تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
.

ما يزال السيد مالك مجنون، المتهم بالتواطؤ في جريمة قتل المغني الملتزم معطوب الوناس، رهن الاعتقال دون محاكمة منذ ما يقرب من 10 سنوات. وتعبيرا عن احتجاجه على هذه الوضعية المزرية، قرر الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، وذلك ابتدءا من تاريخ 31 يناير 2009.

وقبل فترة وجيزة، تم الإعلان عن قائمة القضايا التي سوف تنظر فيها المحكمة الجنائية بتيزي وزو في دورتها المقبلة، وما يلفت الانتباه أن قضية السيد مالك مجنون غير مدرجة ضمن هذه القائمة على الرغم من الوعود التي تعهد بها الوفد الجزائري الذي حضر جلسة النظر في التقرير الدوري من قبل لجنة حقوق الإنسان في شهر تشرين الأول / أكتوبر 2007.

وفي ضوء ذلك، سوف تتصل الكرامة بلجنة حقوق الإنسان، التي تقوم حاليا بمتابعة التوصيات التي كان يتعين على الجزائر أخذها بالاعتبار في غضون سنة واحدة، علما أن الكرامة سبق وأن قدمت تقريرا إلى اللجنة الأممية تبين فيه أن السلطات الجزائرية لم تستجيب لتلك التوصيات.

ونشير في هذا الصدد إلى أن لجنة حقوق الإنسان كانت في آب/ أغسطس 2006 قد نظرت في قضية مالك مجنون، وأدانت حينذاك الدولة الجزائرية لانتهاكها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبناء عليه أوصت بـ "إحالة السيد مالك فورا على القضاء للرد على التهم الموجهة إليه أو الإفراج عنه، وإجراء تحقيق شامل ودؤوب بشأن اعتقاله سرا و سوء المعاملة التي تعرض لها منذ اختطافه في 28 أيلول/ سبتمبر 1999.

وخلال عملية النظر في التقرير الدوري الجزائري من قبل لجنة حقوق الإنسان في تشرين الأول / أكتوبر 2007، طالب الخبراء الأمميّون من الوفد الجزائري توضيح الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للرد على ملاحظات اللجنة، بما في ذلك تلك المتعلقة بمالك مجنون.

وتعبيرا عن احتجاجه على إصرار السلطات الجزائرية على رفض محاكمته، باشر مالك مجنون إضرابا عن الطعام ابتدءا من يوم الاثنين 25 شباط / فبراير 2008.

وفي تاريخ 26 شباط / فبراير 2008، قام المدعي العام لدى محكمة تيزي وزو، السيد لعزيزي طيب، مصحوبا برئيس المحكمة ( الذي يتولى في الوقت نفسه منصب رئيس المحكمة الجنائية) بزيارة إلى السجن المدني يطلب من السيد مجنون وقف الإضراب عن الطعام. وحاول المدعي العام إقناع مالك مجنون، أنه نظرا " لحساسية القضية" فليس بيده ولا بيد رئيس المحكمة الصلاحية التي تخوّل له تحديد موعد لتقديم القضية أمام المحكمة، ومع ذلك وعده بمحاولة التدخل لدى " السلطات المختصة" في هذا الشأن.

ولا يفوت المرء أن يسجل الرفض الصارخ للسلطات الجزائرية الاستجابة لملاحظات و توصيات اللجنة الأممية و أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى حد التدخل الخطير في وظائف السلطة القضائية عبر إلزامها بتعليمات مخالفة للقانون وذات طابع يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان و المواطن و خاصة حقه في التقاضي وفي أن يحال على محكمة مختصة.

تذكير بالوقائع

اتهم مالك مجنون بالتواطؤ في جريمة قتل المغني الملتزم معطوب الوناس في حزيران / يونيه 1998، الأمر الذي ما فتئ ينكره. وبعد اختطافه من قبل عناصر مديرية الاستعلامات والأمن في 28 أيلول/سبتمبر 1999 من مقر سكناه الكائن بمدينة تيزي وزو، تم احتجازه سرا في مركز اعتقال مديرية الاستعلامات والأمن، المعروف باسم عنتر، الواقع في حي بن عكنون بالجزائر العاصمة، حيث تعرض خلال ثمانية أشهر من الاعتقال السري لأبشع أصناف التعذيب الذي تستخدم فيه تقنيات مألوفة لدى عناصر الأمن ( طريقة الخنق بالخرقة المبللة " الشيفون"، والصدمات الكهربائية في شتى أجزاء الجسد لاسيما الأعضاء التناسلية، وما إلى ذلك

وبقيت عائلته طيلة تلك الفترة دون أي خبر عنه .وبعد أن تقدم والد الضحية بشكوى إلى المدعي العام لدى محكمة ولاية تيزي وزو بخصوص جريمة الاختطاف والاحتجاز، رفض هذا المدعي العام النظر في القضية وفتح تحقيق في الموضوع.

والأخطر من ذلك كله، كان مالك مجنون قد ُعرض مرة أولى على أحد القضاة وأحاطه علما بظروف اختطافه، غير أن هذا الأخير رفض إحالته على قاضي تحقيق مما يجعل هذا القاضي بتصرفه هذا قد شارك في جرائم الاختطاف والحجز وما تلاهما من تعذيب.

إن هذا التصرف من مكتب المدعي العام لتيزي وزو، الذي سمح لمديرية الاستعلامات والأمن بمواصلة التعذيب والاعتقال السري لشخص مفقود منذ أكثر من ستة أشهر خير دليل على تواطؤ وتورط جهاز العدالة الجزائرية في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

وعقب اتصال "فريق العمل التابع للأمم المتحدة المعني بالاختفاء القسري" بالسلطات الجزائرية، في شهر آذار / أبريل 2000، قررت هذه الأخيرة تقديم مالك مجنون أمام قاضي تحقيق تيزي وزو يوم 2 أيار/ مايو 2000. وكانت تلك المرة الأولى التي يبلّغ فيها بتهمة التواطؤ في جريمة قتل معطوب الوناس.