أعربت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة عن قلقها إزاء الاحتجاز المطوّل في لبنان، والاكتظاظ، والظروف المعيشية المؤسفة في أماكن الاحتجاز، التي لاحظتها اللجنة خلال زيارتها الثانية إلى البلاد.
وقال رئيس بعثة اللجنة الفرعية إلى لبنان، السيد نيكا كفاراتسخيليا، في بيان صحفي: "لقد مرّت 12 سنة منذ زيارتنا الأولى إلى لبنان، ولم تُنفَّذ بعد معظم التوصيات الصادرة عن تلك الزيارة، ولم يكن للجهود التي بذلتها الحكومة أي تأثير كبير على وضع الأشخاص المحرومين من حريتهم".
وتتسق مواقف اللجنة الأممية مع التقارير التي أعدّتها الكرامة إلى الأمم المتحدة طوال السنوات الماضية، بهذا الخصوص، ففي مايو/ أيّار 2017، خضع لبنان لاستعراضه الأول من قبل لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة. وفي 30 من الشهر نفسه، نشرت اللجنة الأممية ملاحظاتها الختامية، وأعطت لسلطات البلاد مهلة سنة واحدة لتنفيذ أربع توصيات ذات أولوية، وبالتحديد تعريف وتجريم التعذيب، احترام الضمانات القانونية الأساسية للمحتجزين، إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وآلية وقائية وطنية، وآلية مستقلة لتلقي شكاوى التعذيب. ودعت اللجنة الدولة الطرف والمنظمات غير الحكومية إلى متابعة تنفيذ هذه التوصيات وتقديم بيانات في هذا الشأن في غضون عام واحد.
وفي 6 يونيو/ حزيران 2018، قدمت السلطات تقرير متابعة ضمنته معلومات عن مدى تنفيذها للتوصيات الأربع. لكن الكرامة اعتبرت في تقريرها المؤرخ في 4 سبتمبر/ أيلول 2018 أن التدابير التي اتخذتها الحكومة غير كافية وأن هناك حاجة للمزيد من العمل للقضاء نهائيا على التعذيب.
وفي سياق آخر، كانت الكرامة قدمت تقريرا موازيا في 12 فبراير/شباط 2018، قيّمت فيه حالة الحقوق المدنية والسياسية في البلاد، في إطار الاستعداد لاستعراض لبنان الدوري الثالث أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، في مارس/آذار 2018، ركّز التقرير ضمن قضايا أخرى على استمرار ممارسة التعذيب وانتهاك الحق في المحاكمة العادلة وتقييد الحق في الخصوصية وحرية التعبير، فضلا عن الحاجة الملحة إلى قيام الدولة بتفعيل مؤسستها الوطنية لحقوق الإنسان.
وتجدر الإشارة إلى أن التعذيب في لبنان ممارسة شائعة، على سبيل المثال، جميع الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم في إطار أحداث مخيم نهر البارد أو في علاقة بها قد تعرضوا للتعذيب و/أو سوء المعاملة، بما في ذلك أولئك الذين احتجزوا لفترات وجيزة.
وقد جرت معظم الاعتقالات من دون أوامر قضائية، ودون إبلاغ المعنيين بأسباب توقيفهم، علما وأن معظمها تم على يد أفراد من مصالح الاستخبارات العسكرية يرتدون ملابس مدنية.
وكان الهدف الرئيسي من أصناف التعذيب الجسدي والنفسي شديدة القسوة والمؤلمة هو انتزاع اعترافاتهم وتوقيعهم على محاضر أمليت عليهم أو أعدت من طرف جلاديهم، ولم يتسنَّ لهم حتى مجرد قراءتها.
ووفقاً لبيان البعثة الأممية التي زارت لبنان، في الفترة ما بين 4 إلى 10 أيار/مايو 2022، فقد هدفت الزيارة لتقييم تنفيذ التوصيات التي قدمتها عقب زيارتها الأولى في عام 2010. وشملت الأهداف الأخرى للزيارة التواصل على نحو مباشر مع هيئة الرصد الوطنية المنشأة حديثاً، ودراسة معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم والضمانات المتاحة لهم ضد التعذيب وسوء المعاملة. كما قامت البعثة بزيارات مفاجئة إلى أماكن الاحتجاز، والتقت بمسؤولين حكوميين وأعضاء الآلية الوقائية الوطنية وممثلي المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة.
وتتألف اللجنة الفرعية لمنع التعذيب من 25 عضواً من خبراء مستقلين في مجال حقوق الإنسان من جميع أنحاء العالم، يعملون بصفتهم الشخصية وليس بصفتهم ممثلين للدول الأطراف.