تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

منذ انطلاقة موجة الاحتجاجات السلمية التي شهدتها سوريا خلال شهر شباط/فبراير 2011، ألقي القبض بصورة غير مشروعة على المئات من النشطاء السياسيين والمدونين والمتظاهرين السلميين. وفي هذا الصدد تعرب الكرامة عن مخاوفها البالغة إزاء سلامتهم البدنية والنفسية، نظرا لما يتعرضون له من خطر التعذيب وسوء المعاملة من قبل عناصر الأمن السوري.

وكانت السلطات السورية أفرجت، الأربعاء الماضي 13نيسان/أبريل 2011، عن مئات المعتقلين الذين اختطفوا من الشوارع أو اعتقلوا عقب مداهمة منازلهم في قرية "البيضا" والقرى الأخرى المحيطة بمدينة بانياس الساحلية في اليوم السابق، ولوحظت آثار التعذيب الوحشي على أجساد المفرج عنهم، كما لوحظ أن تلك الاعتقالات لم تستهدف أشخاصاً محددين أو التحقيق مع المعتقلين، إنما كان هدفها الوحيد هو الترويع والإذلال.

ومن بين هؤلاء الضحايا، أعتقل العديد من الأشخاص لساعات قليلة، ثم أفرج عنهم، وقد روى بعضهم في شهادات مدعمة بالصوت والصورة، فظاعة ما تعرضوا له من تعذيب. وتورد الكرامة فيما يلي بعضاً من هذه الشهادات، بالإضافة إلى شهادة أحد الأطباء، عالج معتقلين في مدينة بانياس وجوارها، تتحفظ الكرامة على ذكر أسمائهم، خشية تعرضهم للاعتقال والتعذيب مرة أخرى، نظراً للأوضاع الأمنية التي تمر فيها سوريا حالياً.

الشهادة الأولى تورد ما يلي:

"كنا ثلاثة شبان، حوالي الساعة الخامسة والنصف مساء، حين أوقفنا حاجز عسكري وقام بتسليمنا بعد نحو ساعة إلى دورية أمنية، اقتادتنا بدورها إلى داخل المحطة الحرارية، حيث بدأ عناصر الأمن وعساكر بضربنا بشكل مبرح بالعصي والدعس بالأقدام والرفس، وبقي الأمر على هذه الحال طوال الليل، لم نأكل أي شيء ولم يسمح لنا حتى بالشرب، فاضطررت للشرب من مياه التواليت. في الصباح، أخذونا إلى طرطوس، أدخلونا إلى مبنى وساقونا إلى القبو، حيث تم رمينا من أول الدرج إلى آخره ونحن مقيدي اليدين. لم يقتصر الأمر على الضرب المبرح، لم تبق مسبة أو شتيمة لم يوجهوها لنا. بقينا على هذه الحال حتى الساعة السادسة مساء، ثم أخذونا في سيارة وتركونا في منتصف الطريق. لدي رضوض في صدري وفخذي ويدي، جفوني متورمة من كثرة الضرب، وآثار الضرب تظهر في كل مكان على جسمي".

الشهادة الثانية تورد ما يلي:

"أنا طالب جامعي، اعتقلت أمس الثلاثاء (12-4-2011)، بالقرب من جسر المرقب بينما كنت في طريقي إلى الضيعة قادما من بانياس البلد، مع بعض أبناء الضيعة. أوقفنا عناصر أمن باللباس المدني ووضعونا في سيارة وأخذونا إلى المحطة الحرارية. وهناك بدأ الجميع في ضربنا بشكل وحشي، كانوا يدعسون علينا، ويضربوننا بكل ماتيسر لهم، ولا يتوقفون قليلا عن الضرب إلا عندما نقول الله هو بشار. ثم أدخلونا إلى غرفة صغيرة جدا حالتها مزرية وكان عددنا كبيراً. و بقينا على هذه الحال حتى اليوم التالي، حيث أخرجونا وقيدوا أيدينا وأرجلنا وجرونا إلى السيارات وهم يعتدون علينا بالضرب والشتم. ثم نقلنا إلى سجن آخر مطمشي (مغطي) الأعين، وهناك أيضا انهالوا علينا بالضرب على مختلف أنحاء جسدنا، وكنت طوال الوقت أنطق بالشهادة لأنني اعتقدت أنني سأموت، ثم وضعونا في سيارة والدماء تغطي رأسي، وممنوع من رفع رأسي للأعلى، ويدي وقدمي مقيدين بشدة والقيود تؤلم كثيرا، ثم تركونا قبل نحو 10 كلم من الضيعة بعد أن أجبرونا على خلع ثيابنا، وكنت مدمى الوجه والجسم، حتى جاء أشخاص وأخذوني إلى المشفى. هناك تم تجبير يدي التي كسرت تحت الضرب وعلاج جروحي وخاصة عيني التي أصابها التهاب كبير من كثرة الضرب على الوجه. "

