تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مع استمرار تدهور الوضع في ليبيا، فقد لقي مئات الأشخاص حتفهم، أو أصيبوا بجراح أو تعرضوا للاختطاف على أيدي قوات الأمن والجيش والميليشيات التي لا تزال موالية للعقيد القذافي أو من قبل مرتزقة أجانب يخضعون له. وقد تحصلت بعثة الكرامة في ليبيا على معلومات تفيد بأنه في منطقة الجبل الأخضر وحدها لقي ما لا يقل عن 70 شخصا حتفهم، وتعرض 250 شخصا لاختفاء قسري على يدي هذه القوات منذ 16 شباط/ فبراير 2011.

وقدمت الكرامة، في غضون اليومين الماضيين، إلى آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان 59 حالة لمتظاهرين قتلوا و 15 حالة من حالات الاختفاء القسري، لتلتمس منها التدخل الفوري لدى السلطات الليبية في طرابلس، كما أحيلت هذه الحالات إلى المحكمة الجنائية الدولية لتمدها بالمعلومات اللازمة من أجل التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية التي يجري اقترافها في ليبيا.

وإن المزاعم التي أفادت بأن قوات الأمن تطلق النار على المتظاهرين، مستخدمة في ذلك الذخيرة الحية، قد تأكدت من خلال شهادات وفاة صادرة عن مستشفى البيضاء بشأن 59 حالة كانت وثقتها الكرامة، حيث أوضحت هذه الشهادات أن الوفيات ناجمة عن إصابات بأعيرة نارية، مع الإشارة أن العديد من الضحايا أصيبوا بأكثر من عيار ناري واحد. وتشمل هذه الحالات، طفلة عمرها 10 سنوات، اسمها رقية مبروك، قتلت بالرصاص في البيضاء يوم 18 شباط/ فبراير 2011 وصبي عمره 14 عاما، سعد اليماني، قتل أمام مقر قوات الأمن في 16 فبراير 2011.

أما بالنسبة لأولئك المختفين قسرا، ونقصد تحديدا صفاء الدين هلال محمد الشريف، 25 عاما وعادل عبد الله المدعا صلاح (35 عاما)، فقد اعتقلا في 15 و 18 شباط/ فبراير 2011 بسبب منادتهما بالمشاركة في مظاهرات تطالب بالديمقراطية من خلال شبكة الإنترنت وفي مجتمعاتهم المحلية، كما ألقي القبض على عبد السلام القناشي، البالغ من العمر 35 عاما، في 19 شباط/ فبراير 2011 من قبل قوات الأمن الداخلي لقيامه بأخذ صور و تصوير لقطات من مجريات المظاهرات التي نظمت في البيضاء والمناطق المحيطة بها، وبعث بها إلى وسائل الإعلام في مصر.

في حين اختطف علي مبارك عمران، وهو ضابط في الجيش، يبلغ 55 سنة من العمر، في بلدة الأبرك بعد رفضه إطلاق النار على المتظاهرين. وتم نقل الصادق المبروك حمادة بردان، وهو سجين في معتقل أبو سليم في بنغازي، رفقة مئات من السجناء الآخرين من أبو سليم على يدي قوات الأمن الداخلي، حيث اقتيدوا نحو مكان مجهول. ولا تتوفر أسرهم على أية معلومات حول مكان احتجازهم والمصير الذي يواجهونه.

وقدمت الكرامة أيضا معلومات تخص 10 أشخاص تم اختطافهم من قبل مرتزقة أجانب، خلال المظاهرات التي جرت في بلدة الأبرك يوم 16 شباط/ فبراير 2011، وتم اقتيادهم إلى مطار الأبرك الذي كانت تتمركز فيه القوات العسكرية. وقد تلقينا حالات أخرى، نحن بصدد استكمال المعلومات بشأنها، تخص أشخاص ألقي عليهم القبض في البيضاء و درنا، واقتيدوا إلى المطار نفسه.

وكانت آخر مرة شوهدت فيها الحالات العشرة المقدمة من قبل الكرامة، قد تمت في مطار الأبرك، قبل اقتيادهم إلى مكان غير محدد. وحسب المعلومات المستقاة من مصادر غير رسمية، فمن المحتمل أن يكونوا محتجزين في قاعدة سلاح الجو المعيتيقة، في طرابلس إلى جانب 250 شخصا آخرا، تعرضوا للاختطاف خلال المظاهرات.

وفقا للمعلومات بحوزتنا، فقد تم اعتقال الطلاب الـ400 من أكاديمية سلاح الجو في نفس القاعدة، ولم يسمح لهم بمغادرتها منذ 17 شباط/ فبراير. وتخضع هذه القاعدة حاليا لكتيبة خميس، التي يقودها الابن الأصغر للعقيد القذافي، خميس القذافي، والتي تشتهر كونها واحدة من أشرس فروع القوات الخاصة الليبية والأفضل تجهيزا، كما أبلغتنا عائلات المعتقلين هناك أن اثنين من الطلاب حاولا الهرب، لكنهما قتلا رميا بالرصاص، مما يزيد من مخاوفهم من أن يجبر الطلاب على القتال في صفوف كتائب القذافي ومهاجمة المتظاهرين.

وبالتالي تخشى الكرامة من أنه في حالة تم احتجاز الأشخاص الذين تم اختطافهم على يد القوات الموالية للالقذافي في هذا الموقع، فثمة احتمال كبير من تعرضهم لخطر محدق وجسيم للتعذيب أو أن يجبروا على القتال مع قوات القذافي أو حتى مواجهة خطر الإعدام. وبناء عليه، طلبت الكرامة من آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن تطالب بالإفراج عنهم فورا، وضمان إجراء تحقيق في حالات الاختفاء والوفيات وسط المتظاهرين. وعلاوة على ذلك، تذكر الكرامة أن المحكمة الجنائية الدولية سوف تحاكم المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في ليبيا، علما أن حالات القتل الجماعي وحالات الاختفاء هذه تنطبق عليها صفة هذه الجرائم.