فرّ السيد نزار جلاسي، وهو مواطن تونسي، إلى ليبيا في أواخر عام 2009 هربا من المضايقات والاعتقالات التعسفية وعمليات الاستجواب التي كان يخضع لها على يدي أجهزة الأمن التونسية. وعندما علمت هذه الأجهزة أخيرا، أنه أصبح لاجئا في ليبيا، طالبت من نظيرتها هناك بالقبض عليه وتسليمه إلى السلطات التونسية. ومنذ تاريخ القبض عليه، في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2010، اختفت أثاره تشكل تام. وفي الأخير تحقق جمع شمل الأسرة بعودة السيد جلاسي بين أهله، في 25 شباط/ فبراير.
وسبق أن أخطرت الكرامة فريق العمل المعني بحالات الاختفاء القسري يوم 4 شباط/ فبراير 2011 بهذا الشأن وطلبت منه التدخل بشكل عاجل لدى السلطات الليبية.
وكان السيد نزار جلاسي، الطالب البالغ من العمر 29 عاما، يتابع دراسته في كلية الفيزياء ويقيم في تونس، وكان منذ عام 2006، يتعرض باستمرار لمضايقات من السلطات التونسية. وقد ألقي عليه القبض من قبل الأجهزة الأمنية، التي داهمت منزله وقامت بمصادرة أغراضه الشخصية، منها جهاز الكمبيوتر الخاص به، ثم اقتادوه إلى مقرهم بمنطقة أمن منوبة، حيث تعرض للتعذيب لعدة ساعات.
ثم اعتقل في سجن المرناقية لمدة 8 أشهر، وبعد مثوله أمام المحكمة، حكِم عليه بالسجن لمدة تماثل الفترة التي قضاها رهن الاعتقال، فأطلق سراحه، وهي بالمناسبة ممارسة شائعة جاري العمل بها في المحاكم الجنائية التونسيين التي ترفض بكل بساطة إصدار أحكام بتبرئة الأشخاص الذين لا تستطيع إثبات أي تهم ضدهم.
وحاول السيد جلاسي استئناف مسار حياته العادية، لكنه ظل يتلقى بشكل متواصل، استدعاءات من قبل الأجهزة الأمنية المحلية للتحقيق معه، وكان يتعرض للضرب والإهانة في كل مرة، كما تم منعه من حقه في مزاولة وظيفته في تعليم الفيزياء، رغم تحصله على إجازة في هذا التخصص، الأمر الذي دفعه إلى مواصلة دراسته.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، اقتيد من جديد إلى مقرات أجهزة الأمن المحلية، حيث أمضى ثلاثة أيام هناك تعرض خلالها مرة أخرى لأعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية.
وفي أعقاب هذه الضغوط اليومية المتواصلة، وشعورا منه باليأس، هرب السيد جلاسي من دون جواز سفر أو وثائق هوية أخرى إلى ليبيا. وفي إطار مساعيها لمعرفة مكان وجوده، قامت أجهزة الأمن التونسية بالقبض على والديه اللذان تعرضا للتعذيب، حيث أجبِرت والدته على الوقوف على ركبتيها لساعات طويلة، ونظرا لعدم تمكن هذه الأجهزة من انتزاع أية اعترافات منهما، أحضروا شقيقه الأصغر إلى مقراتهم، ليتعرض هو الآخر للتعذيب، فانتهى به الأمر أن اعترف لهم بأن شقيقه السيد نزار جلاسي يوجد في ليبيا.
وقد أمضى السيد جلاسي سنة واحدة في ليبيا دون أن يتعرض لأية مضايقات، وكان يعمل حينئذ في المقهى المركزي من مدينة صبراتة، وبعد أن علمت السلطات التونسية أنه موجود في البلد الجار، اتصلوا بنظرائهم الليبيين، لكي يتم القبض عليه وتسليمه إلى السلطات التونسية.
وفي أعقاب ذلك أبلِغت عائلته عن طريق أحد أصدقائه، أن مصالح الأمن الداخلي قد ألقت القبض في 26 كانون الأول/ ديسمبر2010 ، على السيد جلاسي من مكان عمله، وتم نقله إلى طرابلس من أجل تسليمه إلى السلطات التونسية.
ومنذ ذلك اليوم، لم تعد تصل إلى عائلته أي معلومات عنه، مما دفعها إلى القيام على الفور بمساعي للبحث عنه في السجون التونسية، محاولة منها معرفة إن كان قد تم تسليمه إلى السلطات التونسية، لكن دون جدوى.
وفي نهاية المطاف، تم الإفراج عنه في شهر شباط / فبراير ليعود إلى تونس، لتتمكن عائلته أخيرا من رؤيته في 25 شباط/ فبراير 2011