وللإشارة، فإن السيد إدريس أبو الفايد مناضل غني عن التعريف في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. وكان دعا علنا سلطات بلاده إلى إدخال إصلاحات سياسية وإلى احترام الحريات الأساسية.
وبعد 16 عاما قضاها في منفاه بسويسرا، أين حصل على حق اللجوء السياسي، عاد الدكتور أبو فايد إلى بلده ليبيا. وقد شجعه في ذلك الوعود الرسمية التي قطعتها السلطات على نفسها بعدم تعريضه لأي شكل من أشكال المتابعة أو المضايقات.
غير أنه على الرغم من تعهدات السلطات العليا في الدولة، فإن الدكتور إدريس أبو فايد خضع لاستجواب من قبل رجال الأمن، في 30 أيلول / سبتمبر 2006، مباشرة لدى وصوله إلى مطار طرابلس أين صودر جواز سفره، ثم ألقي عليه القبض في يوم 5 تشرين الأول / نوفمبر وبقي معتقلا سرًّا طيلة 54 يوما تعرض خلالها لأشد أصناف التعذيب وسوء المعاملة.
وعقب الإفراج عنه في 29 كانون الأول / ديسمبر 2006، في ظروف تميزت بغياب تام لأي إجراء قانوني، أعاد الدكتور إدريس تأكيده في بيان صحفي نشرته عدة مواقع إخبارية على "تصميمه مواصلة كفاحه من اجل الديمقراطية". ودعا بمعية ثلة من الناشطين في مجال حقوق الإنسان إلى تنظيم مظاهرة سلمية، يوم 17 فبراير 2007 في طرابلس، للمطالبة بإقامة دولة القانون واحترام الحريات المدنية والحقوق السياسية.
إلا أنه ألقي عليه القبض ثانية في الليلة السابقة لتنظيم التظاهرة المرتقبة رفقة 11 مناضلا، وهم على التوالي السادة: جمال الحاجي، فريد أزواي، المهدي حميد، الصديق حميد، فرج حميد، عادل حميد، علي حميد، علاء إدريسي، الصدّيق غسحوت، بشير الهريس وأحمد العبيدي.
واعتقل جميعهم سرا وتعرضوا للتعذيب طيلة عدة أشهر من دون أن يتمكنوا من الاتصال بأسرهم أو بالعالم الخارجي، كما لم يؤذن لأي محام بزيارتهم في مكان احتجازهم.
أما بالنسبة للسيد جمعة أبو فايد، فقد ألقي عليه القبض ساعات قليلة بعد إيقاف شقيقه، ومن المرجح جدا أن يكون سبب ذلك قيامه بإبلاغ أشخاص يوجدون خارج البلاد بخبر توقيف شقيقه الدكتور أبو فايد.
ومنذ إلقاء القبض عليه لم تتوصل أسرته بأي خبر عنه، في حين ما تزال السلطات المعنية، التي اعترفت بعد مضي شهور بأنها فعلا اعتقلت الدكتور إدريس أبو فايد، ترفض الاعتراف باعتقالها السيد جمعة كما ترفض أيضا الاعتراف باعتقال عبد الرحمان الغتيوي، وهو مواطن ليبي آخر ألقي عليه القبض في نفس اليوم وفي نفس الظروف.
وقد تم تقديم الأشخاص الاثني عشر الذين اعترفت السلطات الليبية باحتجازهم إلى محكمه الأمن الثورية، وهي محكمة "ثورية" استثنائية، تنظر في القضايا المرفوعة ضد المعارضين للنظام. وبعد عدة أشهر من الجلسات المغلقة، حُرِم فيها المتهمون من أي ضمانة قانونية، من المرتقب أن تصدر المحكمة حكمها في 15 نيسان / ابريل. ووفقا للتشريعات المحلية المعمول بها في مثل هذه المحاكمات، فإن جميع المتهمين يواجهون خطر عقوبة الإعدام.
وتندرج هذه الأحداث في سياق حملة اضطهاد شرسة تطال كل من يتجرأ على توجيه انتقادات لنظام العقيد معمر القذافي الذي يحكم البلاد منذ 40 سنة بيد من حديد. ومن المعلوم لدى العموم أن قوى الأمن – مصالح الأمن الداخلي على وجه الخصوص- قد ارتكبت ولا تزال ترتكب أبشع الانتهاكات على نطاق واسع جدا وفي ظل حصانة كاملة من العقاب. ومن الملفت للنظر أن المعارضين للنظام يشكلون الأهداف الرئيسية لهذه الممارسات.
وعادة ما تصدر أحكام قاسية جدا ضد المنشقين أو الأشخاص الذين يعبرون عن وجهات نظر يعتبرها النظام تخريبية، وذلك عقب محاكمات غير عادلة تنتهك فيها حقوق المتهمين بشكل صارخ. ولا تزال ممارسة الحبس الانفرادي لفترات طويلة تتجاوز أحيانا العقد من الزمن، لا تزال سارية و معمول بها بشكل اعتيادي، الشيء الذي يجعل منظمتانا تعربان عن بالغ قلقهما البالغ، خاصة فيما يتعلق بمصير جمعة ابو فايد وعبد الرحمان الغتويوي. ونعرب أيضا عن انشغالنا العميق بشأن مصير الدكتور إدريس أبو فايد، لاسيما بعد أن تم نقله بصفة استعجالية إلى مستشفى سبراتا، القريب من طرابلس. وتفيد بعض المعلومات التي لم تؤكدها السلطات المعنية أن إدريس أبو فايد يعاني من مرض السرطان.
و تطلب الشكوى المقدمة في تاريخ 7 نيسان / أبريل 2008، إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، من هذه الهيئة الأممية تسجيل الانتهاكات الكثيرة التي تعرض لها الأخوان أبو فايد وتلتمس أيضا من هذه الهيئة اتخاذ التدابير العاجلة لحمايتهما في إطار "اللإجراءات المؤقتة" نظرا للمخاطر الجسيمة التي يواجهانها.
وإن ليبيا، وهي الدولة الطرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية منذ 15 أيار / مايو 970 1 وفي اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية و اللاإنسانية أو المهينة منذ 16 أيار / مايو، 1989، ملزمة باحترام تعهداتها الدولية ويتعين عليها أن تضمن لمواطنيها التنفيذ الفعال للحقوق التي تحظى بحماية دولية.
الكرامة لحقوق الإنسان ومنظمة ترايل، 12 نيسان / أبريل 2008