وفي ضوء ذلك توجهت الكرامة في 11 آب/ أغسطس 2009، بشكوى فردية إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، نيابة عن شقيق المختطف السيد أبو شعالة.
والسيد عبد المطالب أبو شعالة، مواطن ليبي الجنسية، من مواليد عام 1975، وكان يوم وقوع الحادثة، طالبا بالمعهد العالي للطيران المدني. وقد توجه، في اليوم الذي ألقي عليه القبض، إلى المعهد تلبية لاستدعاء تلقاه قبل أيام قليلة لإجراء امتحانا استدراكيا في وحدة "الضمير السياسي".
وفي هذا السياق، توجه قاصدا المعهد، في وقت مبكر من الصباح، على متن سيارة تملكها والدته.
وبعد انتهائه من الامتحان، وبينما كان لا يزال في مرآب الفندق، قصده عدد من عناصر الأمن، مسلحين ويرتدون ملابس مدنية، هذا في الوقت الذي كان يستعد لركوب سيارته عائدا إلى بيته. فألقوا عليه القبض مستخدمين في ذلك خشونة مفرطة، موجهين إليه وابلا من اللكمات والركلات، ثم أمروه بالصعود في مؤخرة سيارته الشخصية، حيث كان عدد منهم قد اخذ مكانه بداخلها، ثم غادرت السيارة على الفور عين المكان، بقيادة أحدهم، ولحقت بها سيارة أخرى يقودها عناصر آخرين من نفس المجموعة.
وقد جرت هذه الحادثة في حضور الكثير من الشهود الذين نقلوا وقائع الحادث إلى أفراد لأسرة، ومن بين هؤلاء الشهود هناك أساتذة التعليم وعدد كبير من الطلاب بالإضافة إلى مدير المؤسسة، ومنذ ذلك اليوم، تظل العائلة دون أدنى خبر عن ابنها.
وفي اليوم التالي لعملية القبض عليه، توجه والده إلى المعهد الذي كان يدرس فيه ابنه للاستفسار عن وضعه، وعندها فقط علم بملابسات القبض على ابنه من قبل مصالح الأمن الداخلي. وقد باءت جميع المساعي التي بذلت في الأيام الأولى من التوقيف للبحث عنه، بالفشل، ولم تعلم الأسرة بخبر إلقاء القبض على عدد كبير من الشباب، بمن فيهم الطلاب، وإيداعهم في سجن أبو سليم إلا بعد مرور بضعة أشهر من ذلك.
وبناء على هذه المعلومات قامت والدة السيد عبد المطلب أبو شعالة بزيارة هذا السجن في محاولة منها للتأكد بأنه معتقل هناك فعلا، غير أن سلطات هذه المؤسسة رفضت الاستجابة لطلبها والتأكيد فيما إذا كان موجودا في هذا السجن. وعلى الرغم من ذلك، دأبت والدته على مدار سنوات عديدة، على زيارة هذا السجن بشكل منتظم، في محاولة للحصول على أخبار بخصوص ابنها، لكن من دون جدوى.
وفي غضون عام 2001، تلقى والدا السيد عبد المطالب شعالة معلومات تفيد بأن ابنيهما كان موجودا بالفعل في هذا السجن، وبعد توجههما إلى هناك طلبت منهما سلطات السجن تقديم طلبا خطيا إلى إدارة السجن، لكنهما لم يتلقيا أي رد، ومن ثمة لم يحصلا حتى ذلك الحين على التأكيد رسميا بأن ابنهما كان محتجزا في سجن أبو سليم.
كما توجهت والدة السيد أبو شعالة مرارا إلى سجن عين زارا بعد أن راجت الشائعات تزعم وجود العديد من الطلاب الشباب في هذا السجن، فتقدمت بطلب خطي في أوائل عام 2002، وفق ما طُلِب منها للحصول على حق الزيارة، ولكن هنا أيضا من دون أية نتيجة.
ودائما في هذا الإطار، تم مناشدة عدد من المسؤولين في اللجان الشعبية في طرابلس للتدخل لكي يتم إطلاق سراحه أو على الأقل تقديمه إلى المحكمة، لكن دون نتيجة تذكر.
وفي الفترة بين عامي 2002 و 2006، حاول والداه توكيل محامين لرفع دعوى قضائية، لكن رجال القانون أوضحوا لهما أنه ليس ثمة إمكانية للقيام بأي إجراءات قانونية.
وإلى غاية عام 2008، لم يفقد الوالدان الأمل بأن تمدهم سلطات بلدهم بمعلومات عن مصير ابنيهما، إذ قاما بالاتصال بمؤسسة حقوق الإنسان التي يرأسها نجل رئيس الدولة، سيف القذافي، خاصة وان احد مساعديه سبق وأن وعد بالتدخل، لكن مرة أخرى تبددت كل آمالهم.
وفي نهاية المطاف، لم يكن أمام الأسرة سوى التوجه إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لكي تسجل هذه الهيئة بأن الاختفاء القسري الذي تعرض له السيد عبد المطلب شعالة يشكل انتهاكا للقانون الدولي ، ولا سيما الحق في الحياة وواجب عدم التعرض للتعذيب أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وحق الأشخاص في الحرية والأمان، ومعاملتهم في حالة الاعتقال معاملة محترمة تليق بكرامة الإنسان، والاعتراف للإنسان، من الناحية القانونية، بالحق في الانتصاف (2 § 3 ، 6 § 1 و 7 و 9 § 1 و 2 و 3 و 4 و 10 و 16 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية).
ويبقى الرجاء معقودا على هذه اللجنة لتسجل حادثة اختفاء السيد ابو شعالة قسرا وأن تطلب من هذه الدولة الطرف بأن تأمر بإجراء تحقيق دقيق وبسرعة بشأن اختفاء ومصير السيد عبد المطلب عبد القادر محسن شعالة، والإفراج عنه فورا مع إبلاغ أسرته بنتائج هذا التحقيق.