الشهادة الثالثة تورد ما يلي:

"عمري 21 سنة، وكنت بصحبة أصدقاء بالقرب من السكة الحديدية، أوقفتني كتيبة عسكرية قاموا باعتقالنا فوراً وبطحونا على الأرض وبدؤوا بضربنا بدون أي سؤال، ثم جاءت دورية أمنية استلمتنا، لا نعرف لأي فرع تتبع، وأخذونا إلى المحطة الحرارية وهناك انهالوا علينا بالضرب بأحذيتهم والعصي والأرجل، ثم أدخلونا على غرفة صغيرة، وبقينا هناك إلى ثاني يوم صباحا الساعة العاشرة، حيث تم نقلنا إلى فرع أمن الدولة في طرطوس، وهناك بدأت موجة جديدة من الضرب، بالعصي وكعب الروسية على رؤوسنا، ثم أخرجونا عصرا. ذهبت إلى المشفى يدي مكسورة، إصابة في عظم الترقوة، ومكان الكلبشات مصاب بشدة ولا استطيع تحريك يدي، وإصابة في الورك من كثرة الضرب بأخمص البارودة. "

الشهادة الرابعة تورد ما يلي:

"اعتقلت على كورنيش بانياس المدينة انا وشخص آخر، كانوا نحو 30 عنصر أمن، أخذونا في سيارة أمنية إلى مبنى حيث ساقونا إلى حبس تحت الأرض، كان يستقبلنا العناصر بالضرب حتى يغمى علينا، انكسر انفي، وكتفي مخلوع، ووجهي كله كدمات نتيجة الضرب بأقدامهم على الوجه. بقينا تلك الليلة عندهم، لا نعرف بأي فرع، في اليوم التالي ساقونا إلى قطعة عسكرية، وهناك أيضا تعرضنا للضرب المبرح، وكانوا باستمرار يقولون لنا، انتم خونة، لن تستطيعوا إسقاط النظام، الخ، حتى تم الإفراج عنا عصرا. "

الشهادة الخامسة: وتخص أحد الأطباء الذين عالجوا بعض الضحايا في أحد مستشفيات مدينة بانياس:

"وصل اليوم نحو 30 حالة من المعتقلين المفرج عنهم تتضمن اصابات مختلفة، رضوض هائلة، كسور بالأضلاع، زلة نفسية للمريض، حالات كسور بالساعد، حالات كسر بالقدم، والعديد من محاولات كسر الترقوة للمريض، ووأضّح بأن من يقوم بالضرب صاحب خبرة حيث يهدف إلى إيلام المريض وإيذائه بدون التسبب بالموت، هناك كسور مضاعفة بالساعد، حالة واحدة لكسر انخسافي في الجمجمة، حالات اقياء وعدم اتزان، وهي تتطلب تصوير طبقي محوري لكن الجهاز لا يتوفر في المشفى. طبعاً كدمات على جميع اجزاء جسم المريض، وخاصة الصدر والظهر، تورم في العينين وحالات نزيف تحت "الصلبة" في العين."

وأضاف الطبيب بأنّ "هناك حالات تعذيب جنسي عن طريق ادخال عصي في شرج المريض. الرضوض النفسية متأزمة جدا، خاصة في ما يتعلق بالسبّ على المعتقدات الخاصة، وسؤال المرضى: من ربك؟ واجبارهم على أن يقولوا: ربي بشار (الرئيس السوري). وقد أُخذ المعتقلون إلى بلدات مجاورة قبل الافراج عنهم، وتركهم في سيارة الامن لفترة من الزمن بينما يقوم اشخاص من تلك القرى المحيطة (قرى موالية للنظام) بسبهم وشتمهم واستخدام كلمات واشارات مهينة ضدهم. وكثير من الادوية غير متوفرة، لكن حاولنا قدر المستطاع تامين ما نستطيع".

ألبوم صور لآثار التعذيب على بعض المفرج عنهم منذ أيام في أحداث مدينة بانياس.

بعض روابط مقاطع فيديو للمعتقلين المفرج عنهم الذين خضعوا للتعذيب خلال اليومين السابقين في بانياس:

فيديوهات للتعذيب الذي طال أطفالاً معتقلين في دوما قبل أيام:


مقابلة مصورة لطفل تعرض للتعذيب حين إحتجازه