تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
في 1 حزيران/يونيو 2012، عقد مجلس حقوق الإنسان جلسة خاصة لمناقشة زيادة تدهور الوضع في سوريا. وقد انصب التركيز بشكل خاص على الأحداث التي وقعت في الحولة، شمال غرب مدينة حمص، والتي أسفرت، وفقا لتحقيقات أولية، عن مقتل ما لا يقل عن 108 شخصا، من بينهم 49 طفلا، يومي 25 و 26 أيار/ مايو 2012.

خلال هذه الدورة، اعتمد مجلس حقوق الإنسان قرارا، أدان فيه بأشد العبارات، المجزرة التي ارتكبت في سياق استمرار انتهاكات حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، لم تتمكن الدول الأعضاء في المجلس مرة أخرى من التوصل إلى بلورة موقف مشترك بشأن الأزمة في سوريا، ولم تدعو هذه الدول مجلس الأمن إلى إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من تأكيدها على أن "انتهاكات قد ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية " ترتكب والوقت الراهن في سوريا.

وقد انعقدت الدورة الخاصة التاسعة عشر لمجلس حقوق الإنسان بطلب من مجموعة من الدول بقيادة قطر وتركيا والاتحاد الأوروبي في 30 أيار/ مايو عام 2012. وبعد فرارات مجلس الأمن 2042 (2012) و 2043 (2012)، وكلاهما صدر في نيسان عام 2012، اللذان حددا خطة من ست نقاط للمبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى وضع الأسس التي تستند إليها "بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة في سوريا، فإن الدعوة إلى عقد دورة جديدة كانت بمثابة محاولة أخرى من جانب المجتمع الدولي لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان، الممارسة بشكل منهجي وعلى نطاق واسع في الجمهورية العربية السورية.

وقد بدأت دورة المجلس ببيان صادر عن المفوضة السامية لحقوق الإنسان، التي قدمت تعازيها لأسر ضحايا بلدة الحولة. وفي إشارة إلى تقارير أولية حول ما حصل في مدينة الحولة، قالت إن "هذه الأعمال قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية وجرائم دولية الأخرى، ويمكن أن تكون مؤشرا على وجود نمط من الهجمات على نطاق واسع أو منهجي ضد السكان المدنيين، والتي ترتكب في ظل إفلات تام من العقاب ". وقد انتهزت المفوضة السامية لحقوق الإنسان مرة أخرى هذه المناسبة، لحث مجلس الأمن للنظر في إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. لكن مع ذلك، اقتصر قرار مجلس حقوق الإنسان، في ديباجته، على ذكر دعوة المفوض السامية الموجهة إلى مجلس الأمن، دون أخذها في عين الاعتبار ودون تشجيع المجلس صراحة على إحالة الوضع القائم في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وتم التركيز أكثر على طلب إنشاء لجنة تحقيق دولية مستقلة لإجراء تحقيق خاص في عمليات القتل في مدينة الحولة، لتزويد المجلس بتقرير كامل عن النتائج التي توصل إليها في دورته العشرين. وفي فقرة أخرى يدعو القرار إلى التنفيذ الفوري لكافة بنود الاقتراح من ستة نقط الذي أعده المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وقد تلا ذلك دعوة موجهة إلى المبعوث الخاص المشترك، السيد كوفي عنان، لتقديم إلى المجلس وصفا عن الحالة السائدة، وذلك أيضا في دورته المقبلة.

ويشير المجلس كذلك إلى استمرار تقاعس السلطات السورية عن حماية وتعزيز حقوق جميع السوريين ويعلن أن "الاستخدام الشائن للقوة ضد السكان المدنيين (...) يشكل انتهاكا للقانون الدولي الواجب تطبيقه ولالتزام حكومة الجمهورية العربية السورية "، بما في ذلك تعهدها بتنفيذ اقتراح المبعوث الخاص المشترك المتضمن ست نقاط .

على الرغم من أن مقدمي مشروع القرار حاولوا في البداية دمج النقاط التي أثارتها الدول معارضة للقرار، لم يفلح المجلس في اعتماد النص بالإجماع، الأمر الذي كان من شأنه أن يوجه رسالة أقوى إلى السلطات السورية. وقبل وقت قصير من اختتام الدورة، اعتمد هذا القرار بأغلبية 41 صوتا، وامتناع عضوين عن التصويت، واعتراض ثلاثة أعضاء، وهم على التوالي روسيا والصين وكوبا.

وفي ضوء ذلك ترحب الكرامة بانعقاد هذه الدورة الاستثنائية الرابعة حول الوضع في سوريا، فضلا عن ارتياحها للقرار الذي تم اعتماده، مما يعكس استمرار الشعور ببالغ القلق من جانب المجتمع الدولي. ومن شأن الطلب الموجه إلى لجنة التحقيق لتقدم إلى المجلس تقريرا عن الأحداث التي وقعت في الحولة، بالإضافة إلى دعوة المبعوث الخاص المشترك لإلقاء كلمة في جلسة المجلس المقبلة، المقرر عقدها في النصف الثاني من الشهر الجاري، أن يضمنا استمرار اهتمام اللجنة بهذا الوضع وإبقاء المسألة قيد نظرها. لكن من ناحية أخرى، فإننا نعرب عن أسفنا، لوقوف أسباب سياسية حائلا دون التمكن من اعتمدا القرار بالإجماع، على الرغم من خطورة الأزمة، التي توشك أن تتحول إلى حرب حقيقية، فضلا عن عدم إدراج توصية صريحة إلى مجلس الأمن بغية إحالة هذا الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية.