أعربت خبيرة في الأمم المتحدة عن استيائها من استمرار اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر على نطاق واسع واحتجازهم المطول قبل المحاكمة، قائلة إن النشطاء احتُجزوا دون أوامر توقيف، واحتُجزوا في حبس انفرادي ثم اتُهموا بارتكاب جرائم زائفة متعددة.
وقالت ماري لولور، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، في بيان: "لا تعتبر ممارسة الفرد لحقه في حرية التعبير أو تكوين الجمعيات أو التجمع السلمي جريمة. لكل فرد الحق في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. لا يوجد أي مبرر للإجراءات التي تتخذها السلطات المصرية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان".
وتمثل انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في مصر إحدى أبرز انشغالات الكرامة على مدى عقد ونصف، لكن وتيرة القمع والانتهاكات تصاعدت منذ وصول الجنرال عبدالفتاح السيسي إلى السلطة في أعقاب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/ تموز 2013 .
وكانت المقررة الخاصة قد أعربت سابقاً عن استيائها في كانون الثاني/يناير 2021، "من إساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب والأمن القومي لتجريم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد."
واستنكرت الخبيرة الأممية اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين، واحتجازهم الاحتياطي المطول، واتهامهم بأنهم أعضاء في منظمة إرهابية، واستمرار ممارسات مصر في ترهيب وتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وعائلاتهم.
"ومنذ ذلك الحين، وُضع المزيد من المدافعين في الحبس الاحتياطي رهن التحقيق بتهمة ارتكاب جرائم بموجب هذه الأحكام، والتي يُعاقب عليها بعقوبات مشددة"، كما قالت ماري لولور في بيانها الصادر أخيرا، مضيفة أنه "لا يزال العديد من الضحايا محتجزين في ظروف يرثى لها في السجن مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية خطيرة على صحتهم البدنية والعقلية".
نشاط الكرامة
لقد تابعت الكرامة طيلة السنوات العشر الماضية تدهوراً مقلقاً ومريعاً لحالة حقوق الإنسان في مصر، وقدمت عشرات الشكاوى الفردية إلى الإجراءات الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، كما قدمت تقارير في سياق الاستعراض الدوري الشامل عن الحالة الحقوقية في البلاد.
فعلى سبيل المثال، في تأريخ 28 مارس/ آذار 2019 رفعت الكرامة تقريرها الموازي إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ركزت من خلاله على الممارسة المنهجية للاعتقال التعسفي والتعذيب، وسلطت الضوء على تفشي جريمة الاختفاء القسري، وأيضا على قانون مكافحة الإرهاب المبهم والمعيب لعام 2015 الذي شرّع للقمع المنهجي لنشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين السلميين. كما أثارت الكرامة مخاوفها بشأن استخدام عقوبة الإعدام كوسيلة لقمع الأصوات المعارضة والأشخاص الذين يمارسون حقهم الأساسي في حرية التعبير، وكذا عدم التصديق على صكوك حقوق الإنسان الأساسية والانتقام من المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
وأعربت الكرامة في تقريرها عن قلقها إزاء تخلف مصر عن التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والبروتوكولات الاختيارية للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تسمح بتقديم الشكاوى الفردية إلى لجنة حقوق الإنسان، وإلغاء عقوبة الإعدام. ولم تصادق مصر أيضًا على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب المتعلقة بإنشاء آلية وقائية وطنية، ولا على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وعلاوة على ذلك، نبه التقرير إلى الترهيب و الأعمال الانتقامية التي تمارسها الحكومة ضد النشطاء والصحفيين والمحامين والأفراد الذين يتعاونون مع خبراء الأمم المتحدة.
حجز مطول قبل المحاكمة واتهامات زائفة
وكانت الكرامة عبرت عن مخاوفها مرارا من استمرار عمليات الحجز المطول قبل المحاكمات وكذا تجريم الحق في حرية التعبير والرأي والتجمع السلمي، من خلال محاكمات غير عادلة، وهو الأمر الذي سلطت الضوء عليه الخبيرة لولور، مشيرة إلى أنه اتجاه شائع عبر العديد من القضايا التي أثارتها مؤخرا مع الحكومة المصرية، حيث يتم اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان دون أمر قضائي واحتجازهم في حبس انفرادي بمكان مجهول ويتعرضون للاختفاء القسري، قبل عرضهم على نيابة أمن الدولة العليا، يعقب ذلك إصدار الأمر باحتجازهم قبل المحاكمة على ذمة التحقيق لارتكابهم أفعالا مزعومة مجرَّمة بموجب أحكام غامضة من قانون العقوبات وقانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة جرائم الإنترنت.
وشددت المقررة الخاصة لولور على أن المدافعين عن حقوق الإنسان معرضون بشدة لخطر أن يتم إلحاقهم بقضايا جديدة تتعلق بجرائم مزعومة بموجب التشريع نفسه- الأمر الذي يعتبر ممارسة شائعة بشكل خاص في الحالات التي رأى فيها المدافعون عن حقوق الإنسان إطلاق سراحهم بأمر من المحاكم. وقالت:"إن هذه الممارسة المتمثلة في إلحاق المدافعين عن حقوق الإنسان بعدة قضايا زائفة، في بعض الحالات بالتوازي، تمثل تجاهل مصر الصارخ لالتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي وقعت عليها. إنها ممارسة مصممة لمنع المدافعين من تعزيز حقوق الإنسان في البلاد وتبث أثرا تقشعر له الأبدان بين المجتمع المدني."
وفي بيانها، شددت السيدة ماري لولور على الدور الحيوي الذي يلعبه المجتمع المدني في مصر، وأكدت استمرارها في متابعة قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين التي تم تُعرض عليها، وطالبت بالإفراج الفوري عن أحد عشر فرداً، وهم: السيد محمد رمضان، مدافع عن حقوق الإنسان ومحامٍ؛ الأستاذ محمد الباقر، مدافع عن حقوق الإنسان ومحامٍ؛ السيد عزت غنيم، مدافع عن حقوق الإنسان ومحامٍ، مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات (ECRF)؛ السيدة عائشة الشطر، مدافعة عن حقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة المؤسسة المصرية للحقوق والحريات؛ السيد محمد أبو حريرة، مدافع عن حقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة المركز المصري للحقوق والحريات؛ السيدة هدى عبد المنعم، مدافعة عن حقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة المؤسسة المصرية للحقوق والحريات؛ الأستاذ إبراهيم عز الدين، مدافع عن حقوق الإنسان وباحث؛ السيد رامي كامل سعيد صليب، مدافع عن حقوق الإنسان ورئيس مؤسسة شباب ماسبيرو؛ السيدة ماهينور المصري، مدافعة عن حقوق الإنسان ومحامية؛ السيد عمرو إمام، مدافع عن حقوق الإنسان ومحامٍ في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان؛ الأستاذ وليد علي سليم محمد حمادة، مدافع عن حقوق الإنسان ومحامٍ.