والسيد عبد الحميد الداقل، من مواليد 22 آذار / مارس 1963، كان يعمل طيارا برتبة رائد في صفوف قوات سلاح الجو الليبي وهو من سكان بني الوليد.
وقد ألقي عليه القبض يوم الخميس 26 كانون الثاني / يناير 1989 على حوالي الساعة الرابعة والنصف عصرا من قبل عدد كبير من عناصر مصالح الأمن الداخلي بمنطقة فم ملغة القريبة من طرهونة.
علما وأن السيد الداقل كان يوجد، وقت إلقاء القبض عليه، على متن سيارة رفقة ثلاثة أشخاص آخرين، ألقي القبض عليهم جميعا. و أفرج عن اثنين منهم، في 10 شباط / فبراير 1989، أي بعد قضائهم 15 يوما في الحبس الانفرادي، في مقر الأمن الداخلي في طرابلس. أما الشخص الثالث، فظل معتقلا سرا لمدة عدة سنوات قبل أن يطلق سراحه من سجن أبو سليم، القريب من طرابلس، وذلك في شهر آذار / مارس 1995 دون تقديمه أمام أية هيئة قضائية.
وعلمت أسرة السيد الداقل، عن طريق هذا الأخير، أن ابنهم يوجد رهن الاعتقال في نفس السجن و لم تتخذ في حقه أي إجراءات قضائية، علما أن أسرته فقدت كل اتصال به وانقطعت عتها جميع أخباره، منذ تاريخ اعتقاله قبل 6 سنوات خلت. وحتى غاية صيف عام 1996، استطاع والداه الحصول على بعض المعلومات غير المباشرة التي تؤكد وجوده في هذا السجن، غير أنهما لم يتمكنا في أي وقت من الأوقات من الحصول على ترخيص لزيارته، ذلك لأن السلطات المعنية لم تعترف باحتجازه لديها.
ومنذ صيف عام 1996، وهي الفترة التي منعت فيها السلطات الليبية جميع الزيارات إلى السجون، وحتى غاية عام 2001، لم يتوصل أقاربه بأي معلومات تخصه.
وفي 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2008، وللمرة الأولى منذ اختفائه، تلقت أسرة الداقل زيارة من قبل عدد من عناصر الأمن الداخلي، أبلغوها بخبر وفاته، غير أن هؤلاء العناصر من الأمن الداخلي، رفضوا إعطاء تفاصيل عن تاريخ الوفاة وعن الظروف التي حدثت فيها الواقعة، كما أنهم رفضوا تسليم الجثة إلى أسرته واكتفوا بمطالبة عائلته "بالإعلان عن وفاته" وأبلغوها بأنهم سوف يسلمونها شهادة وفاة رسمية، لكن والدا السيد الداقل أعربا عن رفضهما القيام بمثل هذا الإعلان إذا لم تبلغهم السلطات المعنية بأسباب الوفاة وإذا لم يتم إجراء تشريح الجثة لتحديد أسباب وملابسات الوفاة.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن السلطات المعنية تكون قد اعترفت صراحة، من خلال مساعيها هذه، أن السيد الداقل قد اختفت آثاره فعلا ، وهي بذلك تتحمل المسؤولية عن هذا الاختفاء القسري.
ونظرا لعدم توفر أي فرصة للتقدم بطعن أمام هيئة قضائية داخلية أو أية سلطة أخرى، لم تجد أسرة السيد عبد الحميد الداقل سبيلا غير التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، كي تطلب هذه الأخيرة من حكومة الجماهيرية العربية الليبية الرد على الأسئلة المتعلقة بتاريخ وسبب وظروف وفاة الضحية.
وكانت الكرامة توجهت في 06 كانون الثاني/ يناير 2006 إلى فريق العمل المعني بالاختفاء القسري بقائمة تتألف من 11 شخصا تعرضوا لإلقاء القبض، وفي أوقات مختلفة، وكلهم اختفوا بعد ذلك، يوجد من بينهم السيد الداقل. وهو يكون بذلك ثاني شخص، يتم الإعلان عن وفاته.
وقد أصدرت مصالح الأمن الداخلي في 22 آب / أغسطس 2006 وثيقة تثبت فيها وفاة أمسعد العابدي، الذي ألقي عليه القبض في عام 1995 واختفى على إثر ذلك. وكان هو أيضا ضمن هذه القائمة.
ومن المحتمل أن يكون هؤلاء الضحايا قد قتلوا خلال المجزرة التي ارتكبت في سجن أبو سليم في عام 1996، مع العلم أنه حتى الآن، لم تعلن السلطات المعنية عن القائمة الرسمية لضحايا تلك المجزرة.
هذا وقد أبلغت الكرامة أيضا فريق العمل المعني بالاختفاء القسري بخبر وفاة السد عبد الحميد الداقل.