عبر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة عن أسفه لعدم التزام حكومة الوفاق الليبية بتوصيات الفريق بشأن إطلاق سراح السيد مصطفى طالب يونس عبد الخالق الدرسي، المعتقل تعسفيا، منذ 6 يناير/ كانون الثاني 2016، مطالبا بإطلاق سراحه فورا وتعويضه.
وكان فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (WGAD) أصدر قرارا برقم 13/2020 يعتبر احتجاز مصطفى عبد الخالق الدرسي تعسفيا، وذلك في أعقاب الشكوى التي رفعتها الكرامة للفريق في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2016.
تفاصيل القضية
وقد تم اعتقال السيد الدرسي في مدينة زليتن بتأريخ 6 يناير/ كانون الثاني 2016 من قبل أفراد بالزي المدني ينتمون إلى قوات الرّدع، ألقوا عليه القبض لحظة خروجه من أحد مساجد المدينة عقب أدائه صلاة العصر، حيث اقتيد إلى مقر قوات الردع الواقع في سوق الجمعة بالقرب من طرابلس، دون أن يستند اعتقال الدرسي إلى مذكرة قانونية، ولم يُقدّم له أي سبب يبرر اعتقاله.
وفي يناير/ كانون الثاني 2018، تم نقله إلى مركز الاعتقال غير الرسمي في مطار معيتيقة الواقع تحت سيطرة قوات الرّدع. ويقبع السيد الدرسي هناك غير مُدركٍ إلى الآن لطبيعة التهم الموجّهة إليه، ودون أن يتم تقديمه أمام سلطة قضائية. علاوة على ذلك، لم يُسمح له إلى غاية يومنا هذا بمقابلة محام، ولم تتح له فرصة الطعن في قانونية اعتقاله. كما مُنعت أسرته من زيارته طوال الأشهر الثمانية التي تلت توقيفه.
بالإضافة إلى ذلك، احتُجز السيد الدرسي سرّا وبمعزل عن العالم الخارجي لأكثر من أربعة أشهر. تدهورت خلالها صحته بشكل كبير بسبب حرمانه من الرعاية الطبية الكافية. ولاتزال أسرته ممنوعة من التواصل معه منذ آخر لقائها به دام عشر دقائق في مكالمة عبر الفيديو تعود إلى خمسة أشهر.
في 15 سبتمبر/ أيلول 2019، أحال الفريق الأممي WGAD مذكرة الكرامة إلى حكومة الوفاق الوطني، للمطالبة بتقديم توضيحات بشأن وضع السيد الدرسي، وداعياً إيّاها إلى ضمان سلامته الجسدية والعقلية. لكن حكومة الوفاق الوطني لم تستجب لطلب الأمم المتحدة، ولم تقدّم أيّ رد على الشكوى التي رفعتها الكرامة.
يُذكر أن اعتراف السلطات الليبية باحتجاز السيد الدرسي تأخر إلى غاية تاريخ 28 مايو / أيار 2016؛ حيث سُمح لأقاربه بالتواصل معه لأول مرة عبر الهاتف.
هذا وقد اعتبر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي WGAD أن احتجاز السيد الدرسي كان نتيجة ممارسة حقوقه في حرية الفكر والاعتقاد والتعبير، كون السيد الدرسي داعية ينتمي إلى المذهب المالكي، وتعتبره قوات الردع "صاحب بدعة".
مسؤولية قوات الردع
من جهتها خلصت المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى أن هذه الممارسات المتزايدة تهدف إلى إسكات كل صوت معارض لا يتوافق مع الفكر المدخلي، الذي ينتمي إليه العديد من أفراد قوات الردع.
في قرارهم الأخير رقم 13/2020، أكد خبراء الأمم المتحدة ما جاء في قراراتهم السابقة (رقم 18/2019، و39/2018) التي تعتبر أن قوات الردع، وهي مجموعة مسلحة تعمل رسميا تحت سلطة وزارة الداخلية، تقع تحت مسؤولية الدولة. وأكد الخبراء أن هذه القوات، التي تعمل باسم السلطات، أو بموافقتها، أو بتغاض منها، ستكون الحكومة الليبية مسؤولة عن جميع أعمالها.
وعلى ضوء هذه العناصر، خلص الفريق العامل إلى أن الاعتقال والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والحرمان المطول من الحرية الذي تعرض له السيد الدرسي نتج عن ممارسته المشروعة لحقوقه في الاعتقاد والتعبير، ولا يَستنِد إلى أيّ أساس قانوني، هو بذلك انتهاك واضح للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه ليبيا، مما يجعل احتجازه تعسفيًا.
ويدعو الفريق العامل لدى الأمم المتحدة الحكومة الليبية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للإفراج عن عبد الخالق الدرسي، لاسيما في ظل الظرف العالمي الذي يفرضه وباء الكورونا فايروس، وتبعاته التي تتهدد أماكن الاحتجاز بشكل خاص.
من جانبها، تحث الكرامة السلطات الليبية على تنفيذ قرار فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي القاضي بالإفراج الفوري عن السيد الدرسي وتعويضه. بالإضافة إلى ذلك، تصر الكرامة على مواصلة دعوتها حكومة الوفاق الوطني إلى وضع حد للممارسات واسعة الانتشار للاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية وأن تضمن عمل قوات الردّع تحت المراقبة القضائية، باعتبارها مسؤولة عن الأفعال غير القانونية لهذه القوات.