وكان السيد عبد الناصر يونيس الرباسي يبلغ 38 سنة من العمر وقت إلقاء القبض عليه، وهو خريج معهد جنزور للعلوم الاجتماعية في طرابلس، أين كان يعمل في صندوق الضمان الاجتماعي في مدينة بني وليد، حتى لحظة اعتقاله في 03 كانون الثاني / يناير 2003.
وكان قد اختطِف من منزله في بني وليد على أيدي عناصر من الأمن الداخلي بملابس مدنية، دون تقديمهم مبرر أو استظهارهم أمر قضائي. وفي 5 كانون الثاني / يناير 2003، نقل إلى طرابلس حيث اعتقل في الحبس الانفرادي لمدة 6 أشهر، تعرض خلالها لتعذيب بالغ القسوة لأكثر من شهر داخل أحد مراكز الاعتقال السرية التابعة لوكالة الأمن الداخلي
ووجهت إليه تهمة "تلطيخ سمعة قائد الثورة" وفقا للمادة 164 من قانون العقوبات الليبي. وقد أخذ عليه "إرساله بريدا إلكترونيا إلى صحيفة عرب تايمز في 08 حزيران / يونيو 2002 ، وتحديدا على الساعة 8و 35د و54ث، أعرب في رسالته تلك عن موقف ينتقد فيه رئيس الدولة الليبية، العقيد معمر القذافي، من خلال عنوانه الإلكتروني الشخصي.
ولدى مثوله أمام محكمة استثنائية، محكمة الشعب في 26 حزيران / يونيه 2003، أصدرت هذه الأخيرة حكما في حقه، بعد محاكمة لم تكن منصفة بالمرة، بعقوبة خمسة عشر (15) عاما سجنا نافذة، وهو الآن يقضي هذه العقوبة في سجن أبو سليم في طرابلس وطوال الفترة التي سبقت مثوله أمام المحكمة، لم يسمح له لا بالاتصال بمحاميه ولا بتلقي الزيارات من أفراد عائلته.
وسبق أن وجهت الكرامة لحقوق الإنسان في 10 أيار / مايو 2005 شكوى إلى فريق العمل المعني بقضايا الاحتجاز التعسفي تطلب منه النظر في قضية السيد الرباسي ، علما أن فريق العمل كان اعتبر أن الرأي الذي أبداه السيد الرباسي وما يبدو عليه من موقف انتقادي إزاء رئيس الدولة، في البريد الإلكتروني الموجه إلى صحيفة "عرب تايمز"، لم يتجاوز حدود حرية التعبير.
و اعتبر فريق العمل أيضا أن إنكار حق أي شخص، يواجه تهمة خطيرة، قد يعاقَب صاحبها بحكم بالسجن لمدة طويلة، من الحصول على المساعدة القانونية يتعارض مع الحق في محاكمة عادلة.
وتجد الإشارة في هذا الصدد أن السيد الرباسي الذي تعرض للتعذيب خلال الأشهر الأولى من الاعتقال، يعاني حتى يومنا هذا من مخلفات تلك المعاملات القاسية، وهو لا يزال يخضع لظروف الاحتجاز اللاإنسانية، وبخاصة ما يتعرض له من عزلة تامة داخل زنزانة لا يغادرها أبدا. وقد حصلت الكرامة على معلومات عن التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها السيد الرباسي في سجن أبو سليم.
ولم يسمح، طيلة سنتين، في عامي 2006 و 2007، لأفراد أسرته بزيارة السيد الرباسي، كما أنهم لم يتمكنوا من مشاهدته سوى مرتين فقط هذا العام (2008)، غير أنهم يجهلون متى سيسمح لهم برؤيته من جديد.
وبناء عليه، تطلب الكرامة من لجنة حقوق الإنسان تسجيل هذه الانتهاكات العديدة التي يتعرض له المتهم.
ونذكر بالمناسبة بأن ليبيا طرف في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منذ 15 ايار / مايو 1970، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة منذ 16 أيار / مايو 1989، وهي بذلك ملزمة باحترام تعهداتها الدولية وبضمان لمواطنيها التنفيذ الفعال للحقوق المحمية دوليا.