وقد علمت والدته وأخوه اللذان يقيمان في بن غازي بخبر ترحيله عن طريق أخ آخر يقيم في سويسرا، كما أنهما قد توصلا بخبر يؤكد لهما بأنه لم يصل إلى مطار بن غازي الدولي عن طريق رحلة جوية عادية، بل وُجه نحو مطار " أم عتيقة" العسكري، حيث ألقى عليه أفراد من مصالح الأمن الليبي القبض لدى نزوله من الطائرة.
وقامت عائلته فور علمها بالحدث بعمليات بحث عديدة لدى "المكاتب الشعبية" لمعرفة مصيره وأسباب اعتقاله سرا، غير أن جميع هذه الجهود باءت بالفشل، وغاية ما استطاع أخوه الحصول عليه من خبر في هذا الصدد يتمثل في معلومة غير رسمية مفادها أن السيد عبد السلام محمد تم تسليمه إلى مصالح الأمن الخارجي، إلا أن السلطات المعنية لم تعترف باحتجازه.
وحسب المعلومات التي جمعها هذا الأخير عن طريق محاكم طرابلس، تبين أنه لم يقدم عبد السلام محمد البتة على أي هيئة قضائية منذ أن وطأت قدماه أرض ليبيا. وبناء عليه، يتعذر على عائلته توكيل محام يدافع عنه طالما يظل معتقلا في السر، وفي غياب الإجراءات القانونية بحقه، المعتمدة في هذه الحالة.
وأخذا في الاعتبار ما يتعرض له غالبا الأشخاص الموقوفين والمعتقلين سرا في ليبيا من معاملة قاسية، فثمة خشية مبررة من أن تتعرض حياة السيد عبد السلام محمد وسلامته الجسدية إلى تهديدات خطيرة.
وتجدر الإشارة أن بعض بلدان أوروبا، منهم سويسرا على وجه التحديد، تطرد طالبي اللجوء الذين ترفض طلباتهم، إلى بلدانهم الأصلية التي يواجهون فيها خطر التعذيب والاعتقال السري، لا بل وأحيانا الاختفاء القسري، وتبرر هذه البلدان إجراءها هذا بدعوى أنه قد حصلت على "تأكيدات دبلوماسية"، تتمثل في وعد يقدمه بلد الأصل الذي يرحل إليه الشخص المعني، بعدم تعريضه للتعذيب.
ومن الجلي أن الغرض من هذه " التأكيدات الدبلوماسية" يتمثل في التفاف هذه الحكومات الأوروبية على التزاماتها القاضية بعدم ترحيل أشخاص معرضين لمثل هذه الانتهاكات، فتلجأ إذن هذه الحكومات إلى الاحتماء بهذه "التأكيدات"، بصورة رئيسية عندما يتعلق الأمر بترحيل إلى دول معروفة بممارستها التعذيب، لكن ليس بوسع البلدان المرحلة أن تتحقق، بأي حال من الأحوال، من قابلية تنفيذ واحترام هذه التأكيدات، وفي الكثير من الحالات تم بالفعل سجن وتعذيب الأشخاص المرحلين.