لازالت الكرامة تتوصل بالعديد من القضايا المحزنة والمخزية التي تتنافى وأبسط شروط التعامل الإنساني بسبب الاعتقالات التعسفية وتعنت السلطات المصرية في تطبيق قانون الطوارئ على مواطنين يفنون زهرة أعمارهم، ويفقدون صحتهم الجسدية والذهنية، في سجون لا تصلح حتى أن تكون إسطبلات للبهائم. وإمعانا في الإذلال تتفنن السلطات المصرية في تعذيب نزلاء هذه المعتقلات على أيدي زبانية تختارهم بعناية وتشترط فيهم انعدام الإنسانية والشعور الآدمي.
وقضية السيد/ عمر عبد العزيز سعيد مخلوف البالغ من العمر 24 سنة تجسد هذه السلوكيات اللامقبولة للسلطات المصرية تجاه مواطنيها. ففي أواخر صيف عام 2006 استوقفه ضابط بمطار القاهرة بينما كان ينتظر خروج مشغلته وزوجها، اللذان يعمل لديهما كسائق خاص، ليسأله عن سبب إطلاق لحيته وعن الكتب التي يطالعها والمواقع الإلكترونية التي يزورها قبل أن يخلي سبيله.
وفي اليوم الموالي فوجئت أسرة السيد/ عمر باقتحام قوات الشرطة لبيتها والعبث بمحتوياته وتهديد جميع أفراد الأسرة بالاعتقال إن لم يحضر المعني. فاضطرت الأسرة إلى طلب الحضور من عمر الذي اختطف مباشرة بعد عودته من عمله، ولم يفرج عنه إلا بعد 33 يوما من التعذيب الجسدي والنفسي. بينما لم تستطع الأسرة طيلة هذه الفترة تحديد مصيره أو مكان تواجده.
وفي 12 يونيو من العام 2008 اختطف واختفى للمرة الثانية طيلة 58 يوما، لكن هذه المرة لدى أمن الدولة بمدينة نصر. وبعد أيام من اختفائه زارت قوات من الشرطة منزل الأسرة وحجزت كل الوثائق والكتب حتى المدرسية منها والتي هي في ملكية إخوته وكذلك قرصين صلبين لجهاز كمبيوتر في ملكية أخيه الأكبر.
وقد أخبر عمر والدته في أول زيارة سمح لها بها أنه عاش 58 يوما من التعذيب المستمر بالصعق بالكهرباء في الأيدي والأرجل والأعضاء التناسلية ، بالإضافة إلى الضرب المبرح بالأيدي والعصي بينما كان مكبل اليدين والقدمين بأسلاك وبشدة وهو عار ومعصوب العينين. كما كان يمنع و لفترات طويلة من الجلوس أو النوم حتى أصيب بحالات إغماء. وكانت نتيجة التعذيب أن أصيب بثلاثة كسور في قفصه الصدري وتشوه في الأطراف وشلل في القدمين بسبب طبيعة الوثاق وشدته. وقامت الأسرة بتقديم التماس للإفراج عنه واستجابت المحكمة لهذا الطلب، إلا أن السلطات رغم تردي حالته الصحية لم تفرج عنه بل نقلته إلى سجن أبو زعبل "محمولاً " إذ لم يكن يستطع المشي .
وخلال شهر يوليو من سنة 2008 ألقت الشرطة القبض على والد عمر، السيد/عبد العزيز سعيد مخلوف البالغ من العمر 52 عاما وأودعته سجن أبو زعبل ثم نقلته لمعتقل الوادي الجديد الرهيب خلال فبراير 2009 قبل إعادته من جديد في شهر أبريل 2009 لسجن أبو زعبل.
ورغم حصول الأب على البراءة من كل التهم الموجهة إليه ثلاث مرات ،إلا انه كان يعتقل من جديد قبل تنفيذ قرار الإفراج . و إمعانا في التنكيل، ليس فقط بالمعتقلين، بل بجميع أفراد العائلة وخاصة الزوجة التي بقيت بلا معين لا تستطيع أن تواجه مصاريف الحياة اليومية بالإضافة إلى زيارة الزوج والولد المعتقلين في أماكن مختلفة وما وراء ذلك من تكاليف مادية.
و تناشد منظمة الكرامة السلطات المصرية بالكف عن ممارساتها غير الإنسانية المتنافية وقوانينها الداخلية والتزاماتها الدولية، وتفيد أنها سترفع هذه القضية إلى الآليات المختصة بالأمم المتحدة.
وفي تقريره بمناسبة زيارته لمصر في عام 2009، عبر مارتن شينن، المقرر الخاص المعني بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في سياق مكافحة الإرهاب، عن قلقه إزاء إساءة استخدام قانون الطوارئ، وقال إن حالة الطوارئ يجب أن تكون أداة مؤقتة. وقال إن قانون الطوارئ "القائم بشكل شبه مستمر منذ أكثر من 50 عاماً في مصر ليس حالة استثناء مؤقتة، بل أصبح هو القاعدة، وهو الأمر الذي يجب ألا يكون أبداً الغرض من حالة الطوارئ". وأوصى بأن "تلغي مصر أي مواد قانونية تسمح بالاحتجاز الإداري، وأن تتخذ إجراءات فعالة للإفراج عن جميع المحتجزين ممن هم وراء القضبان على خلفية هذا النظام، وإلا يخضعون للمحاكمة".
لمزيد من المعلومات
الرجاء الاتصال بالفريق الإعلامي عبر البريد الإلكتروني media@alkarama.org
أو مباشرة على الرقم 0041227341007