تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
أحالت الكرامة اليوم على أمين عام الأمم المتحدة قضية السيد هيثم المالح، المحامي السوري والمدافع عن حقوق الإنسان، البالغ من العمر 78 سنة، الذي وجهت إليه المحكمة العسكرية السورية تهمة "نشر أنباء كاذبة"، رغم كونه لا يحمل أية صفة عسكرية، وكان مبرر السلطات السورية لعملية القبض على السيد المالح ومحاكمته، ما يخوله لها نظام حالة الطوارئ المعمول به في سوريا منذ عام 1963.

وللعلم فقد صدقت سوريا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في نيسان / أبريل 1969، مع الإشارة أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يجيز إعلان حالة الطوارئ ولكن فقط في ظروف محدودة للغاية: "في أوقات الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة" (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 4).

غير أن سوريا قد أعلنت عن حالة الطوارئ في عام 1963، واستمرت الحكومة في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها بهذا المقتضى، ولا تزال قوات الأمن بموجب هذه القوانين مستمرة في قمع الحقوق المدنية والسياسية في سوريا. وتسمح حالة الطوارئ المعمول بها منذ 1963 بالقبض على الأفراد ومحاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، لا لجرم اقترفوه سوى كفاحهم، كما تبين من خلال قضية السيد المالح، من أجل الدفاع وتعزيز القيم النبيلة التي تشكل إحدى الأسس التي يقوم عليها ميثاق الأمم المتحدة،.
ولهذا السبب، وجهت الكرامة هذه القضية مباشرة إلى رعاية أعلى سلطة معنوية للأمم المتحدة، مجسدة في شخص أمينها العام، لكي يتدخل لدى السلطات السورية نيابة عن السيد هيثم المالح.
كما نأمل أن يتم مطالبة الحكومة السورية بتوضيح كيف يمكنها تبرير استمرار العمل بحالة الطوارئ في سوريا منذ أكثر من 46 عاما، في ضوء التزاماتها بموجب المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
السياق العام لقضية السيد هيثم المالح

وفقا لما أفاد به كل من أفراد عائلة السيد المالح، ومحاموه والمراقبين المحليين، فقد تعرض الضحية لعملية اختطاف في أعقاب اتصال هاتفي أجراه في 12 آب/ تشرين الأول 2009 مع قناة تلفزيونية سورية معارضة، انتقد خلالها القمع المستمر لحرية التعبير في البلاد، واستخدام قوانين حالة الطوارئ لتبرير الانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان.

وحسب معلوماتنا الخاصة، اضطلع السيد المالح أيضا بدور هام في الدعوة الموجهة إلى توقيع مذكرة تفاهم منفصلة، تقتضي من الدولة الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، موازاة مع توقيع الاتحاد الأوروبي اتفاقية الشراكة مع سوريا، التي كان من المقرر أن يتم التوقيع عليها في تشرين الأول/ أكتوبر 2009. وقد عمل السيد المالح بشكل وثيق مع العديد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لتحقيق هذا الهدف، الأمر الذي أدى بدوره إلى رفض سوريا التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وبناء عليه، نعتقد أن الدور الذي قام به السيد المالح في هذا المجال، شكل سببا إضافيا لعلية القبض عليه.
وكانت الكرامة لحقوق الإنسان قد قدمت قضية السيد المالح إلى فريق العمل المعني بحالات الاختفاء القسري، وفريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي التابعين للإجراءات الخاصة للأمم المتحدة. وقد وُكِلت منظمتنا للدفاع، على المستويين، الإقليمي والدولي، نيابة عن السيد المالح، غير أنه رغم مرور
أكثر من ثلاثة أشهر، لا يزال الوضع على حاله، دون تغيير.

وبذلك تدعو الكرامة السلطات السورية إلى الإفراج فورا عن السيد المالح والكف عن مضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا.