهاكا صارخا، وهو انتقاد علني غريب للتحرك الأمريكي من طرف عضو في الحكومة اليمنية خاصة وأن الرئيس عبد ربه منصور هادي يبدو راضيا جدا عن الضربات الأمريكية. ورغم أنها لم تذكر الولايات المتحدة بالاسم ولا عدد الضحايا، فإنها عبرت عن إدانتها للطرق المستخدمة وترافعت لكي يحاكم كل شخص يشتبه في تورطه في «أنشطة إرهابية» من طرف محكمة طبقا لمعايير المحاكمة العادلة. لكنها مع ذلك لم تتطرق إلى المسؤولية الجنائية للحكومة اليمنية في هذه الهجمات غير الشرعية، مكتفية بالتذكير بأنها لا تطالب سوى بالعدل وتبني القوانين الدولية الخاصة بحقوق الإنسان واحترام الالتزام تجاه المواطنين اليمنيين الذي ينص على أن «من حق كل إنسان محاكمة عادلة»189. وتعبر تصريحات حورية مشهور التي تميزت خلال المظاهرات الشعبية التي قادت إلى سقوط الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن الإحساس بالانزعاج الذي يشعر به عدد متزايد من الشخصيات السياسية في البلد.
4.7 الموقف الحذر للبرلمان اليمني
بغض النظر عن لجنة التحقيق حول الهجوم الدامي على المعجلة نهاية 2009(الملحق 1)، لم يقم البرلمان اليمني لحد الآن بأي تحقيق حول الهجمات الجوية الأمريكية رغم أن العديد من النواب يثيرون المسألة خاصة عندما تحدث هذه الضربات ضحايا من بين المدنيين.
ففي أيلول/سبتمبر 2012، استدعت غرفة النواب وزير الداخلية عبد القادر قحطان وطلبت منه تفسيراً بشأن مصرع 12 شخصاً، منهم امرأة، خلال غارة طائرة بدون طيار استهدفت سيارة في منطقة رداع في محافظة البيضاء (الملحق 6). وخلال هذه الجلسة، طالب النواب الوزير بالتحقيق في هذه الوقائع ووضع حد للضربات الأمريكية التي تستهدف مدنيين أبرياء تحت مبرر محاربة القاعدة. ومن جهته، صرح نائب رئيس البرلمان، حميد الأحمر أنه تواصل مع وزير الداخلية والإدارة المحلية حول ملابسات الحادث والتدابير المتخذة في هذا الإطار وأن محافظ البيضاء فوض وفدا لحل المشكل مع أسر الضحايا طبقا للأعراف القبلية.
وخلال هذا النقاش في البرلمان، لخص نائب حزب المؤتمر الشعبي، نبيل الباشا، من جهته موقف الحكومة من الضربات الجوية الأمريكية بكل وضوح: «الأمريكان يقتلون والحكومة اليمنية تدفع فاتورة القتل ... الحكومة أصبحت تستقوي بالخارج على الداخل لأنها عاجزة وتتلقى التعليمات من سفراء”، مضيفا أن «أي قتل خارج إطار القانون محرم في كل الشرائع حتى لو كان ضد عناصر القاعدة» 190.
وبخصوص المواطنين المقتولين في رداع، صرح النائب محمد الحزمي من حزب الإصلاح أن الغارات الأمريكية تدعم موقف القاعدة وتولد ردود فعل سلبية، مضيفا أن «الرصاصة لا تقتل فكراً. . الذين طالبوا أمريكا بالتدخل لحقن دماء اليمنيين وليس لسفكها»، ودعا النائب عبدالكريم شيبان المجلس إلى اتخاذ موقف جاد إزاء التدخل العسكري الأمريكي قائلا: «إذا كانت الحكومة لم تحرك ساكنا فنحن في المجلس يجب ألا نسكت. . في باكستان قتل 13 شخصا بالخطأ فاعتذر أوباما رسميا» 191.
وفي أيار/مايو 2013، عقب موجة شديدة من الغضب والانتقادات عمت الساكنة اليمنية، طالب النواب وعلى رأسهم نائب رئيس البرلمان حِمْيَر الأحمر، رئيس الجمهورية بإعادة النظر في الاتفاقات الأمنية بين اليمن والولايات المتحدة، مع الرفض البات لهجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية.
وخلال دورة برلمانية، عبر نائب حزب المؤتمر العام، محسن البحر، عن معارضته التامة للطرق المنتهجة لمحاربة الإرهاب، مؤكدا أن « كل القوانين الدولة تحرم قتل أي شخص بدون محاكمة، مضيفاً بأنه ضد الإرهاب لكن الطائرات الأمريكية تضرب متهمين دون محاكمات» ووافق أعضاء البرلمان على مقترح رئيسه يحيى الراعي بإرسال مذكرة للحكومة تحملها مسؤولية انتهاك طائرات أمريكية بدون طيار للأجواء اليمنية 192.
وفي تصريح مماثل قال النائب في التجمع اليمني للإصلاح علي العنسي إن اليمنيين من القبائل واللجان الشعبية وقوات الجيش قادرون على ردع تنظيم القاعدة ومواجهته. وطالب بأن يتحمل الجيش لوحده مهمة محاربة القاعدة، وأن يتم دعمه بالمعدات والأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخبارية، موضحا «إن القضية حساسة ويجب أن تأخذ بعداً رسمياً وقانونياً، وأن نعتمد الشفافية في التعاطي مع قضية انتهاك الطائرات الأميركية لسيادة اليمن، ونحن نرفض الخروج على الدستور اليمني، ونرفض القتل خارج إطار القانون، مهما كانت المبرّرات»193.
5.7 مؤتمر الحوار الوطني يتبنى قرارا
كانت هجمات الطائرات بدون طيار في قلب هموم المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني. وعملت مجموعة العمل حول العدالة الانتقالية على صياغة قرار خاص بالاستراتيجية الوطنية الشاملة من أجل تبني قانون خاص بمحاربة «الإرهاب». فصادق الفريق على قرار يقضي «بتجريم القتل خارج نطاق القانون بما في ذلك ضربات الطائرة بدون طيار والصواريخ الموجهة والإعدامات خارج القضاء».
وحسب القواعد الإجرائية لمؤتمر الحوار، تتمتع الدورة الثانية العمومية بسلطة اتخاذ قرارات إلزامية في مرحلة أولى. وإذا تم التصويت على هذه القرارات، فإنها تصبح إجبارية بالنسبة للرئيس وللحكومة ويجب أن تعتبر كمادة للدستور الجديد أو للقوانين أو للتشريعات.
كما أوصت مجموعة العمل حول العدالة الانتقالية في تقريرها بـ «تجريم تقييد حرية المتهمين لفترات طويلة دون تقديمهم للقضاء». كما دعا إلى»إنصاف الأشخاص الموقوفين على أساس تهم الإرهاب والذين تمت تبرئتهم وإعادة الاعتبار لهم». وتدخل رئيس الفريق، عبد الباري دغيش خلال المؤتمر للتأكيد على أن هناك «توافقا من المؤتمر على إدانة ورفض هجمات الطائرات بدون طيار التي تهدد حياة المدنيين الأبرياء». كما أكد أن «مكافحة الإرهاب يجب ألا تكون محصورة في الجوانب الأمنية والعسكرية بل تفترض وجود استراتيجية وطنية تعرفها وتحدد طريقة معالجتها طبقا للقانون»، مضيفا «أننا نعمل على وضع أسس للقانون الدولي فما يتعلق بمشكل الإرهاب». وأعلن أن المجموعة اقترحت تعريفا للإرهاب بكونه «كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس بإيذائهم أو تعريض حياتهم وحريتهم وأمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق العامة أو الأملاك العامة والخاصة أو الاحتلال أو الاستيلاء عليها».
وألح تقرير مجموعة العمل حول العدالة الانتقالية على ضرورة التزام جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكذا جميع المشاركين في مؤتمر الحوار بإدانة الأعمال «الإرهابية» بجميع أشكالها وأصنافها وأسبابها وضرورة عدم منحها أية تبريرات دينية أو سياسية أو أية تبريرات أو علل أخرى، وألح على ضرورة تعويض الدولة وجبر كل ضحايا الأعمال «الإرهابية» وكذا الضحايا المدنيين والعسكريين للأخطاء المرتكبة في إطار محاربة «الإرهاب» في جميع محافظات الجمهورية وتخليد ذكراهم 194.
6.7 المجتمع المدني يحتج بقوة
بعد ردود الأفعال العديدة في اليمن، قام أكثر من 150 شخصية دينية وسياسية بنشر بيان في 14 يناير/كانون الثاني 2010 أدانوا فيه خطر التدخلات الأجنبية، بما فيها الهجمات الأمريكية، باعتبارها تشكل انتهاكا للسيادة الوطنية، كما عبروا عن رفضهم القاطع لإنشاء قواعد عسكرية على التراب اليمني أو المياه الإقليمية للبلاد وأوصوا بتجريم الاغتيالات المستهدفة. ثم أطلقوا إنذارا حول العواقب الأخلاقية والقانونية لكل اعتداء يستهدف أبرياء أو أي شخص في وضعية مماثلة.
كما حذر البيان من خطر المؤامرات التي تحاك ضد اليمن من طرف القوى الأجنبية التي تريد التدخل في الشؤون الأمنية والعسكرية والسياسية الداخلية لليمن. وأكد أن الذين يقدمون الوضع في اليمن على أنه يشكل تهديدا للأمن الإقليمي والدولي يسعون فقط إلى تدويل المسألة لإعاقة السلم والوحدة والاستقرار في اليمن والمساس بسيادته بمبررات تافهة ومغلوطة من أجل إعادة إنتاج ما وقع في العراق وأفغانستان وباكستان من غزو أمريكي 195.
وفي نفس السياق قامت مجموعة من الباحثين والشخصيات الدينية والوجهاء بإصدار نص نشر بتأريخ 19 أيلول/سبتمبر 2012 أكدوا فيه: «إدانة ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي والمساس بسيادة اليمن وأمنه واستقلاله باعتباره خيانة عظمى طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة». كما طالبوا الحكومة «بحماية الأجواء اليمنية والإيقاف الفوري لعملية القتل التي ينفذها سلاح الجو الأمريكي على الأراضي اليمنية والتي تنتهك الحق الإنساني في الحياة، وإجراء تحقيق فوري في تلك الجرائم وتعويض أسر الضحايا والمتضررين تعويضاً عادلا». وكذا بـ»توفير الحماية الأمنية للسفارات والقنصليات المعتمدة طبقاً للدستور والاتفاقيات الدولية» و»سرعة إخلاء الأراضي والمياه الإقليمية اليمنية من القوات الأجنبية ومنع بقائها تحت أية ذريعة كانت وتنفيذ قرار مجلس النواب في ذلك لأن بقاءها واستمرارها يخالف شريعتنا ودستورنا وقرار مجلس النواب والأعراف والقوانين الدولية ويجعلها قوات محتلة يجب مقاومتها»196.
وبتأريخ 7 فبراير 2013، نشرت هيئة علماء اليمن تصريحا حول مؤتمر الحوار الوطني والتطورات الأخيرة في البلد، جددت فيه الموقف المبدئي للشخصيات الدينية حول رفض كل وجود لقوات أجنبية على امتداد التراب الوطني، مؤكدة على: «حرمة دماء اليمنيين وكل معصوم الدم في أرض اليمن مستأمنين وغيرهم»، مذكرة الجميع بأنه «لا جريمة إلا بنص شرعي ولا عقوبة إلا بعد محاكمة شرعية عادلة». وأن ما تقوم به الطائرات بدون طيار من ضربات جوية هو «قتل بدون حق واعتداء على أرواح الأبرياء عمل خارج على القضاء اليمني وهذا مخالف لأحكام الشريعة وانتهاك للسيادة اليمنية»197.
ومنذ 2009، والساكنات تخرج بانتظام إلى الشوارع للتعبير عن غضبها حيال القنابل الأمريكية التي تقتل دون تمييز وكذا لإدانة حكومتهم التي تسمح بقتل مواطنيها. لكن هذه العشرات من المظاهرات لم تتمكن من تعديل موقف الحكومة، فبلغت حدة الغضب الشعبي من الهجمات الأمريكي التي تهم المدنيين ذروتها في بداية يناير/كانون الثاني2013 خلال المظاهرة الشعبية في ردع بمحافظة البيضاء التي تلقت العديد من ضربات الطائرات بدون طيار. وبهذه المناسبة، أعلن صحفيون من جنوب اليمن عن مقاطعتهم لدورة تكوينية ممولة من الأمريكان، تعبيرا منهم عن احتجاجهم على قصف مدنيين أبرياء في حضرموت 198.
ونظمت العديد من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية سلسلة من الخطوات ضد هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية، لكنها ظلت لحد الساعة محدودة. أما منظمة الكرامة فتفضل العمل على المستوى القانوني إذ ساهمت في إنشاء رابطة من عائلات ضحايا ضربات الطائرات بدون طيار في اليمن من أجل تنسيق جهودها لدفع السلطات اليمنية إلى حظر هذه الضربات من جهة ثم فتح تحقيقات حولها والمطالبة بمحاكمة المسؤولين عنها. كما ساهمت الكرامة بالتعاون مع شركاء محليين وخاصة منظمة هود في إعداد وتنسيق العديد من التحركات المحلية الكفيلة بالمساهمة في وضع حد لهذه الانتهاكات.
فمثلا شاركت منظمتنا في وقفة احتجاجية نظمها نشطاء حقوقيون في العاصمة صنعاء، يوم الاثنين 28 يناير/كانون الثاني 2013 أمام منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي، تحت شعار (كرامة وطن)، احتجاجاً على الغارات الأمريكية التي تنفذها طائرات أمريكية في اليمن، ضمن إجراءات الحرب على ما يسمى «الإرهاب». واحتشد العشرات من الناشطين وبعض أقارب ضحايا الغارات الأمريكية أمام مقر جامعة صنعاء في شارع الدائري، قبل أن ينطلقوا في مسيرة صامتة سيراً على الأقدام، وصولاً إلى شارع الستين حيث يقع مقر منزل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، رافعين لافتات تطالب بوقف الغارات الأمريكية ورفض ما وصفوه بـ»الوصاية الأجنبية»، كما رددوا هتافات تتهم الحكومة اليمنية بـ «التفريط في السيادة الوطنية والسماح للطيران الأمريكي بممارسة عمليات قتل المواطنين اليمنيين خارج إطار القانون» 199.
في نهاية شهر أبريل/نيسان 2013، نظمت مجموعة «نشطاء من أجل اليمن» وعدد من الحقوقيين وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية بصنعاء للمطالبة بإيقاف ضربات الطائرات بدون طيار التي تنفذها القوات الأميركية في مختلف المحافظات اليمنية ضد مدنيين بذريعة مكافحة القاعدة. وقال المنظمون للوقفة الاحتجاجية إن الهدف منها هو التعبير عن الرفض الكامل لانتهاك سيادة الأراضي والأجواء اليمنية، وأعربوا عن استغرابهم لصمت الجهات الحكومية إزاء ذلك. وأشاروا إلى أن مطالب الوقفة هي الرفض التام لانتهاكات التراب والأجواء اليمنية. كما عبروا عن اندهاشهم لصمت الهيئات الرسمية تجاه الوضعية 200.
ونظمت الكرامة (مكتب اليمن)، بالتعاون مع منظمات محلية، الأحد 21 يوليو/ تموز 2013، وقفة احتجاجية ومأدبة إفطار جماعي أمام السفارة الأمريكية بصنعاء، تضامناً مع معتقلي «غوانتانامو» المضربين عن الطعام منذ فبراير/ شباط 2013، وللمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار، وللتذكير بمعاناة الصحافي اليمني عبد الإله حيدر شائع المحتجز لإدانته لهذه الهجمات منذ ثلاث سنوات بموجب فيتو أمريكي يمنع إطلاق سراحه. وقد أطلق سراحه أخيراً في يوم 23 تموز/يوليو 2013 201.
وبعث أهالي ضحايا هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار رسالة مفتوحة إلى الشعب الأمريكي، طالبوه فيها بالضغط على الحكومة الأمريكية لوقف هذه الهجمات فوراً، ومحاسبة المسؤولين عنها، والبدء في معالجة آثارها، خاصة عبر الاعتذار لأسر الضحايا وتعويضهم معنوياً ومادياً كجزء من جبر الضرر، بحسب مقتضيات القوانين والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان 202.
يُعرّف فيليب ألسطون، المقرر الخاص السابق المعني بالإعدامات خارج القضاء والفورية والتعسفية لمنظمة الأمم المتحدة «الاغتيال المصوب» بكونه «الاستعمال الإداري والمقصود والحر للقوة المميتة من طرف فرد خاضع للقانون الدولي أي من طرف الدول أو عملائها الذين يتحركون تحت غطاء القانون أو من طرف مجموعة مسلحة منظمة في نزاع مسلح وموجه إلى شخص تم انتقاؤه بشكل منفرد ودون أن يكون خاضعا للحراسة البدنية للمعتدي»203.
أما المستشار القانوني للجنة الدولية للصليب الأحمر ومؤلف كتاب «الاغتيال المصوب حسب القانون الدولي» نيلز ميلزر، فيضيف عناصر أخرى إلى هذا التعريف موضحا أن «هذه القوة يجب أن تكون إدارية» وليست غير مبالية أو غير مقصودة» ومقصودة» وليست فقط إدارية» وحرة « على اعتبار أن وفاة الشخص المستهدف هو الهدف الأسمى للعملية، على عكس الحالة التي تكون فيها الوفاة، رغم كونها إدارية ومقصودة، مجرد نتيجة عارضة لعملية ذات هدف مغاير»204.
ومنذ عدة سنوات، والنقاش يدور حول مسألة الأسس القانونية التي تتيح الاغتيالات المستهدفة بواسطة الطائرات بدون طيار أو غيرها إذ لابد من التذكير بأن مفهوم الاغتيال المصوب ليس معرفا في القانون الدولي، فبعض الدول، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، تنفذ ضرباتها الأولى التي إن لم تتم إدانتها بشدة يمكن أن تقود إلى تعديلات هامة في القانون الدولي. ولذلك سيقوم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في إطار مكافحة الإرهاب والمقرر الخاص المعني بالإعدامات خارج القضاء والفورية والتعسفية بعرض تقرير حول ضربات الطائرات بدون طيار في عدة بلدان في غضون خريف 2013 وصياغة توصيات تتضمن ضرورة التحقيق في هذه الهجمات كتلك التي تسببت في وفاة العديد من المدنيين كما أنهما سيقومان بتفحص هذه الممارسة من خلال مبادئ القانون الدولي والمطالبة بتوضيحات في هذا الشأن.
وقد أنشأت الولايات المتحدة إطارا قانونيا جديدا لتبرير محاربة الإرهاب منذ اللحظة التي انخرطت فيها في الصراع الأفغاني الذي اعتبرته منظمة الأمم المتحدة «نزاعا مسلحا» ضد « عدو» منظم ومهيكل هو القاعدة. لكن فور تفكيك هذا التنظيم، نشأت مجموعات مستقلة لا زالت تزعم انتماءها إلى القاعدة التي لم يعد لها وجود كمنظمة مهيكلة لها قيادة مركزية تتحكم في كل هذه المجموعات. وكما سلف الذكر في الفصل 3. 4 تحاول الإدارة الأمريكية أن تعالج هذا المشكل عبر إنشائها لصنف «القوى الشريكة» الذي يثير انتقادات العديد من رجال القانون. يضاف إلى هذا الإشكال القانوني أن التنظيمات الجديدة (القاعدة في المغرب الإسلامي، القاعدة في الجزيرة العربية، بوكو حرام، شباب، ألخ) تتحرك داخل دول ليست الولايات المتحدة في حالة حرب ضدها وأنها في الغالب لا تهدد مصالح الولايات لمتحدة.
180) عبد الرحمن بافضل في تصريح صحافي لقناة الجزيرة، http://www.youtube.com/watch?v=tFOlaipI3jo
181) قناة الجزيرة، حصة بلا حدود مع محمد اليدومي رئيس حزب الإصلاح اليمني 13/09/2012، http://www.youtube.com/watch?v=sUp2mLhp8LE
182) الوحدوي نت، مركزية الناصري: الحوار الوطني فرصة تأريخية ومخرج وحيد للوصول بمشروع التغيير إلى بر الأمان، الوحدوي, 18 مارس 2013,
http://alwahdawi.net/news_details. php?lng=arabic&sid=9863
183) الوحدوي نت، المخلافي: على الحكومة أن تعتذر عن جريمة دخول المارينز إلى البلاد فسيادة الأوطان لا تتجزأ،، الوحدوي,، 19 سبتمبر 2012، http://www.alwahdawi.net/news_details. php?lng=arabic&sid=9289
184) عدن الغد، ناصريّو اليمن: زيارة السفير الأميركي إلى أبين تدخل سافر 23 يونيو 2012، http://adenalghad.net/news/13271/#. Ue9Cr237Z6g#ixzz2Zvg4IvgR
185) الإشتراكي نت، في بيانها الختامي لدورتها التاسعة، مركزية الاشتراكي: حل القضية الجنوبية هو التحدي الأبرز للمرحلة الانتقالية،9 يونيو 2013، , http://www.aleshteraki.net/news_details. php?sid=17965
186) البيان الإماراتية، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني د. ياسين سعيد نعمان لـ «البيان»: حصانة صالح مقابل ترك السلطة والعزل السياسي، , 14 نيسان/أبريل 2012،, http://www.albayan.ae/one-world/correspondents-suitcase/2012-04-14-1. 1630789
187) نفسه
188) اليمن يعلن رفضه اشتراك قوات أجنبية ويتحمل مسؤولية مكافحة الإرهاب - محمد القاضي), الرياض, 27 غشت 2010 http://www.alriyadh.com/2010/08/27/article554980. html
189) روترز،22 يناير/كانون الثاني 2013، وزيرة يمنية تطالب بعمليات برية ضد المتشددين بدلا من الغارات الجوية،
http://ara.reuters.com/article/idARACAE9B282D20130122?sp=true com/article/idARACAE9B282D20130122?sp=true
190) أخبار الآن، البرلمان يناقش قتل أمريكا للأبرياء اليمنيين ومحاولتي اغتيال ياسين وباذيب , 4 سبتمبر
2012 http://www.alkhabarnow.net/news/9345/2012/09/04/
191) نفسه.
192) رصد البرلمان، البرلمان يحمل الحكومة مسؤولية انتهاك طائرات أمريكية للأجواء اليمنية، 4 مايو2013،
http://www.ypwatch.org/news.php?go=show_news&id=557
193) نفسه.
194) 19 يونيو 2013،, حوار اليمن يوصي بتجريم هجمات الطائرات الأميركي
http://www.aljazeera.net/mob/c54c246c-3a58-42e6-8ebc-076c30f509ce/2934343b-839b-4d8e-a8f5-a1534a9bb5b6
195) مأرب برس، علماء اليمن يوجبون الجهاد ضد أي تدخل أجنبي والزنداني يتخوف من التواجد العسكري بخليج عدن، http://marebpress.net/news_details.php?lng=arabic&sid=21494 lng=arabic&sid=21494
196) منبر علماء اليمن، بيان علماء ومشايخ وأعيان اليمن بشأن الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وقضيتي التدخل الأجنبي والحوار الوطني، http://olamaa-yemen.net/main/articles. aspx?article_no=16096
197) عدن الغد، الزنداني يوجه انتقادات لمؤتمر الحوار الوطني في اليمن، http://adenalghad.net/news/38907/#. UfGdCm37Z6g#ixzz2a6D402xF
198) محمد الأحمدي: الغد نت، معلومات عن مفاوضات سرية بين الدولة و»القاعدة» للوصول إلى هدنة مؤقتة http://www.alghadyem.net/index. php?action=showDetails&id=6479
199) اليمن: الكرامة تشارك في مسيرة رمزية ووقفة احتجاجية رفضاً للهجمات الأمريكية، http://ar. alkarama.org/index. php?option=com_content&view=article&id=4580: 2013-01-30-09-33-49&catid=164: ak-com-yem&Itemid=140
200) العين أون لاين، احتجاجات يمنية ضد الانتهاكات الأمريكية للسيادة اليمنية ومطالبات شعبية لأوباما بوقف الغارات الجوية على اليمن،
http://alainonline.net/news_details. php?sid=6361
201) الكرامة : اليمن: إطلاق الصحافي شائع بعد 3 سنوات من الاحتجاز وسوء المعاملة
http://ar.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=4699
202) اليمن: الكرامة تشارك في تنظيم وقفة وإفطار جماعي أمام السفارة الأمريكية باليمن,
http://ar. alkarama.org/index. php?option=com_content&view=article&id=4698&catid=164&Itemid=140
203) Exécutions extrajudiciaires. Un dossier du centre de droit international de l’Université libre de Bruxelles، يونيو 2011، (الإعدامات خارج القضاء. ملف لمركز القانون الدولي بالجامعة الحرة لبروكسيل) http://executionsextrajudiciaires. wordpress.com (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
204) نفسه.
8. الاغتيالات المستهدفة حسب القانون الدولي
1.8 نزاع مسلح أم «دفاع عن النفس» أم «عملية إنفاذ القانون»؟
تتميز الحجج التي تستخدمها الجهات الرسمية في الولايات المتحدة بالغموض واختلاف المرجعيات التي تحيل إليها. فالنائب العام إريك هولدر الذي كان من المفترض في خطابه بتأريخ 5 مارس 2012 أمام الجامعة الشمالية الشرقية للقانون أن يوضح علنا الحجج القانونية التي تستند إليها الحرب على الإرهاب، زاد الأمر غموضا بنسبة أعلى من كل القادة السياسيين الأمريكيين ومستشاريهم القانونيين. فالجميع باختصار يزعم أن الولايات المتحدة في حالة حرب مع عدو لا ينبغي الاستهانة به: «لأن الولايات المتحدة منخرطة في نزاع مسلح، فإن بإمكاننا التحرك ضد الأعداء في إطار القانون الدولي». . . « والقانون الدولي يعترف بالحق الجوهري في الدفاع عن النفس على المستوى القومي» 205.
وهنا يبدو التناقض جليا: هل الولايات المتحدة في حالة حرب أم أنها في حالة الدفاع عن النفس؟ فهذا التمييز هام للغاية: ففي الحالة الأولى، يطبق القانون الخاص بالصراعات المسلحة بينما ينبغي الإحالة في الحالة الثانية إلى قواعد قانون الدفاع عن النفس «الذي يعني عملية إنفاذ القانون»، فحسب فيليب ألستون، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بالإعدامات خارج القضاء: «يتعلق الأمر بنظامين من القواعد مختلفين جذريا» 206.
أوضح ستيفن أفترغود، في تحليله للمذكرة207 التي وجهها قسم الأبحات بمجلس الشيوخ الأمريكي إلى أعضاء المجلس، والمتعلقة بقانونية عمليات القتل المستهدف للإرهابيين المزعومين، أن «ممارسة الولايات المتحدة الأمريكية لعمليات القتل المستهدف تطرح إشكالية قانونية معقدة، لأنها تندرج في العديد من المجالات القانونية التي تتداخل وتتراكب فيما بينها. فإذا كانت الولايات المتحدة في حرب مع الأشخاص المستهدفين فإنها تجد في «قانون النزاعات المسلحة» الإطار القانوني المناسب، إلا أن البعد عن ساحة الوغى يسمح بالطعن في هذا الطرح. وخارج نزاع مسلح يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تتصرف بموجب قوانين ذات صلة والمستقلة في نفس الآن والمتعلقة بـ»الدفاع الشرعي عن النفس». استعمال القوة المميتة في عمليات إنفاذ القانون تقترح وسيلة اخرى لتصور وتقييم الضربات المناهضة للإرهاب»208 .
وتُطْرَحُ مسألة استعمال القوة المميتة بشكل مختلف حسب المرجعية، إلا إن المسؤولين الأمريكيين يمتنعون عن التصريح بشكل واضح عن الأسس القانونية لممارستهم عمليات القتل المستهدف. ففي الحالة الأولى، يتم تقعيد الصلاحيات المخولة للجندي في ميدان المعركة وفي الثانية سلطات الشرطي الذي يقوم بدوريته: «فالأول يستطيع دون خشية من العقاب أن «يطلق النار من أجل القتل» على كل هدف عسكري مشروع بينما يمنع على الثاني أن يطلق النار إلا عند الضرورة القصوى وللرد فقط بشكل متناسب على تهديد واقع لا محالة» 209. وعليه فإنه يلزم كل عملية لإنفاذ القانون أن تحترم القانون الدولي لحقوق الانسان.
ورغم أن الولايات المتحدة ليست متورطة في «نزاع مسلح» مع اليمن فيبدو أنها تعتبر تدخلها في هذا البلد نوعا من «النزاع المسلح» بسبب وجود أفراد محتملين من القاعدة تصفهم «بالمقاتلين» والذين قد يشكلون تهديدا للأمن القومي للولايات المتحدة. فقد صرح جون برينن في مؤتمر بمركز وودروو ويلسن بعد سؤاله عن الاغتيالات المستهدفة التي ينفذها الأمريكيون عبر العالم قائلا: «في هذا النزاع المسلح، يشكل الأفراد الذين ينتمون إلى القاعدة أو إلى قوى شريكة أهدافا عسكرية مشروعة. ونحن نملك السلطة التي تخولنا استهدافهم بقوة قاتلة كما استهدفنا قادة أعداء خلال صراعات سابقة مثل القادة الألمان أو اليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية»210. وهو قياس ستقشعر له حتما جلود العديد من المعلقين. . .
واليمن بلد حليف لم تعلن الولايات المتحدة الحرب عليه. فإذا كانت هناك حرب قائمة، فإنها تشن عليه من طرف فاعل غير تابع رسميا لدولة معنية وبالتالي فالأمر يتعلق «بنزاع مسلح غير دولي» 211 يطبق عبره القانون الدولي الإنساني. لكن في الحالة الملموسة للتدخل العسكري الأمريكي فيما هو في الحقيقة صراع داخلي باليمن، ينبغي التساؤل هل هذا التعريف مناسب نظرا لكون بعض المقدمات الضرورية غير متوفرة مثل حدة العنف المواجه؟!. فالمجموعات المسلحة والقاعدة وأنصار الشريعة ومجموعات أخرى تحارب مؤسسات الدولة اليمنية وقواتها الأمنية وبنياتها التحتية والمواطنون الأمريكيون ومصالح أمريكا لم يستهدفوا منذ سنوات عديدة. ولذا لا يمكن أن يتعلق الأمر بمواجهة حادة بين القوات العسكرية الأمريكية والمتمردين اليمنيين. وكما فصلنا من قبل، تمت أعنف مواجهة عسكرية بين الجيش اليمني ومتمردي القاعدة وأنصار الشريعة ومجموعات أخرى فيما بين 2011و2012 وتم إخلاء المناطق التي كانت تسيطر عليها هذه الأخيرة منذ يونيو 2012، بحيث أصبحت خاضعة للجان الشعبية التي شكلتها ودعمتها الدولة. لكن الولايات المتحدة ظلت رغم ذلك تتحرك من 2009 إلى 2012 ولا زالت تنفذ اغتيالاتها المستهدفة. لذا أصبح من الصعب تحمل كونها تنخرط بنفسها كل هذه المدة في نزاع مسلح مع القاعدة أو أنصار الشريعة في اليمن.
فرغم أن هذا التدخل ليس في الواقع نزاعا مسلحا، إلا أنه نوع من «إنفاذ القانون» خارج المناطق العدائية النشطة مما يفرض عدم اللجوء إلى القوة المميتة إلا في حالة التهديد المباشر والحتمي، حيث يفرض القانون الدولي لحقوق الإنسان نفسه. فخلال أية عملية أمنية تهدف إلى تطبيق القانون يتعلق الأمر بالقبض على الشخص المشتبه به وتمكينه من تسليم نفسه وليس قتله في غياب أي تهديد من طرفه لحياة العناصر التي تزاول مهامها. غير أن استخدام القوة المسلحة الذي لا يمكن أن يكون إلا استثناءً سارياً في اليمن وبشكل غير متناسب من طرف الولايات المتحدة. وبما أن هذه الشروط غير متوفرة نظرا لعدم التزام الطائرة بدون طيار بها بما أنها لا يمكن أن تنذر الضحايا قبل قتلهم فالأمر يتعلق إذن بإعدام خارج القضاء وتكون الطائرة بدون طيار أفضل أداة لتطبيق مبدأ «القتل بدل الاعتقال» 212.
كما ينبغي التذكير بأن العديد من العمليات من تنفيذ السي أي إيه التي ليس عملاؤها سوى مدنيين. وبما أن التدخل الأمريكي في اليمن ينتمي إلى صنف النزاع المسلح فإنهم يقعون تحت طائلة المتابعة باقتراف جرائم حرب.
2.8 المبادئ الأساسية للنزاع المسلح ليست محترمة
على افتراض أن الأمر يتعلق فعلا بنزاع مسلح تنخرط فيه المؤسسات الأمريكية ويقع تحت طائلة القانون الدولي الإنساني، فإن هذه الأخيرة ملزمة باحترام عدد من المبادئ وأولها الضرورة العسكرية ومناسبة الوسائل المستخدمة والإنسانية والتمييز بين المقاتلين والمدنيين. لكن كل هذه القواعد يتم انتهاكها بشكل ممنهج ولا بد من التذكير بأن أول هجمة لطائرة أمريكية بدون طيار وقعت سنة 2002 تلتها غارات أخرى ابتداء من 2009 بينما لم يكن هناك في ذلك التأريخ صراع داخلي بين دولة اليمن والقاعدة. وجاءت هذه الغارات ردا على عملية البارجة الحربية يو إس كول سنة 2000. وكانت الغارة الأكثر دموية هي تلك التي استهدفت المعجلة في 17 ديسمبر 2009 حيث سقط أكثر من 50 مدنياً (الملحق 1). ومن المؤكد أنه لم تكن في هذه الحالة أية ضرورة للتدخل عسكريا إذ كان من السهل القبض على الشخص المطلوب. كما أن الوسائل المستعملة لم تكن مناسبة البتة إذ تم إطلاق صواريخ تحمل قنابل انشطارية من بارجة حربية ولا زالت هذه القنابل تقتل المدنيين بعد مرور عدة سنوات على الغارة.
لكن الأمر لا يتعلق هنا باستثناء فقد عرضنا في التقرير الحالي حالات عديدة لاغتيالات استهدفت أشخاصا كان يمكن اعتقالهم بسهولة. وكانت الآليات خاصة الدراجات النارية التي تقل المشتبه بهم في متناول الجيش اليمني الذي كان يستطيع بكل سهولة إيقافها واعتقال ركابها.
فبتأريخ 7 نوفمبر 2012، تم اغتيال عدنان القاضي وأحد مرافقيه بواسطة قذيفة أطلقتها طائرة بدون طيار بقرية السرن قرب سنحان، على بعد أقل من 40 كلم من العاصمة صنعاء. وكان القاضي باعتباره مقدما سابقا في الجيش يقبض مرتبه كمتقاعد إلى حين اغتياله مما يعني أن السلطات كانت تعتبر وضعه قانونيا لا غبار عليه. كما كان متهما بالتورط في العملية التي استهدفت السفارة الأمريكية سنة 2008 وتمت إدانته بأربع سنوات سجنا قبل أن يطلق سراحه بفعل ضغوط من مسؤولين عسكريين وقبليين. وكان يعيش بحرية في مسقط رأسه حيث كان يمكن اعتقاله في أية لحظة. ويزعم بعض المسؤولين اليمنيين أن هذه الضربة أذن بها شخصيا الرئيس هادي مبررا ذلك بأن أية محاولة للقبض على القاضي كانت ستسقط ضحايا عديدين. لكن السؤال يظل قائما: لماذا تتم محاولة اغتياله إذا كان نفس المسؤولين يؤكدون عدم توجيه أية تهمة إليه وأنه لا يشكل أي تهديد للولايات المتحدة213 ؟
إضافة إلى ما سبق، هناك مبدأ آخر يتم انتهاكه بشكل ممنهج هو مبدأ «التمييز». فنيلز ميلزر يفسر في دراسة نشرها الصليب الأحمر الدولي الإنساني صعوبة وضع مفاهيم قانونية فعالة بالنظر للقانون الدولي الإنساني تمكن من التمييز بين مختلف الأطراف المنخرطة أو غير المنخرطة في نزاع مسلح غير دولي: «استنادا إلى مبدأ التمييز في الصراعات المسلحة غير الدولية، فإن كل الأشخاص الذين ليسوا أفرادا في القوات المسلحة لدولة ما أو لمجموعات مسلحة منظمة تابعة لطرف في صراع معين هم أشخاص مدنيون لهم إذن الحق في الحماية من الهجمات المباشرة إلا إذا شاركوا مباشرة في الاعتداءات وخلال مدة هذه المشاركة 214.
ففي القانون الدولي الإنساني، إن المدني، أي من ليس عضوا في القوات المسلحة أو الميليشيات المسلحة التابعة للدولة، لا يمكن أن يكون هدفا مشروعا إلا إذا كان مشاركا بطريقة مباشرة في العمليات العدائية وطوال فترة مشاركته فقط. لكن معظم الضربات لم تنفذ خلال اندلاع أفعال عدائية بين المجموعات المسلحة والولايات المتحدة.
وفي كل نزاع مسلح، لابد من بذل كل الجهود للحفاظ على المدنيين. لكن العديد من الضربات تمت في أحياء أو ضد آليات تسير داخل بلدات يرتفع فيها احتمال إصابة مدنيين خاصة الأطفال، كما وقع في الشحر (حضرموت) يوم 24 كانون الأول/ديسمبر 2012 عندما سقط 4 رجال قتلى في غارة شنت عليهم. فقد كانوا موجودين قرب ملعب كان فيه العديد من الأطفال الذين أصيب الكثير منهم بحالات هلع شديدة مثل حمزة حسين سعيد بن دحمان ذي 12 سنة والذي أصبح معاقا بفعل الهجوم (الملحق 7).
وبتأريخ 10 يونيو 2011، استهدفت ضربة منزل نادر الشدادي الذي يقدم باعتباره قائدا محليا لأنصار الشريعة في قرية الراية (محافظة أبين) بينما كان غائبا فقتل أبوه وأمه وأخته215 بينما أصيبت ابنة أخته بإعاقة دائمة وقتلت أيضا فتاة عمرها 11 سنة، هي مطيعة أحمد حيدرة، بينما كانت تغادر منزل الشدادي.
وقد ذكرنا هجوم 2 سبتمبر 2012 برداع الذي كان من المفترض أن يستهدف عبد الرؤوف الذهب لكنه أصاب آلية وأردى قتلى 12 شخصاً لم تكن لهم أية علاقة بالمجموعات المسلحة بل كانوا عائدين من سوق رداع إلى قريتهم (الملحق 6).
وخلال الهجوم على رداع، نفذت غارات نسبت إلى الجيش اليمني بينما كانت في الواقع من فعل طائرات بدون طيار أمريكية وأوقعت العديد من القتلى الذين لم يتم التعرف عليهم ولم تثبت في حقهم الأفعال المنسوبة إليهم والذين قدموا مع ذلك على أنهم إرهابيون ومقاتلون لأنصار الشريعة أو القاعدة. كذلك الشأن بالنسبة لما وقع يوم 14 تموز/يوليو 2011 في مودية بمحافظة أبين. فحسب موظفين محليين اتصلت بهم وكالة الأنباء الفرنسية، كانت الغارة من تنفيذ الأمريكان لأن الطائرات اليمنية غير مجهزة للقيام بالقصف ليلا. كما علمت السي. إن. إن من مصدر رسمي أن أكثر من 50 شخصاً قتل وأوضح نفس الموظفين أن عدد الضحايا كان بهذا الحجم لكون المقاتلين كانوا يعيشون مع أسرهم في الأماكن التي تم قصفها 216.
لكن الإدارة الأمريكية لا تقدم مع ذلك تعريفا واضحا للأشخاص الذين تعتبر أن عليها استهدافهم وتترك الغموض سائدا: فهل يتعلق الأمر بتصفية أشخاص محددين ومعروفين ثبت قيامهم بأفعال إرهابية أو مقاتلين؟ فمختلف المصالح الأمريكية و قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأمريكية والسي آي إيه تستند إلى لوائح القتل التي من المفترض ألا تتضمن إلا قادة المنظمات المصنفة ضمن التنظيمات الإرهابية وتزعم أنها لا تستهدف سوى أشخاصا محددين. لكنها في الواقع حسب اعتراف بعض المسؤولين الأمريكيين 217 أنفسهم، لا تعرف من قتل منهم وفي معظم الحالات التي رأينا من قبل، لا يتعلق الأمر بقادة في القاعدة. فالأشخاص الذين يسقطون خلال الضربات الجوية تنطمس غالبا معالمهم مما يجعل التعرف عليهم مستحيلا. فكيف يمكن للإدارة الأمريكية في هذه الحالة التأكيد علنا على أنها قضت على قادة في القاعدة رغم تبين كذب نبأ وفاة أحدهم عدة مرات؟.
من جهة أخرى، نعلم أن المصالح الأمريكية تقوم بالضربات الموقعة مما يطرح إشكالا على مستوى مبدأ التمييز. فالأمريكان يستهدفون أفرادا ذوي سلوك يثير الشبهة أو لأنهم يوجدون في مكان مشبوه «قرب مخزن للأسلحة أو حاجز لمجموعة مسلحة مثلا»، دون التأكد من أنهم فعلا مقاتلون. وبالإضافة إلى كونها إعدامات خارج القضاء، فإن هذه الممارسة تخل تماما بإحصاء المدنيين أو المقاتلين المغتالين. فعندما يكون قائد مجموعة مسلحة محددة داخل آلية معينة رفقة أربعة رجال، كيف يمكن معرفة هل هم أيضا مقاتلون؟ ومع ذلك، يتم اعتبارهم مشبوهين وإحصاؤهم ضمن المقاتلين. ففي الهجوم على خولان في 23 يناير/كانون الثاني 2013 (انظر أعلاه) قصفت سيارة تقل 8 ركاب بصاروخين من صنف هيلفاير أطلقتهما طائرة بدون طيار وكانت الغارة تستهدف بصفة خاصة ربيع حمود لاهب الذي كان مطلوبا للسلطات اليمنية وكان يقدم على أنه عضو في القاعدة. ومن بين المصابين كان هناك مدنيان لا علاقة لهما بالمجموعات المسلحة وكانا يقودان السيارة بعد أن طلب منهما لاهب وأصحابه نقلهم إلى قرية مجاورة وتم التعرف على لاهب وعلي سعد باعتبارهما الشخصان المستهدفان بهذه الغارة (الملحق 9).
ورغم أن الإدارة الأمريكية تحاول أن تقلل علانية من عدد المدنيين المقتولين فقد قرأنا كيف تم اعتبار كل رجل بلغ سن حمل السلاح مقاتلا 218 و كل الرجال الذين لم يتم تصنيفهم ضمن المدنيين هم أيضا مقاتلون وكذا كل الرجال الذين يوجدون في دائرة الغارة. ويتساءل الأستاذ دابو أكاندي الذي يدير في جامعة أكسوفرد معهد الأخلاق والقانون والصراعات المسلحة قائلا: «إذا كانت السياسة الأمريكية تعتبر كل الذين يعيشون مع المحاربين أو يساعدونهم هم بالضرورة أيضا محاربون فهذه النظرية ستكون مشكلة إذا تم تطبيقها على المحاربين الأمريكيين أنفسهم أو على عملائهم» 219.
ويطرح مشكل التمييز أثناء الغارات على المنازل السكنية وكذا خلال «الغارات المزدوجة». فبعد القصف، تقوم الساكنة المدنية بإسعاف الناجين، لكن يحدث أن تتم غارة ثانية بعد بضعة دقائق. ففي حالة هجوم 15 أيار/مايو 2012 بجعار، سقط العدد الأكبر من القتلى بفعل الغارة الثانية التي تلت الأولى بعد بضعة دقائق (الملحق 4) لا بفعل تلك التي استهدفت الأشخاص المطلوبين، أي أن الغارة الثانية كانت تستهدف تصفية الجرحى وكذا إرهاب الساكنة لمنعها من إسعاف الناجين. وخلال الاغتيال المصوب الذي تم في وصاب يوم 17 نيسان/أبريل 2013، لم يتمكن أحد من إغاثة أحد الناجين لأن إحدى الطائرات كانت تحلق فوق الحشد الذي كان يحاول إسعافه. فقد حكى أحد الشهود للكرامة ما يلي: «رأينا السيارة تشتعل وسمعت غازي، أحد الركاب، يصيح. نزلت على الدراجة لإسعافه بعد أن قذف بضعة أمتار بعيدا. لكن ما إن اقتربت حتى هبطت الطائرة على ارتفاع منخفض وأطلقت إشارات ضوئية حمراء على الأرض، كما لو أنها تشير إلى موقع لإطلاق قنبلة. كان الأشخاص أمامي يصيحون: «الطائرة تنزل الهرب يا سليم». غادرت المكان والتحقت بالحشد أمامي. كان الناس متجمدين من الذعر لرؤيتهم الطائرة التي كانت تحلق فوقهم على ارتفاع منخفض. لازلت أتذكر صيحات غازي وهو يتوسل إلينا لكننا كنا عاجزين عن إسعافه. وانتظرنا ثلاث ساعات أن تختفي الطائرة قبل أن نتمكن من إسعاف غازي». عبثا، فقد لقي حتفه (الملحق10).
3.8 هل التدخل الأمريكي دفاع عن النفس؟
تدعي الولايات المتحدة أن الحرب التي تشنها على القاعدة والمجموعات التي تصفها بالارهابية ضرورة للدفاع عن النفس، وتحيل لذلك إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس جماعيا أو فرديا في حالة حدوث عدوان مسلح. ويعبر المقرر الخاص السابق المعني بالإعدامات خارج القضاء، فيليب ألستون، عن تحفظاته القوية حول الإحالة إلى الميثاق «لكن حتى إذا تبين أن المادة 51 لم تعوض القانون العرفي، فلن توجد في الواقع سوى حالات نادرة جدا يكون فيها فاعل غير دولي لا تلزم أنشطته أية دولة، قادرا على القيام بهجوم مسلح يمكن أن يمنح الحق في استخدام قوة خارجية» 220.
ويتجلى أحد شروط اللجوء إلى الحق في الدفاع عن النفس في كون خطر الهجوم المسلح مباشرا وحتميا. لكن لا يوجد في اليمن أي تهديد ‘مباشر’ و’حتمي’ للولايات المتحدة من طرف مجموعات مسلحة في حالة صراع مع السلطة المركزية يبرر تدخلها العسكري. فبعد أكثر من عشر سنوات على اعتداءات 11 سبتمبر، مازال استدلال الإدارة الأمريكية يتأسس على المبدأ القائل بأن كل عمل إرهابي يمكن نسبته من قريب أو بعيد إلى شبكة القاعدة ينتمي إلى حملة العنف التي انطلقت في ذلك التأريخ 221.
وبالتالي فإن هذا العنف يشكل موضوع عدوان مسلح كما تحدده المادة 51 من الميثاق. وأمام هذه الوضعية التهديدية التي تعتبر دائمة، تسمح الولايات المتحدة لنفسها بالحق الدائم في الدفاع عن النفس مما يسمح لها أيضا بعدم تحديد موقع التهديد ومنح نفسها الحق في الهجوم المسلح على أي مكان في العالم. لكن لا يمكن لهذا المنطق أن يبرر بسهولة ممارسة الاغتيالات المستهدفة عبر الطائرات بدون طيار التي لا تشكل كما تدل على ذلك العديد من حالات الهجوم التي ذكرنا، رد فعل على اعتداء مباشر وحتمي. وعلاوة على ذلك، وكما أكده الحكم222 الصادر عن محكمة العدل الدولية، فإن استخدام الدفاع عن النفس لا يمكن الاحتجاج به ضد الفاعل من غير الدول.
إن تصور الدفاع عن النفس يعرف توسيعا آخر جديرا بالانتقاد يقوم على كون الدول التي تتدخل فيها الولايات المتحدة لا تريد أو لا تستطيع محاربة الإرهاب، مما يضطرها، أي الولايات المتحدة، إلى التحرك مباشرة. لكن هذا المبرر يطرح مشكلا سياسيا وقانونيا: هل يشكل التدخل الأمريكي فوق التراب اليمني انتهاكا لسيادة الدولة؟ إننا لا ندري هل تم إبرام اتفاقات عسكرية ثنائية بين الدولتين، وفي هذه الحالة، ما هي بنود هذه الاتفاقات؟ لكن يبدو من خلال بعض التسريبات أو الأقوال المنقولة على لسان بعض الشخصيات السياسية أن هناك تعاونا وثيقا ينمو بين البلدين. لكن هل يبلغ هذا التعاون إلى حدود تنظيمهما معا عمليات قصف جنوب البلاد؟ وهل تسمح هذه الاتفاقات إذا كانت بينهما بالاغتيالات المستهدفة؟ فكما يشير فيليب ألستون «لكن بينما يمكن اللجوء إلى استعمال القوة إذا قبل الطرفان، لا يعفي ذلك أيا من الدولتين المعنيتين من القيام بالتزاماتهما طبقا للقانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني باستخدام القوة المميتة ضد شخص معين»223.
وفي غياب الاتفاقيات العسكرية الثنائية، ما هي المعايير التي تمكن من القول بأن اليمن لا يملك الإرادة أو القدرة على محاربة الإرهاب في بلده؟ أليست منظمة الأمم المتحدة هي المخولة بالحسم في مثل هذه القضايا ذات العواقب الخطيرة بالنسبة للساكنات المدنية؟
4.8 الاغتيالات المستهدفة حسب القانون الدولي لحقوق الإنسان
مهما كان السياق الذي يجري فيه التدخل العسكري الأمريكي (وضع النزاع المسلح أو الدفاع عن النفس) فإن الجيش الأمريكي والسي أي أيه يستخدمان طائرات بدون طيار وطائرات عسكرية أخرى أو بارجات حربية من أجل اقتراف اغتيالات مصوبة يجب اعتبارها وتوصيفها كإعدامات خارج القضاء. فبالنظر للقانون الدولي المتعلق بحقوق الإنسان يتم انتهاك العديد من الحقوق بفعل هذه الإعدامات خاصة؛ أولها المتعلق بالحق في الحياة. فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينص بوضوح في مادته 6 على أنه «لا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا».
كما تدعو الملاحظة العامة 6 للجنة حقوق الإنسان جميع الدول إلى التقنين والحد من الحالات التي يمكن فيها حرمان شخص معين من الحياة من طرف السلطات وتؤكد هذه الملاحظة العامة على أن الحق في الحياة لا يمكن تأويله بشكل مفرط في التحديد، موضحة أن «على الدول واجبا أسمى يتمثل في منع الحروب، وأعمال القتل وأعمال العنف الجماعي الأخرى التي تسبب خسائر في الأرواح بصورة تعسفية».
وفي حالة المدنيين الذين يتم قتلهم خلال التدخلات الأمريكية يبدو انتهاك الحق في الحياة بكل وضوح ولا يمكن لأي سياق أن يبرر إعدامهم خارج القضاء. فقد قمنا بتوثيق حوالي عشرة من الهجمات التي سقط فيها مدنيون أو أصيبوا بجروح بليغة وتم التعرف على معظمهم بالاسم بحيث لم يعد هناك شك في وضعهم كمدنيين.
كما لا يمكن تبرير الاغتيال المصوب للمشتبه بهم، سواء اعتبروا قادة في القاعدة أو مجرد مقاتلين بالظروف (وضع النزاع المسلح أو الدفاع عن النفس) المحيطة بالهجوم. فالولايات المتحدة لم تكن خاضعة لأي «تهديد حتمي»، كونه يعتبر شرطا يتيح الحق في الدفاع عن النفس والأفراد الذين اغتيلوا لم يكونوا متورطين في أية أعمال عدوانية ضدها، بحيث كان الجنود خلالها مضطرين للدفاع عن أنفسهم والاغتيالات المستهدفة لم تتم خلال هجوم مباشر وحتمي للمجموعات المسلحة. علما أن المشتبه بهم كانوا مطاردين من طرف طائرات بدون طيار استهدفتهم ثم اغتالتهم. وفي حالات أخرى، سقط مدنيون بينما كانوا رفقة أشخاص آخرين مشتبه بهم خضعوا هم أيضا للمراقبة قبل استهدافهم. وفي جميع الحالات لا يمكن القبول بالتبرير الذي قدم لوفاتهم الناجمة عن إعدامات خارج القضاء.
كما أن هناك حقا أساسيا آخر يؤكد عليه العهد ويتم انتهاكه خلال الإعدام خارج القضاء هو الحق في الدفاع والخضوع لمحاكمة عادلة كما تنص على ذلك المادة 14 فكل المشبوهين المغتالين لم يواجهوا بالتهم الموجهة إليهم والتي ظلت غير معروفة لحد الآن ولم يتم الاستماع إلى قضيتهم خلال محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ومحايدة. وعلى افتراض أن السلطات اليمنية قامت بتجميع تهم ضد بعض المشبوهين المقتولين. فقد كان لزاما عليها أن تلقي القبض عليهم لتقديمهم أمام عدالة بلدانهم. أما الأمريكان فلم يشرعوا في أية مسطرة قضائية ضد الأشخاص المستهدفين سواء تعلق الأمر بمواطنين يمنيين أو أمريكيين. ويظل المثال الأبرز في هذا السياق هو أنور العولقي الذي كان منذ 2010 مدرجا في إحدى قوائم القتل لديهم وكذا المواطنين الأربعة الآخرين الذين قتلوا في غارات للطائرات بدون طيار.
وأخيرا، فإن الفقه في تطبيق الالتزامات المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية خارج الحدود الإقليمية يتطلب من الولايات المتحدة احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهذا يشمل طبعا أية عملية في اليمن224.
5.8 الإعدام خارج نطاق القانون لمواطنين أمريكيين
عندما أعلنت وسائل الإعلام في شهر نيسان/أبريل 2010 أن أنور العولقي المواطن اليمني الأمريكي كان ضمن لائحة الأشخاص المستهدفين من طرف الـ (C.I.A) 225، لجأ أبوه ناصر العولقي، إلى المحكمة الفدرالية لدائرة كولومبيا لأن اغتيال مواطن أمريكي دون أية مسطرة قضائية يشكل انتهاكا للدستور الأمريكي. لكن الشكاية رفضت بعد أن أكد القاضي أن والده لا يملك الأهلية للتحدث باسم ابنه وأنه لا يملك السلطة القانونية لمنع قرار سياسي اتخذته السلطة التنفيذية في إطار نزاع مسلح رغم أنه اعترف بأن القضية تثير أسئلة دستورية خطيرة»226.
وبعد عدة محاولات اغتيال فاشلة، تم أخيرا قتل أنور العولقي بوساطة طائرة بدون طيار يوم 30 سبتمبر/أيلول 2011، وهنأ الرئيس أوباما نفسه علنا بهذا الاغتيال. وكشفت صحيفة نيويورك تايمز بعيد وفاته أن وزارة العدل كانت قد قامت في أغسطس/ آب 2010 بتحرير مذكرة تبرر حق الإدارة في قتله227 رغم أنه لم يدن رسميا بأية جريمة. وقد كان يوم مقتله رفقة ثلاثة رجال آخرين ضمنهم سمير خان، مدير نشرة، ذو جنسية أمريكية أيضا، وبعد أسبوعين قتلت قذائف لطائرة بدون طيار ابن أنور، عبد الرحمن العولقي، المواطن الأمريكي ذو الستة عشرة سنة.
وينبغي التذكير هنا بأن حكومة الولايات المتحدة لم تعرف بالاغتيال المصوب لأربعة مواطنين أمريكيين في اليمن وباكستان إلا في أيار/مايو 2013، رغم كونهم في الواقع خمسة، لكن لحد الساعة تم تصنيف مذكرة وزارة العدل التي بررت قانونيا إعدام أنور العولقي كـ «سر دفاعي». ومع ذلك، ذكرت بعض التسريبات أن هناك سببين رئيسيين قد يكونا خلف القرار: أن العولقي قد يكون شارك في أعمال إرهابية ومؤامرة تهدف إلى تفجير طائرة سنة 2009، وهو ما يستجيب لشرط « التهديد الحتمي» كما أنه قد يكون أيد القاعدة في صراعها المسلح ضد الولايات المتحدة وأنه أخيرا كان يستحيل تقريبا اعتقاله وتقديمه للعدالة 228.
وقد قدم مركز الحقوق الدستورية CCR والاتحاد الأمريكي للحريات المدنية بتأريخ 18 تموز/يوليو 2012 شكاية باسم العولقي، والد أنور وجد عبد الرحمن، وسارة خان، أم سمير خان، ضد كاتب الدولة في الدفاع ليون بانيتا ومدير الـ (C.I.A) دفيد بيتروس والأميرال وليم ماك رافنز، قائد العمليات الخاصة للولايات المتحدة والجنرال جوزيف فوتل، قائد العمليات الخاصة بين الجيوش229، متهمين لهم بخرق الدستور والحق الأساسي في الحياة الذي ينص عليه القانون الدولي وذلك بسماحهم وأمرهم وتنفيذهم لغارات الطائرات بدون طيار التي قتلت الثلاثة المذكورين.
وبتأريخ 18 تموز/يوليو 2013، احتجت بشدة القاضية الاتحادية لولاية كولومبيا، روزماري كولير، على تأكيد إدارة أوباما أن المحاكم ليست مخولة لمحاكمة الاغتيالات المستهدفة التي تنفذها طائرات بدون طيار ضد مواطنين أمريكيين في الخارج. وكانت الحكومة قد طلبت رفض الشكاية انطلاقا من كون القرارات الخاصة بالاغتيالات المستهدفة يجب أن تكون محصورة في الفروع «السياسية» للحكومة والسلطة القضائية كما أن مثل هذه الإجراءات القضائية في حق مسؤولين سامين للأمن القومي قد تكون سابقة230 تؤسس لما بعدها. وعبرت القاضية عن دهشتها أمام «تأكيد الحكومة أن بإمكانها قتل مواطنين أمريكيين تم اعتبارهم خطرين»، دون تدخل من المحاكم لتفحص هذا القرار. وبما أن جلسة أخرى كانت قد حددت، فقد بقيت القضية عالقة في آب /أغسطس 2013 ويبقى أن الاحتمال وارد بأن يسحب الملف من يد السيدة كولير.
205) Department of Justice, Attorney General Eric Holder Speaks at Northwestern University School of Law, (وزارة العدل، النائب العام إريك هولدر يتحدث في جامعة القانون الشمالية الغربية)، 5 مارس 2012، http://www.justice.gov/iso/opa/ag/speeches/2012/ag-speech-1203051. html
206) UN Special Rapporteur Philip Alston Responds to US Defense of Drone Attacks’ Legality, (المقرر الخاص للأمم المتحدة فليب ألستون يجيب على الدفاع الأمريكي عن مشروعية ضربات الطا ئرات بدون طيار)، 1 نيسان/أبريل 2010،http://www.democracynow.org/2010/4/1/drones (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
207) جنيفر إيلزا، إعتبارات قانونية في الاستهداف بالقتل لمواطنين أمريكيين متهمين بالارهاب، (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013) / Jennifer K. Elsea, Legal Issues Related to the Lethal Targeting of U.S. Citizens Suspected of Terrorist Activities, Congressional Research Service, 4 May 2012,http://www.fas.org/sgp/crs/natsec/target.pdf
208) ستيفن افترقود : مشروعية القتل المستهدف للإرهابيين المزعومين ، مراجعة جمعية العلماء الامريكان، Steven Aftergood, Legality of Targeted Killing of Suspected Terrorists Reviewed by CRS, Federation of American Scientists, Secrecy News, 10 septembre 2012, http://blogs.fas.org/secrecy/2012/09/targeted_killing/ - (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
209) Grégoire Chamayou, Théorie du drone, (غريغوار شأيار/مايو، نظرية الطائرة بدون طيار)، م. ه، ص 233
210) Daphne Eviatar, « Obama’s drone policy misreading international law », (دفني إفياتار، «سياسة أوباما للطائرات بدون طيار لم تقرأ جيدا القانون الدولي»)، بوليتيكو، 3 أيار/مايو 2012،http://www.politico.com/news/stories/0512/75863. html. (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
211) Sylvain Vité, « Typologie des conflits armés en droit international humanitaire : concepts juridiques et réalités », (سيلفن فيتي، «تصنيف الصراعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني: مفاهيم قانونية ووقائع»)،المجلة الدولية للصليب الأحمر، 31 مارس 2009، http://www.icrc.org/fre/resources/documents/article/review/review-873-p69. htm (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
212) Grégoire Chamayou, Théorie du drone, (غريغوار شأيار/مايو، نظرية الطائرة بدون طيار)، م. ه، ص 235
213) (Jeffrey Fleishman et Ken Dilanian, « U. S. drone strategy in Yemen is fraught with peril », (جيفري فليشمن وكين ديلنيان، « استراتيجية الطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن محاطة بالمخاطر»), 25 ديسمبر 2012،
http://articles. latimes.com/2012/dec/25/world/la-fg-yemen-drones-qaeda-20121225 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
214) Nils Melzer, Guide interprétatif sur la notion de participation directe aux hostilités en droit international humanitaire, (نلز ملزر، الدليل التأويلي لمفهوم المشاركة المباشرة في الأفعال العدائية في القانون الدولي الإنساني)، تشرين الأول/أكتوبر 2010، ص
29 CICR , http://www.icrc.org/fre/assets/files/other/icrc_001_0990.pdf.
215) (حكيم المسماري، الولايات المتحدة تنفذ هجوما في اليمن) Hakim Almasmari, « US makes a drone attack a day in Yemen »,، دي نشيونال، 15 يونيو 2010، , www.thenational. ae/news/world/middle-east/us-makes-a-drone-attack-a-day-in-yemen#page1 (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
216) (حكيم المسماري، «تظاهرات حاشدة في اليمن تصبح قاتلة») Hakim Almasmari, « Massive demonstrations turn deadly in Yemen », السي إن إن، , 15 تموز/يوليو 2011 http://edition. cnn.com/2011/WORLD/meast/07/15/yemen. drone. strike (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
217) Greg Miller, « CIA seeks new authority to expand Yemen drone campaign » (غريغ ميلر، السي آي إيه تسعى إلى الحصول على سلطة جديدة لتوسيع حملة الطائرات بدون طيار في اليمن) ,م. ه
218) «Jo Becker et Scott Shane, «Secret ‘kill list’ proves a test of Obama’s principles and will, (جو بيكر وسكوت شين، «لائحة القتل السرية تضع على المحك مبادئ وأمنيات أوباما»)، نيويورك تايمز، 29 أيار/مايو 2012،
http://www.nytimes.com/2012/05/29/world/obamas-leadership-in-war-on-al-qaeda. html (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
219) «Chris Woods, «A question of legality, (كريس وودز، «مسألة مشروعية») مكتب الصحافة الاستقصائية، 4 فبراير 2012,
http://www.thebureauinvestigates.com/2012/02/04/a-question-of-legality (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
220) Philip Alston, Report of the Special Rapporteur on Extrajudicial, Summary or Arbitrary Executions, (تقرير المقرر الخاص المعني بالإعدامات خارج نطاق القضاء أو الفورية أو التعسفية)، 28 أيار/مايو 2010، الفقرة 40،
http://www2. ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/docs/14session/A. HRC. 14. 24. Add6. pdf (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
221) «Peter Rudolt et Christian Schaller, «Targeted killing, (بيتر رودولت وكريستين شالير، «الاغتيالات المستهدفة»)، SWP-Studie يناير/كانون الثاني 2012، ص ص 13-14، http://www.swp-berlin.org/de/publikationen/swp-studien-de/swp-studien-detail/article/targeted_killing. html (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
222) قرار محكمة العدل الدولية (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)،
International Court of Justice, advisory opinion of 9 July 2004, para. 139, http://www.icj-cij.org/docket/files/131/1671.pdf
223) Philip Alston, Report of the Special Rapporteur on Extrajudicial, Summary or Arbitrary Executions, (تقرير المقرر الخاص المعني بالإعدامات خارج نطاق القضاء أو الفورية أو التعسفية)، م. ه، الفقرة 37
224) لجنة حقوق الانسان: طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، / Human Rights Committee, General Comment No. 31 [80] Nature of the General Legal Obligation Imposed on States Parties to the Covenant, CCPR/C/21/Rev.1/Add.13, 26 May 2004. راجع كذلك تقرير الكرامة في إطار مراجعة التقرير الرابع للولايات المتحدة أمام لجنة حقوق الانسان
http://en.alkarama.org/documents/HRCttee_USA_AltReport_300813_EN_Final.pdf / (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
225) (سكوت تشين، «الولايات المتحدة توافق على الاغتيالات المستهدفة لواعظ أمريكي»)، نيويورك تايمز، 6 أبريل 2010،
Scott Shane, « U. S. approves targeted killing of American cleric » http://www.nytimes.com/2010/04/07/world/middleeast/07yemen. html
(م تصفح الموقع في 28 تموز/ يوليو2013)
226) «Laura Raim, «La légalité du meurtre d’al-Awlaki mise en question, (لورا رايم، «مشروعية قتل العولقي تحت الانتقاد»)، لو فيغارو، 1 تشرين الأول/أكتوبر 2011، م. ه.
227) (فارلي سافاج، مذكرة سرية أمريكية تشرع قتل مدني) Charlie Savage, « Secret U. S. memo made legal case to kill a citizen »، 8 تشرين الأول/أكتوبر 2011، http://www.nytimes.com/2011/10/09/world/middleeast/secret-us-memo-made-legal-case-to-kill-a-citizen. html
(تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
228) Patrick Ormerod, « De la faculté légale pour le président des États-Unis d’ordonner l’exécution à l’étranger de terroristes présumés et de nationalité américaine », (باتريك أورميرود، «حول الأهلية القانونية التي تخول الرئيس الأمريكي الأمر باغتيال إرهابيين مفترضين يحملون الجنسية الأمريكية في الخارج»)، دراسات قانونية فرنسية أمريكية، يناير/كانون الثاني 2012، http://droitamericain. fr/De-la-faculte-legale-pour-le. html (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
229) شكاية ناصر العولقي وسارة خان أمام محكمة كولومبيا، 18 تموز/يوليو 2012، http://ccrjustice.org/files/July-18-2012-Nasser-Al-Aulaqi-Complaint. pdf (تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)
230) (سكوت شين، « قاضية تتحدى البيت الأبيض حول سلطة القتل بالطائرات بدون طيار») Scott Shane, « Judge challenges White House claims on authority in drone killings » http://www.nytimes.com/2013/07/20/us/politics/judge-challenges-white-house-claims-on-authority-in-drone-killings. html
(تم تصفح الموقع في 28 تموز/يوليو 2013)